اجابت عن هذا السؤال: اسوان جمل, تخصص صيدلة.
للإجابة على السؤال المطروح هنا :
غذاؤنا بلا شك يؤثر على حالتنا النفسية، وسواء كان الكلام عن نقص في أساسيات التغذية، او كان الأمر متعلقا ً بزيادة في العناصر الغذائية ، او اجتمع الأمران في عناصر مختلفه ، فإن التأثير على المزاج والحالة النفسية متحقق، وبل أن الحالة النفسية نفسها تؤثر على قوام تغذيتنا وهضمها، لكن مبحثنا هنا هو هل تتأثر الحالة النفسية بسبب تغذيتنا وكيف ذلك؟(تصحيح لغوي ومعنوي مهم هنا))
نقص في عنصر او اكثر من العناصر الغذائية يؤدي اجمالاً إلى هبوط في الجهاز العصبي، يأس عرضي، قلة تركيز، وضعف في الأداء الذهني.
اما زيادة العناصر الغذائية في جسمنا عن الحد المسموح، فتؤدي إلى تفعيل إضافي للجهاز العصبي المركزي، حالة توتر (stress)، عصبية ،تشوش وعدم نقاء التفكير، تزاحم افكار، قلق وصعوبة في النوم، عمل عضلي اضافي، كوابيس واحلام مزعجة.
اضافة لما ذكر اعلاه فإن هنالك أطعمة معينة قد تؤثر في حالتنا النفسية بشكل خاص،شخصاني، ومتعلق بالفرد المتذوق نفسه، وليس فيها قاعدة خاصة، لكن يمكن ان نقول بأن البهار الحار كالفلفل وشبيهه، يفعل الجهاز العصبي النشط في جسمنا ويؤدي الى قلق وزيادة نشاط الجهاز الهضمي حتى الارهاق.
هنالك العديد من المركبات الغذائية التي تؤثر على مزاجنا وحالتنا النفسية العامة:
نقص في العناصر الغذائية الاساسية(السكريات ، الدهنيات، المعادن، الفيتامينات، البروتينات، ويمكن اضافة الماء والالياف) ، نقص حاد في احد الفيتامينات والمعادن او اكثر ولهذا النقص اعراض خاصة بحسب نوع الفيتامين او المعدن المفقود- فقدان الحديد يؤدي الى فقر الدم كمثال نعرفه جميعنا،كذا حامض الفوليك (فيتامين) وB12، ان عدم التوازن بين العناصر الغذائية عموما ً محفزٌ لارتباك الجهاز العصبي في جسمنا بكافة مركباته.
لنخصص حديثنا هنا عن بعض العناصر الغذائية المهمه في تأثيرها على الجهاز العصبي:
السكريات(كربوهيدرات): السكر هو "وقود" المخ الأساسي، حينما يشح السكر في الدم ولا يصل الى المخ بالحد المطلوب، يأخذ المخ بعمل "تزييف" ويفرز لنا كيتونات(مشتقات كحولية تنتج عند الجوع الفسيولوجي- تعطي رائحة قوية في البول مثل رائحة "الاسيتون")، ووجود هذه المواد يؤدي الى شعور بالارهاق وزيادة حدة التوتر.
من المهم تناول الغذاء الحاوي للالياف الغذائية عند تناول طعام مليء بالسكريات،فهي تعطي شعورا بالشبع،وتبطيء من تفكك السكريات وتجعله على مراحل من دون ضغط على اجهزة الجسم المختلفه،الكلام هنا هو عن اكل خبز القمح والخبز المطعم بالبذور الذي نجده في الحوانيت ،فكلاهما مليء بالالياف، الخضر الورقية والفواكه المختلفه غنية بالالياف جدا.
عدم تناول السكريات بشكل موزون، يؤدي أيضا ً الى هبوط في مادة سيروتونين(وهي بمثابة نوع من محركات الشحنات العصبية – رسول للرسائل العصبية من والى المخ)،هبوط حاد في هذه المادة نتيجة قلة او كثرة السكريات يؤدي الى هبوط حاد في المزاج، اكتئاب، الم في الرأس،تشويشات في التركيز وضعف الذاكرة،شهية مفرطه للطعام- الحلو خصيصا ً،تعب وارهاق خلال ساعات النهار، هذه المادة هي اقل عند النساء عموما ً منها لدى الرجال، من هنا هن اكثر عرضة لهذه الظواهر مع امكانية حدوث ظواهر فسيولوجية متعلقة بالدورة الشهرية، تشوشات وعدم انضباط.
مادة السروتونين تشترك في بناء قدرة التحمل النفسية،وكلما ارتفعت كان بالامكان مواجهة الغضب وآلام الفقدان والحزن بشكل انجع وأفضل، من الاغذية التي ترفع مادة السروتونين : الموز ، الأناناس، الزبيب، القمح (ملان)،السبانخ،ابوكادو، بطاطا، السمك، الدجاج،الجوز، البروكولي.. هذه كلها وغيرها تحتوي على مادة تريبتوفان التي تتحول في جسمنا الى سيروتونين. في النهاية : يمكن القول أن السكريات تؤثر في الحالة النفسية بنفس الطريقة التي يعمل بها دواء بروزاك(مضاد الإكتئاب)، على ان لا تزيد عن المطلوب
البروتينات : تحافظ على النشاط والانتباه الذهني والحسي، تعطي شعورا اكثر بالشبع وتحد من تناول السكريات بافراط. البروتينات الجيدة متواجده في السمك والبقوليات ، والبيض المسلوق.
الدهنيات : تناول الدهنيات المشبعه بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى حالة توتر عامة في الجسم،بالمقابل نقص الحوامض الدهنية غير المشبعه مثل الاوميجا 3 ، 6 ،يؤدي الى الاكتئاب، ابحاث عديدة اشارت الى ان الاوميجا 3 عالجت حالات عديدة من الاكتئاب "البسيط"، يمكن الحصول على اوميجا 3 من الاسماك البحرية من البحار العميقة البارده: السلمون،مكاريل الخ، او تناولها على شكل اضافات غذائية مركزة بشكل منتظم يومي.
خلاصة القول هنا اعزائي في الله، أن علينا ان نوازن بين العناصر الغذائية في وجباتنا بحيث تحتوي جميع العناصر بكميات معقولة مناسبة للجسم، من دون مبالغة، ولا تحديد ولا اتخاذ انظمة غذائية او حميات قاسية تفتقر الى السكريات او الدهنيات المتنوعه بحيث تؤدي الى هبوط في فاعلية المد العصبي وبعض الناقلات العصبية، وبالتالي الى خلل في الحالة النفسية قد يتحول من ظاهرة عابرة الى حالة مرضية مستديمة ،
يشار الى ان الضرر المترتب عادة عن نقص التغذية قابل للعلاج بالعودة الى تغذية متوازنة وفي جميع الحالات ينصح باجراء فحوصات الدم بصورة متتابعة بوتيرة كل ثلاثة اشهر،واستشارة اخصائي للتغذية في حالات النقص الحاد، وتناول اضافات غذائية ينصح بها الصيدلي بناء على النتائج الملموسة في حين انعدام وصفة الطبيب .
دمتم بصحة وعافية والله الحفيظ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق