الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الجعبري.. الغائب الحاضر في ذكرى "وفاء الأحرار"

"أنا مطمئن اليوم على حماس، شكلت جيشاً قوياً، وأقر الله عيني بصفقة وفاء الأحرار، و أتمنى أن القي ربي راضياً مرضياً"... بهذه الكلمات عبر القائد أحمد الجعبري عن شوقه للشهادة في سبيل الله بعد أن حقق أهم هدف طالما سعى عليه من لحظة خروجه من المعتقل.
"أسر الجنود والمساومة عليهم" كان هذا الهدف الذي وضعه الجعبري في خطته لما بعد الخروج من السجن أثناء اللحظات الأخيرة داخل المعتقل، يومها عاهد إخوانه المعتقلين على خلفية تنفيذ عمليات "أسر للصهاينة" على المضي قدوما في هذا الطريق.
ومضى الجعبري قي طريق إعادة بناء كتائب القسام، مما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في العام 1998م إلى اعتقاله إلى حين اندلاع انتفاضة الأقصى.
وجاءت انتفاضة الأقصى وأشعل الجعبري مع إخوانه من قادة القسام لهيب المعركة، فكان المسئول عن تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات الجهادية، عندها أصبح على رأس قائمة المطلوبين لـلكيان الصهيوني، و أطلق عليه الصهاينة لقب اسم "رئيس أركان حركة حماس" في دلالة منها إلى مكانته التي يحظى بها في الكتائب.
وتحت ضربات القسام اضطر العدو الصهيوني للانسحاب من غزة في عام 2005م، وخرج الجعبري لأول مرة متحدثا إلى الجماهير الفلسطينية معلنا أن كتائب القسام لم تسقط من حساباتها أي خيار من أجل تحرير الأسرى.
وفي تلك المناسبة خرج الجعبري ليعلن عن إستراتيجية الجناح العسكري لحركة حماس لما بعد الانسحاب، فقال: "أن قضية الأسرى من أهم القضايا الوطنية، وسنعمل على تحريرهم من سجون الاحتلال"، وأردف "وسيبقى سلاح أسر الجنود الصهاينة مشروعاً طالما بقي أسير واحد في السجون".
وجاءت عملية "الوهم المتبدد" ونجت فيها كتائب القسام بأسر جندي صهيوني من قلب دبابته المحصنة في داخل موقعه العسكري، وقتها قال الجعبري "ليس أمام الاحتلال إلا أن يرضخ لمطالبنا"، وبعدها خاضت كتائب القسام العديد من المعارك مع الاحتلال من أجل تحرير الأسرى كان من أبرزها المعركة الأمنية وهي النجاح في الإخفاء والاحتفاظ به حيا، والثانية معركة المفاوضات.
وخلال السنوات الخمس التي كانت ما بين الأسر وإتمام التبادل، كان الجعبري يبعث برسائل طمأنة للأسرى ويقول لهم "أنتم في عيوننا ونقسم أننا لن ننساكم وأننا ساعون ومجتهدون إلى الفعل الذي يوصلنا إلى تحريركم بعون الله، فأنتم في بالي دوماً أيها المعتقلون الكرام الأشاوس الذين شاركناكم هم الاعتقال وألم ومعانة السجان والسجناء".
وأظهر الجعبري خلال المفاوضات لتحرير الأسرى صلابة لم يعتاد عليها العدو في التمسك بحقوقه المشروعة، إذ قدم نموذجا جديدا غير من الصورة النمطية لدى العدو عن المفاوض الفلسطيني، ورفض الجعبري كافة العروض التي قدمها الاحتلال وتمسك بمطالبه المشروعة، وقال كلمته المشهورة "شلت أيماننا إن نسينا أسرانا".
العدو من ناحيته شعر بأنه أما شخصيات مختلفة عن الذين كان يفاوضهم في السابق، ووصف المعلق الصهيوني المختص في ملف شاليط على القناة الثانية الصهيونية القيادي القسامي الجعبري بـ"الـرجل الصعب الذي لا يلين بسهولة".
وبصمود الجعبري وعناده الإيجابي في المفاوضات غير المباشرة تمت صفقة "وفاء الأحرار"، انتزع من خلالها الحرية لأكثر من (1050) أسيرا، وتحرير كافة الأسيرات من السجون حيث أظهر صلابة في الإصرار على المطالب العادلة أمام التعنت الصهيوني، إلى أن اضطر العدو في النهاية للرضوخ للمطالب التي حملها.
وفي يوم التبادل ظهر الجعبري وهو يشرف بنفسه على عملية التبادل فكان بمثابة رسالة قوية للعدو الصهيوني، مفادها "أننا مستمرون في الدفاع عن قضيتنا العادلة".
أبرمت الصفقة ونال الأسرى حريتهم، وعمت الأفراح في سائر ربوع الوطن، أما الجعبري فكان متشوقاً للقاء الله، فبينما كان الأسرى يحتفلون بمرور عاما على تحريرهم كان الجعبري في بيت الله العتيق يؤدي فريضة الحج استعدادا للقاء.
واليوم ونحن نعيش في هذه الذكرى "وفاء الأحرار" التي حطمت فيها كتائب القسام أسطورة "الأمن الصهيوني الذي لا يقهر" تستذكر هذا الرجل الذي كان وسام شرفه القتال في سبيل الله ودوره في هذا العمل البطولي.
لقد غاب عنا الجعبري .. لكن ما زالت صورته حاضرة في كل يوم نستذكر في هذا الإنجاز التاريخي للمقاومة الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق