الأخ القائد العام، والأمين العام، والمؤتمن العام
أخي الأجلّ الأكرم فاروق القدومي «أبو اللطف» حفظه الله وسدَّد خطاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أيها الأخ العظيم، أيها الأخ الأكبر، أيها السنديانة الفلسطينية في شموخها، والزيتونة الفلسطينية في عطائها، والنخلة الفلسطينية في ديمومتها وقدمها، أيها المارد «الفتحوي»، أيها الضمير الساهر، أيها الفينيق الخالد، أيها الأب والقدوة، أيها الإخلاص للقسم والعهد، السلام عليك.
أعلم أنك غير راغب في الألقابْ، ولا أنت بساعٍ إلى شجر الأنسابْ، أما الأولى : فلأنك على عمل ونضالْ، ومقارعة النصالْ، تمشي لها على قدمْ، وتطوف لأجلها بعالي الهممْ، وتنطق في كل محفلْ، بما هو عليه العهد من قدمْ، لم تبدّل ولم تغيّرْ، ولم توهم ولم تتوهمْ، حسبت أقصر الطرق إلى الحقوقْ، وحفظت أنصع السير في مغالبة الحرائق والحروقْ، فكنت على بصيرةْ، وكنت على أداء فرض وشعيرةْ، لم تفرّط، ولم تورّطْ، ولا استقدمت على ضلالْ، ولا استنصرتْ على خبالْ، فما بال الناس لا تستطيع فيك إلا الإيمان والإعجابْ، والاقتداء والانتسابْ، لأنك أخ الثائرينْ، وأب المتبعين إلى يوم الدينْ، وأما الثانية : فلأنك في جذور فلسطين ضاربْ، ولأنك لحريتها طالبْ، ولأن رصيدك في الجذور العفيةْ، ألف وألفان سنيةْ، ولأن رصيدك في السماء غالبْ، شهداء ورجال لو عادوا لظلّوا في سبيل فلسطين طلّاب منيةْ، في سبيل الله جهادْ، ومن أجل قدسه، وغلبة أمره بيعة واعتمادْ، لا شبهة ولا تشبيهْ، رحلوا عنا فائتمنوك على الوصيةْ، وقمت عليها حافظاً، أميناً، وأديّت بنفس رضيةْ، جوهرُ ما أنت عليه لا يغادرُ الشهادةْ، يا آخر الكبار الذين هم مشروعها فوق العادةْ، أيها الشهيد الحيّ، عليك من الله أفضل السلام.
أخي ووالدي العظيم،
مشاهد التاريخ عائدةْ، ننظرها ونرقبها في عودتها الجديدةْ، في عهد النبوة كان الصدق عمودها الأساسْ، وقد قالوا جميعاً «ما عهدنا عليك كذباً قط» وأمّن الناسْ، وفي يوم عترة النبّوة وبيتها الكريم الأكرمْ، كان الحقُّ هو الممتحنْ، فصبر بوابة العلمِ ابن عم النبيّ الأكرم دهراً وما افتتنْ، وانصاع طلّاب الدنيا إلى ظلمٍ وظلامةْ، غطّوها ببعض معاذيرٍ في أسباب السلامةْ، وأنت على إثر من صبر واحتسبْ، ولست على إثرِ من باعَ وانتسبْ، وما هي إلا بضع سنينْ، حتى كان يوم «كربلاء»، وفرز الإرث بين الصادقينَ، وبينَ حملةِ شعاراتِ الوقت والدين، أساس مشهدها الظلمُ والمظلوميةْ، وأولها تواعسُ النفسِ في غلبةِ الوساوس على اليقينْ، وبقيت «كربلاء» تدورُ وتدورُ، وتأتينا كلَّ عصرٍ بثوبٍ فيهِ سفورْ، وهي تشهدُ على ما قال خليل ربه في تكذيب الصادقْ، وتصديق الكذّابْ، وتخوين الأمينْ، وتأمين الخونةِ وتقديمِ المفلسينَ ومدّعي العصر في المشعوذينْ، وهي تعودُ من جديدٍ كما حذّر أخوك خالد الحسن دوماً، أخشى أن تكون الخيانة وجهة نظرٍ يوماً، لا شيء يقلقُ في عودتها، وكلُّ القلقِ في المقادير التي قدرها اللهُ على الناسِ يوم أفولها وغربتها.
أخي وقائدي الكريم،
أما حظُّكَ في الأخوّة فوافرْ، وأما حظُّك في المحبةِ فناشرْ، وأما حظُّك َ في المذهبِ والملةِ فقادرْ، تقولُ بالبقاء على الجمرِ، واقتفاءِ الخطو والأثرِ، ونحن معك على درب أخوتنا الشهداءْ، لا نقيلُ ولا نقالْ، نقاتلُ في سبيل فلسطينَ حتى على العقالْ، لن نهدأ ولن نستكينْ، وقد بعنا لله وما بعنا لا للسمعةِ ولا للرنينْ، أعدتُ على مسامعكَ الشريفةَ، «رأيتُ الناس منفضةْ»، حتى لا تحزنَ فيما تراهُ من بعض مشاهد غير نظيفةْ، وأمنّت أنك لا تريدُ للناسِ أن يعدموا فرصةً لاستنشاق الهواءْ، وهم يا أخي ما حاصروا اللقمةَ، والوسادةَ فقط، بل حاصروا هذا الهواء ومعه أغلب الماءْ، والمعادنُ على نيرانها تستوي، فلا يبقى منها الأخلاطُ ولا ما حادَ وغوي، أما الذين ذهبوا إلى العارِ بخيارْ، فهؤلاء ما انفكوا في كل كربلاء التجّار وأتباع السمسارْ، يدعونَ على عوالي الهمم والهاماتِ بتجارة الدمْ، ومرحى لتجارةٍ مع اللهِ تبقى على العهد والقسمْ، ويدلفونَ إلى الشبهاتِ، والشهواتِ، والموبيقاتِ، ولا يستحونَ أن يطلقوا عليها الجنّات، والسّاحاتِ، والصالحاتْ، هكذا هو الشيطان وعبّادهُ في التزيين والغوايةْ، لا شيء فيه جديدٌ لم نحطه بدرايةْ، يسيرون في جنازةْ، ويدّعون أنها الحفلُ ويبرّرونها بقلة الحيلة والعازةْ، فهل بهؤلاء تنتصرُ الأوطانْ؟، وهل بهؤلاءِ يؤمنُ العقلُ ويطمئنُ الوجدان؟
أخي الأجلّ الأكرمْ،
كنّا نظنُّ الناس قد نسواْ أصلَ الحكايةِ في التجريبْ، فإذا بالتذكيرِ موعدٌ للكفر وعنادهِ، وَتمترسٌ في الغيِّ والتخريبْ، فلا تخدعنَّ نفسكَ في «يهوذا» وما فعلْ، وعندكَ الأخوة والأبناءُ والمؤمنونَ كثرٌ على ساحةِ القولِ والعملْ، درعهم وصية الشهداءْ، وحصنهم منبت الأنبياءْ، رجالٌ في سبيل فلسطينْ، كلِّ فلسطينْ، تعودُ إلى ما قبلَ ما ركنَ في الطريقْ، ولا ترجو سوى رضا الله على مغالبةِ الحريقْ، من عادَ لمنهلِّ الشرفِ عادَ إلى أخوة لهْ، ومن أصرَّ على البغيِ والعجز والهوانِ، بقي على خيارٍ لنفسهِ اختارَ وانجرفَ لهْ، بايعتك العاصفةُ «العاصفة»، وبايعتكَ الكتائبُ «الكتائب»، والناس أدرى بهم وبحالهمْ، ينشدونَ فصيح النشيد مع اللهبْ، ولا ينتحلونَ كما يفعلُ العدو في سرقتهِ، فيغيّرون في موسيقاهُ خشية العدو من الغضبْ، هانوا فما عادوا يعلمون أنفسهمْ، واستكبروا فما عادوا يدرونَ أخمصهمْ، طغى على خيالهم السرّاقُ وحفّأروا القبورْ، وطحالبُ المعبدِ التي تناسلت على مرِّ المواقع والدهورْ، لا يحسنون إلا ترقيص الألسنْ، ولا يظهرونَ إلا بتلميعِ الأصباغ للأوجه والأعينْ، فلا تبتأس أخي من عودة إلى قلةٍ مؤمنةٍ ينصرها اللهْ، وهل كانت منذ الدهرِ إلا على هذه الصورةِ وهذا الأمر في منتهاهْ!، أما كانت حافظةُ الكرامةِ بمائة قد غلبوا ألفينْ، فاللهَ اللهَ في مستقرِّ الصدقِ، والإيمانِِ، والرحمةِ للصدقينْ، إما النصرُ وإما الشهادةْ.
أخي الأصدق الأعظم،
أخي فاعلمْ، لا وارث ولا وريثَ إلا في البندقيةْ، ولا عهد ولا قسمَ إلا مع أبناء «الغلاّبة» الأبية، فلا تلق بالاً لمن يهدّد الشرعيةَ، ووارثة العهدِ والوصيّة، وصانعةَ الطريقِ والمسيرةْ، بفاقدة النصّاب في كلّها أو جلّها، وهم في كلِّ ساعةٍ يحتاجون جبيرةْ، يريدون ما أرادوا بصاحبك مرةً، ليخرجوك أو يأسروك أو يقتلوكْ، وقد قلت ما قاله على الملأ كلّ مرةْ، شهيداً..شهيداً....شهيداً، فما أعظم قوة الصدق وعنفوانهْ، يعايرونك أنك قد أخفيتَ أمر اتهام كي تتثبّتْ، وهم يطلقونَ آلافَ التهم من غير منطق ولا منبتْ، فكيف كان إذنكَ إذن على بدعةِ التجربةِ النفاثةْ!،
لماذا ينسونَ صبركَ على تهافتهم إلى ضلالٍ بيّن بالضعف منها ثلاثةْ!، يعايرونك أنك ما فتأت تصطلي على حال الديبلوماسيةْ، لأنهم يجهلونَ كيف كانت حرب الهويةْ، لأنهم ما زرعوا زرعك في بلد الدنيا معيناً ساكن الطائرةِ الذكيةْ، لم يعرفوا كيف افتتحت فلسطين لها البيوت في أرض الناسْ، وكيف سكنها منتدبون عن الثّوار لحراسةِ المآذن والأجراسْ، واليوم وقد حوّلوا معظمها إلى مزارع وأوكار، وقاموا على لبنها في عصبة من الأشرارِ والتجّارْ، لا يريدونها كما كانتْ، ولا يريدون شيئاً كما كانْ، لأن «الاستحمار» قد بلغ مداهْ، ولأن «مسيلمة» قد عمّ بلاهْ، ما كان لهم في التأسيسْ، ولا كانَ لهم في التكريسْ، يعرفهم «جيفارا»، وقد وصفهم يوماً «بمصاصي القذارة» يسمّون الثورةَ التي فتحت لهم باب السير بحذاء إيطالي ثمنه يتجاوز آلاف اليوروات، من دماء الشهداء وقوت الأرامل والأسرى والمخيّمات، بأنها عبثية وأنها جريمة يعتذرون عنها، ويسمّون أصل ما قامت عليه هذه الثورة من أجل العودةْ، باتفاق يتفاهم عليه بين القاتل ومن يدّعي تمثيل الضحيةْ، ويسمّون تنظيم السير في شوارع نابلسْ، بأنها دولة اللاجئين والجماهيرْ، ويصنعون صحن «الكنافة» ليدخلوا الأرقام الدولية، بعد أن عجزوا عن صنع ما كانت تقوم به في عهد بسام الشكعة «بلدية»!،
أرأيت أخي؟ يرسبون في كل الاختباراتْ، ويدّعون نيل مراتب التفّوق والإنجازاتْ، أغير إنجاز الشحدة الدولية، واغتيال ملامح الكوفيةِ عندهم! بعد أرقام الدولية عند (جنس) وغيرها في الكرامة، والعطاء، والثورة والإباء، صارت الأرقام في صنع «الكنافة»، وبطاقات المرور على الحواجز إلى الخلواتْ، فلا تلي ترتقبْ، ولا تأس على ما ترتغبْ، رحمها ولاّدة للثوارْ، أو نسيت ما كان يردده الشهيد أبو عمارْ؟!..
أخي الحبيبْ،
في تموزغسان وناجي، أعلمك أن أخاً لهم يناشدكَ أن لا تنتظر على فكِّ الأحاجي، قلناها ونعيدها لمن لم يسمع، لفلسطين نغني ولغير الله لن نركعْ، وللأخوة الذين قالوا إنك من أخوتكم بوحيدْ، نقول لهم «لا» وألف لا، فما هو بالذي نسلمه ولا نخذله ولا نكذبه، نحن لفلسطيننا ولفتحنا على طريقها جنود، وغيرنا «لِفَتْحَتِهم» وما اختاروا فيها قعودْ، ولا شبرَ فيه تفريطْ، ولا عهد شهيد ولا أسيرٍ فيهِ تثبيطْ، فلسطين كلّها مهما طال الزمانْ، معك أخي وعهدنا للأبناء والأحفاد والأجيال عليها لا نغادرُ، ههنا سنبقى على الزنادِ والقلمْ، وههنا سنقدّم الأرواح في سبيل فلسطين عاليةً بين الأمم، ليست رخيصةً ولا بضاعةْ، لا تذلّل ولا توسّل ولا شفاعةْ، وسيعلمُ الناسُ أيُُّ الرجالِ أخوتكم في هذه الجماعةْ.
وكما بدأت عليك بالتسليم، أختم بالدعوة لك بالنصر والتمكينْ
عليك من الله أفضل السلام وأزكى التحيات والتكريمْ
أخوكم وابنكم
أيمن اللبدي
الرياض - 26 رجب 1430 هـ الموافق 19 تموز 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق