عاد أبو ماهر غنيم إلى أرض الوطن يحف فيه أبو مازن، عاد من الشرق متجهاً إلى الغرب تحت ظلال علم إسرائيل، إنها الطريق الطويل الفاصل بين الجذر والثمرة، بين الدم والسلامة، وبين الضحايا وصرخاتهم، لقد عبر أبو ماهر الطريق الذي حلم أن يعبر منه يوماً على هيئة الفاتحين المنتصرين مكللاً بالغار، عبر أبو ماهر غنيم الطريق تحت حراسة الجندي الإسرائيلي، عبر على دم الشهداء الذين عاهدهم أنه لن ينكّس رأسه يوماً، وأنه لن يمر من تحت سيف إسرائيل المشهر، غرّب أبو ماهر غنيم مكرهاً، ليقدم أوراق غربته عن الوطن إلى الضابط الإسرائيلي وفي أذنيه تصنُّ كلمات الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة في قصيدته التي وقف لها أبو ماهر مصفقاً، ومهللاً، ومرحباً بالشعر الذي يعبر عن الواقع الفلسطيني المتحرق على الكرامة بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو، الاتفاقية التي وقف ضدها أبو ماهر غنيم، وقال فيها الشاعر عز الدين المناصرة :
أيها البدوي الذي قد توسّد عشب الحرير
تشككت لما رأيت قماش العلم
باهتاً مثل هذا الضجيج الذي لا يهز القبور
أين عروة مخلاتهم والشعير
إذا نام مهري وناموا على طاولات المدى
وأنا لم أنمإذا غربوا دونما فشك أو هدير!!!
أخيراً ترك أبو ماهر غنيم الهدير للدبابات الإسرائيلية، فلم يعد يسمع إلا هدير المفاوضات، أما فشك المقاومة الفلسطينية فقد تكفل بتصفيته الجنرال كيث دايتون، فأهلاً وسهلاً بعودة البطل الميمونة إلى أرض فلسطين، لأن العودة إلى فلسطين حق لكل فلسطيني، ويجب ألا يحرم منها أحد أكان يؤيد أوسلو أو يحتقر أوسلو، ومن الجريمة أن تكون العودة إلى الوطن انتقائية، وأن تكون لأغراض سياسية، وأن تصير العودة نقطة مساومة ومفاوضة للتخلي عن الأصول التي من أجلها كانت الانطلاقة سنة 1965، وكان فيض الشهداء، وكانت أنّات الأسرى المكظومة، وعذابات الثاكل، وكانت الثورة، وكان الحلم يلمع بين نجمتين معلقتين في سماء الوطن والشتات.
لكم تمنى شعبنا الفلسطيني أن تكون عودتكم لها دوي الكرامة، وصوت الأمل، ولون التضحية التي قضى من أجلها الآلاف والآلاف، يوم نزفت الوديان، والجبال، والسفوح، يوم صار العذاب دمعاً يقطر من الجرح المفتوح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق