وبمفردات ومصطلحات عملية بقي الجيش الإسرائيلي داخل غزة لممارسة الضغط على حماس لكنه يخرج من المناطق المأهولة التي تعج بالاحتكاكات الدامية غير الضرورية ويستقر في مناطق مسيطرة قريبة من جدار الحدود ويقف سكان بلدات الجنود وحماس على مسافة أمنة حسب تعبير " روني بن يشاي " المحلل العسكري في صحيفة يديعوت احرونوت " الذي استهل مقالته المنشورة اليوم " الأحد " تحت عنوان " خطر حرب استنزاف صغير " وتناول فيها تطورات الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة .
يتركز الجهد العسكري حاليا على عملية " القضم " الجوي الموجهة ضد منظومة الصواريخ ولا تهدف الى تدمير كافة المنصات والصواريخ ووسائل الإنتاج والمخازن بضربة واحدة بل قضم هذه المنظومة بطريقة منهجية ومثابرة حيث لم يتبق لدى حماس وبقية المنظمات أكثر من ثلث الصواريخ التي كانوا يمتلكونها قبل العملية فيما تم ضرب وتدمير نصف وسائل إنتاج هذه الصواريخ على الأقل وهذا هو سبب تراجع كميات وأعداد الصواريخ التي تطلقها المنظمات الفلسطينية خلال الأيام الماضية .
وتتمثل المهمة العسكرية الثانية بالبقاء جاهزون للقيام بمناورة برية ثانية إذا اقتضت الحاجة ذلك مثل تنفيذ حماس عملية تسلل إضافية للأراضي الإسرائيلية عبر نفق ربما تبقى لديها او إطلاقها صلية صواريخ ثقيلة وربما ظهرت حاجة للوصول إلى مناطق إطلاق الصواريخ اذا واصلت حماس قصفها الصاروخي على إسرائيل لفترة طويلة ومن هنا فان معنى عملي واضح ووحيد بالنسبة للجيش لمقولة نتنياهو " كل الخيارات مفتوحة" وهذا ما استعد له الجيش لذلك لم يقم بتسريح قوات الاحتياط .
لكن لهذه الوضعية مخاطر كبيرة تهدد المدنيين والجنود الموجودين في منطقة" غلاف غزة " وداخل القطاع وبالحقيقة تهددنا جميعا وهذا التهديد يتمثل بسرب الشعور بان كل شيء قد انتهى أو على وشك الانتهاء وإدماننا على هذه المقولة لذلك لا نتخذ وسائل الحيطة والحذر وهذا بالضبط زمن قذائف الهاون والصواريخ المضادة للدروع وصليات صواريخ القسام التي تضرب فجأة ودون سابق إنذار وفي بعض الأحيان تجبي منا هذه المرحلة ثمنا من الدماء يمكن لنا منعها لو وصلنا التصرف كما كنا نفعل أيام القتال ورغم ان هذا الامر صعبا من الناحية الثقافية لكنه ضروري جدا .
يذكرنا هذا الوضع بحالة الاستنزاف الصغيرة التي عشناها في هضبة الجولان وسيناء بعد حرب أكتوبر حيث انتهت الحرب عمليا هنا تمركز الطرفان في مواقع ثابتة وتبادلا إطلاق النار فيما بينهما وضحايا هذه الحالة لم يقلوا عن ضحايا الحرب نفسها من حيث الدموية وكل من خرج من مكانه لمحصن دفع الثمن تقريبا والوضع في غزة يشبه ذلك وكلنا أمل بان لا يتحول إلى حرب استنزاف رغم وجود إشارات على هذا التحول.
لم تحرز جهود تحقيق وقف إطلاق نار والتوصل الى ترتيبات عبر مصر تقدما لكن هنا ما يحدث تحت السطح وقرر الكابينت الإسرائيلي منح إمكانية التوصل لمثل هذه الترتيبات فرصة لكنه مستعد أيضا لاحتمالية عدم نضوج هذه الترتيبات حينها سيتحقق امن إسرائيل عبر قوة الردع
وتبقى التسوية والترتيبات هي المفضلة لأنها تحدد قواعد وأسس واضحة من السهل لإسرائيل أن تلتزم بها لكن حماس هي من يخترقها بشكل منهجي ما منح إسرائيل شرعية لدى الرأي العام العالمي ويبقى نقص او غياب الردع هو من يحتاج إلى وقت طويل لترميمه وتأسيسية بشكل قوي ومستقر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق