وافق الأردن على مشاركة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في تشييع جنازة والده الذي توفي يوم الجمعة الماضي في أحد مستشفيات عمان. لكن الحكومة الأردنية حرصت على إعطاء الزيارة طابعاً شخصياً، وعُمِّم على كبار المسؤولين الأردنيين أن مشاركتهم في مراسم الدفن والعزاء تأتي بصفة شخصية لا رسمية، خشية إعطاء الزيارة تأويلات سياسية، وتفسيرات ربما تؤثر في علاقات الأردن مع حركة «فتح».
بعيداً من تفاصيل العلاقة المتوترة بين الأردن وحركة «حماس»، يضعف استمرار القطيعة بين الجانبين تأثير عمان في الشأن الفلسطيني، فضلاً عن أن تحالفها مع طرف فلسطيني ومقاطعة الآخر يتنافيان مع الدور التقليدي للأردن. فعلاقته بالشعب الفلسطيني أبعد من السياسة، وخلال العقود الخمسة الماضية استطاع النظام الأردني المحافظة على شعرة معاوية مع الزعامات الفلسطينية من كل الفصائل، وموقف الراحل الملك حسين من حادث اعتداء «موساد» الإسرائيلي على خالد مشعل العام 1997، يؤكد حرصه على التمسك بالموقع الأردني على المسار الفلسطيني، أياً تكن الخلافات والظروف.
خالد مشعل لا ينسى هذا الموقف للملك حسين بن طلال، وهو حدثني في جلسة خاصة أن الملك كان مستعداً لفعل أي شيء لإنقاذ حياته. وأضاف خالد مشعل: وافق الملك على العفو عن العميلين في مقابل إطلاق الشيخ أحمد ياسين، وإرسال طبيب إلى عمان لإبطال مفعول السم، وكان يزورني في المستشفى ويسأل عني باستمرار، وبعد خروجي استضافني في مكتبه مع الوالد في شكل ودي. استقبل الملك الشيخ عبدالرحيم وابنه خالد، فقدم الملك سيجارة للشيخ عبدالرحيم، لكن الأخير أشار للملك بأنه يدخن نوعاً مختلفاً، فقام الملك وأشعل سيجارة الشيخ، وفي نهاية الزيارة قدم له علبة تحوي سجائر من النوع الذي يدخنه.
هذا اللقاء الودي بين الملك حسين وخالد مشعل ووالده، تكرر مع «أبو داود»، فهو زار محمد داود عودة في السجن، وأشعل له سيجارة وتحدث معه، ثم أطلق سراحه رغم صدور حكم بإعدامه، خفِّف لاحقاً الى السجن.
بهذه الطريقة استطاع الأردن الإمساك بموقعه في الشأن الفلسطيني، ولعل زيارة خالد مشعل «الشخصية» لعمان تعاود إشعال سيجارة العلاقات بين الأردن و «حماس»، وتعيد للأردنيين موقعهم في حل مشاكل الفلسطينيين والتوسط بينهم. فجلوس عمان الى جانب فلسطيني دون آخر ليس في مصلحة الفلسطينيين والمنطقة.
داود الشريان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق