وقالت إن إسرائيل تعرف منذ فترة موقع أسر شاليط وإن حماس تعرف ذلك، واتخذت احتياطاتها لاحتمال هجوم عسكري لتحريره من الأسر. فأحاطت الموقع بحزام ضخم من المتفجرات ذي جودة تقنية عالية في محيط 400 – 500 متر حول المبنى الذي يوجد فيه. وكلفت مقاتلين مدربين بقتل شاليط في حال تنفيذ هجوم إسرائيلي. وجاءت هذه التصريحات خلال نقاش غير رسمي حول صفقة تبادل الأسرى المتوقعة بين إسرائيل وحماس، المفترض أن يطلق بموجبها سراح شاليط مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني، بينهم 450 أسيرا يعتبرون نوعيين ويمضون أحكاما طويلة في السجن بعد إدانتهم بعمليات مسلحة خطيرة.
يذكر أن هناك عددا غير قليل من كبار العسكريين السابقين في إسرائيل ممن يرفضون صفقة كهذه ويعتبرونها خطأ استراتيجيا للسياسة الإسرائيلية، يطرحون البديل العسكري باستمرار. وفي تلك الجلسة، تساءل أحدهم باحتجاج: «نحن الذين عرفنا عن المفاعل النووي الإيراني السري في منطقة مدينة قم قبل المخابرات الغربية، وكشفنا المفاعل النووي السوري في دور الزور، هل يعقل أننا لا نعرف بعد أين يقبع شاليط؟.. وهل يعقل أن نظهر عجزنا اليوم عن تحريره بعد ثلاث سنوات من أسره؟».
فأجاب المسؤول الأمني المذكور بغضب: «بل نعرف، وحماس تعرف أننا نعرف، ونحن لا نريد تكرار تجربة فاكسمان» (المقصود الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان، الذي اختطفته خلية مسلحة تابعة لحماس من قرب بيته في القدس إلى بيت في قرية دير نيبالا على حدود رام الله قبل 15 عاما.
فأمر رئيس الحكومة في حينها إسحق رابين بتحريره في عملية عسكرية بعد عدة ساعات من خطفه. وفشلت العملية وقتل فيها فاكسمان وقائد القوة الإسرائيلية التي حاولت تحريره، نير فوراز، والمسلحون الذين خطفوه).
يشار إلى أن النقاش حول الثمن الذي ينبغي على إسرائيل أن تدفعه في صفقة مع حماس، قد تجدد بوتيرة عالية، بعد بث الشريط الذي يظهر فيه شاليط سليما معافى. فقد أعرب كثيرون من مؤيدي الصفقة عن مخاوفهم من أن يكون رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قد استهدف من تنفيذ الصفقة الصغيرة (شريط شاليط مقابل إطلاق سراح 20 أسيرة فلسطينية من ذوات الأحكام الخفيفة)، محاولة لتخدير الحملة الجماهيرية الضاغطة باتجاه الإسراع في إنهاء الصفقة. والسبب في هذه المخاوف يعود إلى ارتفاع أصوات تقول إن شاليط يبدو سليما معافى وهذا يحمل حماس مسؤولية الحفاظ على هذا الوضع. ويتيح الضغط على حماس أكثر حتى تتراجع عن شروطها. كما أن هؤلاء، وضمنهم عائلة الجندي شاليط نفسه، لم يرتاحوا لقول مساعدي نتنياهو إن آسري الجندي شاليط ضغطوا عليه لكي يطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بأن يسعى لإنهاء الصفقة ويعمل على إطلاق سراحه فورا.
وعبرت عائلة شاليط عن موقفها هذا في بيان أصدره والد شاليط، نوعم، الليلة قبل الماضية ردا على رجالات نتنياهو، فقال: «صحيح أن جلعاد يبدو حيا ومعافى، ولكن ظهرت عليه أيضا آثار الضائقة التي يعانيها في الأسر. فهو يمضي أكثر من ثلاث سنوات في الأسر بحالة هلاك. وقد دفع بذلك كامل الثمن لإهمال وتقصير الحكومة السابقة. ونحن نطالب رئيس الحكومة اليوم بالعمل الفوري على إطلاق سراحه. فما مر من الوقت عليه في الأسر يكفي وزيادة».
واتصل وزير الدفاع، إيهود باراك، بوالد شاليط فورا بعد هذا البيان وقال إنه عندما شاهد جلعاد حيا شعر بأن مسؤوليته في إطلاق سراحه قد تضاعفت.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل ستطلق سراح أخرى اليوم، وبذلك تكتمل الصفقة الصغيرة. وكانت قد أطلقت سراح 19 أسيرة أخرى أول من أمس.
والسبب في هذا التأخير يعود إلى خطأ لدى مصلحة السجون. فحينما أقرت قائمة الأسيرات العشرين، تبين أن واحدة منهن وهي أصغرهن، براءة ملكي من مخيم الجلزون، قد أطلق سراحها يوم الخميس الماضي لانتهاء مدة حكمها. فتقرر إضافة أسيرة أخرى. ولكن حسب القانون الإسرائيلي يجب نشر الاسم قبل 48 ساعة من إطلاق سراحها، حتى يتاح لمن يريد أن يعترض التقدم إلى المحكمة. وتنتهي هذه المهلة اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق