الاثنين، 28 أكتوبر 2013
نيويورك تايمز : المسؤولون السعوديون بدأوا لحس بصقة بندر بن سلطان عن وجه واشنطن، والتأكيد على أنه ليس للمملكة أي بديل عن التبعية للولايات المتحدة
في تحقيق لها عن "توتر" العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة وآفاقه المتوقعة، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الاستخبارات السعودية اعتمدت في البداية على عملائها من النخب السياسية والأمنية اللبنانية لتمرير المال والسلاح إلى الجهاديين في سوريا. ونقلت الصحيفة عن قيادي في المعارضة السورية قوله إن النائب عقاب صقر كان أحد أبرز هؤلاء ولا يزال يقوم بهذا الدور حتى الآن، بينما نقلت عن مصدر رسمي لبناني و عن مستشار سعودي قولهما إن عميل الاستخبارات السعودية والفرنسية والأميركية،رئيس فرع المعلومات وسام الحسن، الذي اغتيال في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كان المسؤول عن تنسيق وصول المساعدات للمسلحين الأصوليين في سوريا عن طريق لبنان. وبحسب الصحيفة، فإن المملكة لم توفر للمسلحين في البداية (العام 2011 ـ 2012) سوى السلاح الخفيف بدافع القلق من وقوع الأسلحة الثقيلة في أيدي الجهاديين المتطرفين منهم وارتدادهم عليها. وكان معظم الدعم المالي السعودي يذهب إلى حسابات هؤلاء الوسطاء في البنوك الأجنبية ،الأمر الذي حد من فعاليتها. وقد اشتكت المعارضة السورية من أسلوب "الوسيط"، وطلبت من السعودية أن تتعامل معها مباشرة! لكن السعودية وقطر، والحديث لا يزال للصحيفة، عززتا أواخر العام الماضي من دعمهما للمجموعات المسلحة في سوريا من خلال الأخ غير الشقيق لبندر بن سلطان، الأمير سلمان بن سلطان، الذي أدار عمليات الدعم من الأردن تحت إشراف مباشر من أخيه بندر في الرياض.
وبشأن "الغضب" السعودي على الولايات المتحدة، وما سربه أمير الجهاد في الهلال الخصيب، بندر بن سلطان، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي، عن أن بلاده ستقلص تعاونها الأمني مع واشنطن لصالح فرنسا والأردن، نقلت الصحيفة عن مسؤولين فرنسيين وأردنيين نفيهم هذا الاحتمال. وأشار هؤلاء إلى أن تصريحات بندر هي"مجرد تعبير عن الغضب" من رفض الولايات المتحدة شن عدوان على سوريا ومن رغبتها في تسوية خلافاتها مع إيران، و"ليست غضبا ناجما عن خطة فعلية". ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله لها"نحن لا نستطيع معاقبة أميركا"، مضيفا القول"رغم إحساسنا القوي بالظلم(الأميركي)، لم تتخذ أية خطوات محددة للقطيعة مع الولايات المتحدة ، ونحن لا نملك الأدوات لفعل ذلك"!
أما الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وثيق الصلة بالاستخبارات السعودية والأسرة الحاكمة، فقال للصحيفة "ليس لنا بديل عن الولايات المتحدة، إنها( تصريحات بندر المسربة) مجرد ضغط تكتيكي على الإدارة الأميركية بسبب موقفها (المتخاذل) في سوريا".
وفيما يتعلق بالمعارضة السورية، نقلت الصحيفة عن د. نجيب الغضبان ، ممثل "المجلس الوطني" في الولايات المتحدة ورجل المخابرات المركزية الأميركية العتيق ونجل رئيس مجلس شورى جماعة الأخوان المسلمين سابقا ، الشيخ منير الغضبان، قوله لها" إذا كان الغضب السعودي من الولايات المتحدة سيترجم إلى مزيد من الدعم لنا، فهذا أمر عظيم"!
الجمعة، 25 أكتوبر 2013
نعزيكم بوفاة «أصدقاء سوريا»
عبد الباري عطوان
تحتاج منظومة «اصدقاء سوريا» التي عقدت اجتماعا لوزراء خارجيتها امس في لندن الى اعادة النظر في تسميتها، وربما حتى في استمراريتها، ليس لانها تضاءلت او تقلص عددها الى اقل من 11 دولة، بعد ان فاق 150 دولة، وانما لان هذه التسمية غير صحيحة، وفقدت مدلولاتها ومعانيها، بعد التطورات الاخيرة على جبهات القتال وفي المعطيات السياسية الاقليمية والدولية.
ونشرح اكثر ونقول ان هناك مجموعتين او معسكرين ينطبق عليهما هذا التعريف، او هذه التسمية: الاول اصدقاء النظام السوري ومن يدعمه، ويضم هذا المعسكر الاتحاد الروسي وايران والصين و«حزب الله» ودول «البريكس» عموما، والثاني «اصدقاء سوريا» بزعامة الولايات المتحدة ودول اوروبا وبعض الدول العربية الخليجية ولا ننسى تركيا رجب طيب اردوغان.
المعسكر الاول، اي معسكر النظام صلب متماسك بدأ يفرض وجهة نظره بقوة ويفرض شروطه، والثاني معسكر كرتوني مضعضع يتآكل موقفه تدريجيا، وكذلك اولوياته السياسية والعسكرية، وبات اكثر قربا من النظام ويبتعد بشكل متسارع عن المعارضة تحت حجج مختلفة.
وعندما نقول ان معسكر اصدقاء سوريا النظام اكثر تماسكا وصلابة، فاننا نعني عدم وجود اي خلافات بين اعضائه، بل اتفاق كامل، ووضوح رؤية، بينما الخلافات على اشدها في المعسكر الآخر، خلافات بين الدول الاعضاء والعربية منها على وجه الخصوص، وخلافات بين فصائل المعارضة، المعتدلة منها والاسلامية المتشددة.
فالخلافات في ذروتها حاليا بين السعودية والولايات المتحدة. واكد رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان في حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال» ان رفض بلاده احتلال مقعدها في مجلس الامن هو رسالة موجهة الى الادارة الاميركية بسبب موقفها المتراخي في الملف السوري. وحذر من ان التعاون بين البلدين سيتراجع.
ولنضع العلاقات السعودية - الاميركية جانبا، ونتحدث عن نظيرتها بين الدول العربية نفسها، حيث تبلغ الخلافات والتناقضات حول سورية وازمتها درجة غير مسبوقة، فهناك حرب شبه معلنة بين السعودية وقطر، وكل منهما تدعم فصائل جهادية او غير جهادية مختلفة، واحيانا متقاتلة. وتتقاتل الدولتان ايضا على الارض المصرية، حيث تدعم السعودية الفريق اول عبد الفتاح السيسي ونظامه، بينما ما زالت تحنّ دولة قطر لعودة نظام الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتدعم جماعة الاخوان المسلمين.
[[[
ومن المفارقة ان نظام الفريق السيسي الذي تدعمه السعودية بقوة يتعاطف مع النظام السوري الذي تريد اسقاطه، بينما تقف دولة الامارات العضو المواظب على حضور مؤتمرات «اصدقاء سوريا» موقفا محايدا، وما زالت تقيم اتصالات سرية مع نظام الرئيس بشار الاسد، وتفتح ابوابها على مصراعيها امام رجالاته واستثماراتهم فيها.
نعود الى اجتماع لندن الذي بدأنا به ونقول ان الهدف منه هو الضغط على المعارضة السورية «المعتدلة» للمشاركة في مؤتمر جنيف الذي يشكل «افضل الفرص» المتاحة لها، مثلما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في المؤتمر الصحافي الذي عقده في نهاية الاجتماع.
هيغ بشر وفد «الائتلاف الوطني السوري» المشارك في الاجتماع، بانه لا يوجد حل عسكري للازمة، ولن يكون هناك الا الحل السياسي السلمي في سوريا، وحتى هذا الحل السياسي لا يمكن ان يتحقق من دون مشاركة المعارضة المعتدلة.
سؤالنا لهيغ الذي كان احد ابرز الصقور المطالبة بالحل العسكري في سوريا، والضاغط على الاتحاد الاوروبي لرفع الحظر المفروض على ارسال السلاح للمعارضة، سؤالنا له هو «ما هو تعريفك للاعتدال يا سيد هيغ وعلى من ينطبق هذا التعريف، وماذا عن المعارضة غير المعتدلة التي باتت تشكل اكثر من ثمانين في المئة من عدد المقاتلين على الارض السورية؟».
معظم الجماعات الجهادية الاسلامية اتفقت على اسقاط تمثيل «الائتلاف الوطني» للمعارضة، وقالت انها لن تلتزم بأي اتفاقات يوقعها، اما «المجلس الوطني السوري» العمود الفقري في هذا «الائتلاف» فاتخذ موقفا مماثلا، وان كان اكثر ديبلوماسية واقل حدة، بينما سحب «الجيش السوري الحر» دعمه وتفويضه لـ«الائتلاف» على رؤوس الاشهاد.
[[[
البيان الختامي لاجتماع لندن القى بـ«عظمة» لـ«الائتلاف الوطني» من قبيل جبر الخواطر عندما اكد ان لا يكون هناك اي دور للرئيس الاسد في الحكومة السورية المقبلة، وهذا الكلام عمومي تنسفه تصريحات وليام هيغ كليا التي اكد فيها على الحل السياسي وطالب الائتلاف بالقبول بحلول وسط.
كلام غريب فعلا، كيف سيكون هناك حل سياسي في ما لو كان عنوان هذا الحل الرئيسي رحيل الرئيس الاسد، فهل يمكن ان تتصور ان يذهب وليد المعلم ممثل النظام في المؤتمر ويجرؤ على مجرد مناقشة القبول برحيل رئيسه من السلطة؟ وعدم لعب اي دور في الحكومة السورية المقبلة؟
الرئيس الاسد قال، في مقابلته مع محطة «الميادين»، انه سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولن يتفاوض او يعترف بالمعارضة الخارجية التي وصفها بالعمالة. وقال انه يحارب الارهاب على الارض السورية، ولا نعتقد انه سيغير موقفه هذا بعد ان ادرك اضمحلال فرص التدخل العسكري، وتغيير الغرب لاولوياته في سوريا، وجعل الحرب على الجماعات الجهادية هو الهدف الاساسي، وكل هذا يعني اللقاء مع الرئيس الاسد على الارضية نفسها، بعد ان اعرب الاخير عن استعداده للتعاون مع اميركا في هذه الحرب.
الرئيس الاسد يعيش حالة من الارتياح انعكست جليا في مقابلته المذكورة آنفا، فقد حدد ممثله في مؤتمر جنيف المقبل، بينما لا يعرف اعضاء منظومة «اصدقاء سوريا» من يمثل المعارضة فيه، وهنا يكمن المأزق الاميركي العربي.
«اصدقاء سوريا» انفرط عقدهم، وكذلك المعارضة التي اعلنوها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري قبل عام في مراكش بينما الشعب السوري مستمر في دفع ثمن هذه الخديعة الكبرى، فالحل الوسط الذي يطرحه هيغ هو القبول بصيغة ما بنظام الاسد الذي انتفضوا ضده وهكذا تعـود الامور الى المربع الاول، مربع ما قبل درعا.
السيناريو المقبل الذي نراه واضحا هو حرب مشتركة يخوضها نظام الرئيس الاسد جنبا الى جنب مع المعارضة المسلحة «المعتدلة» ضد الجماعات الجهادية، ولن نستغرب اذا ما انضمت تركيا الى هذه الجبهة بالنظر الى قصفها غير المسبوق لقواعد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وتجميد اموال من يعتنقون الفكر الجهادي.
ونشرح اكثر ونقول ان هناك مجموعتين او معسكرين ينطبق عليهما هذا التعريف، او هذه التسمية: الاول اصدقاء النظام السوري ومن يدعمه، ويضم هذا المعسكر الاتحاد الروسي وايران والصين و«حزب الله» ودول «البريكس» عموما، والثاني «اصدقاء سوريا» بزعامة الولايات المتحدة ودول اوروبا وبعض الدول العربية الخليجية ولا ننسى تركيا رجب طيب اردوغان.
المعسكر الاول، اي معسكر النظام صلب متماسك بدأ يفرض وجهة نظره بقوة ويفرض شروطه، والثاني معسكر كرتوني مضعضع يتآكل موقفه تدريجيا، وكذلك اولوياته السياسية والعسكرية، وبات اكثر قربا من النظام ويبتعد بشكل متسارع عن المعارضة تحت حجج مختلفة.
وعندما نقول ان معسكر اصدقاء سوريا النظام اكثر تماسكا وصلابة، فاننا نعني عدم وجود اي خلافات بين اعضائه، بل اتفاق كامل، ووضوح رؤية، بينما الخلافات على اشدها في المعسكر الآخر، خلافات بين الدول الاعضاء والعربية منها على وجه الخصوص، وخلافات بين فصائل المعارضة، المعتدلة منها والاسلامية المتشددة.
فالخلافات في ذروتها حاليا بين السعودية والولايات المتحدة. واكد رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان في حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال» ان رفض بلاده احتلال مقعدها في مجلس الامن هو رسالة موجهة الى الادارة الاميركية بسبب موقفها المتراخي في الملف السوري. وحذر من ان التعاون بين البلدين سيتراجع.
ولنضع العلاقات السعودية - الاميركية جانبا، ونتحدث عن نظيرتها بين الدول العربية نفسها، حيث تبلغ الخلافات والتناقضات حول سورية وازمتها درجة غير مسبوقة، فهناك حرب شبه معلنة بين السعودية وقطر، وكل منهما تدعم فصائل جهادية او غير جهادية مختلفة، واحيانا متقاتلة. وتتقاتل الدولتان ايضا على الارض المصرية، حيث تدعم السعودية الفريق اول عبد الفتاح السيسي ونظامه، بينما ما زالت تحنّ دولة قطر لعودة نظام الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتدعم جماعة الاخوان المسلمين.
[[[
ومن المفارقة ان نظام الفريق السيسي الذي تدعمه السعودية بقوة يتعاطف مع النظام السوري الذي تريد اسقاطه، بينما تقف دولة الامارات العضو المواظب على حضور مؤتمرات «اصدقاء سوريا» موقفا محايدا، وما زالت تقيم اتصالات سرية مع نظام الرئيس بشار الاسد، وتفتح ابوابها على مصراعيها امام رجالاته واستثماراتهم فيها.
نعود الى اجتماع لندن الذي بدأنا به ونقول ان الهدف منه هو الضغط على المعارضة السورية «المعتدلة» للمشاركة في مؤتمر جنيف الذي يشكل «افضل الفرص» المتاحة لها، مثلما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في المؤتمر الصحافي الذي عقده في نهاية الاجتماع.
هيغ بشر وفد «الائتلاف الوطني السوري» المشارك في الاجتماع، بانه لا يوجد حل عسكري للازمة، ولن يكون هناك الا الحل السياسي السلمي في سوريا، وحتى هذا الحل السياسي لا يمكن ان يتحقق من دون مشاركة المعارضة المعتدلة.
سؤالنا لهيغ الذي كان احد ابرز الصقور المطالبة بالحل العسكري في سوريا، والضاغط على الاتحاد الاوروبي لرفع الحظر المفروض على ارسال السلاح للمعارضة، سؤالنا له هو «ما هو تعريفك للاعتدال يا سيد هيغ وعلى من ينطبق هذا التعريف، وماذا عن المعارضة غير المعتدلة التي باتت تشكل اكثر من ثمانين في المئة من عدد المقاتلين على الارض السورية؟».
معظم الجماعات الجهادية الاسلامية اتفقت على اسقاط تمثيل «الائتلاف الوطني» للمعارضة، وقالت انها لن تلتزم بأي اتفاقات يوقعها، اما «المجلس الوطني السوري» العمود الفقري في هذا «الائتلاف» فاتخذ موقفا مماثلا، وان كان اكثر ديبلوماسية واقل حدة، بينما سحب «الجيش السوري الحر» دعمه وتفويضه لـ«الائتلاف» على رؤوس الاشهاد.
[[[
البيان الختامي لاجتماع لندن القى بـ«عظمة» لـ«الائتلاف الوطني» من قبيل جبر الخواطر عندما اكد ان لا يكون هناك اي دور للرئيس الاسد في الحكومة السورية المقبلة، وهذا الكلام عمومي تنسفه تصريحات وليام هيغ كليا التي اكد فيها على الحل السياسي وطالب الائتلاف بالقبول بحلول وسط.
كلام غريب فعلا، كيف سيكون هناك حل سياسي في ما لو كان عنوان هذا الحل الرئيسي رحيل الرئيس الاسد، فهل يمكن ان تتصور ان يذهب وليد المعلم ممثل النظام في المؤتمر ويجرؤ على مجرد مناقشة القبول برحيل رئيسه من السلطة؟ وعدم لعب اي دور في الحكومة السورية المقبلة؟
الرئيس الاسد قال، في مقابلته مع محطة «الميادين»، انه سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولن يتفاوض او يعترف بالمعارضة الخارجية التي وصفها بالعمالة. وقال انه يحارب الارهاب على الارض السورية، ولا نعتقد انه سيغير موقفه هذا بعد ان ادرك اضمحلال فرص التدخل العسكري، وتغيير الغرب لاولوياته في سوريا، وجعل الحرب على الجماعات الجهادية هو الهدف الاساسي، وكل هذا يعني اللقاء مع الرئيس الاسد على الارضية نفسها، بعد ان اعرب الاخير عن استعداده للتعاون مع اميركا في هذه الحرب.
الرئيس الاسد يعيش حالة من الارتياح انعكست جليا في مقابلته المذكورة آنفا، فقد حدد ممثله في مؤتمر جنيف المقبل، بينما لا يعرف اعضاء منظومة «اصدقاء سوريا» من يمثل المعارضة فيه، وهنا يكمن المأزق الاميركي العربي.
«اصدقاء سوريا» انفرط عقدهم، وكذلك المعارضة التي اعلنوها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري قبل عام في مراكش بينما الشعب السوري مستمر في دفع ثمن هذه الخديعة الكبرى، فالحل الوسط الذي يطرحه هيغ هو القبول بصيغة ما بنظام الاسد الذي انتفضوا ضده وهكذا تعـود الامور الى المربع الاول، مربع ما قبل درعا.
السيناريو المقبل الذي نراه واضحا هو حرب مشتركة يخوضها نظام الرئيس الاسد جنبا الى جنب مع المعارضة المسلحة «المعتدلة» ضد الجماعات الجهادية، ولن نستغرب اذا ما انضمت تركيا الى هذه الجبهة بالنظر الى قصفها غير المسبوق لقواعد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وتجميد اموال من يعتنقون الفكر الجهادي.
"السفير"
واشنطن ترفض مطالب السعودية بتأجيل"جنيف2" لأن الوقت يعمل لصالح النظام، وترفض مطالبها بضمانات خطية أميركية في مواجهة"إيران نووية" لأن التعاون العسكري كاف
شتاء أميركي ـــ سعودي ومساومات ديبلوماسية حول سوريا وإيران. لم يعد سرا أن الشريكين التاريخيين يواجهان خيارات صعبة للحفاظ على شراكتهما، في ظل الافتراق الكبير على طريقة التعاطي مع ملفات إستراتيجية في سوريا وإيران، والاستياء السعودي من التقارب الأميركي ــ الإيراني والانفراجات في الملف النووي الإيراني.
وشهدت العلاقات الأميركية ــ السعودية في اليومين الماضيين ذروة غير مسبوقة من الخلافات الديبلوماسية، لم تشهد مثيلا لها منذ السبعينيات. وسجل الأميركيون في الساعات الأخيرة تمسكهم الواضح بالاتفاق مع الروس على المضي قدما نحو حل سياسي في سوريا يمر عبر جنيف، محاولين إقناع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بأنه لا عودة عن «جنيف».
ووصف مصدر أميركي الاجتماع الذي دام ساعة ونصف ساعة في باريس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأنه كان اجتماعا صعبا. وعبر مساعد للفيصل في المقابل عن استياء الوزير السعودي من نتائج الاجتماع.
ويقول مصدر أميركي إن الفيصل طلب من كيري العمل على تأخير اجتماع «جنيف 2»، إذا لم يكن الاجتماع سيؤدي إلى تبني «خريطة الطريق» التي رسمها «جنيف 1». وهي «خريطة طريق» يقرأها السعوديون والغربيون بصفتها تنص على عملية نقل كامل للسلطة من النظام السوري الحالي إلى ممثلي المعارضة، وإقصاء الرئيس بشار الأسد.
وقال المصدر إن الوزير الأميركي شرح تمسك بلاده بـ«خريطة الطريق» التي تم الاتفاق عليها مع الروس، والتي تنص على تأجيل القضايا الخلافية الجوهرية، ومنها مستقبل الأسد إلى ما بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وان تأجيل المؤتمر، كما تطالب المعارضة لإتاحة المزيد من الوقت امامها لتعديل ميزان القوى مع النظام السوري، لن يكون مجديا، بعد ان فشلت في ذلك خلال اشهر الصيف.
وكان مؤتمر جنيف المقرر في حزيران الماضي قد جرى تأجيله آنذاك لمنح المعارضة والتسليح السعودي الكثيف والنوعي فرصة استعادة المبادرة واحداث تعادل عسكري بعد الهزيمة التي منيت بها المعارضة في معركة القصير الاستراتيجية. ويقول المصدر إن الوزير الأميركي شرح إن تأجيل المؤتمر سيكون من مصلحة النظام، وانه كلما تأخر انعقاد المؤتمر سيكون أصعب انتزاع تنازلات من الأسد، الذي بات الزمن والتطورات العسكرية تعمل لمصلحته.
وقال كيري، بحسب مصدر، للفيصل «إذا لم تذهبوا الى جنيف فلن نصل إلى هدفنا المشترك، وهو ترحيل الأسد من السلطة في سوريا». ويبدو ان الأميركيين والسعوديين يتبادلون الضغوط في الملفين الإيراني والسوري للحصول على تنازلات. ويساوم السعوديون بالورقة السورية ووصايتهم على «الائتلاف الوطني السوري» المعارض وقرار المشاركة في جنيف، مقابل تنازلات أميركية تتعلق بإيران والتقارب الأميركي معها، وامن الخليج. ويتمسك الأميركيون بالورقة الإيرانية والتفاوض مع طهران وايقاع المفاوضات معها، للحصول على تنازلات سعودية في الملف السوري وجنيف.
وقال المصدر الديبلوماسي الغربي ان السعوديين طلبوا في لقاءات لندن بالأمس، بعد لقاء باريس الصعب، من الوزير الأميركي الحصول على ضمانات خطية من الرئيس باراك اوباما، ورسالة رسمية تلتزم فيها الولايات المتحدة بحماية السعودية والخليج من اي اعتداء عليها، وازاء احتمال تحول ايران إلى دولة نووية.
وقال المصدر الديبلوماسي إن الأميركيين رفضوا الفكرة، واعتبروا ان الضمانات متوفرة من خلال التعاون العسكري والأمني، ولا حاجة لأي ضمانات خطية تفضي إلى ضرب التقارب الإيراني ــ الأميركي الحالي. وذهب كيري إلى حد احباط اجتماع لندن، واعلانه التمسك بفحوى الاتفاق الروسي، من خلال استعادة القراءة الروسية لـ«جنيف 1» من ان «المعارضة لا تقول انه على الأسد ان يرحل قبل بدء المفاوضات». وردد انه «من دون حل تفاوضي فإن المجزرة ستستمر. وقد تزداد». وعبر عن مخاوف روسية ــ غربية ــ اميركية مشتركة بضرورة «وقف الحرب التي لو استمرت فستؤدي إلى تفكك الدولة».
وقال كيري، ردا على سؤال حول إبلاغ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان لمبعوثين أوروبيين أن الرياض ستحد من تعاملاتها مع واشنطن احتجاجا على موقفها إزاء سوريا وإيران، إن «السعوديين محبطون» من عدم ضرب سوريا. وأعلن أن السعودية والولايات المتحدة تتشاطران القلق العميق ذاته بشأن البرنامج النووي الإيراني، مضيفا: «لقد جددت تعهد أوباما بعدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية». وتابع: «الأعمال هي التي تتحدث لا الكلمات، ولا اتفاق أفضل من اتفاق سيئ».
ورد السعوديون في لندن، عبر رئيس «الائتلاف» احمد الجربا الذي شهر لاءات ثلاثا في مواجهة جنيف «لا تفاوض ولا صلح ولا للعجز الدولي» وطالب بما كان الفيصل يطالب به في باريس و«بدعم عسكري ونوعي لخلق توازن على الأرض».
كما رد السعوديون في الساعات الأخيرة بتسريبات تصعيدية، عبر صحيفة «وول ستريت جورنال»، قالت إن مدير الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان «يخطط لتقليص التعاون الأمني مع الولايات المتحدة في تسليح وتدريب المعارضة السورية». وتعمل الاستخبارات الأميركية بشكل واسع، وبالتنسيق مع نائب وزير الدفاع سلمان بن سلطان في عمان، لإدخال اسلحة إلى منطقة حوران عبر الحدود الأردنية القريبة وصولا إلى منطقة الغوطة في ريف دمشق، التي يؤدي فيها «لواء الإسلام» وقائده زهران علوش المقرب من بندر بن سلطان، دورا رئيسا في المعارك ضد الجيش السوري.
وقال مصدر ديبلوماسي إن مدير الاستخبارات السعودية التقى ديبلوماسيين غربيين في جدة، للتعبير عن خيبة أمله من إلغاء أميركا للضربة العسكرية ضد سوريا. وقال «انه سيقوم بالتراجع عن التعاون مع وكالة الاستخبارات الأميركية وأجهزة استخبارات دول أخرى ساعدت في تدريب المسلحين السوريين». ولفتوا إلى أن «بندر عبر عن رغبته في العمل مع حلفاء آخرين في هذا المجال من ضمنهم فرنسا والأردن». وقال بندر لضيوفه إن قرار السعودية رفض عضوية مجلس الأمن «كان رسالة إلى الولايات المتحدة وليس إلى الأمم المتحدة».
وأشار مصدر سعودي لوكالة «رويترز»، إلى أن التغيير المزمع في العلاقات مع الولايات المتحدة سيكون له تأثير في مجالات كثيرة، بينها مشتريات السلاح ومبيعات النفط. وقال «جميع الخيارات على الطاولة الآن وسيكون هناك بالتأكيد بعض التأثير».
وشدد مسؤول أميركي على ان العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ما زالت قوية، مستبعدا المعلومات التي تحدثت عن رغبة الرياض في الحد من تعاونها مع واشنطن بشأن سوريا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف إن «علاقتنا وشراكتنا مع السعوديين قوية. نولي أهمية كبرى لمبادراتهم في عدد كبير من المجالات".
وشهدت العلاقات الأميركية ــ السعودية في اليومين الماضيين ذروة غير مسبوقة من الخلافات الديبلوماسية، لم تشهد مثيلا لها منذ السبعينيات. وسجل الأميركيون في الساعات الأخيرة تمسكهم الواضح بالاتفاق مع الروس على المضي قدما نحو حل سياسي في سوريا يمر عبر جنيف، محاولين إقناع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بأنه لا عودة عن «جنيف».
ووصف مصدر أميركي الاجتماع الذي دام ساعة ونصف ساعة في باريس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأنه كان اجتماعا صعبا. وعبر مساعد للفيصل في المقابل عن استياء الوزير السعودي من نتائج الاجتماع.
ويقول مصدر أميركي إن الفيصل طلب من كيري العمل على تأخير اجتماع «جنيف 2»، إذا لم يكن الاجتماع سيؤدي إلى تبني «خريطة الطريق» التي رسمها «جنيف 1». وهي «خريطة طريق» يقرأها السعوديون والغربيون بصفتها تنص على عملية نقل كامل للسلطة من النظام السوري الحالي إلى ممثلي المعارضة، وإقصاء الرئيس بشار الأسد.
وقال المصدر إن الوزير الأميركي شرح تمسك بلاده بـ«خريطة الطريق» التي تم الاتفاق عليها مع الروس، والتي تنص على تأجيل القضايا الخلافية الجوهرية، ومنها مستقبل الأسد إلى ما بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، وان تأجيل المؤتمر، كما تطالب المعارضة لإتاحة المزيد من الوقت امامها لتعديل ميزان القوى مع النظام السوري، لن يكون مجديا، بعد ان فشلت في ذلك خلال اشهر الصيف.
وكان مؤتمر جنيف المقرر في حزيران الماضي قد جرى تأجيله آنذاك لمنح المعارضة والتسليح السعودي الكثيف والنوعي فرصة استعادة المبادرة واحداث تعادل عسكري بعد الهزيمة التي منيت بها المعارضة في معركة القصير الاستراتيجية. ويقول المصدر إن الوزير الأميركي شرح إن تأجيل المؤتمر سيكون من مصلحة النظام، وانه كلما تأخر انعقاد المؤتمر سيكون أصعب انتزاع تنازلات من الأسد، الذي بات الزمن والتطورات العسكرية تعمل لمصلحته.
وقال كيري، بحسب مصدر، للفيصل «إذا لم تذهبوا الى جنيف فلن نصل إلى هدفنا المشترك، وهو ترحيل الأسد من السلطة في سوريا». ويبدو ان الأميركيين والسعوديين يتبادلون الضغوط في الملفين الإيراني والسوري للحصول على تنازلات. ويساوم السعوديون بالورقة السورية ووصايتهم على «الائتلاف الوطني السوري» المعارض وقرار المشاركة في جنيف، مقابل تنازلات أميركية تتعلق بإيران والتقارب الأميركي معها، وامن الخليج. ويتمسك الأميركيون بالورقة الإيرانية والتفاوض مع طهران وايقاع المفاوضات معها، للحصول على تنازلات سعودية في الملف السوري وجنيف.
وقال المصدر الديبلوماسي الغربي ان السعوديين طلبوا في لقاءات لندن بالأمس، بعد لقاء باريس الصعب، من الوزير الأميركي الحصول على ضمانات خطية من الرئيس باراك اوباما، ورسالة رسمية تلتزم فيها الولايات المتحدة بحماية السعودية والخليج من اي اعتداء عليها، وازاء احتمال تحول ايران إلى دولة نووية.
وقال المصدر الديبلوماسي إن الأميركيين رفضوا الفكرة، واعتبروا ان الضمانات متوفرة من خلال التعاون العسكري والأمني، ولا حاجة لأي ضمانات خطية تفضي إلى ضرب التقارب الإيراني ــ الأميركي الحالي. وذهب كيري إلى حد احباط اجتماع لندن، واعلانه التمسك بفحوى الاتفاق الروسي، من خلال استعادة القراءة الروسية لـ«جنيف 1» من ان «المعارضة لا تقول انه على الأسد ان يرحل قبل بدء المفاوضات». وردد انه «من دون حل تفاوضي فإن المجزرة ستستمر. وقد تزداد». وعبر عن مخاوف روسية ــ غربية ــ اميركية مشتركة بضرورة «وقف الحرب التي لو استمرت فستؤدي إلى تفكك الدولة».
وقال كيري، ردا على سؤال حول إبلاغ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان لمبعوثين أوروبيين أن الرياض ستحد من تعاملاتها مع واشنطن احتجاجا على موقفها إزاء سوريا وإيران، إن «السعوديين محبطون» من عدم ضرب سوريا. وأعلن أن السعودية والولايات المتحدة تتشاطران القلق العميق ذاته بشأن البرنامج النووي الإيراني، مضيفا: «لقد جددت تعهد أوباما بعدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية». وتابع: «الأعمال هي التي تتحدث لا الكلمات، ولا اتفاق أفضل من اتفاق سيئ».
ورد السعوديون في لندن، عبر رئيس «الائتلاف» احمد الجربا الذي شهر لاءات ثلاثا في مواجهة جنيف «لا تفاوض ولا صلح ولا للعجز الدولي» وطالب بما كان الفيصل يطالب به في باريس و«بدعم عسكري ونوعي لخلق توازن على الأرض».
كما رد السعوديون في الساعات الأخيرة بتسريبات تصعيدية، عبر صحيفة «وول ستريت جورنال»، قالت إن مدير الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان «يخطط لتقليص التعاون الأمني مع الولايات المتحدة في تسليح وتدريب المعارضة السورية». وتعمل الاستخبارات الأميركية بشكل واسع، وبالتنسيق مع نائب وزير الدفاع سلمان بن سلطان في عمان، لإدخال اسلحة إلى منطقة حوران عبر الحدود الأردنية القريبة وصولا إلى منطقة الغوطة في ريف دمشق، التي يؤدي فيها «لواء الإسلام» وقائده زهران علوش المقرب من بندر بن سلطان، دورا رئيسا في المعارك ضد الجيش السوري.
وقال مصدر ديبلوماسي إن مدير الاستخبارات السعودية التقى ديبلوماسيين غربيين في جدة، للتعبير عن خيبة أمله من إلغاء أميركا للضربة العسكرية ضد سوريا. وقال «انه سيقوم بالتراجع عن التعاون مع وكالة الاستخبارات الأميركية وأجهزة استخبارات دول أخرى ساعدت في تدريب المسلحين السوريين». ولفتوا إلى أن «بندر عبر عن رغبته في العمل مع حلفاء آخرين في هذا المجال من ضمنهم فرنسا والأردن». وقال بندر لضيوفه إن قرار السعودية رفض عضوية مجلس الأمن «كان رسالة إلى الولايات المتحدة وليس إلى الأمم المتحدة».
وأشار مصدر سعودي لوكالة «رويترز»، إلى أن التغيير المزمع في العلاقات مع الولايات المتحدة سيكون له تأثير في مجالات كثيرة، بينها مشتريات السلاح ومبيعات النفط. وقال «جميع الخيارات على الطاولة الآن وسيكون هناك بالتأكيد بعض التأثير».
وشدد مسؤول أميركي على ان العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ما زالت قوية، مستبعدا المعلومات التي تحدثت عن رغبة الرياض في الحد من تعاونها مع واشنطن بشأن سوريا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف إن «علاقتنا وشراكتنا مع السعوديين قوية. نولي أهمية كبرى لمبادراتهم في عدد كبير من المجالات".
"السفير"
اخيرا تذكرت الجامعة فلسطين.. واخيرا علمنا ان السلطة مديونة لقطر
اخيرا، تذكرت جامعة الدول العربية ان هناك قضية اسمها قضية فلسطين، فبعد انشغالها طوال الاعوام الثلاثة الماضية في مباركة وتشريع التدخل العسكري الاجنبي في اكثر من دولة عربية والانشغال في ثورات الربيع العربي التي تحولت في بعض البلدان العربية الى فوضى امنية، وحروب اهلية طاحنة، ودول فاشلة، ها هي، ربما بسبب ما ذكرنا، تتحدث عن حصول مؤشرات ايجابية، او حتى مقبولة تفيد بحدوث بوادر لاي تقدم ملموس على مسار المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية كما ورد على لسان السيد ناصيف حتي المتحدث باسم امينها العام.
لا نلوم الجامعة العربية بقدر ما نلوم السلطة الوطنية الفلسطينية التي عادت الى مائدة المفاوضات دون اي غطاء عربي او ضمانات بنجاحها، رغم معارضتنا الشديدة لها، والاخطر من ذلك ان هذه العودة جاءت ارضاء للراعي الامريكي الوهمي، وتوفيرا لغطاء لضربة عسكرية كانت تطبخ على نار هادئة لسورية، وربما ايران في فترة لاحقة، وهي ضربة توقفت او تأجلت، بعد اتفاق روسي امريكي على نزع اسلحة سورية الكيماوية، وبدء حوار ايراني امريكي.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس رضخ للضغوط الامريكية، وتنازل عن شرطه بوقف اسرائيل للاستيطان، من اجل استمرار تدفق مساعدات الدول المانحة الى خزينة السلطة، وبما يؤهلها على تسديد رواتب موظفيها الذين يزيد تعدادهم عن 160 الف موظف في الضفة والقطاع.
بنيامين نتنياهو ارسل وزيرة عدله تسبي ليفني الى المفاوضات من اجل ان لا يظهر بمظهر المسؤول الرافض للسلام امام الرأي العام العالمي، ولتوفير الغطاء الشرعي لبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، وابتلاع ما تبقى من القدس المحتلة.
فعندما تزيد وتيرة الاستيطان باكثر من سبعين في المئة هذا العام بالمقارنة مع وتيرتها في العام الماضي، فهذا يؤكد للمرة الالف ان هذه المفاوضات مثل طحن الماء.
بنيامين نتنياهو ارسل وزيرة عدله تسبي ليفني الى المفاوضات من اجل ان لا يظهر بمظهر المسؤول الرافض للسلام امام الرأي العام العالمي، ولتوفير الغطاء الشرعي لبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، وابتلاع ما تبقى من القدس المحتلة.
فعندما تزيد وتيرة الاستيطان باكثر من سبعين في المئة هذا العام بالمقارنة مع وتيرتها في العام الماضي، فهذا يؤكد للمرة الالف ان هذه المفاوضات مثل طحن الماء.
الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين صرح اكثر من مرة بان المفاوضات وصلت الى مرحلة الانفجار بسبب تكثيف الاستيطان الاسرائيلي، ولكنه لم يقل مطلقا انه عازم على الانسحاب من هذه المفاوضات وتحميل اسرائيل المسؤولية امام العالم لانه يخشى من توقف الاموال الى السلطة التي تمثلها.
فوجئت بتصريحات لوزير الخارجية الامريكي جون كيري يشيد فيها بدولة قطر التي اسقطت ما قيمته 150 مليون دولار من ديونها على السلطة في رام الله، وبما يساعدها، اي السلطة للحصول على قروض تساهم في مواجهة اعبائها المالية.
كنا نعتقد ان الدول العربية والخليجية منها بالذات، تقدم منحا ومساعدات للسلطة وليس قروضا، ولكن اعتقادنا هذا لم يكن في محله، فقد صعقنا عندما اكتشفنا ان حجم ديون السلطة تصل الى اربعة مليارات دولار معظمها لدول عربية وصناديق وبنوك محلية واجنبية.
كنا نعتقد ان الدول العربية والخليجية منها بالذات، تقدم منحا ومساعدات للسلطة وليس قروضا، ولكن اعتقادنا هذا لم يكن في محله، فقد صعقنا عندما اكتشفنا ان حجم ديون السلطة تصل الى اربعة مليارات دولار معظمها لدول عربية وصناديق وبنوك محلية واجنبية.
في عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لم نسمع انه يستدين من الدول العربية من اجل الانفاق على الانتفاضتين الاولى والثانية واسر الشهداء، وفي عهد الرئيس محمود عباس الذي تعهد باقامة دولة فلسطينية باعتباره مهندس اتفاقات اوسلو، نشاهد الديون تتضخم دون وجود مقاومة او انتفاضة او حتى عصيان مدني حقيقي.
دولة قطر التي اعفت السلطة من 150 مليون دولار دفعت اكثر من ثلاثة مليارات دولار للثورة السورية، والسعودية ضعف هذا الرقم، مثلما قدمت الدولتان ومعهما الكويت والامارات اكثر من 25 مليار دولار لدعم الخزينة المصرية سواء في عهد حكم الرئيس مرسي، او في العهد الحالي للفريق اول عبد الفتاح السيسي، ومن الغريب ان تقدم قروضا للسلطة بدلا من الضغط على امريكا والدول الاوروبية لانهاء الاحتلال سبب كل المصائب واقامة الدولة المستقلة ثم لا مانع بعد ذلك لاقراضها، اما دعم الاحتلال بالاموال والقروض فهذا خط احمر.
مؤسف ان تتحول السلطة الفلسطينية الى وسيط لاعفاء الاحتلال الاسرائيلي من مسؤولياته تجاه الارض المحتلة واهلها، وتذهب الى حد الاقتراض، وتكبيل الاجيال الفلسطينية المقبلة بالديون، ودون ان تقام الدولة الفلسطينية.
نفهم ان تستدين الدول لسد العجوزات في ميزانياتها، او لتمويل مشاريع تنمية تخلق الوظائف للعاطلين عن العمل، وتسرع في دوران عجلة الاقتصاد، ولكن ان تستدين سلطة تحت الاحتلال فهذا امر غير مسبوق.
نعود الى الجامعة العربية التي بدأنا بها هذه المقالة، ونقول ان القدس المحتلة، التي من المفترض انها وقف عربي اسلامي تتعرض للتهويد الكامل، وان المسجد الاقصى في طريقه الى التقسيم مثل الحرم الابراهيمي في الخليل، وهناك مشروع تقدم به نواب يساريون الى الكنيست بالاشتراك مع آخرين يمينيين لاصدار تشريع بهذا التقسيم، فهل الجامعة العربية واعية لهذه الخطوة ام انها تنتظر تطبيقها حتى تشجب وتستنكر؟
من المؤلم ان لا اصدقاء للمسجد الاقصى، ولا وزراء خارجية عرب يجتمعون لنصرته ناهيك عن الزعماء، اصدقاء المسجد الاقصى هم المرابطون في القدس وباقي الاراضي المحتلة يدافعون عنه بارواحهم لله درهم.
من المؤلم ان لا اصدقاء للمسجد الاقصى، ولا وزراء خارجية عرب يجتمعون لنصرته ناهيك عن الزعماء، اصدقاء المسجد الاقصى هم المرابطون في القدس وباقي الاراضي المحتلة يدافعون عنه بارواحهم لله درهم.
عبد الباري عطوان
التمويل الخارجي ودوره التخريبي في فلسطين ...د. إبراهيم أبراش
من يريد أن يبحث عن جوهر الخلل في النظام السياسي الفلسطيني وفي تراجع الفعل النضالي الوطني عليه أن لا يُحمِل الاحتلال لوحده مسؤولية وصول المشروع الوطني لطريق مسدود،لأنه عندما بدأ المشروع الوطني وقامت الفصائل وحركات المقاومة كانت إسرائيل عدوا متفوقا إرهابيا وعدوانيا وما زالت كذلك ،وليس من المقبول أن نُحمِل الأنظمة العربية والإسلامية المسؤولية أيضا لأن موقف هذه الأنظمة معروف مسبقا ولأنها لا يمكن أن تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين ،أيضا لا يمكن إحالة الفشل لعدم عدالة قضيتنا الوطنية ،فالقضية الفلسطينية من أكثر القضايا الدولية عدلا حتى أن الأمم المتحدة اعترفت لنا بحق تقرير المصير السياسي وحقنا في دولة وغالبية شعوب العالم تعترف بعدالة قضيتنا الوطنية، إذن أين يكمن الخلل؟.
الخلل يكمن ، بالإضافة إلى ما سبق، في النخب السياسية ونخب المجتمع المدني وتبعيتها الذيلية ماديا لأجندة خارجية وللجهات المانحة بمشاربها المتعددة وهي تبعية أنتجت تبعية سياسية بالضرورة ،أيضا فإن تفكك وضعف البنية التحتية الاقتصادية والمنظومة القيمية الاجتماعية، أدى كل ذلك بدوره لإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بما يضعه في حالة قطيعة مع مرحلة التحرر الوطني . الطابع الشمولي للنظام السياسي ونمط القيادة المهيمنة وهذه الحالة التي انزلقت إليها الأحزاب والنخب الفلسطينية الوطنية منذ توقيع اتفاقية أوسلو ، ثم تبعتها القوى اليسارية والإسلامية ، أدت لإعاقة قدرة المجتمع على تشكيل أو إعادة إنتاج نخب وطنية نضالية جدلية وجعلت الشعب الفلسطيني مكشوفا وضعيفا أمام التدخلات الخارجية والإغراءات المالية.
جرت عملية رشوة جماعية للنخب الفلسطينية حرفتها عن وجهة النضال الوطني المتصادم مع الاحتلال لتقع في وهم السلطة والحكومة والمناصب ووهم إمكانية تنمية المجتمع وبناء مؤسسات الدولة في ظل الاحتلال ، ووهم المراهنة على مفاوضات وتسوية مع إسرائيل بدون حضور المقاومة ومقدرات الشعب على طاولة المفاوضات حتى كورقة مساومة. كما أن النخب والحكومات الفلسطينية بدورها رشت المناضلين والمجاهدين ثم بقية المواطنين وكممت أفواههم من خلال الرواتب والمساعدات والقروض الخ .
تحول الفلسطينيون إلى عبء مالي على العالم الخارجي،فالسلطة الوطنية تعتمد على تمويل ومساعدات خارجية ، وحكومة حماس تعتمد على مساعدات خارجية ، وبات الشعب اتكاليا يعتاش على المساعدات حيث تم تعميم نموذج وكالة الغوث . قبل سنوات قلائل لم تكن غضاضة في تقَبُل مساعدات خارجية وكان الفلسطينيون يتقبلونها بعزة نفس لأنها تقدم لشعب يقاوم الاحتلال وكانت الأموال وخصوصا العربية والإسلامية تشكل الجزء الأكبر من المساعدات التي تقدم للشعب الفلسطيني وكانت تُقدم شعبيا ورسميا من منطلق الواجب القومي والديني،وأحيانا وبالنسبة للبعض كرشوة للتغطية على عجز العرب والمسلمين عن القيام بواجبهم تجاه فلسطين والقدس ، أما اليوم فإن غالبية التمويل يأتي من الجهات المانحة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة أو بموافقتها وهي جهات كانت وما زالت تعارض الاعتراف بالحقوق السياسية الفلسطينية وعلى رأسها حقه في دولته المستقلة وعودة اللاجئين ،وهذه الأموال تدخل لمناطق السلطة عن طريق إسرائيل وبموافقتها،ويتم صرفها أيضا بما لا يتعارض مع اتفاقات التسوية وبما ترضى عنه إسرائيل، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال عن هذا الكرم الغربي الأمريكي وما هو الثمن السياسي الذي يدفعه الفلسطينيون؟ .
في ظل هكذا انزلاق نحو التبعية وقبول المال السياسي المشروط وتدمير مقومات صمود الشعب،لم يعد النضال واجبا وطنيا يتطلب التضحية والعطاء بل أصبح وظيفة براتب،المناضل أو المجاهد بات موظفا ،بل تم دفع رواتب للمناضلين والمجاهدين حتى يتقاعدوا في ريعان شبابهم وكأن مرحلة التحرر الوطني قد أنجزت أهدافها ! تغلل الملل السياسي أو مال الرشوة الجماعية لكل مناحي حياتنا حتى لما تبقى من أشكال نضالية ، فمن يخرج بمسيرة أو مظاهرة يتقاضى مقابل ،ومن يلصق صورة على جدران أو يكتب شعارا يتقاضى مقابلا ،ومن يُجرح أو يصاب يأخذ تعويضا ، والأسير بات له راتب في السجن – الكنتين- وراتب لعائلته ،و الشهيد تتقاضى عائلته راتب ، لم يعد لدينا قادة حركة تحرر بل وزراء وأعضاء تشريعي يتقاضون رواتب عالية ويتمتعون بامتيازات أسوة بالوزراء والمسئولين في الدول المستقلة .
كل ذلك أضيف لما يقوم به الاحتلال من تدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني والحصار ليكون المُخرَج مجتمعا اتكاليا سلبيا . أصبح وضعا عاديا وطبيعيا أن تعيش أسرة بكاملها على ما تقدمه وكالة الغوث أو الشؤون الاجتماعية أو كوبونة (معونة غذائية) تقدمها هذه الدولة أو تلك أو هذه المؤسسة الأجنبية أو تلك، شباب بعنفوانهم باتوا يصطفون بالطابور ويقفون لساعات للحصول على كوبونة أو مساعدة أو عقد بطالة لعدة أشهر إن حالفه الحظ ، أطفال وشباب ونساء يتسولون عند الإشارات الضوئية وفي الشوارع ، وبات دور الحكومتين والسلطتين فرض تكييف قصري للمواطنين مع شروط الجهات المانحة ومع التزامات الحكومتين مع إسرائيل – تنسيق أمني في الضفة واتفاقية هدنة رسمية في قطاع غزة - ، و توزيع رواتب ومساعدات ليس بعدل وبما يؤسِس لاقتصاد مُنتج بل لتوزيعها حسب الولاء للحزب الحاكم ولشراء ذمم شخصيات اعتبارية ومخاتير وإعلاميين الخ .أما مؤسسات المجتمع المدني أو الأنجيوز فالجهات المانحة الأجنبية تتكفل بهم مباشرة ليقوموا بادوار محددة لهم .
هذه ظواهر لم تكن معروفة في المجتمع الفلسطيني عندما كان يعيش مرحلة التحرر الوطني،عندما كان الطالب يدفع رسوم الانخراط في اتحاد الطلبة، والعامل يدفع رسوم الانخراط في نقابة العمال، والمعلمون والموظفون يدفعون نسبة من راتبهم لمنظمة التحرير الفلسطينية الخ ، وعندما كان الأطباء والمهندسون والأكاديميون ورجال الأعمال ... يتركون وظائفهم وحياة الرفاهية التي يعيشونها لينخرطوا في صفوف فصائل الثورة الفلسطينية وفي العمل الوطني، للأسف بات الانتماء للعمل السياسي اليوم من أجل الأخذ وليس من أجل العطاء .
هذه الحالة ليست قدرا على الشعب الفلسطيني بل هي حالة مرضية طارئة يمكن تجاوزها ، إما من خلال تحرير المجتمع والأحزاب من الارتهان للمال السياسي الخارجي ،أو من خلال مباشرة الصدام مع الاحتلال ،فالتصادم المباشر مع الاحتلال بالمقاومة المسلحة أو السلمية الشعبية كفيل بإعادة الروح الوطنية الكفاحية الأصيلة للشعب . وفي التاريخ عِبَرّ ،فعندما مر الشعب الفلسطيني بسنوات التيه ما بعد النكبة مباشرة حين كانت الفلسطينية تهمة جاءت الثورة الفلسطينية بقيادة حركة فتح لتستنهض الحالة الوطنية وتحول الشعب من مجرد لاجئين إلى شعب مقاوم وفرض على العالم الاعتراف به وبحقوقه السياسية ، وعندما مرت منظمة التحرير بحالة من التيه وكادت أن تتلاشى بعد خروج المقاومة من لبنان وتآمر العرب وغيرهم عليها جاءت انتفاضة 1987 ضد الاحتلال لتستنهض الوطنية الفلسطينية مجددا وتوحد الشعب بكل فئاته ، وعندما عمت حالة اليأس والفساد والانفلات في عهد السلطة جاءت انتفاضة الأقصى عام 2000 لتعيد توحيد الشعب ولتسطر بطولات جعلت كل العالم يقف احتراما للشعب الفلسطيني وانتفاضته . واليوم يمكن لانتفاضة فلسطينية أن تُخرج الحالة الفلسطينية من وضعها المأساوي، ولكن مع الاستفادة من دروس الماضي وتجنب الأخطاء التي صاحبت الانتفاضتين السابقتين وخصوصا غياب قيادة وطنية موحدة وتجييش الانتفاضة فصائليا بدون إستراتيجية مقاومة موحدة.
ليفني: إسرائيل والسعودية تتحدثان بلهجة واحدة تجاه إيران
قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني امس الخميس إن موقف السعودية وإسرائيل إزاء إيران واحد لكن التعاون بينهما صعب نظرا لاستمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقالت ليفني التي تقود الآن المحادثات مع الفلسطينيين ‘عندما تسمع السعوديين يتحدثون عما ينبغي عمله لمنع إيران (من أن تتسلح نوويا) فإن ذلك يبدو مألوفا.’
ومضت تقول ‘اعتقد أن اللهجة العربية تبدو قريبة من اللهجة العبرية حين يتعلق الأمر بإيران.’
ومن النادر الربط بهذا النحو بين أهداف السعودية وإسرائيل اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية.
ومن النادر الربط بهذا النحو بين أهداف السعودية وإسرائيل اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية.
وتخشى كل من السعودية وإسرائيل أن تكون طهران تعمل على تطوير أسلحة نووية وأنها تتطلع إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط بينما تقول إيران إن أنشطتها النووية ذات أهداف سلمية خالصة.
وزاد إحباط السعودية مما تعتبره ضعفا أمريكيا في مواجهة الحرب الأهلية في سورية ومن تواصل واشنطن دبلوماسيا مع طهران في الآونة الأخيرة وهي مخاوف تشاركها فيها إسرائيل.
وجاء في برقيات دبلوماسية نشرها موقع ‘ويكيليكس′ قبل ثلاث سنوات أن العاهل السعودي الملك عبد الله حث الولايات المتحدة مرارا على مهاجمة إيران لوضع حد لبرنامجها النووي. وألمحت إسرائيل أيضا إلى عمل عسكري وعبرت عن استعدادها لأن تمضي منفردة لمنع إيران من التسلح النووي.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمة أمام الكنيست الأسبوع الماضي بالقواسم المشتركة النادرة بين المصالح الإسرائيلية والعربية وقال إنها قد تساعد في دفع مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.
لكن ليفني لمحت إلى أن هذا أمر غير واقعي وقالت في مؤتمر نظمته صحيفة ‘جيروزالم بوست’ إن الدول العربية تريد أن ترى أولا تقدما في صنع السلام الإسرائيلي الفلسطيني قبل أن تفكر في تغيير سياستها تجاه إسرائيل.
وقالت ليفني التي كانت تتحدث بالإنكليزية ‘إن منع إيران من امتلاك سلاح نووي يتطلب تعاونا مع من يرون أن إيران تشكل تهديدا لهم أيضا.’
وأضافت ‘لكن من المؤسف أن الصراع المفتوح مع الفلسطينيين يجعل من المستحيل أو من الصعب للغاية أن يعملوا مع إسرائيل.’
وفي الأسبوع الماضي أشارت السعودية إلى الفشل الدولي في منح الفلسطينيين دولة كأحد الأسباب التي دعتها لرفض شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي أشارت السعودية إلى الفشل الدولي في منح الفلسطينيين دولة كأحد الأسباب التي دعتها لرفض شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقالت ليفني ‘من الواضح جدا الآن أن مصلحة دولة إسرائيل (و) المعتدلين أو البراغماتيين في المنطقة واحدة… ومن ثم فإننا في حاجة إلى أن نواصل معا الضغط على إيران… وأن نمضي في الوقت نفسه قدما في عملية السلام.’
وكانت القضيتان على جدول أعمال اجتماع مطول في روما بين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الأربعاء كشف عن خلافات بينهما حول القضية الإيرانية.
وطالبت إسرائيل مرارا بتفكيك برنامج إيران النووي بينما ارتأت الولايات المتحدة أن المطلوب هو ضمانات أفضل لضمان سلميته.(رويترز)
"ديبكا": الأسد وقع اتفاق تعاون سرياً مع عباس برعاية أردنية روسية
زعم موقع "ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي، أن محمود عباس "أبومازن" وقع اتفاقًا سريًا للتعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد، يقضي بمنع الفلسطينيين من التدخل في شئون سوريا والمشاركة في الحرب الأهلية إلى جانب المعارضة المسلحة أو الجماعات الإرهابية المتشددة التي تقاتل ضد الجيش السوري.
ونقل الموقع الإسرائيلي، أن المخابرات الإسرائيلية رصدت الاتفاق الذي تم توقيعه الشهر الماضي، والذي جاء فيه أن الفلسطينيين المتواجدين في سوريا سيلقون أسلحتهم ولن يتدخلوا في الصراع الدائر حاليًا ولن ينحازوا إلى المعارضة ضد الجيش السوري.
وتم الاتفاق بوساطة أردنية، حيث وقع الرئيس الأسد على مذكرة التفاهم 22 أكتوبر الماضي، ونقلت في نفس اليوم مساءً إلى الأردن ليرسلها رئيس الوزراء الأردني "عبدالله النسور" مع مبعوث شخصي إلى رام ليوقع عليها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس أبومازن".
وجاء الاتفاق وفقًا للجهود الدبلوماسية التي بذلتها روسيا طوال الفترة الماضية من أجل تهيئة الأوضاع لنجاح مؤتمر جنيف2 الذي سيعقد 23 نوفمبر القادم لبحث الأزمة السورية، وبذلك يصبح أبومازن أول رئيس عربي يوقع مثل هذا الاتفاق ويساند بشار السد في الحرب الدائرة منذ ما يزيد على عامين ونصف.
ووفقاً لمسئولين بالمخابرات الإسرائيلية فإن الاتفاق الأخير يعكس تحولاً كبيرًا على الأرض في سوريا، حيث بدأت الكثير من الجماعات المسلحة تعيد تقييم الموقف وتتراجع عن قتال الجيش السوري، عقب تدخل تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية في الصراع، ومحاولتها السيطرة على سوريا وقتل وإعدام المدنيين واغتيال قادة الجيش الحر.
ووفقاً لمسئولين بالمخابرات الإسرائيلية فإن الاتفاق الأخير يعكس تحولاً كبيرًا على الأرض في سوريا، حيث بدأت الكثير من الجماعات المسلحة تعيد تقييم الموقف وتتراجع عن قتال الجيش السوري، عقب تدخل تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية في الصراع، ومحاولتها السيطرة على سوريا وقتل وإعدام المدنيين واغتيال قادة الجيش الحر.
مسؤول اسرائيلي: البناء الاستيطاني يستمر بـ"تفاهم مسبق" مع الطرف الفلسطيني بعلم اميركي
رويترز / قالت إسرائيل الخميس إنها ستمضي قدما في خطط البناء في المستوطنات اليهودية القائمة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، بموجب ما قالت إنها تفاهمات وصلت لها مع الجانب الفلسطينيي في هذا الشأن في محادثات أخيرة.
وقالت وسائل إعلام محلية إن عطاءات بناء جديدة قد تعلن الأسبوعالقادم في ظل سعي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لتخفيفحدة معارضة الجناح اليميني في حكومته للافراج المزمع عن سجناءفلسطينيين.
وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه "بموجب التفاهمات التي تم التوصل إليها عشية استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين ستواصل إسرائيل في الأشهر القادمة الإعلان عن أنها ستبني في المجمعات الاستيطانية وفي القدس."
وأضاف "الأمريكيون والفلسطينيون على علم بهذه التفاهمات."
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من أي من الجانبين.
وجاء الإعلان بعد يوم من لقاء نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في روما حيث كانت قضية المحادثات الفلسطينية الاسرائيلية ضمن القضايا التي ناقشاها.
وقال حزب "البيت اليهودي" المؤيد للمستوطنين وأحد شركاء الائتلاف الرئيسيين لنتنياهو الخميس إنه سيقترح سن تشريع يحول دونالافراج عن سجناء فلسطينيين.
واستؤنفت المحادثات بوساطة أميركية في يوليو بعد توقف دام ثلاث سنوات دون أي مؤشرات على إحراز تقدم يذكر.
وقالت رئيسة وفد المفاوضات الإسرائيلي تسيبي ليفني في تل أبيب الخميس إنها لا تستطيع الإفصاح عن أي تفاصيل لكن مسؤولا فلسطينيا رفيعا في رام الله وصف المحادثات بأنها بالغة الصعوبة.
وكانت جماعة السلام الآن المناهضة للاستيطان قالت الأسبوع الماضي إن المساكن الجديدة في مستوطنات الضفة الغربية زادت بنسبة 70 في المئة هذا العام.
وأضافت الجماعة أن 1708 مساكن جديدة بنيتفي الفترة من يناير وحتى يونيو هذا العام مقارنة بنحو 995 في نفس الفترة من عام 2012.
مصدر عبري يزعم: السلطة أحبطت مخططاً حمساوياً لإطلاق طائرة بدون طيار من الخليل
ذكر موقع "واللا" العبري صباح اليوم أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية كشف خلية لحركة حماس في الخليل خططت لإرسال طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات من مدينة الخليل صوب مناطق إسرائيلية.
وزعم الموقع أنه حصل على معلومات من مصادر أمنية فلسطينية أشارت إلى أنها بذلت جهوداً مضنية خلال الفترة الأخيرة أسفرت عن اعتقال "خلية حمساوية جامعية" بمدينة الخليل أجرت تجارب على إطلاق طائرة بدون طيار.
وأثنى الموقع العبري على جهود الأجهزة الأمنية الفلسطينية في محاربة ما وصفه "بالإرهاب"، وقال إن أجهزة أمنية إسرائيلية وصفت الجهود الأمنية الفلسطينية بالمثيرة للإعجاب.
وأضاف الموقع العبري:" النشاط المتزايد لقوات الأمن الفلسطينية يتناقض مع ادعاءات في إسرائيل، حتى من قبل وزراء في الحكومة، بأن السلطة الفلسطينية لا تفعل شيئا ضد الإرهاب".
الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013
الأردن لتغييرات وشيكة في المواقع العليا
ينشغل الشارع الأردني ومعه الصالونات السياسية والإعلامية بما سيصدر عن الملك عبدالله الثاني من قرارات وشيكة تختص بتغييرات في المواقع العليا في الدولة.
ومع الحقيقة القائمة والثابتة على الدوام في "القرارات الهاشمية" المهمة منذ الملك المؤسس عبدالله الأول مرورا بالملك الراحل الحسين بن طلال وحتى عهد الملك عبدالله الثاني، فإنه في ما يختص بإيلاء المهمات وتغييرات المواقع القيادات العليا، وفي إطار هذا الفهم فإن لكل "مرحلة رجالها" بما يقتضيه الواقع السياسي والتداعيات ومقتضيات المرحلة في المملكة واستراتيجياتها الداخلية والخارجية.
ومع انتظار انعقاد الدورة العادية لمجلس الأمة في مطلع تشرين الثاني( نوفمبر) المقبل، فإن كلام صالونات عمّان السياسية والإعلامية راهناً يطال تغييرات في مواقع قيادية كرئاسة الحكومة ورئاسة الديوان الملكي الهاشمي وبعض الأجهزة الأمنية ثم إعادة تشكيل مجلس الأعيان وهو الغرفة العليا في مجلس الأمة، وكذا الحال بعض الأجهزة الأمنية كدائرة المخابرات العامة.
وما رشح لدى (خزنة إيلاف) من معلومات فإن هناك خيارات متضاربة عن احتمال تغيير الحكومة والمجيء برئيس جديد وطاقم جديد خلفاً للدكتور عبدالله النسور وطاقمه، إلا أن مصادر قريبة من القرار تشكك في مثل هذه المعلومات خصوصا لما نفذّه الرئيس النسور خلال عام كامل من إجراءات وقرارات اقتصادية كانت جريئة وغير مسبوقة وكانت في الاتجاه الصحيح لمواجهة أي انهيار لا تحمد عقباه يطال قيمة سعر الدينار الأردني رغم عدم رضاء الشارع العام عنها وهي كانت تتعلق برفع الأسعار.
وفي الأيام الأخيرة، ذهبت بورصة الترشيحات الى قرارات ملكية وشيكة بإعادة رئيس الحكومة الأسبق سمير الرفاعي إلى الواجهة وتعيينه رئيساً للحكومة خلفاً للنسور أو رئيساً للديوان الملكي خلفاً لفايز الطراونة، ويبدو أن المنصب الأخير هو الأكثر ترجيحاً.
البخيت والشوبكي وفاخوري
والترشيح الثاني المهم، كان ينصبُّ على رئيس الحكومة الأسبق معروف البخيت كرئيس للديوان الملكي، أو مستشاراً سياسياً أو أمنياً للملك، لكن ما يتردد هو احتمال توليه منصب رئاسة مجلس الأمن القومي الذي تجري حالياً إعادة توصيف مهماته وسواء بسواء إعادة تشكيله وتصعيد دوره في المرحلة المقبلة.
كما أن منصب مدير المخابرات العامة وهي الذراع الأمنية القوية في المملكة الهاشمية، ظل هو الآخر رهن التوقعات وتعيين بديل للمدير الحالي الفريق أول فيصل الشوبكي الذي يحتل الموقع منذ عامين بالتمام والكمال.
لكن ما جعل احتمال تغيير الشوبكي أمراً مستبعداً الآن هو مشاركته الى جانب الملك عبدالله الثاني في القمة الثلاثية السعودية – الأردنية – الإماراتية التي عقدت مساء الاثنين في مدينة جدة وهي حضرها كذلك كدليل على أهمية القمة أمنيا وسياسيا رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان ونائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز الذي شغل إلى عهد قريب مهمة ضابط الاتصال الأعلى بين جهازي الاستخبارات السعودية والمخابرات الأردنية والتنسيق بينهما في ما يتعلق خصوصاً بالشأن السوري.
كما أن التوقعات تطال أيضاً منصب مدير مكتب الملك الذي يشغله منذ أكثر من عامين عماد فاخوري الذي ترشحه تلك التوقعات لمنصب سفير الأردن في واشنطن، بينما يجري تداول اسم الدكتور عمر الرزاز لخلافته في هذا المنصب.
وإلى ذلك، فإنه مع عودة سمير الرفاعي إلى الواجهة من جديد، فإنه لا بد من الإشارة إلى أنه أحد أقرب الأصدقاء الشخصيين للعاهل الأردني وتربطهما علاقات حقيقية منذ نعومة أظفارهما. هذا مع عدم استبعاد العنصر السوري في عودته السياسية إذا ما عرفنا علاقات ولده رجل الدولة المخضرم زيد الرفاعي التاريخية مع نظام آل الأسد منذ الرئيس الراحل حافظ الأسد.
من هو سمير الرفاعي ؟
ينتمي سمير الرفاعي لأسرة أردنية عريقة اصولها من مدينة صفد الفلسطينية ولها باع طويل في السياسة والاقتصاد، حيث إن والده هو رئيس مجلس الأعيان السابق زيد الرفاعي والذي سبق له أن شغل منصب رئيس الوزراء لمرات عديدة، كما الراحل سمير الرفاعي الذي عاصر مراحل بناء الدولة الأردنية منذ بدايات القرن العشرين، كما إنه كان قد تولى رئاسة مجلس الوزراء لعديد من المرات.
كما أن عمه الراحل عبدالمنعم الرفاعي الشاعر والدبلوماسي المعروف كان تولى رئاسة الحكومة بينما جده لأمه هو رجل الدولة العريق الراحل بهجت التلهوني وهو أيضا صهر السياسي الأردني المعروف عاكف الفايز وابنه رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز.
وكان سمير الرفاعي تخرج من أكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة عام 1984، كما حصل على شهادة الباكلوريوس في دراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفارد بعام 1988، كما حصل على شهادة الماجستير بالعلاقات الدولية من جامعة كامبريدج.
وعمل سمير الرفاعي في الفترة من عام 1988 حتى عام 1997 كمساعد لرئيس التشريفات الملكية، وبعدها عمل مديرًا للمكتب الخاص ومديرًا لمكتب ولي العهد الأمير الحسن بن طلال، وذلك حتى عام 1999 عندما عينه الملك عبد الله الثاني أمينًا عامًا للديوان الملكي.
كما تولى إدارة المكتب الإعلامي ودائرة العلاقات العامة الخاصة بالملك عبد الله الثاني، وذلك حتى عام 2003 عندما عين وزيرًا للبلاط ورئيسًا للديوان الملكي، وإستمر بهذا المنصب حتى نيسان( أبريل) 2005 عندما عين مستشارًا للملك والذي ظل به حتى نهاية العام.
وفي نهاية عام 2005 عين سمير الرفاعي رئيسًا تنفيذيًا لشركة الأردن دبي كابيتال، وظل يتولى هذا المنصب حتى تكليفه بتشكيل الحكومة الأردنية، وكان انتخب في 13 أيار(مايو) 2009 رئيسًا لمجلس إدارة بنك الإنماء الصناعي.
وفي 9 كانون الأول (ديسمبر) 2009 عينه الملك عبد الله الثاني رئيسًا لمجلس الوزراء وكلفه بتشكيل الحكومة،. وفي 22 نوفمبر 2010 أعاد الملك تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة والتي تلت انتخابات مجلس النواب وشكلت الحكومة بتاريخ 24 نوفمبر 2010 .
وكان سمير الرفاعي استقال من منصبه بتاريخ 1 شباط( فبراير)2011ليخلفه معروف البخيت، وذلك بعد عدة أسابيع من اندلاع تظاهرات احتجاجية ضد سياسات حكومته الاقتصادية بالإضافة إلى المطالبة بالإصلاح السياسي
بندر بن سلطان : السعودية ستحد من تعاملاتها مع واشنطن بسبب سورية وايران
(رويترز) – قال مصدر مطلع على السياسة السعودية الثلاثاء إن رئيس المخابرات السعودية أبلغ مبعوثين أوروبيين أن المملكة ستحد من تعاملاتها مع الولايات المتحدة احتجاجا على موقف واشنطن إزاء سوريا وإيران.
وذكر المصدر ان الامير بندر بن سلطان رئيس المخابرات أبلغ دبلوماسيين اوروبيين ان واشنطن أخفقت في التحرك بشكل فعال في الازمة السورية وفي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وانها تتقارب مع ايران ولم تدعم تأييد السعودية للبحرين حين شنت المنامة حملة على حركة مناهضة للحكومة عام 2011.
ولم يتضح ما اذا كانت التصريحات المنقولة عن الامير بندر تحظى بتأييد كامل من العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
وقال المصدر إن هذا التغير في الموقف السعودي تجاه الولايات المتحدة يمثل تحولا كبيرا وإن المملكة لا تريد بعد الان أن تجد نفسها في وضع التبعية.
وأضاف “الامير بندر قال للدبلوماسيين انه يعتزم ان يحد التعامل مع الولايات المتحدة. هذا حدث بعد ان اخفقت الولايات المتحدة في اتخاذ اي تحرك فعال في سوريا وفلسطين.
“العلاقات مع الولايات المتحدة ظلت تتدهور منذ فترة ويشعر السعوديون ان الولايات المتحدة تتقارب أكثر مع ايران كما أخفقت الولايات المتحدة في تأييدهم خلال الانتفاضة في البحرين.”
ورفض المصدر تقديم مزيد من التفاصيل عن محادثات رئيس المخابرات السعودية مع الدبلوماسيين الاوروبيين والتي جرت خلال الايام القليلة الماضية.
لكنه لمح الى ان التغيير المقرر في العلاقات بين المملكة وأمريكا حليفتها التقليدية سيكون له تأثير واسع النطاق بما في ذلك صفقات السلاح والنفط.
كيف اغتالت "إسرائيل" الشهيد محمد عاصي في بلعين؟
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تقريرا مصورا عن عملية جيش الاحتلال التي أسفرت صباح اليوم عن استشهاد الشاب محمد عاصي (28 عاما) من بلدة بيت لقيا بعد مداهمتها لبلدتي بيت نعمة وبلعين غرب رام الله.
وقالت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني "إن قوات الاحتلال شرعت ومنذ الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء في تنفيذ عملية واسعة في قريتي بيت نعمة وبلعين بعد تلقيها معلومات تفيد ان العقل المدبر لعملية الباص المفخخ في تل أبيب العام الماضي يتحصن في أحد الكهوف الموجودة بين القريتين".
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية "أن جهاز الشاباك كان يشتبه بضلوع الشهيد عاصي في التخطيط لعملية نوعية ضد أهداف إسرائيلية، بعد اختفاءه عن الأنظار خلال الأيام القليلة الماضية، وتحصنه في الكهف المذكور، خصوصا وأنه متهم بالتدبير لعملية تفجير الباص وسط تل أبيب والذي أصيب فيه عدد من الإسرائيليين خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة العام الماضي".
وأضاف الموقع في سياق سرده لتفاصيل عملية الاغتيال "وصلت في ساعات الصباح الباكر قوة خاصة تابعة للشرطة الإسرائيلية إلى المغارة التي يختفي فيها عاصي وطالبته بالاستسلام، لكنه رفض ذلك وفتح النار باتجاه القوة المهاجمة التي حاصرت المغارة من جميع جهاتها فرد أفراد القوات الخاصة على النار بالمثل وفي مرحلة متقدمة استخدموا جرافات محصنة ضد الرصاص، ولما رأت تلك القوات صمودا كبيرا من عاصي عمدت إلى إطلاق صاروخين مضادين للدروع من نوع "لاو" داخل المعارة الأمر الذي أنهى المعركة القصيرة باستشهاد محمد".
وبعد انتهاء عملية الاغتيال ذكر شهود عيان حضروا لمكان العملية أنهم وجدوا المئات من الطلقات النارية المطلقة وبقع من الدماء غطت المكان الى جانب بعض صناديق المعلبات التي خزنها العاصي قبل أن تندلع مواجهات عنيفة بين مجموعات من الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال، فيما وصل والد الشهيد للمكان وأكد بأنه لم ير ولده البالغ من العمر 28 عاما منذ أكثر من عام، وإنها المرة الأولى التي يزور فيها المغارة حيث كان يتحصن نجله.
الاثنين، 21 أكتوبر 2013
حماس تعيش ازمة خانقة ولكنها ليست ضعيفة وتستطيع خلط الاوراق...عبد الباري عطوان
لا يختلف اثنان، داخل الارض المحتلة وخارجها، ان حركة المقاومة الاسلامية “حماس″ تعيش ازمة حادة، سياسية واقتصادية، ولكن ما هو موضع خلاف، هو كيفية الخروج من هذه الازمة الى بر الامان، ولو جزئيا ان لم يكن كليا؟
السيد اسماعيل هنية رئيس حكومة قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة حاول اعطاء اجابة على هذا التساؤل المشروع في خطاب قوي مطول وشامل استغرق ساعة ونصف الساعة القاه ليلة السبت، عكف على اعداده عدد من مساعديه، استعان بعضهم ببعض السياسيين في اكثر من بلد عربي واجنبي، ولكن الاجابة لم تكن شافية تماما بالنسبة لبعض المراقبين لبعض جوانب الغموض المتعمد فيه ومحاولة مراعاة الظرف الداخلي الحساس.
ثلاث نقاط رئيسية وردت في هذا الخطاب يصعب علينا تجاهلها، لانها تلخص بعض جوانب الازمة، وتطرح بعض المخارج:
ـ الاولى تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني عندما اعاد التأكيد على ثوابت الحركة من حيث حق العودة واقامة الدولة على كل التراب الفلسطيني التاريخي، ودعوته الى الرئيس محمود عباس الى التعاون المشترك، والعمل معا من اجل تخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في كل الساحات، والبحث العملي في آليات تطبيق اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
ـ الثانية تتناول العلاقات مع مصر عندما اكد ان البندقية الفلسطينية موجهة ضد اسرائيل فقط، مشددا على ان حماس ليست طرفا في اي حوادث تقع في سيناء وانها لا تريد لمصر الا الخير والامن والوحدة والاستقرار ولا نتوقع منها غير الدعم والاحتضان، ودعا الى وقف حملة التحريض والاتهام الموجهة ضد حماس.
الثالثة: تركز على العلاقة مع سورية، عندما قال السيد هنية دون ان يسمّي: “عبّرنا، ولا نزال، عن موقفنا من حيث المبدأ، والتزاما بموقفنا الاخلاقي، مع الشعوب وحقها في الحرية والكرامة، وضد ما يؤدي لسفك دمائها من اي طرف كان”، واضاف “ان حماس لا تشعر انها في مأزق حتى تدفع ثمنا للخروج منه، ولا تندم ان تعتذر عن تلك المواقف المشرفة حتى ترضي احدا، نحن لم نعتد على احد ولم نغدر بأحد، ولم نخطيء في البوصلة والمسار العام”، في رد واضح على الرئيس بشار الاسد الذي اتهمها بالغدر.
كلام السيد هنية كان تصالحيا بالنسبة الى كل من مصر والسلطة الفلسطينية في رام الله، ولكنه لم يكن كذلك مع سورية، وربما ايران ايضا التي لم يرد ذكرها بشكل قوي في الخطاب، الامر الذي يعكس تراجعا عن مسار بدأه السيد خالد مشعل عندما طالب المعارضة السورية بالتخلي عن السلاح، والعودة الى سلمية الانتفاضة واللجوء الى الحوار، واذا لا بد من حمل السلاح فمن اجل توجيهه لتحرير الاقصى، وهو ما عرضه لهجوم كاسح من الجيش الاسلامي السوري، وآخر من قبل الرئيس الاسد الذي اتهم حركته بالغدر.
السلطة الفلسطينية ردت على غصن الزيتون الذي مده السيد هنية اليها بالتجاهل بل والسخرية، وهذا امر يتناقض مع فصائل فلسطينية اخرى مثل الجهاد والجبهة الشعبية التي رحبت به ونقاطه الايجابية، وقال المتحدث باسم حركة فتح السيد احمد عساف، بان الخطاب لم يتضمن اي جديد، واتهمها بتعطيل المصالحة، ويبدو ان ما اغضب حركة “فتح” هو انتقاده للمفاوضات التي جاءت باملاءات امريكية حسب رأيه، اي السيد هنية.
اما الحكومة المصرية فقد التزمت الصمت تجاه هذا الخطاب وتجاهلته، لانها تعتبر حماس عدوا، ولا نعتقد ان ازمة حماس مع مصر ستشهد اي انفراجا قبل كسر الحصار وتضييق الخناق على حليفتها حركة الاخوان المسلمين والافراج عن قادتها المعتقلين واولهم الرئيس محمد مرسي.
لا شك ان نوايا السيد هنية التي وردت في الخطاب كانت طيبة، ولكن النوايا الطيبة ليس لها مكانة في لعبة السياسة المعقدة والبعيدة عن الاعتبارات الاخلاقية في معظم الحالات، ولعل بعض الجهات العربية تدخلت، وطالبت السيد هنية بان يعود الى خط الحركة الاول تجاه سورية والازمة الراهنة فيها، مما يعني ان توجه جناح السيد مشعل قد تقدم على جناح السيد الزهار المتشدد، خاصة بعد فشل الجهود لترتيب زيارة الاول الى ايران، ووضع الرئيس الاسد “فيتو” على عودته الى دمشق، واتهامه حركة “حماس″ بالغدر في رسالة واضحة بعدم التجاوب مع رسائلها التصالحية.
نختلف مع السيد هنية في نفيه لوجود ازمة داخل حماس، ولكننا نتفق معه في انها ليست ضعيفة، فالحركة ما زالت تتمتع بشعبية داخل غزة وفي الضفة الغربية، وتستطيع ان تقلب الطاولة على رؤوس الجميع لو ارادت، للرد على من يضيقون الخناق عليها، ويحاولون قتلها، فما زالت حركة مقاومة، وما زال جناحها العسكري (عز الدين القسام) قويا.
فعندما يلوح السيد هنية بانتفاضة اقصى جديدة فعلى الجميع ان ينصت، لانها قادمة وارهاصاتها واضحة من خلال تزايد العمليات العسكرية في الضفة، والاهم من ذلك ان وضع السلطة ليس نموذجيا، بعد الكشف عن زيادة بنسبة سبعين في المئة في الاستيطان، وعدم تحقيق اي تقدم في المفاوضات بسبب اصرار اسرائيل على الاعتراف بها كدولة يهودية، وعدم بحث قضية الحدود، الى جانب شروط تعجيزية اخرى تفرضها.
حماس بحاجة الى اتخاذ عدة مواقف فورية، اولها الكف عن التصريحات القابلة لتأويلات عديدة، وثانيها عدم تكرار توسلها للحكم العسكري في مصر رغم ادراكنا لقدرته على خنق القطاع اكثر فاكثر، لان هذا التوسل لن يفيد او يجد آذانا صاغية، وثالثها البعد عن ما يسمى بمعسكر الاعتدال العربي وتذكيره بنكوصه تجاهها، والمشاركة في خنقها، حتى لو ارادت عدم العودة الى المعسكر السابق الذي ادارت ظهرها له في شباط (فبراير) العام الماضي عندما غادرت قيادتها دمشق الى قطر ومصر مرسي، معتقدة ان النظام السوري سيسقط وان ايامه معدودة، وايران ستمحى عن الوجود بغارات امريكية واسرائيلية، وهو ما لم يحدث حتى الآن على الاقل وليس في المستقبل المنظور.
السيد اسماعيل هنية رئيس حكومة قطاع غزة، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة حاول اعطاء اجابة على هذا التساؤل المشروع في خطاب قوي مطول وشامل استغرق ساعة ونصف الساعة القاه ليلة السبت، عكف على اعداده عدد من مساعديه، استعان بعضهم ببعض السياسيين في اكثر من بلد عربي واجنبي، ولكن الاجابة لم تكن شافية تماما بالنسبة لبعض المراقبين لبعض جوانب الغموض المتعمد فيه ومحاولة مراعاة الظرف الداخلي الحساس.
ثلاث نقاط رئيسية وردت في هذا الخطاب يصعب علينا تجاهلها، لانها تلخص بعض جوانب الازمة، وتطرح بعض المخارج:
ـ الاولى تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني عندما اعاد التأكيد على ثوابت الحركة من حيث حق العودة واقامة الدولة على كل التراب الفلسطيني التاريخي، ودعوته الى الرئيس محمود عباس الى التعاون المشترك، والعمل معا من اجل تخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في كل الساحات، والبحث العملي في آليات تطبيق اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
ـ الثانية تتناول العلاقات مع مصر عندما اكد ان البندقية الفلسطينية موجهة ضد اسرائيل فقط، مشددا على ان حماس ليست طرفا في اي حوادث تقع في سيناء وانها لا تريد لمصر الا الخير والامن والوحدة والاستقرار ولا نتوقع منها غير الدعم والاحتضان، ودعا الى وقف حملة التحريض والاتهام الموجهة ضد حماس.
الثالثة: تركز على العلاقة مع سورية، عندما قال السيد هنية دون ان يسمّي: “عبّرنا، ولا نزال، عن موقفنا من حيث المبدأ، والتزاما بموقفنا الاخلاقي، مع الشعوب وحقها في الحرية والكرامة، وضد ما يؤدي لسفك دمائها من اي طرف كان”، واضاف “ان حماس لا تشعر انها في مأزق حتى تدفع ثمنا للخروج منه، ولا تندم ان تعتذر عن تلك المواقف المشرفة حتى ترضي احدا، نحن لم نعتد على احد ولم نغدر بأحد، ولم نخطيء في البوصلة والمسار العام”، في رد واضح على الرئيس بشار الاسد الذي اتهمها بالغدر.
كلام السيد هنية كان تصالحيا بالنسبة الى كل من مصر والسلطة الفلسطينية في رام الله، ولكنه لم يكن كذلك مع سورية، وربما ايران ايضا التي لم يرد ذكرها بشكل قوي في الخطاب، الامر الذي يعكس تراجعا عن مسار بدأه السيد خالد مشعل عندما طالب المعارضة السورية بالتخلي عن السلاح، والعودة الى سلمية الانتفاضة واللجوء الى الحوار، واذا لا بد من حمل السلاح فمن اجل توجيهه لتحرير الاقصى، وهو ما عرضه لهجوم كاسح من الجيش الاسلامي السوري، وآخر من قبل الرئيس الاسد الذي اتهم حركته بالغدر.
السلطة الفلسطينية ردت على غصن الزيتون الذي مده السيد هنية اليها بالتجاهل بل والسخرية، وهذا امر يتناقض مع فصائل فلسطينية اخرى مثل الجهاد والجبهة الشعبية التي رحبت به ونقاطه الايجابية، وقال المتحدث باسم حركة فتح السيد احمد عساف، بان الخطاب لم يتضمن اي جديد، واتهمها بتعطيل المصالحة، ويبدو ان ما اغضب حركة “فتح” هو انتقاده للمفاوضات التي جاءت باملاءات امريكية حسب رأيه، اي السيد هنية.
اما الحكومة المصرية فقد التزمت الصمت تجاه هذا الخطاب وتجاهلته، لانها تعتبر حماس عدوا، ولا نعتقد ان ازمة حماس مع مصر ستشهد اي انفراجا قبل كسر الحصار وتضييق الخناق على حليفتها حركة الاخوان المسلمين والافراج عن قادتها المعتقلين واولهم الرئيس محمد مرسي.
لا شك ان نوايا السيد هنية التي وردت في الخطاب كانت طيبة، ولكن النوايا الطيبة ليس لها مكانة في لعبة السياسة المعقدة والبعيدة عن الاعتبارات الاخلاقية في معظم الحالات، ولعل بعض الجهات العربية تدخلت، وطالبت السيد هنية بان يعود الى خط الحركة الاول تجاه سورية والازمة الراهنة فيها، مما يعني ان توجه جناح السيد مشعل قد تقدم على جناح السيد الزهار المتشدد، خاصة بعد فشل الجهود لترتيب زيارة الاول الى ايران، ووضع الرئيس الاسد “فيتو” على عودته الى دمشق، واتهامه حركة “حماس″ بالغدر في رسالة واضحة بعدم التجاوب مع رسائلها التصالحية.
نختلف مع السيد هنية في نفيه لوجود ازمة داخل حماس، ولكننا نتفق معه في انها ليست ضعيفة، فالحركة ما زالت تتمتع بشعبية داخل غزة وفي الضفة الغربية، وتستطيع ان تقلب الطاولة على رؤوس الجميع لو ارادت، للرد على من يضيقون الخناق عليها، ويحاولون قتلها، فما زالت حركة مقاومة، وما زال جناحها العسكري (عز الدين القسام) قويا.
فعندما يلوح السيد هنية بانتفاضة اقصى جديدة فعلى الجميع ان ينصت، لانها قادمة وارهاصاتها واضحة من خلال تزايد العمليات العسكرية في الضفة، والاهم من ذلك ان وضع السلطة ليس نموذجيا، بعد الكشف عن زيادة بنسبة سبعين في المئة في الاستيطان، وعدم تحقيق اي تقدم في المفاوضات بسبب اصرار اسرائيل على الاعتراف بها كدولة يهودية، وعدم بحث قضية الحدود، الى جانب شروط تعجيزية اخرى تفرضها.
حماس بحاجة الى اتخاذ عدة مواقف فورية، اولها الكف عن التصريحات القابلة لتأويلات عديدة، وثانيها عدم تكرار توسلها للحكم العسكري في مصر رغم ادراكنا لقدرته على خنق القطاع اكثر فاكثر، لان هذا التوسل لن يفيد او يجد آذانا صاغية، وثالثها البعد عن ما يسمى بمعسكر الاعتدال العربي وتذكيره بنكوصه تجاهها، والمشاركة في خنقها، حتى لو ارادت عدم العودة الى المعسكر السابق الذي ادارت ظهرها له في شباط (فبراير) العام الماضي عندما غادرت قيادتها دمشق الى قطر ومصر مرسي، معتقدة ان النظام السوري سيسقط وان ايامه معدودة، وايران ستمحى عن الوجود بغارات امريكية واسرائيلية، وهو ما لم يحدث حتى الآن على الاقل وليس في المستقبل المنظور.
الكشف عن تفاصيل جديدة في مفاوضات صفقة "وفاء الاحرار"
في مثل هذه الايام أسدل الستار على المشهد الأخير من قصة "المفاوضات بين الكف والمخرز" التي استمرت على مدار خمسة أعوام خاضتها حركة حماس ضد "إسرائيل" وأطلقت عليها "صفقة وفاء الاحرار"، بينما عرفت (إسرائيليا) بصفقة تحرير الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط".
في الحادي عشر من اكتوبر 2011 وبعد جولات عديدة من المباحثات والمفاوضات غير المباشرة بين حماس و"إسرائيل" توصل الطرفان بوساطة مصرية لاتفاق يقضي بإطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال على مرحلتين مقابل إطلاق حماس الجندي شاليط.
وبحسب صحيفة الرسالة المقربة من حماس: "الوساطة المصرية كانت العنوان الظاهر والضامن لتنفيذ الصفقة، لكن العديد من القنوات والدول والشخصيات الاقليمية، حاولت أن تلعب أدوارا في انجاز الصفقة، ولكن الانطلاقة الحقيقية للمفاوضات والاختراق الابرز تم في قناة خلفية سرية عرفت بـ"قناة غازي -غرشون".
وفي هذا التقرير كشفت الصحيفة كواليس ما جرى في مفاوضات الصفقة ابتداء من أسر الجندي جلعاد شاليط، الذي وقع في قبضة المقاومة الفلسطينية في 25 يونيو 2006، جراء عملية الوهم المتبدد وذلك بعد عدة أشهر من تجنيده في خدمة سلاح المدرعات على حدود القطاع، وصولا الى إبرام اتفاق التبادل.
وسلطت الضوء على أبرز المحطات التفاوضية التي مثلت نمطا جديدا وغير مباشر من المفاوضات بين حماس ودولة الاحتلال غير تلك التي جربتها "إسرائيل" مع منظمة التحرير الفلسطينية منذ مؤتمر مدريد 1993 وحتى اليوم، وسنعرض في التقرير بعض نماذج من المحادثات التي جرت بين الطرفين وتنشرها الرسالة لأول مرة.
المشهد الأخير
نجحت صفقة "وفاء الاحرار" في كسر العديد من الخطوط الحمر والمحرمات (الإسرائيلية) في قضية الاسرى، في سابقة تفاوضية فريدة، بين الاسير والسجان، لكن هذه المرة بشروط الاسير، وبقواعد تفاوضية جديدة في ظل واقع أمني وعسكري وسياسي معقد لا تنطبق عليه النظريات السياسية وموازين القوة في أي معركة .
المشهد الاخير للصفقة في القاهرة اختزل خمس سنوات من المفاوضات والوساطات والقنوات السرية والعلنية، ووسائل واساليب الضغط والترهيب، استعانت خلالها "إسرائيل" بكل قدراتها العسكرية والاستخباراتية ووظفت كل خبراتها التفاوضية وتجاربها السابقة في صفقات التبادل مع جهات عربية وفلسطينية، وجندت علاقاتها الدولية والدبلوماسية، بينما اعتمدت حماس على خبرتها المحدودة والتجارب السابقة للتنظيمات الفلسطينية واللبنانية، واستخدمت سلاح النفس الطويل، الذي كان السلاح الاقوى في هذه المواجهة، مع الاصرار على تحقيق هدف رسمته قيادة حماس العسكرية منذ الايام الاولى لأسر شاليط.
لحظة حسم الصفقة في القاهرة جاءت بعدما نضجت في مطبخ غازي -غرشون، رغم ان المشهد الاخير كان مكانا نائيا أعدته المخابرات المصري للطرفين حيث تواجد وفد حماس في غرفة مغلقة تضم اربعة قيادات من بينهم القائد احمد الجعبري قائد كتائب القسام وصاحب البصمة الكبيرة في المفاوضات والصفقة، وهو اسير سابق في سجون الاحتلال، حيث قاد مفاوضات الصفقة من زاوية نافذة زنزانة يقبع فيها أسيرا لسنوات طويلة، وليس من خلال قاعات الفنادق التي جمعته مع الوسطاء.
وفي الغرفة الاخرى المجاورة كان وفد (إسرائيلي) يضم من بين اعضائه ديفيد ميدان الذي كلفه بنيامين نتنياهو بمتابعة مفاوضات الصفقة مع حماس، بعدما تم استدعاؤه على ضوء خبرته السابقة رغم تقاعده بعد 30 عاما من العمل في جهاز الموساد، وفهمه الثقافة العربية وتجاربه في مجال المفاوضات، بينما كان ضابط المخابرات المكلف من اللواء رأفت شحادة رئيس المخابرات المصرية ينتقل بين الغرفتين لوضع التفاصيل الاخيرة للصفقة، بعدما تمكنت قناة غازي -غرشون السرية من تخطي العقبات الرئيسية والتي مثل طرفيها: غازي حمد وكيل وزارة الخارجية في حكومة غزة، وغيرشون باسكن المدير المشارك للمركز (الإسرائيلي) الفلسطيني للبحوث والمعلومات.
وتعد قناة غازي - غرشون، تجربة تفاوضية فريده رغم أنها غير رسمية منذ البداية، لكنها مع مرور الوقت تحولت الى القناة الاهم في تبادل رسائل بين قيادة حماس، وحكومة الاحتلال في عهد ايهود اولمرت وبنيامين نتنياهو في اطار محالات دفع الصفقة للأمام، بعدما مرت بمراحل جمود، بل وتوقفت تماما في ظل محاولات للتوسط على مدار خمسة اعوام من قبل العديد من الدبلوماسيين ومسؤولي المخابرات في دول كبيرة مثل: مصر وألمانيا وفرنسا وتركيا وبلدان أخرى للوصول الى اتفاق بين "إسرائيل" وحماس لإطلاق سراح جلعاد شاليط، مقابل أسرى فلسطينيين.
البداية .. إشارة الحياة
وعن نقطة البداية واجواء انطلاق مفاوضات الصفقة يذكر د. غازي حمد في شهادته لـ"الرسالة" انه قام بتحرك شخصي منذ اللحظة الاولى بعدما اتصل به غرشون باسكين، وكان المطلب (الإسرائيلي) الاساسي منذ الايام الاولى لأسر شاليط في عملية الوهم المتبدد "إشارة الحياة"، وقد تكرر الطلب (الإسرائيلي) مرارا بضرورة معرفة مصير الجندي قبل الحديث عن مطالب حماس.
تم التوافق على الوسيلة، وأخيرا وصلت الاشارة من كتائب القسام، وهي عبارة عن رسالة من ورقة واحدة مكتوبة باللغة العبرية بخط يد شاليط، وفي غرفة مغلقة اجتمعت القيادات التي تتواصل مع الوسيط المصري، وارتدى كل من حمل الرسالة لكي يقرأها او ينقلها القفازات تحت ضغط اجراءات امنية معقدة، حتى لا يتركوا لأجهزة أمن الاحتلال أي ثغرة يتم من خلالها تتبع خطوط التسليم والتسلم بالتعرف على بصمات الاشخاص الذين تولوا نقلها للمخابرات المصرية. وقد وصف شاليط في أول رسالة له في 9 سبتمبر 2006 احتجازه بكابوس لا يطاق وأنه أسير في غزة : "وحيدا في هذا السجن". وكانت اشارة الحياة الاولى، تبعتها بعد ذلك اشارات اخرى بعضها كان مقابل ثمن مثل الافراج عن اسيرات فلسطينيات.
وبعد رسالة شاليط قدمت حماس مطالبها الاولى عبر رسالة فاكس نقلها باسكين: " ثمن شاليط الافراج عن 1500 من الاسرى الفلسطينيين ؛ ووقف العمليات العسكرية ضد غزة، وفتح جميع المعابر المغلقة، وقد وصلت مطالب حماس هذه عبر باسكين الى عوفر ديكل اول من تولى ملف المفاوضات في قضية شاليط عن الجانب (الإسرائيلي) الا انه بعد ذلك بيومين، تلقى باسكن مكالمة هاتفية من ديكل قال له: "أنت خارج اللعبة، انتهى دورك هنا".
في هذه الاثناء دخل على الخط لاعب جديد من الفريق المصري، حيث فوجئ باسكن بمكالمة في اليوم التالي من نادر الاعصر، القنصل في السفارة المصرية في (تل أبيب) حينئذ، وأحد ابرز المسؤولين في المخابرات المصرية لاحقا، وقد قابل الاعصر باسكن في القدس ليطلب منه مواصلة دوره في التواصل مع غزة، وبحسب باسكين فقد انحنى عليه الاعصر وقال له : "غيرشون.. حماس لا تقبل التفاوض والاتصال مع عوفر ديكل، نحن بحاجة إلى شخص مستقل، شخص يمكن أن ينقل الرسائل، ومن المهم أن تلعب هذا الدور، لا تستمع لهم".
قناة غازي - غرشون
في هذه الاثناء كانت تجري اتصالات غير رسمية بين غازي حمد وغرشون باسكين، ويذكر حمد أنه قام بإبلاغ الاخير بان حماس استجابت للطلب (الإسرائيلي) ويقول: "قلت لغرشون ان إشارة الحياة في طريقها للوسيط المصري، وان هذا الامر يثبت جدية حماس في التفاوض حول صفقة لتبادل الاسرى".
في الجانب الاخر ينقل باسكن في شهادته للصحافة العبرية او تلك التي دونها في كتابه: "تحرير شاليط .. القناة السرية". انه بعد ثلاثة أيام من أسر شاليط تلقى مكالمة هاتفية من مدرس في الجامعة الإسلامية بغزة تربطه علاقات وثيقة مع حماس كان التقاه في مؤتمر أكاديمي في القاهرة، قبل بضعة أشهر، حيث دار الحديث حول الحصار وآثار العملية العسكرية القاسية التي كانت تشنها "إسرائيل" على خلفية عملية أسر شاليط، وضرورة فتح قناة للتواصل مع حماس في غزة، ولخلق حراك، واقترح وسيلة التواصل جهة قريبة من حماس في غزة حيث كانت بداية التواصل مع غازي حمد الذي كان يومها ناطقا باسم الحكومة التي يرأسها اسماعيل هنية وكل ذلك في نهاية أبريل 2006.
من جانبه حاول باسكن استثمار علاقته مع دانا اولمرت، ابنة ايهود اولمرت رئيس الوزراء (الإسرائيلي) آنذاك، في نقل رسائل غير رسمية على مدار الأشهر الثلاثة التالية بين حماس (من خلال حمد)، ورئيس الوزراء (الإسرائيلي) ايهود اولمرت، لتنشيط مفاوضات صفقة تبادل ويقول: "شعرت أن محاولتي للتوسط ونقل الرسائل من حماس لم تلق اهتماما من أولمرت بل أدركت انه طلب من ابنته وقف الاتصالات معي".
لكن في كل الاحوال تم فتح قناة سرية مهمة سيكون لها شأن كبير تحديدا خلال الاعوام 2010 و2011 ولعبت هذه القناة دورا مهما في نجاح صفقة تبادل الاسرى جرى خلالها تبادل رسائل بين قائد القسام أحمد الجعبري ومسئول ملف المفاوضات "ديفيد ميدان"، والنموذج التالي صورة لمحادثة بين حمد وباسكين خلال العام 2011:
Ghazi:
he should not doubt about the intention of Jaabri
Gershon:
especially for people who see themselves as leaders in Gaza - in Hamas - is that once this issue is behind us, the whole development of Gaza will take a positive turn the high unemployment
Ghazi:
Jaabri talk to me as David talk to you
Gershon:
the lack of infrastruture econopmic development etc.
Ghazi:
I agree with you but u know we have 10000 prisoners and most of them didn't see their families since 4 years
Gershon:
No, most of the prisoners have regualr visits and red cross visits all the time
Ghazi:
we should feel with the other side
وللإشارة الى حجم التواصل عبر هذه القناة يقول باسكن متهكما: "أعتقد أن أي شخص يطلع على فواتير هاتفي على مدار السنوات الخمس من عمر المفاوضات سوف يلاحظ ان المكالمات الهاتفية التي تواصلت بها مع غازي حمد أكثر من تلك التي اجريتها مع أي شخص آخر في العالم كله".
مفاوضات تحت الحرب
لا يمكن الحديث عن المفاوضات وقنوات الاتصال والوساطات وتجاهل الاجواء الامنية والعسكرية التي كانت تجري فيها حيث بذلت "إسرائيل" جهودا أمنية استخبارية وعسكرية "مضنية" للعثور على الجندي، بما فيها الوسائل التقنية الإلكترونية الدقيقة، بجانب تشغيل عدد هائل من العملاء والمتعاونين والجواسيس، ووصل الأمر بها لأن تعلن عن منح جائزة تقدر بـ10 ملايين دولار لكل من يدل على مكان أسره، ومع ذلك، فلم يكن لكل هذه المغريات أي أثر أو جدوى.
ولا يخفي د. غازي حمد صعوبة التفاوض حتى عبر قناة غير رسمية وغير مباشرة في ظل هذه الاوضاع خصوصا وأنه كان يتواصل مع قائد القسام احمد الجعبري الذي اغتالته دولة الاحتلال بعد نحو عام من اتمام صفقة وفاء الاحرار، ويضيف: في رأيي الشخصي أنه مع انتهاء صفقة وفاء الاحرار كان هناك قرار (إسرائيلي) بإنهاء الجعبري رحمه الله.
ولا تزال الأجهزة الاستخبارية (الإسرائيلية) تجد صعوبة في شرح أسباب "الفشل المدوي للعمى الاستخباري الذي استحوذ على "إسرائيل" طيلة 64 شهرا"، وهذا الفشل، بحسب محللين (إسرائيليين)، منع "إسرائيل" من تخطيط وتنفيذ عملية لإطلاق سراحه بدلا من الحاجة إلى إجراء صفقة تبادل أسرى مؤلمة "منحت حركة حماس إنجازا عسكريا واستخباريا وسياسيا ونفسيا مذهلا
فقد اعترف رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين بفشله الشخصي. كما أن وريثه في المنصب يورام كوهين اعترف بفشل الشاباك أيضا. ولكن الحديث عن فشل أجهزة، وليس عن جهاز واحد فقط حيث أن الوحدة 8200، وحدة جمع المعلومات المركزية التابعة لشعبة الاستخبارات في الجيش، تتحمل مسؤولية الفشل أيضا وإن كان بنسبة أقل. وحتى رئيس الموساد السابق مئير دغان ومع تركه لمنصبه في مطلع العام 2011 اعترف بالفشل في الحصول على معلومات عن مكان احتجاز شاليط، مشيرا إلى أن ذلك كان الفشل الأكبر في ولايته في رئاسة الموساد.
المصدر، صحيفة الرسالة
إيران تهدي روسيا "سكان إيغل"
طهران تهدي موسكو نموذجاً من الطائرة الأميركية "سكان ايغل" التي استطاعت ايران التحكّم بها واسقاطها منذ حوالي عام، بحيث تسلمّها قائد القوة الجوية الروسية مرفقة بمجموعه أفلام عن رصد إیران للقطع الجوّیة والبحریة الأجنبیة في منطقه الخلیج.
أهدت ایران روسیا طائرة بدون طیار من نوع "سکان ایغل" الأمیرکیة بعد ان اعادت تصنیعها إثر تمکنّها من اصطیاد واحدة منها العام الماضي وإجراء عملیات الهندسة العکسیة عليها.
وقدّم الهدیة الإیرانیة قائد قوة الجو- فضائیة فی الحرس الثوري العمید علی حاجي زاده إلی قائد القوه الجویة الروسیة فیکتور نیکولایفیتش بوندرف مرفقة بمجموعة أفلام عن رصد ایران للقطع الجوّیة والبحریة الأجنبیة في منطقه الخلیج.
وکان نیکولایفیتش قد بدأ الأحد زیارة لإیران تستغرق أربعة أیام یلتقي خلالها القادة العسکریین الإیرانیین ویبحث معهم التعاون العسکري المشترك.
وخلال اللقاء اعتبر المسؤول الروسي أن الحرس الثوري "سبق الزمن فی انجازاته"، مشیراً إلی أن إهداء طائرة بدون طیّار من نوع "سکان ایغل" یدلّ علی هذه الإنجازات.
وكانت إيران قد اعلنت أنها استطاعت "انزال" طائرة دون طيار من طراز "سكان ايغل" في شهر كانون الثاني/ ديسمبر 2012. وكشفت أنها اسقطت طائرات عدة من هذا الطراز الذي يستخدمه الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين.
وقبل ذلك بعام أعلنت القوات الإيرانية عن اعتراض طائرة أميركية بدون طيار من نوع "آر.كيو-170 سنتينل" للمسافات البعيدة وعلى ارتفاع شاهق، وإرغامها على الهبوط بهدوء بينما كانت تقوم بمهمة تجسسّ فوق شرق إيران.
تأكيدًا لتسريبات رصد..تحصين وزيرالدفاع من الرئيس القادم
عن رصد مصر
في دلالة جديدة على صحة التسجيلات التي انفردت شبكة "رصد" الإخبارية بتسريبها من حوار وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي مع رئيس تحرير المصري اليوم ياسر رزق كشف الشاعر سيد حجاب عن وجود اتجاه بلجنة "الخمسين" لمد منصب وزير الدفاع فترتين أو ثلاثة لتحصينه من سيطرة الرئيس القادم.
وقال الشاعر سيد حجاب لـجريدة "الشروق الجديد" أن هناك اتجاه داخل لجنة الخمسين بوضع مادة انتقالية بحيث تختار المؤسسة العسكرية وزير الدفاع لمدة دورتين أو ثلاثة مشيرًا أنه لا بد أن يظل الجيش في المشهد صاحب الكلمة العليا في شئونه وأن النص يهدف لحماية مؤسسة الجيش من سيطرة أي رئيس قادم.
وتابع: "حتى لوكان النص لتحصين السيسي فهو بطل شعبي ويستحق لانه رجل الأقدار والتزم بالإرادة الشعبية".
وكان وزير الدفاع عبد الفتاح السيس قد قال في حوار مع ياسر رزق بحسب التسجيل المسرب لـ"رصد" : يجب أن يقود ياسر رزق والمثقفين حملة لتحصين منصب وزير الدفاع بحيث يمكنه العودة إلي منصبة إذا لم ينجح في انتخابات الرئاسة.
الأحد، 20 أكتوبر 2013
السياسة الخارجية السعودية بين انعدام الرؤية وتبدد الخيارات ...فؤاد ابراهيم
أوحى رجل المهمات الخاصة بندر بن سلطان لأفراد أسرته المالكة بأن ما أنجزه في ملفات المنطقة يقارب الإعجاز في عالم يزداد تعقيداً، فيما تجعل حدّة الاستقطاب السياسي فرص الاختراقات السياسية ضئيلة ونادرة. وحين حلّ ضيفاً استثنائياً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تلا بندر أمامه مطالعة استعراضية لإنجازاته الممثلة في إسقاط الرئيس مرسي في إطار خطة تنسيق مسبقة مع اللواء عبد الفتاح السيسي، وإسقاط حكومة ميقاتي الموصومة بكونها حكومة «حزب الله»، والإمساك بملف المعارضة السورية بشقيها السياسي والمسلّح، وإحكام القبضة على معادلة الحكم في اليمن والبحرين، إلى جانب القدرة التخريبية الهائلة في العراق، والأخطر هو الرعاية الروحية والمالية لمقاتلي القوقاز. اعتقد بندر أنه بات يملك أوراق اللعبة كافة، وأن بوتين أصبح محاصراً ولا يملك أمام قائمة الإنجازات السياسية للأمير بندر سوى القبول بالصفقة التي جاء من أجل عرضها عليه.
غضب بوتين من عبث بندر بمسألة الأمن القومي الروسي بحديثه عن مقاتلي القوقاز، ولكن لم يشأ إبلاغه رفض الصفقة بالجملة، وترك باب التكّهنات مفتوحاً، ما دام ليس هناك حسم مأمول قريباً في أي من ملفات المنطقة. ولكن بندر فهم الرسالة الروسية، وقرر فور عودته الى الديار فتح جبهة جديدة في سوريا، وكانت اللاذقية، التي لم تدم المعارك فيها طويلاً لأسباب تتعلق بمناعة المدينة على الانفلات، ولكن مجرد الاقتراب منها كان رسالة تنبيه الى موسكو بأنه يستطيع ما لا يستطيع غيره في جبهات القتال السورية، وقد يصل الى طرطوس إن تطلب الأمر.
على أية حال، ما كانت تتوهّمه الرياض أوراقاً رابحة، شعرت بعد التسوية الكيميائية بين موسكو وواشنطن بالتنسيق مع طهران ودمشق وكأنها بمثابة شيكات بلا رصيد. تدرك السعودية ومن تجارب سابقة أن ثمة مستويات في الأمن القومي الأميركي تجعل منها وحتى من إسرائيل خارج إطار التحالف الاستراتيجي واتفاقيات الحماية، يبدو ذلك بوضوح شديد في قرارات الحرب والسلم، فالسعودية لم تكن مع إسقاط حكومة «طالبان» في أفغانستان العام 2001، ولا إسقاط نظام صدام حسين في العراق العام 2003، وعلى الضد كانت تراهن، ولا تزال، على حرب مدمّرة على إيران وسوريا، وهي ما تنأى الولايات المتحدة عنه، لأسباب تتعلق أيضاً بأمنها القومي.. والكلام إذاً ينتقل الى مستوى أدنى، لاختبار أداء الديبلوماسية السعودية.
ظهر جلياً أن ما بعد التسوية الكيميائية بين واشنطن وموسكو وتداعياتها على التقارب الأميركي الإيراني، كشف عمق الخلل في السياسة الخارجية السعودية، وتبيّن أنها تعمل وفق رهانات قصيرة الأجل. وبإمكان المراقب أن يحصي تظهيرات الخلل في الأداء السعودي ما بعد التسوية الكيميائية بدأت بصمت الصدمة حيال متغيّر مباغت، فلم يصدر تصريح رسمي يعلّق على ما جرى، وحين استفاقت الخارجية من أعراض الصدمة قدّمت تعليقاً باهتاً خلاصته: أن الأزمة السورية لا تتعلق بالقضية الكيميائية. ثم كرّت سبحة الإرباكات الديبلوماسية: إلغاء كلمة وزير الخارجية سعود الفيصل أمام الجمعية العمومية في الامم المتحدة دون بيان السبب في حينه، وحين صدر توضيح من السفير السعودي في الامم المتحدة جاء مثيراً للسخرية محمّلاً الجمعية المسؤولية لأنها تجاهلت قضية فلسطين، أعقبها إلغاء زيارة الرئيس ميشال سليمان، وكان السبب المعلن هو الوضح الصحي للملك، ومن غرائب الصدف أن الأخير لم يكن بمثل النشاط الذي كان عليه تلك الأيام وهو يستقبل وفود الأمراء والمشايخ والوجهاء في المناطق الأخرى، وثالثاً تأجيل، بنكهة الإلغاء، لزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للحج، التي كان من المقرر أن تختتم بلقاء قمة إيرانية ـ سعودية.
في الملف السوري، بدت ظاهرة الانشقاقات في الجماعات المسلّحة وكأنها مدبّرة، بالنظر الى تزامنها مع الحديث عن مؤتمر «جنيف 2». وكان الإعلان عن «جيش الإسلام» برعاية السعودية، والمؤلّف من عناصر وألوية منشقّة عن الجماعات المسلّحة الكبرى: «جبهة النصرة»، «داعش»، «الجيش الحر» وغيرها، أول مؤشر على جنوح سعودي نحو تخريب بيئة الحل المفترضة. وفي الشق السياسي، أظهر حلفاء السعودية في المعارضة السياسية السورية تشدّداً غير مسبوق حيال «جنيف 2». والرسالة واضحة أن رهان السعودية كان ولا يزال هو مع الخيار العسكري، وإن فشله يعني فشل الرهان بأكمله، وهذا ما تريد إبلاغه للحلفاء والخصوم على السواء. ولكن تبقى المشكلة: من هم على استعداد لخوض حرب معلومة النتائج المدمّرة؟
لقد خسرت السعودية محيطاً إقليمياً كان قبل سنوات متصالحاً معها، ولم يبق أمامها سوى دول إما مصنّفة في خانة الخصوم، أو تكاد تنال وصمة الدولة الفاشلة. وبرغم من إطاحتها حكومة مرسي إلا أن مصر الحالية لم تستعد دورها القومي بعد، وفي تكوين الوعي الشعبي لا تبدو السعودية في المفضّلة المصرّية، فالتاريخ القريب من التنافس على مناطق النفوذ التقليدية حيناً والنزاع غير المباشر أحياناً لا يخدم الأهداف المرسومة سعودياً.. فمصر اليوم، كما يقول الرئيس السوري، هي أقرب الى سوريا منها في عهد مبارك ومرسي على السواء.
أما لبنان فهو ليس أولوية، لأن السعودية لا تزال تنظر اليه باعتباره البوابة الخلفية لسوريا، التي إن سقطت أمكن السيطرة عليهما معاً، ولذلك فإن محاولات صقور «14 آذار» لناحية إيصال صرخات الاستغاثة المطرّزة بالعبارات المذهبية (إنقاذ أهل السنّة في لبنان) طمعاً في أن تصل الى الرياض تتوارى على وجه السرعة في دويّ القنابل والصورايخ في الداخل السوري.. بل إن حليفي السعودية اللدودين التركي والقطري أصبحا خصمين لها في الميدان، وما المعارك الضاربة التي اندلعت على بوابات الحدود التركية سوى رأس الجليد النافر في أزمة العلاقة السعودية التركية.
وفي النظرة الإجمالية لخريطة التحالفات الإقليمية، لا تبدو السعودية في وضع مريح، ولا غرابة حين تسقط الجامعة العربية من الحسابات السعودية، لأن المنظمة هذه تظهير أمين للشلل التام الذي أصاب النظام العربي. واللافت أيضاً، أن العقم الذي يعاني منه هذا النظام طال مركز القيادة، فلأول مرة تبدو الأمة بلا رأس، إن صدقاً وإن كذبا.
لا ريب أن الثورة المضادة بقيادة السعودية حقّقت بعض أهدافها، بأن جعلت من الثورات العربية مجرد وقائع محلية غير عابرة للحدود، وعملت إمبراطوريتها الإعلامية على تصوير الربيع العربي على أنه مشروع إخواني، وأعانت أخطاء نظام مرسي في مصر على ترسيخ هذا الهاجس في المناطق الأخرى (تونس بدرجة أساسية). ولكن في المقابل، لم تسلم السعودية من الأعراض الجانبية لثورتها المضادة، وهي أعراض خطيرة أيضاً، كما العلاج الكيميائي، الذي أفقدها المناعة على المستوى القومي، ما ألجأها الى تسوير حدودها، خشية تسرّب السلاح والأفراد الى داخل أراضيها الشاسعة والمعرّضة لأن تشهد في حال تخلخل بنيانها الأمني والسياسي حرباً شعواء سوف تنتهي بتفكك الدولة، بحسب رؤية روبن رايت في «نيويورك تايمز»، أو ساندرا ماكي في «ناشيونال انترست».
وفق هذه المتغيرات الإقليمية، لم تجد الديبلوماسية السعودية بدّاً من عبور المحيطات، بحثاً عن حلفاء في الساحات الاخرى، ولكن حتى هذه الساحات لها مشاكلها، وتحدياتها، وأيضاً رهاناتها. أوروبياً، تقلّصت الخيارات السعودية حتى باتت باريس دون بقية العواصم الأوروبية قبلتها في الشدائد، وفي إيصال الرسائل الى واشنطن، وحتى لندن التي كانت حليفاً استراتيجياً للرياض لم تعد كذلك منذ قرار مجلس العموم رفض المشاركة البريطانية في الحرب على سوريا، وتركت لغيرها قرار السير في حقل الالغام.
العلاقة بين الرياض وباريس، تبدو لمن شاء أن يقرأ التاريخ ليست استراتيجية، حتى وإن جعل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك منها استثناءً مؤقتاً دفع ثمنه من سمعته، بفعل إغداق السعودية ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري المال عليه. في النظرة العامة، تبدو باريس أكثر تحرراً من عواصم أوروبية أخرى مركزية، كما يلعب اللوبي الاسرائيلي دوراً كبيراً في توجيه السياسات العامة في فرنسا، وهو ما يهب الرياض قدرة على التنسيق مع باريس. سؤال العلاقة بين الدور الاسرائيلي والتنسيق السعودي الفرنسي أجابت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية، فقد تحدّثت صحيفة «هآرتس» في 29 أيلول الماضي عن تقارب اسرائيلي خليجي ضد ايران، في رد فعل على الانفراج في العلاقات المتوترة بين واشنطن وطهران. وكشفت عن محادثات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بين ديبلوماسيين إسرائيليين وديبلوماسيين من السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، وعنوان اللقاء كان القلق من التقارب الاميركي الايراني. وكشفت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي في 2 تشرين الأول الجاري عن سلسلة لقاءات غير علنية جرت في الاسابيع الاخيرة، بين مسؤولين اسرائيليين وآخرين رفيعي المستوى من دول عربية خليجية، لتنسيق الجهود والخطوات ضد ايران. وكانت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي قد أشارت الى حالة الإحباط السائدة لدى «دول الاعتدال في الخليج»، وتحديداً لدى السعودية، من قدرة الإيرانيين على جر واشنطن بما وصفته بالركض خلفهم، من أجل الوصول الى اتفاق وتسوية للخلاف على البرنامج النووي. يضاف الى ذلك ما كشفه إيلي افيدار، رئيس الممثلية الإسرائيلية السابق في قطر، للقناة العاشرة في 3 تشرين الأول الجاري عن اتصالات مع السعودية، وقال إنها ليست المرة الأولى، مشيراً الى ما وصفه «تقاطع المصالح لا يتعلق بالموضوع الإيراني فقط».
مهما يكن، فإن المعطيات المتوافرة حول أداء الديبلوماسية السعودية في الآونة الأخيرة تشي بضياع شبه كامل.. ولأنها لا تملك رؤية استراتيجية لما تريد أن تكون عليه سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية، فإنها، في ظل أحاديث عن تسويات كبرى في المنطقة، تجنح لأن تتحوّل الى أداة تعطيل فاعلة، فلا حل في سوريا، وتالياً لا حكومة في لبنان، ولا حل في البحرين، وتالياً لا حكومة منتخبة، ما يعني بقاء رئيس الوزراء خليفة بن سلمان في منصبه، والأهم من ذلك كله توظيف كل إمكانياتها المالية وشبكة علاقاتها الاقليمية والدولية لمنع التقارب الاميركي الايراني.. ولكن حين يأتي موعد الحصاد تبدو الديبلوماسية السعودية في حال بائسة.
فؤاد إبراهيم
باحث وناشط سياسي ــــ السعودية
غضب بوتين من عبث بندر بمسألة الأمن القومي الروسي بحديثه عن مقاتلي القوقاز، ولكن لم يشأ إبلاغه رفض الصفقة بالجملة، وترك باب التكّهنات مفتوحاً، ما دام ليس هناك حسم مأمول قريباً في أي من ملفات المنطقة. ولكن بندر فهم الرسالة الروسية، وقرر فور عودته الى الديار فتح جبهة جديدة في سوريا، وكانت اللاذقية، التي لم تدم المعارك فيها طويلاً لأسباب تتعلق بمناعة المدينة على الانفلات، ولكن مجرد الاقتراب منها كان رسالة تنبيه الى موسكو بأنه يستطيع ما لا يستطيع غيره في جبهات القتال السورية، وقد يصل الى طرطوس إن تطلب الأمر.
على أية حال، ما كانت تتوهّمه الرياض أوراقاً رابحة، شعرت بعد التسوية الكيميائية بين موسكو وواشنطن بالتنسيق مع طهران ودمشق وكأنها بمثابة شيكات بلا رصيد. تدرك السعودية ومن تجارب سابقة أن ثمة مستويات في الأمن القومي الأميركي تجعل منها وحتى من إسرائيل خارج إطار التحالف الاستراتيجي واتفاقيات الحماية، يبدو ذلك بوضوح شديد في قرارات الحرب والسلم، فالسعودية لم تكن مع إسقاط حكومة «طالبان» في أفغانستان العام 2001، ولا إسقاط نظام صدام حسين في العراق العام 2003، وعلى الضد كانت تراهن، ولا تزال، على حرب مدمّرة على إيران وسوريا، وهي ما تنأى الولايات المتحدة عنه، لأسباب تتعلق أيضاً بأمنها القومي.. والكلام إذاً ينتقل الى مستوى أدنى، لاختبار أداء الديبلوماسية السعودية.
ظهر جلياً أن ما بعد التسوية الكيميائية بين واشنطن وموسكو وتداعياتها على التقارب الأميركي الإيراني، كشف عمق الخلل في السياسة الخارجية السعودية، وتبيّن أنها تعمل وفق رهانات قصيرة الأجل. وبإمكان المراقب أن يحصي تظهيرات الخلل في الأداء السعودي ما بعد التسوية الكيميائية بدأت بصمت الصدمة حيال متغيّر مباغت، فلم يصدر تصريح رسمي يعلّق على ما جرى، وحين استفاقت الخارجية من أعراض الصدمة قدّمت تعليقاً باهتاً خلاصته: أن الأزمة السورية لا تتعلق بالقضية الكيميائية. ثم كرّت سبحة الإرباكات الديبلوماسية: إلغاء كلمة وزير الخارجية سعود الفيصل أمام الجمعية العمومية في الامم المتحدة دون بيان السبب في حينه، وحين صدر توضيح من السفير السعودي في الامم المتحدة جاء مثيراً للسخرية محمّلاً الجمعية المسؤولية لأنها تجاهلت قضية فلسطين، أعقبها إلغاء زيارة الرئيس ميشال سليمان، وكان السبب المعلن هو الوضح الصحي للملك، ومن غرائب الصدف أن الأخير لم يكن بمثل النشاط الذي كان عليه تلك الأيام وهو يستقبل وفود الأمراء والمشايخ والوجهاء في المناطق الأخرى، وثالثاً تأجيل، بنكهة الإلغاء، لزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للحج، التي كان من المقرر أن تختتم بلقاء قمة إيرانية ـ سعودية.
في الملف السوري، بدت ظاهرة الانشقاقات في الجماعات المسلّحة وكأنها مدبّرة، بالنظر الى تزامنها مع الحديث عن مؤتمر «جنيف 2». وكان الإعلان عن «جيش الإسلام» برعاية السعودية، والمؤلّف من عناصر وألوية منشقّة عن الجماعات المسلّحة الكبرى: «جبهة النصرة»، «داعش»، «الجيش الحر» وغيرها، أول مؤشر على جنوح سعودي نحو تخريب بيئة الحل المفترضة. وفي الشق السياسي، أظهر حلفاء السعودية في المعارضة السياسية السورية تشدّداً غير مسبوق حيال «جنيف 2». والرسالة واضحة أن رهان السعودية كان ولا يزال هو مع الخيار العسكري، وإن فشله يعني فشل الرهان بأكمله، وهذا ما تريد إبلاغه للحلفاء والخصوم على السواء. ولكن تبقى المشكلة: من هم على استعداد لخوض حرب معلومة النتائج المدمّرة؟
لقد خسرت السعودية محيطاً إقليمياً كان قبل سنوات متصالحاً معها، ولم يبق أمامها سوى دول إما مصنّفة في خانة الخصوم، أو تكاد تنال وصمة الدولة الفاشلة. وبرغم من إطاحتها حكومة مرسي إلا أن مصر الحالية لم تستعد دورها القومي بعد، وفي تكوين الوعي الشعبي لا تبدو السعودية في المفضّلة المصرّية، فالتاريخ القريب من التنافس على مناطق النفوذ التقليدية حيناً والنزاع غير المباشر أحياناً لا يخدم الأهداف المرسومة سعودياً.. فمصر اليوم، كما يقول الرئيس السوري، هي أقرب الى سوريا منها في عهد مبارك ومرسي على السواء.
أما لبنان فهو ليس أولوية، لأن السعودية لا تزال تنظر اليه باعتباره البوابة الخلفية لسوريا، التي إن سقطت أمكن السيطرة عليهما معاً، ولذلك فإن محاولات صقور «14 آذار» لناحية إيصال صرخات الاستغاثة المطرّزة بالعبارات المذهبية (إنقاذ أهل السنّة في لبنان) طمعاً في أن تصل الى الرياض تتوارى على وجه السرعة في دويّ القنابل والصورايخ في الداخل السوري.. بل إن حليفي السعودية اللدودين التركي والقطري أصبحا خصمين لها في الميدان، وما المعارك الضاربة التي اندلعت على بوابات الحدود التركية سوى رأس الجليد النافر في أزمة العلاقة السعودية التركية.
وفي النظرة الإجمالية لخريطة التحالفات الإقليمية، لا تبدو السعودية في وضع مريح، ولا غرابة حين تسقط الجامعة العربية من الحسابات السعودية، لأن المنظمة هذه تظهير أمين للشلل التام الذي أصاب النظام العربي. واللافت أيضاً، أن العقم الذي يعاني منه هذا النظام طال مركز القيادة، فلأول مرة تبدو الأمة بلا رأس، إن صدقاً وإن كذبا.
لا ريب أن الثورة المضادة بقيادة السعودية حقّقت بعض أهدافها، بأن جعلت من الثورات العربية مجرد وقائع محلية غير عابرة للحدود، وعملت إمبراطوريتها الإعلامية على تصوير الربيع العربي على أنه مشروع إخواني، وأعانت أخطاء نظام مرسي في مصر على ترسيخ هذا الهاجس في المناطق الأخرى (تونس بدرجة أساسية). ولكن في المقابل، لم تسلم السعودية من الأعراض الجانبية لثورتها المضادة، وهي أعراض خطيرة أيضاً، كما العلاج الكيميائي، الذي أفقدها المناعة على المستوى القومي، ما ألجأها الى تسوير حدودها، خشية تسرّب السلاح والأفراد الى داخل أراضيها الشاسعة والمعرّضة لأن تشهد في حال تخلخل بنيانها الأمني والسياسي حرباً شعواء سوف تنتهي بتفكك الدولة، بحسب رؤية روبن رايت في «نيويورك تايمز»، أو ساندرا ماكي في «ناشيونال انترست».
وفق هذه المتغيرات الإقليمية، لم تجد الديبلوماسية السعودية بدّاً من عبور المحيطات، بحثاً عن حلفاء في الساحات الاخرى، ولكن حتى هذه الساحات لها مشاكلها، وتحدياتها، وأيضاً رهاناتها. أوروبياً، تقلّصت الخيارات السعودية حتى باتت باريس دون بقية العواصم الأوروبية قبلتها في الشدائد، وفي إيصال الرسائل الى واشنطن، وحتى لندن التي كانت حليفاً استراتيجياً للرياض لم تعد كذلك منذ قرار مجلس العموم رفض المشاركة البريطانية في الحرب على سوريا، وتركت لغيرها قرار السير في حقل الالغام.
العلاقة بين الرياض وباريس، تبدو لمن شاء أن يقرأ التاريخ ليست استراتيجية، حتى وإن جعل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك منها استثناءً مؤقتاً دفع ثمنه من سمعته، بفعل إغداق السعودية ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري المال عليه. في النظرة العامة، تبدو باريس أكثر تحرراً من عواصم أوروبية أخرى مركزية، كما يلعب اللوبي الاسرائيلي دوراً كبيراً في توجيه السياسات العامة في فرنسا، وهو ما يهب الرياض قدرة على التنسيق مع باريس. سؤال العلاقة بين الدور الاسرائيلي والتنسيق السعودي الفرنسي أجابت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية، فقد تحدّثت صحيفة «هآرتس» في 29 أيلول الماضي عن تقارب اسرائيلي خليجي ضد ايران، في رد فعل على الانفراج في العلاقات المتوترة بين واشنطن وطهران. وكشفت عن محادثات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بين ديبلوماسيين إسرائيليين وديبلوماسيين من السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، وعنوان اللقاء كان القلق من التقارب الاميركي الايراني. وكشفت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي في 2 تشرين الأول الجاري عن سلسلة لقاءات غير علنية جرت في الاسابيع الاخيرة، بين مسؤولين اسرائيليين وآخرين رفيعي المستوى من دول عربية خليجية، لتنسيق الجهود والخطوات ضد ايران. وكانت القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي قد أشارت الى حالة الإحباط السائدة لدى «دول الاعتدال في الخليج»، وتحديداً لدى السعودية، من قدرة الإيرانيين على جر واشنطن بما وصفته بالركض خلفهم، من أجل الوصول الى اتفاق وتسوية للخلاف على البرنامج النووي. يضاف الى ذلك ما كشفه إيلي افيدار، رئيس الممثلية الإسرائيلية السابق في قطر، للقناة العاشرة في 3 تشرين الأول الجاري عن اتصالات مع السعودية، وقال إنها ليست المرة الأولى، مشيراً الى ما وصفه «تقاطع المصالح لا يتعلق بالموضوع الإيراني فقط».
مهما يكن، فإن المعطيات المتوافرة حول أداء الديبلوماسية السعودية في الآونة الأخيرة تشي بضياع شبه كامل.. ولأنها لا تملك رؤية استراتيجية لما تريد أن تكون عليه سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية، فإنها، في ظل أحاديث عن تسويات كبرى في المنطقة، تجنح لأن تتحوّل الى أداة تعطيل فاعلة، فلا حل في سوريا، وتالياً لا حكومة في لبنان، ولا حل في البحرين، وتالياً لا حكومة منتخبة، ما يعني بقاء رئيس الوزراء خليفة بن سلمان في منصبه، والأهم من ذلك كله توظيف كل إمكانياتها المالية وشبكة علاقاتها الاقليمية والدولية لمنع التقارب الاميركي الايراني.. ولكن حين يأتي موعد الحصاد تبدو الديبلوماسية السعودية في حال بائسة.
فؤاد إبراهيم
باحث وناشط سياسي ــــ السعودية
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)