انقسم الوثائقيُّ إلى جزأين مدةُ كلٍّ منهما 50 دقيقة. تناول الأول التطورات السياسية منذ وصول أنور السادات إلى سدة الحكم في مصر وحتى السادس من تشرين الأول 1973 موعد اندلاع الحرب. فيما تناول الثاني مجريات الحرب منذ انطلاقها وحتى فرض وقف إطلاق النار بتاريخ 22 تشرين الأول، من دون الخوض في حرب الاستنزاف على الجبهة السورية.
متابعة الفيلم ستكون كفيلةً بوضع المشاهد أمام تساؤل أساسي: هل يتحدث صُنّاع الوثائقي عن حرب تشرين ذاتها؟ أبرز ما يلفت النظر أن القائمين على الفيلم تناسوا بشكل شبه كاملٍ وجود سوريا بوصفها شريكاً أساسياً في تلك الحرب، واشتغلوا بطريقةٍ توحي بأن السادات كان يحارب وحدَه. لم نتابع أيّ تفاصيل حول الاستعدادات على الجبهة السورية، ولا حول التخطيط المشترك لشن الحرب. ولم يرِد ذكر الجيش السوري باستثناء مراتٍ قليلة عابرة. فهل سمع صُناع الوثائقي باللجنة العسكرية المشتركة التي تكونت من ستة عسكريين سوريين وسبعة مصريين اجتمعوا في الإسكندرية يومي 22 و23 آب 1973 لوضع الخطط النهائية للحرب؟
ثمة حقائق كثيرة تخصّ التحضيرات على الجانب المصري غابت، أو غُيّبت عن الوثائقي، على سبيل المثال لم يرد أيُّ ذكر للزيارات التي قام بها مسؤولون عسكريون إلى كلٍّ من الجزائر والمغرب وليبيا والعراق، بهدف حشد الدعم العربي، كما لم يرد أيُّ ذكر لزيارة وفد عراقيّ رفيع المستوى إلى القاهرة في آذار 1972 للهدف ذات. فهل شكل ترؤس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين (كان حينها نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة) لذلك الوفد سبباً وحيداً لتجاهل تلك الزيارة رغم صلتها الوثيقة بالحرب؟ وماذا عن دور كوريا الشمالية في تطوير سلاح الجو المصري؟ وعن إرسالها طيارين إلى مصر قبل شهور من اندلاع الحرب؟
الأمر نفسه انسحب على الجزء الثاني من الوثائقي. غابت تفاصيل المعارك على الجبهة السورية، وكأنّ اختراق «خط آلون» الدفاعي الذي كان الكيان الإسرائيلي يقيمه في الجولان، لم يكن مهمةً تماثل بشكل أو بآخر مهمة تدمير «خط بارليف» الشهير على الجبهة المصرية. ومثل سابقه كاد هذا الجزء من الوثائقي يخلو من ذكر الجبهة السورية، باستثناء المرة الوحيدة التي تحدثت عن تراجع القوات السورية أمام الهجوم الإسرائيلي المعاكس. هجوم يقول الوثائقي إنّه كان السبب في اتخاذ السادات قرار التوغل في سيناء رغم معارضة قادته العسكريين، ما سبب خسائر كبيرة للجيش المصري.
وعلى النهج نفسه غاب ذكر المشاركة العربية في الحرب، إن على صعيد إرسال الأسلحة، وتقديم الدعم المالي المفتوح، كما فعل الرئيس الجزائري هواري بومدين إبّان زيارته الشهيرة إلى الاتحاد السوفياتي، أو حتى من خلال انخراط قوات عربية في القتال، وعلى وجه الخصوص المشاركة الفاعلة للمغرب والعراق... كما اختفى ذكر الأردن من الوثائقي، سواء ما كشفت عنه غولدا مائير بعد الحرب بشأن تلقيها تحذيرات من الملك الأردني الحسين بن طلال حول الحرب الوشيكة، أو حتى مشاركة قوات أردنية في الحرب على الجبهة السورية. يضاف إلى كلِّ ما سبق إغفال الوثائقي ذكر استخدام العرب لحظر النفط كسلاحٍ فعّال في تلك الحرب.
ثمة ملاحظات كثيرة تستوجب التوقف عندها في الفيلم، تتجاوز تغييب بعض الحقائق. على سبيل المثال، تمّ تخصيص مقطع لرقيب إسرائيلي يدعى آفي يافي، يتحدث فيه عن تعرضه للحصار، وقيامه بكتابة وصيةٍ إلى زوجته يخبرها أنه لا يريد الموت، ثم قيامه بالاستماع إلى الموسيقى وسط المعركة... فيما يعرض الفيلم بالتزامن مع ذلك شهادة مصرية تؤكد وجود تعليمات حينها بقتل كل جندي إسرائيلي، حتى من يعلن استسلامه. وللمشاهد الآن أن يقارن بين ذلك العصفور الإسرائيلي المصغي إلى الموسيقى، وبين الجيش المصري المتعطش للقتل. وتكثر الأمثلة المشابهة في سياق الفيلم، ومنها وصف الحرب بـ«المأساة التي كان يجب تجنبها». أمّا أبرز ما يستدعي التوقف عنده طويلاً فهو ما ورد في الدقيقة الخامسة من الفيلم خلال الحديث عن مسيرة غولدا مائير، وحرّفيّتُه: «لتنتقل إلى فلسطين في العشرينيات وتقاتل ضدّ الاحتلال البريطاني»! نعم...؟ حدث ذلك على أثير محطةٍ "عربية"!
http://www.youtube.com/watch?v=u6w9XVM8Jec
الجزء الثاني
http://www.youtube.com/watch?v=LqdzM1myFr8
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق