الخميس، 1 أكتوبر 2009

مرحلة اولى في الصفقة: حماس تنقل شهادة مصورة اولى عن شليت مقابل 20 سجينة../هآرتس

بعد أكثر من ثلاث سنوات وثلاثة أشهر من اختطافه على أيدي حماس، سجل أمس اختراق ذو أهمية اول في المفاوضات على تحرير الجندي جلعاد شليت. فقد أعلنت اسرائيل عن استعدادها لتحرير 20 سجينة فلسطينية مقابل شريط فيديو حديث العهد يظهر فيه الجندي. الخطوة، التي يمكن وصفها كخطوة لبناء الثقة بين الطرفين بل ومرحلة اولية للصفقة لتحرير شليت، ستتم غدا. وأعربت مصادر مقربة من المفاوضات من الجانب الاسرائيلي عن الامل في ان يكون ممكنا اكمال الصفقة في غضون اشهر.
وقالت مصادر في قطاع غزة ان شريط فيديو لمدة نحو دقيقة، يظهر فيه شليت، عرض على الوسيط الالماني. وحسب هذه المصادر، يوجد في الشريط برهان على أن الحديث يدور عن وثيقة حديثة العهد التقطت مؤخرا. ويفترض بالشريط أن ينتقل الى منسق الفريق الاسرائيلي المفاوض حجاي هداس، اليوم او غدا. وبعد أن يشاهد هداس الشريط مع رجال طاقمه، ستنقل نسخة عنه الى عائلة شليت التي عقبت امس بالارتياح لما حصل من تقدم. لم يتقرر بعد اذا كان الشريط سينشر في وسائل الاعلام.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طرح صباح أمس تفاصيل الاتفاق المتحقق – شليت مقابل تحرير 20 سجينة – على المجلس الوزاري لاقراره. وكان وقع الاختراق بعد جهد كبير بذله الوسيط الالماني محظور النشر لاسمه وصورته منذ دخوله صورة المفاوضات في الاشهر الاخيرة. واثنوا في اسرائيل على الوسيط الذي نجح في بلورة آلية مفاوضات تؤدي دورها بشكل معقول وكذا للحفاظ على السرية في الطرفين. وشارك في الاتصالات ايضا رجال المخابرات المصرية برئاسة الوزير الجنرال عمر سليمان.
وكانت مصلحة السجون نشرت أمس في موقعها على الانترنت اسماء السجينات المرشحات للتحرر. كلهن، باستثناء واحدة، من سكان الضفة الغربية. ويدور الحديث عن سجينات لم يكن ضالعات في قتل اسرائيليين ومعظمهن يوشكن على التحرر على أي حال في غضون وقت ليس طويلا. وبعد فترة زمنية من 48 ساعة، يمكن خلالها رفع الالتماسات الى محكمة العدل العليا ضد القرار، ستحرر السجينات غدا. ويذكر أن شليت محتجز في أسر حماس في القطاع من 1.194 يوما. واحد الاعتبارات لرغبة اسرائيل في اجمال الصفقة في غضون اشهر يرتبط بالرغبة في خلق فارق زمني بين موعد التحرير وبين موعد آخر: انتهاء ولاية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) في 9 كانون الثاني. ليس واضحا بعد اذا كانت فتح وحماس ستتوصلان الى اتفاق على انتخابات جديدة في السلطة، ولكن تحرير مكثف للسجناء في موعد قريب من الانتخابات من شأنه أن يحسن فرص حماس فيها الامر الذي ليست اسرائيل معنية به. ومع ذلك، من الصعب الحديث عن جدول زمني صلب في منطقة لا تعتبر فيها المواعيد مقدسة كما قرر اسحق رابين.
الصفقة النهائية ستتضمن أغلب الظن تحرير مئات السجناء، بينهم اولئك الذين يعتبرون ثقيلين. في ختام ولاية حكومة اولمرت رفضت اسرائيل 125 اسما من اصل قائمة الـ 450، معظمهم قتلة طالبت بهم حماس. الـ 125 ينقسمون الى ثلاث مجموعات فرعية: اكثر من 40 قاتل من الضفة والقطاع ادينوا بالضلوع بعمليات جماهيرية، سجناء عرب اسرائيليين وسجناء من سكان شرقي القدس.
من ناحية اسرائيل، ثمة في تحرير السجينات مقابل اشارة حياة تنازل مبدئي لا بأس به. ولكن، لا يدور الحديث عن خبيرات ارهاب تحريرهن سيجدي منظماتهن، مثلما من شأنه أن يحصل حين يتحرر السجناء. وترى اسرائيل اهمية في أن الشريط يخلق التزاما من حماس بالحالة الصحية لشليت، صحيح حتى نهاية ايلول 2009، ولا سيما بعد الشائعات التي نشرت وكأن المخطوف اصيب في اثناء حملة "رصاص مصهور" في بداية هذه السنة. معروف أن شليت اصيب بجراح طفيفة في اثناء الاختطاف، ولكن الافتراض هو أنه شفي منذئذ. أساس التخوف يتعلق بحالته النفسية جراء الاسر الطويل والشريط كفيل بان يوفر معلومات بهذا الشأن. حتى اليوم نقل من شليت ثلاث رسائل وشريط صوتي الصيغة فيها جميعها املاها الخاطفون ويمكن الافتراض بان هكذا سيكون هذه المرة في شريط الفيديو.
نتنياهو، في اقرار صفقة شريط الفيديو يثبت بانه ليس سلفه ايهود اولمرت. وهو يعرض على الرأي العام الاسرائيلي تقدما معينا بل ويزيح عن نفسه بعضا من الانتقاد الجماهيري على طول الاتصالات. الصفقة الصغرى التي ستنطلق غدا تثبت نهجا جديدا للمفاوضات. والى جانب رئيس الوزراء والوسيط الالماني، حجاي هداس هو الاخر يكسب النقاط (وينسي مهزلة "لملصقة العجيبة" التي اختفت تماما عن الرادار الاعلامي). ولكن بانتظار نتنياهو الان عائق آخر: وسائل الاعلام ستمارس ضغطا كبيرا لنشر الشريط بحجة حق الجمهور في المعرفة. وبالمقابل واضح أن شهادة مصورة اولى عن شليت ستخلق ضغطا من الرأي العام لابرام الصفقة بسرعة.
يحتمل أن يكون نتنياهو حتى معني بريح اسناد كهذا اذا كان يرغب في أن يحقق شرعية جماهيرية واسعة نسبيا للتنازلات الثقيلة التي تنطوي عليها الصفقة. وبالمقابل، فان حماس (اذا لم تتعهد خلاف ذلك امام الوسيط الالماني) كفيلة بان تحل لرئيس الوزراء الاسرائيلي المعضلة وان تنشر بنفسها الشريط. من اللحظة التي وافقت فيها حماس على صفقة الشريط مقابل السجينات، لا يعود لحماس أي مبرر لعدم نشر الشريط بهدف حث الرأي العام في اسرائيل.

فرح في شوارع غزة

قنوات التلفزيون العربية بثت أمس ردود فعل من فلسطينية عجوز، قريبة من احدى السجينات المرشحات للتحرر، والتي اعلنت بحماسة: "فش زي حماس". وبقدر كبير هذه هي القصة من زاوية نظر حماس، التي حققت تحرير 20 سجينة دون ان تتخلى جوهريا عن المطالب التي طرحتها في قضية شليت. في الصعود الى الاعلى لن تكون بادرة طيبة احادية الجانب. حماس ستطالب اسرائيل بان تدفع بالعملة الصعبة مقابل أي معلومة اضافية.
عمر عفانة، والد السجينة المحررة كفاح بحش، قال لـ "هآرتس": ان من الطبيعي ان يشعر بالاحترام تجاه المنظمة التي حررت ابنته. في قناة حماس التلفزيونية "
الاقصى" اذيعت اناشيد احتفالية مرفقة بشعارات "انتصار لطريق المقاومة". في الشوارع الرئيسة لغزة مرت امس قافلة دراجات مع اعلام حماس وفلسطين في حي الشجاعية قرب منزل فاطمة الزيك من الجهاد الاسلامي التي ستحرر غدا، حيث تجمع عشرات نشطاء حماس والجهاد للاحتفال بالحدث.
وكانت الزيك اعتقلت في ايار 2009 اشتباها بالتخطيط لعملية وفي كانون الثاني 2008 انجبت طفلا، يوسف، بين جدران السجن. ويدور الحديث كما ينبغي القول عن فرح اصيب لابناء العائلة الذي سيرون غدا قريبيهما بعد زمن لا بأس به.
السرعة التي وقف فيها امس الناطقون بلسان الذراع العسكري لحماس امام كاميرات التلفزيون كي يعلنوا عن التفاهمات الاخيرة مع اسرائيل تدل بقدر كبير كم هي حماس عطشة لانجاز ذي مغزى.
بعد فترة طويلة من الضربات التي تلقتها في "رصاص مصهور" وبعدها، ترى حماس في استكمال الصفقة حدثا هاما. كانت هنا ايضا منافسة امام كبار حماس في دمشق، في محاولة من غزة لعرض ملكية على الانجاز وتوفير تفاصيل أولية عن الاتفاق.
يوم الاحد من هذا الاسبوع كان رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في القاهرة في مداولات حول مساعي المصالحة الفلسطينية الداخلية. ولكنه بحث هناك ايضا في صفقة شليت. مسألتان مرتبطتان الواحدة بالاخرى. في المؤتمر الصحفي الذي عقده خالد مشعل في مصر تحدث عن القبول المبدئي لوثيقة المصالحة المصرية. معنى الامر هو انتخابات في المناطق قبل حزيران 2010.
لهذا الغرض، مشعل ورفاقه يحتاجون الى ان يروا السجناء الفلسطينيين يعودون الى بيوتهم، قبل فتح صناديق الاقتراع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق