الأربعاء، 8 يوليو 2009

ضوء بايدن الأخضر.. أم خط مولن الأحمر؟ ....عريب الرنتاوي


بدا نائب الرئيس الاميركي جو بايدن كمن يعطي إسرائيل ضوءاً اخضر كي تهاجم ايران ، عندما صرّح لقناة «آي بي سي» الأمريكية بأن ادارة الرئيس باراك اوباما لن تقف في وجه قرار إسرائيلي مماثل ، واصفاً سلوكاً عدوانياً من هذا النوع ، كفعل من أفعال السيادة تقرره دولة مستقلة بما يخدم مصلحتها ، الأمر الذي «حيّر» المراقبين ودفعهم للتساؤل عمّا إذا كانت «حليمة قد عادت لعادتها القديمة في التهديد والوعيد» ، لا سيما أن حبر خطاب القاهرة التصالحي لم يجف بعد ، كما لم تجف الوعود التي أطلقها البيت الأبيض منذ أن دان لإمرة أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية.

بعض المعلقين أدرج تصريحات بايدن في سياق زلة اللسان ، مستنداً إلى واقعة أنه أدلى بها تحت إلحاح الأسئلة الصحفية التي أُمطر بها ، والبعض الآخر رأى فيها تعبير عن «انقسام» حاد داخل البيت الأبيض حول الموقف من إيران أولاً ، ومن صراعها مع إسرائيل في المقام الثاني ، حيث يقف الرئيس ونائبه على ضفتين متقابلتين حيال هذه المسألة ، والبعض الثالث رأى أننا أمام لعبة تقاسم أدوار ، هدفها توفير أفضل استخدام لتكتيك العصا والجزرة حيال إيران ، حيث يتقمص الرئيس بموجب هذا السيناريو دور «الشرطي الجيد» فيما يتولى نائبه القيام بدور «الشرطي السيئ».


والحقيقة أننا لسنا ميّالين لحكاية زلة اللسان ، خصوصاً حين تصدر عن رجل بحنكة وخبرة بايدن ، جيء به إلى الموقع للتعويض عن نقص خبرة الرئيس في السياسة الخارجية ، ولا نحن ممن يعتقدون بأن إدارة أوباما مقبلة على فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط ، ومع «عدو» بحجم إيران ، وهي التي لمّا زالت تجرجر ذيول الخيبة بعد ، من العراق وحتى الباكستان ، وأغلب الظن أننا أمام تكتيك يزاوج ما بين العصا والجزرة ، ويريد أن يبقي سيف التلويح باستخدام القوة مشهراً على الأقل ، إن تعذر استخدام القوة ذاتها ، في المدى المنظور على أقل تقدير.
هي لعبة خطرة ، قد يصعب السيطرة عليها ، وربما تقرأها أطراف عربية وإقليمية على غير ما يراد منها وبها ، وربما يفسر ذلك جزئياً ، ما تردد خلال الساعات القليلة الماضية من أنباء وأنباء مضادة عن فتح مجالات جوية وممرات مائية أمام الطائرات والغواصات الإسرائيلية ، وأحاديث عن توافقات إقليمية خارجة عن المظلة الأمريكية ، وسائرة على طريق توجيه ضربة عسكرية لإيران ، وربما هذا ما يفسر أيضاً التسريبات التي تتحدث عن «بنك الأهداف» التي ستضربها إسرائيل وتوقيتات محتملة لعملية عسكرية من هذا النوع.
نائب الرئيس بدا نشازاً وهو يدلي بتصريحاته الاستفزازية تلك ، أو بالأحرى بدا كرجع الصدى لجون بولتون ، وفي ظني أن أحداً في واشنطن ، من أركان الإدارة الحالية ، لا يرغب في قرع طبول الحرب ، أو يتمنى أن يرى المنطقة تنزلق في أتون حرب شاملة جديدة وهي التي لم تطفء بعد نيران حروبها السابقة ، ونتمنى أن تكون التصريحات التي أدلى بها رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية الأميرال مايكل مولن يدلي في توقيت متزامن مع تصريحات بايدن ، والتي عبر فيها عن القلق من مخاطر خطوة كهذه ، معتبراً أن شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الايرانية قد يكون مزعزعاً جداً للاستقرار ، داعياً إلى استبعاد الخيار العسكري ، نتمنى أن تكون تصريحات مولن وشروحات الناطق البيت الأبيض على متن تصريحات بايدن ، قد رسمت خطاً أحمر لإسرائيل ، وعكست الموقف الحقيقي للإدارة الأمريكية ، فالضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران إن وقعت ، ستفتح أبواب المنطقة للجحيم ، وستضيف إلى حروبها وصراعاتها وأسباب التطرف فيها ، أسباباً وعوامل إضافية ، هي في غنى عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق