الخميس، 10 يناير 2013

عقارب الساعة قاربت نقطة النهاية.. دراسة امريكية: هل سيكون 2013 عاماً عاصفاً على "إسرائيل"


 من المرجح أن تؤدي المخاطر العديدة التي تكتنف الشرق الأوسط إلى إذكاء نار الصراع وليس السلام، إن تصنيف عام 2013 كعام "حرج" بالنسبة لأمن "إسرائيل" القومي كان من الركائز الثابتة لمحللي شؤون الشرق الأوسط على مدى السنوات الـ 64 الماضية.
وأحياناً كانت تلك التوقعات تصدق، بينما كانت لا تصدق في أحيان أخرى، خاصة بعد مواجهة "إسرائيل" عاصفة قوية من التوجهات الإقليمية التي يحتمل أن تكون كارثية، فإن 2013 سيكون قطعاً عاماً حرجاً بالنسبة لأمن "إسرائيل".
ويتبين ذلك الحرج من خلال دراسة نشرها معهد واشنطن للشرق الأدنى:
أولاً: ستجد "إسرائيل" نفسها في موقع يتلاقى فيه التوجهان الكبيران في منطقة الشرق الأوسط وهما:
1.      تهديد طموحات الهيمنة الإيرانية
2.      انتشار التطرف (السني) الراديكالي
وعلى الرغم من أن هذين التوجهين يتصارعان مع بعضهما البعض في سوريا والبحرين وأماكن أخرى، إلا أن صراع غزة الأخير أبرز تقسيماً متقناً للعمل، وإن كان في بعض الأحيان تنافسياً، تمثل بقيام إيران بتزويد «حماس» بالصواريخ بينما عملت الدول السنية مثل قطر ومصر وتركيا على تزويد «حماس» بدعم سياسي جوهري، إن نجاح الجهاد ضد "إسرائيل" في توحيد الشيعة والسنة المتطرفين في المنطقة أمر ليس بالهين.
 ثانياً: ستنظر "إسرائيل" إلى المنطقة من حولها، لأول مرة خلال جيل، تستطيع أن تتصور حصول انزلاق نحو الحرب، وغالباً ما ننسى أنه قد مرّت 40 سنة منذ تورط "إسرائيل" في نزاع مع دول أخرى، - ومنذ ذلك الحين - كانت السنوات تعج بالهجمات الإرهابية والانتفاضات وإطلاق صواريخ الكاتيوشا لدرجة أننا نعتبر عدم قيام أي دولة أخرى على حدود "إسرائيل" بشن حرب على الطراز القديم ضد (الدولة) اليهودية منذ عام 1973 أمراً مسلماً به، ولكن مع ظهور مصر الإسلامية واحتمالية ظهور سوريا الإسلامية - الحليفتان في الحرب العربية الإسرائيلية الأخيرة - ربما يكون "السلام الذي دام أربعين عاماً" قد أوشك على الانتهاء.
 وهذا لا يعني أن الحرب ستندلع قريباً، فكل من المصريين والسوريين يواجهون مشاكلهم الداخلية المعقدة والتي من الواجب على كل دولة منهما تسويتها أولاً، على الرغم من هذا إلا أن التحول الأساسي، من القادة الذين كانوا ينظرون إلى السلام (أو في الحالة السورية، انعدام حالة الحرب) باعتباره أصلاً استراتيجياً إلى قادة جدد يعتبرون القتال ضد المشروع الصهيوني مهمة أيديولوجية، له تداعياته السلبية العميقة.
 ثالثاً: يرى معظم الخبراء أن عقارب الساعة قاربت نقطة النهاية فيما يتعلق بالدراما طويلة الأجل حول المواجهة النووية الإيرانية، وعلى الرغم من العقوبات الدولية القاسية، تتجه طهران نحو صنع قنبلة نووية، ويتوقع معظم الخبراء أن تتخطى عتبة كبرى بتجميعها المواد الانشطارية خلال عام 2013.
ويرجح الخبراء أن تعرض إدارة أوباما على إيران "صفقة كبرى" بشأن برنامجها النووي والعقوبات، إلا أن المرشد الأعلى قد يرفض عرضاً سخياً بشكل مفرط لأنه قد يكون القشة التي تقصم ظهر سيطرته على السلطة، وبالنسبة للرئيس أوباما الذي اعتنق مبدأ "الوقاية"، فإن ذلك يجعل الحل العسكري خياراً واقعياً.
وفي الواقع أنه في أوائل ديسمبر الماضي ، قال "دنيس روس" و"إليوت أبرامز" - وهما من أبرز المطلعين على الشؤون السياسية اللذين كانا يديران الكثير من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على مدار ربع القرن الماضي- علناً ​​إنهما يؤمنان بأرجحية استخدام أمريكا أو "إسرائيل" للقوة العسكرية ضد إيران في عام 2013.
 رابعاً: قد تحدث المواجهة مع إيران في نفس الوقت الذي يواجه فيه جيران "إسرائيل" الأكثر قرباً، وهم الفلسطينيون، انهياراً سياسياً يأتي على ما تبقى من إطار "اتفاقية" أوسلو لتسوية الصراع والحكم الذاتي الفلسطيني الذي دام 20 عاماً، ولا تكمن المشكلة فقط في أن السنوات الأربع الماضية لم تشهد مفاوضات رسمية بين العرب و"إسرائيل" سوى لأسبوعين فقط - وهي أقل مدة منذ إدارة الرئيس الأمريكي جونسون-.
بل إن المشكلة الأساسية تتعلق بالتردد العميق للعديد من القادة الفلسطينيين في قبول مفهوم وطن قومي لليهود والتفاوض على إنشاء وطن قومي فلسطيني، وهي تتعلق بالجاذبية القوية للمقاومة المسلحة التي تمثلها حركة حماس، كما تتعلق بحالة اللامبالاة الصاعقة للدول العربية نحو تقديم الدعم المالي للفلسطينيين.
ومن أجل التحلي بالإنصاف، فإن المشكلة ترتبط أيضاً بالانقسام العميق بين الإسرائيليين حول ما إذا كانوا راغبين في تحمل التكاليف السياسية والاجتماعية والمالية والعسكرية للتوصل إلى تسوية إقليمية حقيقية، والتي يكاد يكون من المؤكد أن تشمل إخراج عشرات الآلاف من المستوطنين اليهود من الضفة الغربية، لا سيما إذا لا تحصل "إسرائيل" سوى على سلام مشروط أو مؤقت مقابل ذلك.
 وبالنظر إلى هذه التوجهات معاً، "يمكن الاستنتاج" بأنها قد أدت إلى تقويض الثقة في فكرة السلام، وهو ما أدى بدوره إلى ضغوط هائلة على ما تبقى من أوسلو، إن السلطة الفلسطينية هي التي تواجه مخاطر جمة، حيث إن تفعيلها يحرر "إسرائيل" من مهام الحوكمة اليومية لأكثر من مليوني نسمة.
إن نهاية السلطة الفلسطينية وانهيار التعاون الأمني الفلسطيني مع "إسرائيل" وظهور صراع ديني بين المسلمين واليهود بدلاً من الصراع القومي بين العرب و"إسرائيل" خلال عام 2013، هي جميعها احتمالات واقعية جداً ومضرة للغاية في الوقت ذاته.
 وأخيراً، يحدث هذا كله في لحظة تنتاب فيها الشكوك كل من الحلفاء والأعداء في الشرق الأوسط بشأن القيادة الأمريكية، وهناك أزمات عديدة، بدءاً من سيطرة الإسلاميين على السلطة في مصر وإلى القمع الوحشي للثورة في سوريا وحتى الموت البطيء للسلطة الفلسطينية، وجميعها تمضي دون الكثير من الوضوح والتوجيه من قبل واشنطن.
ومن المستحيل معرفة ما إذا كان التردد في المشاركة هو قرار استراتيجي أم إشارة على تبدل الأولويات أم انعكاساً للتردد الاستراتيجي، الأمر الذي يؤكد الفجوة بين الالتزام والتنفيذ، إن تداعيات هذا التردد واضحة للعيان في كافة القضايا التي هي على أجندة الشرق الأوسط.
 هذه هي المنطقة التي من المتوقع أن تواجهها "إسرائيل" خلال عام 2013، وعلى الأرجح، في المستقبل المنظور، ومع ذلك لا تزال "إسرائيل" تحل في المرتبة الرابعة عشرة في قائمة الدول الأكثر سعادة في العالم، وكما تقول أغنية "عازف الكمان على السطح"، كان ذلك معجزة، أيضاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق