الأحد، 12 يوليو 2009

نداء إلى شرفاء «فتح» وحركة «حماس» ....شاكر الجوهري


حقيقتان تفرضان على كل من شرفاء حركة «فتح» وعموم فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي المقدمة منها حركة «حماس» اتخاذ موقف عملي موحد يعمل على إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية بدون محمود عباس وسلطته في رام الله.
الحقيقة الأولى : فقدان الأمل في امكانية تفاهم شرفاء «فتح»، وفي المقدمة منهم فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية للحركة، وعدد من أعضاء اللجنة، وغالبية كوادر واعضاء الحركة، مع عبّاس على أية مواقف يمكن أن تمثل قواسم مشتركة.
الحقيقة الثانية : فقدان الأمل في امكانية التوصل إلى مصالحة بين حركة «حماس» وسلطة عبّاس في رام الله.
فعباس يواصل العمل على استكمال اختطاف حركة «فتح» تنظيمياً بعد أن اختطف قرارها سياسياً منذ توليه السلطة، وانقلب على ثوابت الشعب والقضية الفلسطينية.
وتعبيراً عن استعداده للتنازل عن كل هذه الثوابت بما تمثله من تعبير عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني والأمة العربية، عبّر عبّاس مؤخراً، وعبر تصريحات علنية، عن نقده للرئيس الراحل ياسر عرفات لرفضه قبول تقديم التنازلات التي طلبت منه في مفاوضات كامب ديفيد أواخر عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، بحضور ايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل في حينه.
وعبر ذات التصريحات، أعلن عبّاس بكل صراحة، أنه يهدف من عقد المؤتمر العام لحركة «فتح» داخل الأراضي المحتلة إلى إعلان حركة «فتح» حزباً للسلطة..!
بهذا التعبير يسعى عبّاس إلى مواصلة خداع السذج من اعضاء الحركة، وحتى غير السذج منهم، وعلى قاعدة المثل الذي يقول إن «المحتاج أهبل».
يريد إغراءهم بالمزيد من مكتسبات السلطة.
هنالك فرق كبير جداً بين أن تكون السلطة سلطة «فتح»، وأن تكون «فتح» حزب السلطة.
أن تكون السلطة سلطة «فتح» يعني أن يتم بناء السلطة على قاعدة المنطلقات النظرية لحركة «فتح»، وفي المقدمة منها التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح للاحتلال.
أما حين تصبح حركة «فتح» حزب السلطة، فهذا يعني أن تتخلى الحركة عن ثوابتها ومنطلقاتها لصالح رؤية السلطة ومواقفها.
وأية رؤية ومواقف هذه التي تقوم على حكومة يرأسها سلام فيّاض، ونقد رفض التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني في القدس، وفي قضيتي اللاجئين والحدود، التي ختم عرفات حياته مضحياً بها دونها، وعلى أساس من التفريط الذي تم توثيقه مقدماً في تفاهمات «عبّاس ـ بيلين»، و«وثيقة جنيف» التي وقعها ياسر عبد ربه حليف عبّاس الأوثق..؟!
وعبّاس الذي يعمل على تغيير حركة «فتح» وتحويلها من حركة مدافعة عن ثوابت الشعب الفلسطيني، إلى حركة تتنازل عن كل الثوابت والحقوق الفلسطينية لا يؤمل منه لحركة «حماس» غير ما يخطط له لحركته..!
ثم إن نظام الحكم في مصر الذي يرعى الحوار بين سلطة عبّاس وحركة «حماس» هو الذي وقف وراء جميع التنازلات التي قدمت من قبل ياسر عرفات من قبل، ومحمود عبّاس من بعد، على طريق التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية بدءاً من تجريم الثورة والفعل الثوري، ومقاومة الاحتلال، ونبذه باعتباره ارهاباً، وصولاً إلى الفصول الأخيرة التي نعاصرها هذا الأوان.
لقد كانت مصر أداة الحصاد السياسي للعدوان الإسرائيلي منذ اجتياح لبنان سنة 1982 وإخراج مقاتلي الثورة الفلسطينية منه وتشتيتهم في ارجاء العالم العربي. وهذا تحديداً ما تفعله مصر بعد العدوان الإسرائيلي مطلع العام الحالي على قطاع غزة.

إسرائيل تشن العدوان، ومصر تحصد نتائج العدوان..!

وعليه، فإن إدانة الانتظار السلبي الذي يمارسه عبّاس بأمل أن تجود عليه إسرائيل ببعض ما يمكن أن يتبقى من حقوق للشعب الفلسطيني، يفرض عدم ممارسة انتظار سلبي آخر من قبل حركة «حماس» وشرفاء «فتح» وعموم فصائل المقاومة الفلسطينية، بأمل أن تتحقق مصالحة بينها وبين عبّاس المنقلب على حركته، وعلى ثوابت الشعب الفلسطيني.
هذا أوان الفرز، والكف عن الخلط المدمر للأوراق في الساحة الفلسطينية.
لقد فرز عبّاس مواقفه وسياساته عن أهداف وثوابت ومقاومة الشعب الفلسطيني، ومارس العداء لكل ما هو مقاوم، وتحالف ليس فقط مع اميركا وإسرائيل ضد شعبه، لكنه تحالف كذلك مع كل أعداء الحرية والكرامة العربية ـ بما فيها الفلسطينية ـ نموذجها العربي نظام الاحتلال الأميركي في العراق، ورئيسه جلال الطالباني.. المخلب الاستعماري الدائم الذي تم نشبه في جسد العراق على مدى عقود بهدف تعطيل دور العمق الإستراتيجي للأمة العربية في مواجهة العدوان والاحتلال الإسرائيلي، ونموذجها الفلسطيني يتمثل في أكثر من فصيل مجهري استمرأ مقايضة المواقف بالمواقع والموازنات، والعمل على تغطية ذلك بالجمل الثورية، علها تستر عورات باتت مكشوفة أكثر من اللازم، فتوجب على الشعب الفلسطيني ومقاومته أن يلفظا عبّاس بعيداً عنهما، وذلك من خلال :
أولاً : الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني فلسطيني عاجل يكون سيد نفسه يقرر ما يراه مناسباً من سياسات استراتيجية تحقق مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني على قاعدة الثوابت الوطنية الفلسطينية.
أو، الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ وعاجل لمكتب رئاسة المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي عقد في دمشق مطلع 2008، ولجنة المتابعة الموسعة التي انبثقت عنه، وأمانة سر لجنة المتابعة، وذلك في حالة عدم توفر مكان يقبل باستضافة عقد مؤتمر وطني فلسطيني جديد.
ثانياً : التقدم للمؤتمر الوطني الفلسطيني الثاني في حال عقده، أو للأطر التي انبثقت عن المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول في حال عدم التمكن من عقد مؤتمر ثان، باقتراح إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، عبر الانتخاب حيثما يمكن ذلك، والتوافق الوطني حيث لا يمكن اجراء انتخابات.
ثالثاً : أن ينتخب المجلس الوطني الفلسطيني الجديد لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس جديد للجنة التنفيذية.
رابعاً : أن تعلن اللجنة التنفيذية الجديدة نفسها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني بموجب قرارات قمة الرباط 1974، وأن تطلب نقل اعتراف دول العالم والمجتمع الدولي من اللجنة التنفيذية السابقة إليها، وإرسال الوفود إلى مختلف دول العالم من أجل تحقيق ذلك.
لقد حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على اعتراف الشرعية العربية، ثم الشرعية الدولية بها ممثلاً للشعب الفلسطيني من خلال مؤتمر وطني فلسطيني، وممارسة المقاومة المسلحة للاحتلال، والتفاف الشعب الفلسطيني حول مقاومته قبل أن تحقق انتصارات ميدانية تذكر، ولا يعقل أن يتواصل مسلسل التنازل والتفريط والتريث، وممارسة انتظار سلبي قاتل للأمل حتى بعد انتصار غزة.
إن تواصل الحوار مع عبّاس عبر ممثليه يؤدي فقط إلى قتل الأمل بالمقاومة، وتبديد زخم التأييد الشعبي العارم الذي حازته في عموم الأقطار العربية والإسلامية، وغيرها من شعوب العالم الحرة، وفقدان امكانية توظيفه من أجل تحقيق مكاسب سياسية يتوجب انبثاقها من الدماء الفلسطينية الزكية التي اريقت خلال العدوان الواسع..!
لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقدم تضحيات بحجم التضحيات التي قدمها في غزة فقط من أجل مواصلة اللهاث وراء مصالحة عبّاس، على الرغم من كشف قادة العدو أن عبّاس وسلطته كانا شريكا في العدوان على غزة..!
إن كل الحوارات التي اجريت مع ممثلي عبّاس لم تنجح في فتح معبر رفح، ولا في إدخال مواد إعادة إعمار القطاع، أو المواد الغذائية والطبية، كما أن اعتراف المقاومة بإسرائيل ـ إن حدث ـ ، وهو ما يطالب به عبّاس، من قبيل المماحكة، من شأنه فقط أن يؤدي إلى النتيجتين التاليتين :
الأولى : فقدان ثقة الشعب الفلسطيني بالمقاومة ما دامت هي وعبّاس يقفان في خندق واحد.
الثانية : تصعيد محاربة عبّاس لقوى المقاومة، ونزع القناع عن وجهه دون مواربة في هذه المرة، باعتبار أن آرائه ورؤاه ومواقفه هي الصحيحة، وأن المقاومة ظلت تضحي بأرواح الفلسطينيين ودمائهم فقط من أجل منافسته على تولي السلطة..!
احسموا امركم يا شرفاء المقاومة الفلسطينية في «فتح» و«حماس» وعموم الفصائل الفلسطينية، ولا تترددوا، فلا زال الخير قائم في شعبكم الفلسطيني وأمتكم العربية، إن احسنتم رسم السياسات الإستراتيجية والتكتيكية الموصلة للهدف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق