كيف يتركون السيف ويحملون البندقية، ويتمسكون بالمسواك ويرفضون فرشاة الأسنان..؟
هذا أول ما يتبادر إلى الذهن وهو يتفكر في نهج ومسلكية السلفيين الذين يعّرفون عقيدتهم بأنها "تعني السير منهجا وسلوكا على ما كان عليه السلف الصالح".
وقياسا على ذلك يمكن أن تطرح الكثير من الأسئلة:
· لم يتركون ركوب الخيل وأصناف الدواب، ويركبون فاخر السيارات والطائرات..؟
· لم يهجرون الخيام والعشيش ويسكنون المنازل والشقق الحجرية..؟
· لم يهجرون عيون وآبار الماء ويستخدمون مياه الصنبور..؟
· لم يستخدمون المراوح الكهربائية ومكيفات الهواء، ولا يستخدمون المراوح اليدوية المصنوعة من القش..؟
· لم يرتدي بعضهم فاخر الثياب ويترك ارتداء الدشداشة القصيرة..؟
· لم يجلسون على فاخر الكراسي والكنب ولا يجلسون على الأرض..؟
· لم يستخدمون أجهزة الكبيوتر وتكنلوجيا الإنترنت في بث الدعوة السلفية ولا يكتفون بإرسال السفراء يجوبون بلاد الله على اقدامهم، واستخدام الحمام الزاجل كما كان المسلمون الأوائل من أهل السلف الصالح في عهد الرسول والخلفاء الراشدين..؟
· لم يقبلون أن تجرى لهم العمليات الجراحية في أشهر المشافي ويعرضون عن الحجامة..؟
· لم يسمحون لأنفسهم (بعضهم) بلمس جسد امرأة أجنبية عنهم في الشارع في معرض تعنيفها لعدم ارتدائها اللباس الذي يرونه هو الشرعي، ويحرمون على غيرهم مجرد النظر إلى المرأة..؟
هذه اسئلة وتساؤلات نطرحها مفتتحين بها مناقشة فرضها علينا الصديق الدكتور أكرم حجازي، الذي أعلن انحيازه إلى جانب منظمة جند أنصار الله في رفح، ضد حركة "حماس" في ارجاء الأراضي الفلسطينية كافة، وذلك في مقالته الموسومة "يا حماس.. هذه سياسة ونهج دموي وليست فتنة"..!
بالطبع، الصديق أكرم ليس من اعضاء منظمة جند أنصار الله، لكنه ينحاز هنا إلى جانب "رفاق الفكر السلفي"..
وصحيح أنه لم يكّفر "حماس" في مقاله، لكن السلفيون عادة ما يفعلون ذلك. وهذا ما فعلته تحديدا المنظمة التي تبرع للدفاع عنها، متجاهلا حكم الإسلام في أن "من يكفر مؤمنا فقد كفر"..!
أما نحن، فلا ندافع عن حركة "حماس"، وإنما ندافع عن حق المجتمع في التماهي مع مبتكرات الحضارة والتكنولوجيا، والتطور الطبيعي للمجتمع انعكاسا لتطور الإقتصاد وما يفرضه من تطور لأساليب الحياة، وهو ما لا يرفضه الإسلام، الذي يحثنا رسوله الكريم على طلب العلم ولو في الصين، التي لم يكن شعبها مسلما، ولم يكن الإسلام قد وصل إلى أي من ابنائها بعد.
هل نطلب العلم لذات العلم، أم من أجل التمتع بمنجزاته العملية في خدمة الإنسان والإنسانية..؟
في الإجابة على هذا السؤال تكمن كذلك الإجابة على جميع الأسئلة السابقة التي طرحناها مطلع هذا المقال.
إنها سنة الحياة التي تأبى السكون، وتكمن في التطور والتقدم والإبداع.
غير أن سؤال الأسئلة في هذا الجانب يكمن في السبب الذي يجعل المرحومان عبد اللطيف موسى، ومنظّره أبو عبد الله السوري، يقرران التصدي لحركة "حماس" على قاعدة عدم اعتراف الفكر السلفي "إلا بوحدة الناس جميعا على الكوكب الأرضي جميعه، بمنهج وسلوك السلف الصالح، كما أراده الله الخالق جل في علاه"، وترك السلفيين انفسهم غير موحدين، ليس فقط على صعيد الكرة الأرضية، أو على صعيد العالم الإسلامي، وإنما على صعيد قطاع غزة..؟!
لم لم يعملا على توحيد المنظمات السلفية الأخرى في قطاع غزة، حيث توجد في القطاع منظمات سلفية مثل جيش الإسلام، وجيش الأمة، فتح الإسل ، جيش الله، والتكفير، عرين الأسد للمجاهدين المقاتلين، جلجلة، وقصف الرعد وغيرها..؟
أوليس الأولى بالسلفيين توحيد انفسهم قبل أن يعملوا على توحيد الآخرين من المسلمين بهم..؟ ثم مع أي من التنظيمات السلفية على بقية المسلمين أن يتوحدوا..؟!
الأكثر خطورة من تعدد التنظيمات السلفية هو اقتتالها فيما بينها، كما حدث في افغانستان، حين تغلبت حركة طالبان على بقية التنظيمات.
وقياسا على ذلك، يصبح اقتتال تنظيم سلفي مع تنظيم اسلامي آخر غير سلفي متوقعا، وإن كان مرفوضا على قاعدة رفض الإقتتال بين ابناء الوطن الواحد، وليس فقط بين أبناء الدين الواحد.
تحت هذا العنوان نرفض بالمطلق التعرض لإخوتنا المسيحيين في فلسطين والعراق.
وإذا كان صديقنا أكرم ينفي أن يكون جند أنصار الله هم الذين يتعرضون لإخوتنا المسيحيين، أو للأعراس في قطاع غزة، فلم يتوجب بالضرورة أن يكون ذلك من فعل كمين حمساوي..؟
لم لا يكون من فعل تنظيم سلفي آخر..؟
ثم، لم يمتنع التيار السلفي عن إدانة الجرائم التي ترتكب بحق "الروافض" في العراق..؟!
أوليس سلفيو القاعدة هم من يرتكب هذه الجرائم النكراء، ويصدرون بها البيانات والبلاغات، ويجاهرون بقطع الرؤوس على شاشات الفضائيات..؟ ليستفيد من كل ذلك فقط العدو الأميركي..!
إن على الذين يعملون على تبرئة جند أنصار الله مما ارتكبوه من فعال يندى لها الجبين، أن يدينوا هذه الأفعال أولا.
صحيح أنه يفهم ضمنا من انكارهم مسؤولية جند أنصار الله عن هذه الفعال أنهم يعرفون أنها فعال مرفوضة ومنكرة ومستنكرة، ولكن الصحيح أيضا أنهم لا يدينونها بلغة واضحة صريحة غير ملتبسة، ولا يدينون مثيلاتها في العراق أو الجزائر وغيرهما من بلاد الإسلام والمسلمين.
إن عقيدة، أو اجتهاد "السلفية الجهادية" تقوم في أحد جوانبها على قاعدة "الإهتداء بكتاب يهدي, و البناء بسيف ينصر"..!
لكن واقع حال هذه النظرية في التطبيق يؤكد أنهم لم يهتدو بالكتاب، ولم ينصرهم السيف..!
السبب بالغ البساطة والوضوح، ويكمن في انتقائيتهم في فهم الدين، والإجتهاد في تفسير النصوص.
فهم يطرحون جانبا قول الله تعالى في سورة النحل }ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ{.
ويتمسكون بفهمهم هم لقوله تعالى في سورة التوبة }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{، معتبرين كل من يخالفهم الرأي كفارا..!
وفي مقدمة ما يسقطه دعاة الإقتداء بالسلف الصالح سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه تعالى }لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك{.
بالطبع، كل ما سبق عن السلفية الجهادية، أما السلفية المسالمة التي تدعو لإطاعة "أولي الأمر منكم"، فهذه تلتقي مع السلفية الجهادية في الفهم الإنتقائي للنصوص، وإن هي تعرض عن التطبيق الإجرامي لها..!
ومع ذلك، لا نجد خلافات بين السلفية الجهادية والسلفة المسالمة، بالقدر الذي نجده داخل السلفية الجهادية نفسها، أو بينها وبين غيرها من المسلمين، آخذين في الإعتبار أن السلفية الوهابية متباينة الإجتهادات بين جهادية ومسالمة.
وسؤال الأسئلة في هذا المقام يكمن في: لم "يجاهد" السلفيون ضد مواطنيهم ولا يجاهدون ضد العدو غير المسلم..؟!
هم "يجاهدون" ضد مواطنيهم العراقيين بأكثر مما "يجاهدون" ضد الإحتلال الأميركي..!
وهم "يجاهدون" ضد مواطنيهم الجزائريين، وهم الذين لم نسمع عن جهادهم ضد الإحتلال الفرنسي..!
وهم الذين "يجاهدون" ضد مواطنيهم اليمنيين، ولم نسمع عن دور لهم في اسقاط عهد الإمامة، ولا في مجاهدة الإحتلال البريطاني..!
وهم الذين "يجاهدون" حركة "حماس" في فلسطين، ولم نسمع لهم عن أي دور معتبر في مجاهدة اسرائيل..!
بالطبع، نحن لسنا مع اطاعة اولي الأمر منا إن لم يكونوا منتخبين من شعبهم، ممثلين لمصالحه وطموحاته وتطلعاته.
سيقولون لنا مستنكرين: هل ترفضون أن تكون الحاكمية لله..؟! وهل تؤمنون بالديمقراطية الكافرة..؟!
نرد عليهم بأنهم ذبحوا ما ذبحوا من الجزائريين الأبرياء انتقاما من نظام الحكم لأنه تعمد اسقاط نتائج الإنتخابات من الحساب، بعد أن خاضوا معركة الإنتخابات البرلمانية سنة 1992.
وهذا يستدعي أنهم يخوضون الإنتخابات الديمقراطية إن كانت تصلهم إلى غرضهم، ويعرضون عنها وعن نتائجها حين لا يكونون مؤهلين للفوز بها.
هل يعقل أن تكون الديمقراطية مطلوبة مقبولة في حالة، ومرفوضة مذمومة في حالة أخرى..؟!
وهل يكون القانون الإنتخابي الوضعي مقبولا في حالة، ويكون القانون الإلهي هو المقبول والمفروض في حالة أخرى..؟!
هذا كيل بمكيالين، يرفضه شرع الإسلام..!
وبعد، فنحن نقدر أن صديقنا أكرم، كونه وجه مقاله أساسا لحركة "حماس" وأعضائها، كما يقول، بهدف يمكن استقراءه، كنه وهو مواصلة ما بدأه المرحومان عبد اللطيف موسى، وأبو عبد الله المهاجر، لجهة محاولة استقطاب اعضاء "حماس" إلى جانب فكرهم الديني، وجهلهم السياسي.
وفي هذا السياق لا غيره، نفهم فقط دعاواه المبنية على قاعدة أن الحرب (وهي هنا مع "حماس") خدعة..!
ففي هذا السياق لا غيره نفهم ايراده لكم غير قليل من المغالطات، وتبنيه دعوة المرحومين لمواصلة القتال دون توقف مع اسرائيل، التي خاضا ضدها فقط معركة واحدة، هدف منها التمهيد لمعركة لا تتوقف مع الآخر الفلسطيني ممثلا في حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، وغيرهما من فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى طريقة معركة السلفيين مع المقاومة البعثية والقومية في العراق، ذلك أنهم لا يكتفون بإعلان حربهم على "الروافض"..!
ولنفند بإيجاز:
أولا: يقول صديقنا أكرم أن "حماس" تنصب الكمائن للتنظيمات السلفية في قطاع غزة، فنرد عليه بأن "حماس" المنشغلة بمقاومة الإحتلال لا وقت لديها ولا جهد لافتعال حرب جانبية مع بعض مواطنيها، خاصة وأنها لا تكفرهم، فيما هم يكفرونها، ويعلنون الحرب عليها، وقد أعلن موسى اقامة امارته الإسلامية تحديا بـ "حماس" لا تحديا بإسرائيل..!
ومع ذلك، يريدنا صديقنا أكرم أن نصدق أن "ليست دعوة الشيخ أبو النور المقدسي (عبد اللطيف موسى) خروجاً بقدر ما كانت استعداداً للموالاة والطاعة التامة لحكومة «حماس» فيما لو طبقت الشريعة".
فماذا إن وجدت "حماس" أن الوقت غير مناسب لذلك (إعلان تطبيق الشريعة)، وهذا ما نراه نحن أيضا..؟!
ثانيا: يقول صديقنا أكرم أنه واصل الإنتصار لحركة "حماس" ورجالها الأفذاذ على مدى عقدين معددا اسماء بعضا من قادتها الراحلين أمثال الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وغيرهما، وذلك في معرض الطعن بقادتها الحاليين. ونرد عليه بأنه لم يقدم الدليل على مناصرته للقادة الذين ذكرهم في حياتهم، ونخشى أن يكون شعاره هنا أن "الحمساوي الجيد هو الحمساوي الميت"..!
ثم إن الأمر يبدو أنه يندرج تحت بند الحرب النفسية تستهدف "قادة «حماس» وكوادرها ومناصريها ولنهج الحركة وسياساتها".. الذين قال إن مقاله موجه لهم، أو تحت بند الإنحياز المسبق لفصيل سلفي بمواجهة فصيل غير سلفي، خاصة وأنه يقر في مقاله بأنه "صمتنا على الكثير من الأحداث الجسام. وانتصرنا للحق والحقيقة حيث كان وكانت. ولم نأت على ذكر «حماس» بسوء، رغم كثير ملاحظاتنا، إلا ما كان جزء من نص أو بيان أو خطاب كنا نقوم بتوصيفه على حقيقته في إطار العلاقة بين «السلفية الجهادية» و«حماس» أو «الإخوان المسلمين»، ونادراً جداً ما عبّرت عن رأيي في هذا الموضوع بالذات، وفي احايين نادرة كنا نسرب بعض الإنتقادات والكثير من النصائح المباشرة وغير المباشرة، أما خلال العدوان على غزة فقد رفضنا أن نكتب حرفاً واحداً إلا نصرة للمجاهدين وللمنكوبين"..
حسنا، نقول لصديقنا أكرم، وهل حان الأوان الآن لكل ذلك، تزامنا مع إعلان امارة التحدي الإسلامي لحركة "حماس"..؟!
ونضيف لصديقنا أكرم أيضا أننا لا نفهم قولك أنه "خلال العدوان الصهيوني المجرم على قطاع غزة قتل سعيد صيام وزير داخلية «حماس» بخيانة من داخل «حماس» نفسها" غير أنه جزء من الحرب النفسية، المستندة إلى روايات دحلانية، خاصة وأن التحقيقاعت بينت من هي المرأة التي وشت بمكان تواجد الشهيد صيام..!
يلحظ يا صديق أنك تختم مقالك قائلا "أما غطرسة «حماس» فليست ولن تظل قدر الأمة البائس. ولتتعظ قبل أن تحفر قبرها بيدها، كما يقول الشيخ أبي بصير الطرطوسي، فلم يعد ثمة قليل أو كثير من الوقت".
ثالثا: بالمناسبة، لم لا يعلن السلفيون في فلسطين الحرب على اسرائيل..؟ ونوضح أن إعلان الحرب لا يكون باختطاف صحفي بريطاني، كما فعلت عصابة آل دغمش المنتحلة إسم "جيش الإسلام" السلفي، وتتشكل من أفراد عائلة واحدة..؟
ثم ما هي الحكاية التي تجعل من تجارة الحشيشة نشاطا مشتركا بين سلفيي افغانستان، وسلفيي فلسطين..؟!
نأمل من صديقنا أكرم أن يوجه نصحا في هذا المجال لرفاقه في فلسطين..!
رابعا: يتهم صديقنا أكرم حركة "حماس" بأنها "دأبت على استخدام الإقصاء الشديد والعنف المفرط وغير المنضبط بأية قواعد قانونية أو شرعية أو انسانية أو اخلاقية ضد خصومها"، ويفوته أن يحدد هؤلاء الخصوم في:
1. جماعات الفلتان الأمني الذين انقلبوا على نتائج الإنتخابات الشرعية، على نحو جعل من وضع حد لهم عمل اضطراري لا بد منه.
2. عصابات التهريب وتجارة الحشيش والفلتان الأمني الإجتماعي في هذه الحالة، خاصة وأن ممتاز دغمش كان يعمل برتبة ملازم أول في الأمن الوقائي, وبصفته هذه نفذ قتل اللواء موسى عرفات لصالح محمد دحلان، وحاول مواصلة الفلتان الأمني في غزة لصالح دحلان ومخططاته، بهدف إبطال مبررات الحسم العسكري ضد الفلتان الذي كان.
وعلى ما سبق، فإن "حماس" ليست هي من بادر لاستخدام العنف في أغلب الحالات المذكورة، ودفعت إليه في بعض الحالات.
خامسا: يقول صديقنا أكرم أن خصومة "حماس" مع "التيار السلفي الجهادي" هي "خصومة سياسية وعقدية في الصميم. لذا فالمواجهة معه مستمرة وبلا هوادة ابتداءً من الإعتقال، وانتهاءً بالتصفية الجسدية، وحتى بالتغطية السياسية كما حصل ضد «فتح الإسلام» في مخيم «نهر البارد» شمال لبنان".
ونرد عليه بأننا ناقشا أعلاه الشق الأول من هذا الإتهام، أما فيما يتعلق بالشق الثاني منه المتعلق بالموقف من "فتح الإسلام"، فنقول بشأنه:
1. أن "فتح الإسلام" كانت مجرد مؤامرة تستهدف حزب الله في لبنان. يتضح ذلك من مصادر تمويلها السعودية (غير رسمية)، وتيار المستقبل في لبنان..!
وهي تمثل مثالا صارخا على كيف يعمل السلفيون على افتعال معارك جانبية على حساب المعركة الرئيسة مع العدو الإسرائيلي أو الأميركي، الذي تحالفوا معه يوما في افغانستان، موهمين أنفسهم أنهم هم من هزم الإتحاد السوفياتي، وأنهم قادرون من بعده على هزيمة الولايات المتحدة الأميركية..!
2. أن حركة "حماس" لا يوجد لديها جيش جرار ولا حتى مجرور في لبنان. كل ما لديها هو مكتب، وربما عدد من الحراس الشخصيين.
3. ثم إن صديقنا أكرم لا يقل لنا ما هي التغطية السياسية التي وفرتها "حماس" لضرب "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد.
إلى ذلك، فإن صديقنا أكرم يستدرجنا هنا نحو التساؤل عن السبب الذي يجعل حركة "فتح" تفتح أبواب عضويتها لسلفيين، وعن السبب الذي يجعل هؤلاء السلفيين يقررون مهادنه ومساكنة حركة "فتح" العلمانية، ومجاهدة حركة "حماس" الإسلامية..؟
والمناسبة يا صديقي، فإن الدكتور عبد اللطيف موسى كان عضوا في حركة "فتح" في ظل قناعاته السلفية، كما هو حال آخرين، ,اعرفهم وإياك، لم يغادروا "فتح" حتى الآن..!
سادسا: وحين يكون هذا هو حال سلفيون داخل "فتح"، لا يغدوا مجرد اتهام توجهه "حماس" حزمة "لمعتقلي السلفية أو ضحاياها هي تهم أمنية بامتياز. فهم، بالنسبة لها، إما مخترقون، وإما عملاء، وإما أنهم يعملون لحساب أطراف خارجية. وهذا يعني أنهم إما «كاذبون»، أو «مجرمون»، أو «جهلة»، أو «لصوص» ... ليس بينهم «شريف» ولا «طاهر» أو «عفيف»"، كما تقول في مقالك.
سابعا: دفاعا عن تلقى الرواتب من "فتح" وسلام فياض، يقول صديقنا أكرم "أما من يتلقى راتباً من «حماس» وإيران فهو وطني شريف!!!!!". ونضيف من لدينا عدد آخر من علامات التعجب، بل والإستنكار.. ونقول إن المساواة بين "روافض" ايران، وأميركا ليس إلا نوع من عمى البصر والبصيرة، قد أصيب بها محمود عباس من قبلكم، وقد قبلتم حلفه بمواجهة المقاومة الفلسطينية..!
هذا عمى بصر وبصيرة لا يماثله غير حلفكم مع اميركا ضد الإتحاد السوفياتي في افغانستنان، الذي كان من نتائجه النظام القطبي الأحادي الذي ندفع ثمنه منذ قيامه وحتى الآن دما ودموع وظلما غير مسبوق، دون أن تشعروا بعقدة ذنب، أو تبدو شيئا من ندم، أو تمارسوا نقدا للذات..!
ثامنا: "كلما حدثت مشكلة «أمنية» غامضة!!! أو مصطنعة في غزة، كلما صبت «حماس» جام غضبها على السلفية الجهادية ووجهت لها أولى الاتهامات وأبشعها، وجندت جيوشها الأمنية والحربية وشرعت في حملات مطاردة واعتقال جماعية قبل القيام بأية تحقيقات من أي نوع".
ونرد عليه قائلين، هب أن اتهامك هنا صحيحا، أفلا يكون الحل في فرز السلفيين أنفسهم وأوراقهم عن أوراق فتح وأجهزتها الأمنية يا صديقي..؟!
ومع ذلك، نقر بوجود اخطاء ترتكب من قبل عناصر "حماس"، وربما من قبل قادة في "حماس". فهم بشر خطاؤون، وخير الخطائين التوابون، ولكن لم تلتزمون الصمت على جرائم رام الله غير التوابين مرتكبوها..؟!
ثم يا صديقي لم لا نرى تنظيما سلفيا واحدا في هذا العالم الواسع بعيدا عن علاقات وتحالفات مشبوهة..؟!
تاسعا: أن مسجد أبن تيميه كان الفخ الذي نصبته "حماس" لجند أنصار الله. هذا ما يقوله صديقنا أكرم، لنسأله، وهل "حماس" هي التي دفعت صاحبك "المقدسي" لأن يعتنق السلفية، وينخرط في صفوف "فتح"، ثم يستولي على مسجد إبن تيميه، ويربطه بخندق يصله ببيته، ثم يعلن قيام امارته الإسلامية تحديا لـ "حماس" ويرفض مغادرة المسجد، ويقتل القائد القسامي محمد الشمالي، مفاوض "حماس"، وهو خارج من المسجد في آخر محاولة بذلتها الحركة لحقن الدماء..؟!
عاشرا: يقول صديقنا أكرم، في محاولة منه لتبرير عنوان مقاله، على الأقل، "فالواقع أثبت لنا أن كل ما فعلته «حماس» وتفعله، منذ دخولها للعمل السياسي الحكومي، وتوجهها نحو التسوية، هو سياسة ونهج دموي وليس فتنة.. سياسة لم يقرها أو يعمل بها السابقون"..
ونرد على صديقنا أكرم بسؤال مقابل: وكيف تبررون لأنفسكم محالفة اميركا في افغانستان ضد اصدقاء القضايا العربية العادلة، وترفضون من "حماس" تهدئة المواجهة مع اسرائيل واميركا، لأنه يتوجب بعد كل معركة كبيرة إعادة الشعب إلى حياته الطبيعية، وبطبيعة الحال كما يقول الجنرال جياب، استعدادا لمعركة كبيرة مقبلة..؟!
ونختم، بعد أن اطلنا:
صديقنا أكرم:
روح العصر التي فرضت على السلفيين مخالفة مقولات مجتهديهم التي تمت الإشارة إليها مطلع هذا المقال، تحول بيننا وتقبل فكرهم، الذي سمح لهم يوما بإعلان الحرب على ولي الأمر، الذي شاركوا في الإتيان به إلى عرش السعودية، فقط لأنه أجاز لعب كرة القدم، وافتتح محطة للراديو، ثم كانت جريمته الكبرى افتتاح محطة تلفزة..؟!
على سلفيو اليوم أن ينتقدوا أولا كل من تعارضت فتاواه مع العلم، وتصدى يوما لينكر ويشكك في دوران مركبة يوري جاجارين أول رائد فضاء روسي حول الأرض..!
بقي أن نقول أننا نلتقى مع "حماس" في مواقفها السياسية المصرة على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال، ومواجهتها الهجمة التي يتعرض لها كل المقاومين الفلسطينيين من قبل اسرائيل واميركا، وسلطة محمود عباس، وفي رفض التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. ولا نلتقي معها إن قررت تطبيق أي برنامج اجتماعي يرفضه الشعب الفلسطيني، ولا يتم اقراره ديمقراطيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق