نتهت المرحلة الحاسمة في مؤتمر "فتح"، ألا وهي انتخاب المؤسسات القيادية للحركة، بكثير من المفاجآت. ورغم هيمنة التيار المتمسك بالثوابت الوطنية على أعمال المؤتمر على مدى الأيام الخمسة الأولى ونجاحه في اعتماد النظام الأساسي الذي بدأ مع انطلاقة الحركة كحركة تحرر وطني، إلى جانب البرنامج السياسي، ووثيقة القدس، جاءت النتائج لتعكس تناقضات المؤتمر وأضداده. وأكد مصدر مطلع لموقع عرب48 أن هناك احتجاجات على النتيجة وثمة حديث عن إعادة الفرز للتحقق من نتائج المقاعد الثلاثة الأخيرة.
"صراع الأضداد والتناقضات" هذا ما وصف به أحد أعضاء مؤتمر "فتح" نتائج انتخابات اللجنة المركزية. وقال في حديث لموقع عرب48 إن «اللجنة المركزية بتركيبتها الحالية تجمع أقطابا متنافرة تمثلت في كل شخص ونقيضه، الأمر الذي سينعكس على أعماله في المستقبل، وعلى مجمل الوضع الفلسطيني».
هذا وبرز غياب التمثيل النسائي عن اللجنة المركزية. كما برز تمثيل الشخصيات الأمنية السابقة.
غزة قلبت النتائج
وأكد مصدر مسؤول لموقع عرب48 أن أصوات غزة قلبت النتائج وصبت في صالح تمثيل التيار الدحلاني. وأكد المصدر أن دحلان حصل فقط على 450 صوتا من من أصوات الضفة الغربية من بينهم حوالي 150 من أتباعه الذين قدموا إلى الضفة بعد الحسم العسكري في غزة. وفسر المصدر وقوف غزة خلف الدحلان بسببين: الأول تعزيز تمثيل قطاع غزة؛ والثاني- يراه المصدر أكثر أهمية- هو تعبير عن النقمة من حركة حماس في قطاع غزة.
وإذا جاز لنا تقسيم الفائزين بمقاعد اللجنة المركزية إلى معسكرات وتيارات، فإن التيار المعارض- إذا جاز التعبير- وهو التيار الذي يتمسك بالثوابت الوطنية والداعي لإعادة النظر في سياسة الحركة على مدى العقد ونصف الماضيين وإعادة النظر في المسار التفاوضي، وإلى التمسك بالحقوق الوطنية وعلى رأسها المقاومة كسبيل للتحرر، وبحق عودة اللاجئين الفلسطينيين والقدس، حاز على سبعة مقاعد في اللجنة المركزية(يسمى في وسائل الإعلام التيار العرفاتي)، ولكن جهوده باءت بالفشل في إقصاء التيار الدحلاني حيث تمثل دحلان بثلاثة أعضاء. فيما تمثل تيار محمود عباس بخمسة أعضاء، والثلاثة الباقون لا يمكن تصنيفهم على تيار من التيارات الثلاثة ولكل واحد منهم ميول هنا وهناك. وبرز في المؤتمر فشل التيار - الشبابي الثوري الناقد - الذي مثله الأسير السابق حسام خضر في تحقيق تمثيل في أعلى مؤسسة قيادية.
التيار "العرفاتي" يمثله كل من: محمود العالول عضو المجلس التشريعي ومحافظ نابلس، جبريل الرجوب، عثمان أبو غربية، محمد اشتيه، محمد المدني، والأسير مروان البرغوثي، وناصر القدوة.
تيار دحلان: محمد دحلان، توفيق الطيراوي، حسين الشيخ.
تيار عباس: صائب عريقات ، الطيب عبد الرحيم، نبيل شعث، أبو ماهر غنيم، جمال محيسن.
غير مصنفين على أحد التيارات الثلاثة: سليم الزعنون (من الأقطاب التاريخيين) ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني، رئيس كتلة "فتح" في المجلس التشريعي عزام الاحمد، سلطان أبو العينين (هناك من يحسبونه على دحلان رغم رأيه الداعي لتبني خيار المقاومة- وخاض صراعا شديدا مع عباس زكي).
وأبرز الخاسرين هم أحمد قريع (أبو العلاء)، وعبد الله الإفرنجي، وانتصار الوزير، وحكم بلعاوي، ونصر يوسف، والحاج اسماعيل، بينما لم يترشح كل من فاروق القدومي، هاني الحسن، صخر حبش، محمد جهاد، وزكريا الأغا.
ووصف عضو في المؤتمر، في حديث لموقع عرب 48 فشل القيادي البارز في حركة "فتح" أحمد قريع (أبو علاء) في الانتخابات بأنه يأتي في إطار المحاسبة والعقاب. كما أشار إلى أن فشل قريع نابع أيضا من فشله في لعبة الكولسة خلال أيام المؤتمر.
وعبر عدد ممن تحدثنا معهم عن تشاؤمهم إزاء مستقبل الحركة على ضوء نتائج الانتخابات للمركزية، وقال مصدر في حركة "فتح" إن مستقبل الحركة غير واضح ويدعو إلى التشاؤم، فكافة التيارات سواء المعارضة أو الموالاة مرتبطة بدرجات متفاوتة في مؤسسة الرئاسة التي سيكون رأيها حاسما في نهاية المطاف. وتابع المصدر: رغم أن المؤتمر أعاد مأسسة حركة "فتح" إلا أن التشاؤم والضبابية هما سيدا الموقف".
وعبر مسؤولو "فتح" في قطاع غزة عن رضى شديد من نتائج الانتخابات. وقال عدد منهم لمراسلتنا في غزة ألفت حداد إنهم في غاية الرضى من النتائج وأنهم تلقوا وعدا من قيادة الحركة بتعزيز تمثيلهم بتعيين واحد من غزة في اللجنة.
ولكن حسب التعديل في دستور الحركة فإن تعيين أي ممثل في اللجنة المركزية بحاجة إلى موافقة اللجنة المركزية وإقرار التعيين في المجلس الثوري وحصوله على ثقة ثلثي الأعضاء. وهذه الآلية أصر عليها المؤتمرون، وخاصة التيار المعارض، لمنع أي تلاعب في تعيين أعضاء اللجنة المركزية الأربعة.
الأسماء الجديدة في اللجنة هم: محمود العالول، مروان البرغوثي، جمال محيسن، محمد اشتية، توفيق الطيراوي، جبريل الرجوب، محمد دحلان، حسين الشيخ، ناصر القدوة، عزام الأحمد، عثمان أبو غربية، محمد المدني، سلطان أبو العينين، صائب عريقات. ويبلغ عددهم 14 عضوا.. أي أن الحرس القديم تمثل بأربعة أعضاء فقط إلى جانب عباس.
وانتقد الكثيرون طريقة انتخاب رئيس اللجنة المركزية، وأشاروا إلى أن التصويت كان ينبغي أن يكون سريا للوقوف على ثقة المؤتمر بعباس. وقال أحد أعضاء المؤتمر لموقع عرب48: صحيح أنه لم يكن هناك منافسا لعباس. ولكن كان يجب أن يقف هو وأعضاء المؤتمر على مدى التأييد له ولسياساته. كان يجب أن نعرف حجم التأييد له ولسياساته، أعتقد أنه يحظى على نسبة قليلة من أعضاء المؤتمر.
وأشار المصدر إلى أن اسم أمين سر اللجنة المركزية السابق فاروق القدومي مطروح للتعيين في اللجنة المركزية. ولكنه تساءل: ولكن ما هو الثمن المطلوب من القدومي، وما هي الاستحقاقات المترتبة عليه؟ لأن اللعبة ستكون معقدة على ضوء نتائج الانتخابات.
وأكد مصدر في لجنة الانتخابات في حديث لموقع عرب48، وهو من التيار المعارض، أن الإنتخابات وعملية الفرز كانت نزيهة وشفافة، ولم تتجاوز الأخطاء والتجاوزات ما يجري في أي انتخابات.
(عرب48/ حسن عبد الحليم)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق