الخميس، 31 يناير 2013

معضلة الاسد/بقلم: بوعز بسموت/اسرائيل اليوم 31/1/2013

اذا كان سلاح الجو هاجم، حسب مصادر اجنبية، قافلة أقلت صواريخ مضادة للطائرات متطورة على الحدود السورية – اللبنانية وموقع بحوث عسكرية قرب دمشق، فان الحديث يدور دون شك عن حدث في غاية المعنى. في سوريا تجري حرب اهلية ضروس وهذه هي المرة الاولى، منذ بدأت الاضطرابات في العالم العربي في تونس في كانون الاول 2010، التي تتدخل فيها اسرائيل ظاهرا بشكل نشط، هكذا حسب منشورات أجنبية. فكيف يمكن للرئيس السوري بشار الاسد أن يرد؟
 أمس سمعنا نفي قاطع من لبنان وبداية صمت من دمشق. ايران هي الاخرى لم تسارع الى رد الفعل. واستغرق سوريا وقت كي تعقب إذ كان لها مريح اكثر البقاء في الصمت، غير أن الهجوم كان اغلب الظن ذا مغزى كبير والاسد لم يعد يسيطر على بلاده وعلى تدفق المعلومات.
 مراسلة اوروبية تتواجد في اسرائيل هاتفتني أمس وطلبت ان تعرف اذا كانت لها قصة. سطحيا توجد قصة كبيرة. فتخيلوا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية يسافر الى البنتاغون، اسرائيلي رفيع المستوى يرسل الى موسكو وقائد سلاح الجو يحذر قبل مساء من ذلك من المخاطر التي تهدد اسرائيل "من السكين وحتى النووي". وهذه بالفعل وضعية اشكالية.
 صورة الاسد
 ما هي خيارات الاسد؟ منذ بدأت الثورة قبل سنتين ونظامه في مسيرة انهيار بطيئة ولكن مؤكدة. مؤخرا بدأ تردٍ كبير، الامر الذي ادى برئيس وزراء روسيا، ديمتري مدفديف ان يعترف في مقابلة مع السي.ان.ان بان النظام في سوريا يعيش على زمن مستقطع. جيران سوريا، بما فيها تركيا واسرائيل، بدأوا يبدون علامات العصبة الواضحة. فاضافة الى خطر انهيار النظام، انضم خطر حقيقي يتعلق بتسرب السلاح الكيميائي. والدول لا تأخذ قرص تهدئة الالام في مثل هذه الحالة. بل تأخذ صواريخ باتريوت.
 الاسد يمكنه بالطبع أن يغرى بالرد: في وضعه الحالي يمكنه فقط أن يحسن صورته. فالاسد اليوم هو الرجل الاكثر كرها في العالم، بما في ذلك العالم العربي. والجبهة ضد اسرائيل هي ضمانة مؤكدة في العالم الاسلامي للصعود في مستوى الشعبية. وهو يحتاج حقا الى انجاز كبير كي ينجح في أن ينسي 60 الف قتيل في بلاده و 700 الف لاجيء. غير ان كل الجيش السوري مجند للحرب ضد الثوار – ويكاد الخيار العسكري السوري يكون غير موجود.
 عملية رد سورية كفيلة بان تؤدي بدورها الى رد اسرائيلي. والامر الاخير الذي يريده النظام السوري هو التدخل الخارجي. فالاسد ينجح في البقاء بصعوبة، وهذا ايضا لا يضمن له دوام الايام. رد عسكري ضد اسرائيل – ولديه الادوات في الترسانة لهذا الغرض – سيؤدي الى انهيار سريع للنظام السوري.
 حتى الثوار كانوا يفضلون المساعدة من اي جهة اخرى غير اسرائيل. يحتمل جدا ان هم ايضا لا يسارعون الى رد الاسد حتى لو كان هذا سيسرع في انهيارة. وفي الختام يمكن القول انه اذا عمل الاسد ضد اسرائيل فانه سيسقط. واذا لم يعمل – سيسقط ايضا، ولكن فقط في تاريخ لاحق. الاسد على اي حال، سيفضل الخيار الثاني.
 أدخل ايران في مشكلة
 وعلى سؤال لماذا موجة النفي من سوريا ومن لبنان أولا، ولماذا خرقت دمشق ذلك أولا – كون النظام السوري على علم بقيود الرد لديه وكان يفضل الا يعترف. تصوروا الضربة التي ستلحق بصورة النظام الذي لا يرد على هجوم اسرائيلي مزعوم.
 لبنان هو الاخر لم يسارع الى الاعتراف. فهذا فقط ينقصه – الاعتراف بان حزب الله يتصرف في لبنان وكأنه رب البيت. وبشكل عام، اليوم في الموضة عرض حزب الله بصفته منظمة اغاثة. فما علاقة منظمة الاغاثة بالصواريخ، لا بد ستسألون؟
 غير أن أمس في ساعة ليلية متأخرة جاء البيان السوري، وليس مجرد بيانا: فليس فقط ضربة للقافلة بل ولمنشأة عسكرية. الاسد يدخل نفسه في معضلة. اذا رد – سيسقط، واذا لم يرد – فسيتعرض الى المزيد فالمزيد من الانتقاد في الداخل.
 وايران؟ مساعدة الزعيم الروحي علي خمينئي هدد بان عملية ضد سوريا هي عملية ضد ايران. فهل حقا من المجدي للايرانيين الدخول في معركة بسبب قافلة وقبل أن ينهوا البرنامج النووي؟ بيان الاسد يدخلهم هم ايضا في المشكلة.
 إذن يحتمل انه كان مريحا للجميع المواصلة الى الامام وكأنه لم يحصل شيءـ وان كان في هذه القصة توجد لنا كل عناصر الحرب الشاملة. البيان السوري امس بالتأكيد يدخلنا جميعا في حالة تأهب. عرفنا أن ربيع الشعوب العربية خطير. عرفنا ان القصة في سوريا تتعلق بنا مباشرة – ولكن لمن نعرف فقط كم هذا صحيح. اذا كانت اسرائيل عملت كما تبلغ المنشورات الاجنبية – فان الكرة لدى الاسد. المشكلة هي أن الحاكم السوري لي وضعيته الحالية لا يوجد له ملعب بل وليس له الكثير مما يخسره. فالاسد الجريح هو أسد خطير. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق