الاثنين، 11 مايو 2009
تفاصيل وحيثيات انقلاب عبّاس على اللجنة التحضيرية لمؤتمر «فتح» ....- شاكر الجوهري
نبيل شعث : «حماس» وافقت على كل الشروط التي طرحها وفد «فتح» ، باستثناء الإعتراف بإسرائيل
عزام للرئيس : أخ أبو مازن توصلنا في اللجنة إلى أن عقد المؤتمر فقط بـ 650 عضواً «ما بظبط». قررنا أن يكون عدد أعضاء المؤتمر 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج ، مع إمكانية زيادة العدد بحدود تتراوح بين 100 ـ 200 عضو.
رد عبّاس منفعلاً رافضاً فكرة زيادة عدد أعضاء المؤتمر. وقال بصوت مرتفع «أنا رئيس الحركة وأنا الذي يقرر».
أجابه عزام ، لكنك سبق أن اتفقت مع الأخ أبو علاء على زيادة عدد الأعضاء عن الـ 650 عضواً..؟
سارع عبّاس إلى نفي ذلك ، ووصف قريع بأنه «كذاب».
وقع المحظور ، وانقلب محمود عبّاس رئيس السلطة الفلسطينية على اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس لحركة «فتح» ، فقرر حلها..!
وقررت اللجنة بدورها تحدي قرار الرئيس لعدم الإختصاص..! كما قررت مواصلة عملها حتى انعقاد المؤتمر العام السادس ، محملة عبّاس ضمناً المسؤولية عن تعطيل عملها ، ما يضع الموقف الفلسطيني أمام أحد خيارين : انقلاب عسكري ينفذه عبّاس ضد حركة «فتح» ، أو إعلان الأجهزة الأمنية ولاءها لحزب الثورة الحاكم ، والتخلي عن الرئيس ، بغض النظر عن الموقف المتوقع من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي..!
الأمور لم تجر بهذه الميكانيزمية ، والمباشرة ، وإنما اكتنفها الكثير من التكتيكات والمناورات ، أدت في نهاية المطاف إلى توحد اللجنة التحضيرية في غالبيتها الساحقة ، بمواجهة الرئيس الذي قاطع جل جلساتها طوال أربع سنوات ، كان يمطرها خلالها بقوائم متعددة ومتتالية من الأسماء التي يريد فرضها على عضوية المؤتمر ، حتى تجاوز عدد الأسماء المعتمدة قبل أيام قليلة الألفي عضو ، ما اضطر اللجنة التحضيرية إلى اختصار العدد إلى 1700 عضو ، فيما كان عبّاس يواصل إمطار اللجنة بالمزيد من القوائم.
وحين رفضت القائمة الأخيرة التي بعث بها بواسطة حكم بلعاوي ، وعلا الصراخ بين بلعاوي ونصر يوسف جراء ذلك ، وما رافق الصراخ من ضرب بلعاوي بعصا يوسف ، ارتأى عبّاس أنه قد حان الأوان للإنقضاض على اللجنة التحضيرية ، كما تؤكد المصادر ، لأنها رفضت الإنصياع لقرار الرئيس خفض عدد أعضاء المؤتمر من 1700 عضو ، وهو العدد الذي تضخم بفضل قوائمه ، إلى فقط 650 عضواً..!
مثل هذه المقدمات كان متصوراً أن تقود إلى نتيجة من طراز انفجار اجتماعات اللجنة التحضيرية ، التي بدأت دورتها الأخيرة السبت.
لكن ما حدث كان أكثر خطورة ، إذ انقلب الرئيس على اللجنة ، التي توحدت على تحدي قرار الرئيس..!
بلعاوي أول خطوات المناورة :
تقول التفاصيل أن حكم بلعاوي ، وفي إطار التكتيكات المتقابلة ، والمنخرط فيها الرئيس ، فور أن عاد من عمّان إلى رام الله ، وبعد أن وافقت اللجنة التحضيرية بالإجماع (باستثناء إبراهيم أبو النجا) ، على طلب الرئيس خفض أعداد أعضاء المؤتمر إلى 650 عضواً ، بادر إلى إصدار بيان ينفي فيه اتخاذ قرار خفض العضوية ، رغم توقيعه عليه..!
بيان بلعاوي الذي صدر بالإتفاق مع الرئيس ، وبطلب منه ، ومن وراء ظهر اللجنة التحضيرية ، أثار استياء معظم أعضاء اللجنة وخاصة رئيسها محمد راتب غنيم ، وعضوها أحمد قريع ، عضوا اللجنة المركزية ، وذلك لأسباب أهمها :
أولاً : أن بلعاوي أصدر بيانه المخالف للحقيقة من وراء ظهر اللجنة.
ثانياً : أن الرئيس الذي طلب خفض عدد أعضاء المؤتمر ، أراد من خلال بيان بلعاوي تحميل اللجنة مسؤولية القرار الخاطئ الذي اتخذه ، وأدى إلى انتفاضة في صفوف التنظيم ، والتنصل من مسؤوليته عن ذلك القرار ، والظهور في مظهر الحريص على تمثيل الجميع في المؤتمر ، خلافاً للحقيقة ، وذلك في إطار التحضير لخطوة انشقاقية داخل تنظيم «فتح».
ثالثاً : تغيب بلعاوي عن دورة الإنعقاد الحالية للجنة التحضيرية بطلب من الرئيس ، ما فهم منه أن الرئيس يدبر شيئاً من تحت الطاولة ، وأيضاً من وراء ظهر اللجنة.
لذا ، فإن محمد راتب غنيم (أبو ماهر) استهل الجلسة الصباحية ليوم السبت بتوجيه نقد حاد لبلعاوي ، الذي كان متغيباً ، وشاركه في ذلك أحمد قريع.
ما دام بلعاوي ، نفى باسم الرئيس ، وبالإتفاق مع الرئيس تقرير خفض عدد أعضاء المؤتمر إلى 650 عضواً ، فقد تراجع أعضاء اللجنة عن قرارهم ، الذي وافقوا عليه ، ابتداءً نزولاً عند رغبة الرئيس..!
القرار الذي أغضب عباس:
وفي جلسة صباح الأحد ، وبعد توافق غالبية اللجنة على العودة عن فكرة المؤتمر المصغر ، التزاماً بالنظام الداخلي ، الذي تتعارض نصوصه معه رغبة الرئيس ، وتجاوباً مع موقف التنظيم ، وعموم أبناء الحركة ، الذين عبروا عن سخطهم جراء ذلك القرار ، اقترح فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية رفع عدد أعضاء المؤتمر إلى ألف وأربعمائة عضو. وتشرح المصادر أن القدومي اقترح هذا الرقم ، بهدف عدم استفزاز الرئيس في هذه المرحلة الحاسمة من التحضير لعقد المؤتمر.
غير أن المفاجأة كانت حين اقترح أعضاء آخرين في اللجنة رفع العدد إلى أكثر من ذلك ، حتى قر القرار على أن يكون العدد 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج.
وبادر أبو ماهر إلى صياغة بيان يعلن فيه القرار المتخذ بالنص التالي :
«أكملت اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس للحركة أعمالها المتعلقة ببند عضوية المؤتمر العام ، وقررت أن يكون عدد المؤتمر العام 1550 عضواً ، بحيث يتم تمثيل المواقع الحركية كافة وفقاً للنظام الأساسي.
كما قررت اللجنة التحضيرية عقد المؤتمر العام السادس في إحدى الدول العربية الشقيقة. هذا وستواصل اللجنة التحضيرية أعمالها إلى حين انعقاد المؤتمر وفقاً للأصول والنظام وفي أقرب وقت ممكن».
وأصبح مطلوباً إبلاغ عبّاس بقرار اللجنة ، بعد أن قرأ جميع أعضاء اللجنة الفاتحة بنية الإلتزام بالقرار الجماعي الذي اتخذوه.
القدومي طلب من أبو ماهر الإتصال بالرئيس وإبلاغه بالقرار ، فرفض. ورفض الأمر أيضاً أبو علاء. وعندها تطوع عزام الأحمد للقيام بهذه المهمة قائلاً إنه يريد أن يعلق الجرس..!
الأحمد يعلق الجرس
قال عزام للرئيس : أخ أبو مازن توصلنا في اللجنة إلى أن عقد المؤتمر فقط بـ 650 عضواً «ما بظبط». قررنا أن يكون عدد أعضاء المؤتمر 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج ، مع إمكانية زيادة العدد بحدود تتراوح بين 100 ـ 200 عضو.
رد عبّاس منفعلاً رافضاً فكرة زيادة عدد أعضاء المؤتمر. وقال بصوت مرتفع «أنا رئيس الحركة وأنا الذي يقرر».
أجابه عزام ، لكنك سبق أن اتفقت مع الأخ أبو علاء على زيادة عدد الأعضاء عن الـ 650 عضواً..؟
سارع عبّاس إلى نفي ذلك ، ووصف قريع بأنه «كذاب».
وأضاف الرئيس : أريد منكم أن تبعثوا لي الأسماء فوراً. كان مفترضاً أن ترسلوا لي الأسماء في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر السبت لإعتمدها ، لكنكم لم ترسلوها.
عند هذا الحد ، رفض غنيم وقريع إرسال الأسماء للرئيس لأن هذه مهمة اللجنة التحضيرية ، وليست مهمة الرئيس..! وقالا على الرئيس أن يحدد مكان وزمان عقد المؤتمر أولاً..!
رد عبّاس قائلاً إنه يريد عقد المؤتمر في الداخل ، وأنه سيلتقي غداً (الإثنين) جميع رؤساء وأعضاء لجان الأقاليم في الضفة الغربية من أجل مناقشة موضوع عقد المؤتمر.
غير أن مصادر «الحقائق» تؤكد أن أكثر من نصف المدعوين من رؤساء وأعضاء الأقاليم قرروا مقاطعة اللقاء مع الرئيس..!
كما أن قرار الرئيس أثار حنق التنظيم في قطاع غزة الذي تم استثناءه.
وبدورها أكدت اللجنة على قرارها متابعة عملها حتى عقد المؤتمر ، رافضة قرار حلها الذي تبلغته عبر وسائل الإعلام ، ومن خلال تصريح لحكم بلعاوي ، خاصة وأنها شكلت بقرار من اللجنة المركزية في اجتماعها الكامل الذي عقد في عمّان برئاسة القدومي ، وذلك في تموز/يوليو 2005. وبالتالي ، فإن اللجنة المركزية هي صاحبة الإختصاص بحل اللجنة أو إبقائها.
ما الذي غير موقف غنيم وقريع تحديداً ، بعد أن ظلا يوافقا عبّاس على كل مقترحاته..؟
أسباب توحد اللجنة
لذلك جملة أسباب تلخصها المصادر فيما يلي :
أولاً : شعورهما بريبة كبيرة مما يخطط عبّاس للإقدام عليه من وراء ظهر اللجنة المركزية للحركة ، ومن وراء ظهر اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام.. خاصة وأنه بادر إلى تهنئة بنيامين نتنياهو بعيد الفصح اليهودي ، وأن القاهرة دعت رئيس وزراء إسرائيل لزيارتها الإثنين ، في ذات الوقت الذي يلتقي فيه عبّاس من يحضر من رؤساء وأعضاء الأقاليم.
ثانياً : رفض أعضاء اللجنة التحضيرية تحمل المسؤولية أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي عما يخطط له عبّاس من وراء ظهورهم.
ثالثاً : شعور أعضاء اللجنة أن عبّاس يعتزم أن يأخذ معه إلى واشنطن في زيارته المقررة في 29 الجاري ورقتين خطرتين هما :
1- حكومة جديدة برئاسة سلام فيّاض.
2- شطب حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال من أدبيات حركة «فتح».
ومن شأن ذلك أن يسهل على الرئيس الأميركي باراك أوباما الإعلان عن تصوره لحل القضية الفلسطينية من القاهرة ، في الرابع من حزيران/يونيو المقبل ، أي بعد ستة أيام من التقائه عبّاس ، دون وجود أية ضمانات تؤكد صدقية والتزام الرئيس الأميركي الجديد ، بما امتنع عن الإلتزام به جميع الرؤساء الأميركيين الذي سبقوه ، على ضآلة تلك الإلتزامات.
ثالثاً : سوء المعاملة التي خص بها عبّاس غنيم وقريع خلال الفترة الأخيرة ، حيث كان يتعامل معهما «بوجه ناشف» ، وبلغ الأمر به حد وصف قريع بالكذاب..!
النتائج المتوقعة لاجتماع الإثنين
هل يستطيع عبّاس أن يحصل على ورقة شطب حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الإحتلال من اجتماع الإثنين..؟!
تجيب المصادر إنها تثق بوطنية «رؤساء وأعضاء الأٌقاليم وممثلي اللجان الشعبية في المخيمات ، والأسرى والأسيرات ، والفنانين الفلسطينيين ، وأبطال الانتفاضة الأولى ، والاقتصاديين ، والمنظمات الشعبية ، والمجلس التشريعي ، والأكاديميين الفتحاويين والعسكريين ، والمفوضيات ، وممثلين عن هيئات الحركة في المجتمع المدني ، والمكتب المركزي الحركي للوزارات ، والمؤسسات التابعة للرئاسة ، وجميع الأطياف الحركية» التي سيلتقيها عبّاس ، ليشرح لها «كافة الأوضاع الوطنية بشكل مستفيض ، وكذلك سيؤكد قراره بعقد المؤتمر العام السادس في أقرب فرصة ممكنة ، ويوضح أمام الجميع بشكل تام جميع الأمور المتعلقة بالمؤتمر ، علماً أن سيادته قد قرر إنهاء عمل اللجنة التحضيرية» ، وذلك وفقاً لنص تصريح بلعاوي..!
المصادر تضيف مبدية أن عبّاس الذي يعمل على زعزعة وتفكيك حركة «حماس» ، وكل قوى المقاومة في الشعب الفلسطيني ، يعمل أيضاً على تفكيك الأذرع المقاومة لحركة «فتح».
عدم مسؤولية «حماس»
وتكشف المصادر في هذا السياق أن الدكتور نبيل شعث أبلغ اللجنة التحضيرية ، بحضور قريع رئيس وفد «فتح» المحاور مع «حماس» أن حركة المقاومة الإسلامية جادة في سعيها من أجل المصالحة والإتفاق ، وأنها ليست هي المسؤولة عن تعثر الإتفاق والمصالحة.
ويضيف شعث ، بحسب المصادر ، أن «حماس» وافقت على كل الشروط التي طرحها وفد «فتح» ، باستثناء الإعتراف بإسرائيل. وعليه ، فإن الطرف الآخر ، وفق شعث ، عضو وفد الحوار مع «حماس» ، هو المسؤول عن عرقلة المصالحة الوطنية الفلسطينية ، وهو الذي يعمل على تجويع شعبنا في غزة ، والحيلولة دون إعادة إعمار القطاع بعد العدوان الإسرائيلي الواسع الذي تعرض له خلال شهري كانون أول/ديسمبر وكانون ثاني/يناير الماضيين.
الأمور الفتحاوية تسير من سيئ إلى أسوأ ، كما تنبئ التطورات. وترى المصادر أنه إن لم يرتدع عبّاس ، ويرتجع عن نهجه السياسي ، فإن انشقاقاً كبيراً قادم في الطريق داخل حركة «فتح» ، من شأنه أن يخير الفتحاويين بين أن يتحولوا في الداخل إلى حزب السلطة ، بعد أن فشلت الحركة ، كما هو شأن جميع الأحزاب العربية التي تولت السلطة في بلدانها ، بإقامة سلطة الحزب ، أو أن ينتفض الجسد الفتحاوي ليرفض وينفض من بين صفوفه من يتمرد على الحركة ونظامها الأساسي ، وأطرها القيادية ، فضلاً عن الثوابت الوطنية للشعب والقضية الفلسطينية.
ويبدو أن الوقت لم يعد مبكراً لبحث وتقصي التطورات المتوقعة على هذا الصعيد خلال مقبل الأيام..!
عزام للرئيس : أخ أبو مازن توصلنا في اللجنة إلى أن عقد المؤتمر فقط بـ 650 عضواً «ما بظبط». قررنا أن يكون عدد أعضاء المؤتمر 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج ، مع إمكانية زيادة العدد بحدود تتراوح بين 100 ـ 200 عضو.
رد عبّاس منفعلاً رافضاً فكرة زيادة عدد أعضاء المؤتمر. وقال بصوت مرتفع «أنا رئيس الحركة وأنا الذي يقرر».
أجابه عزام ، لكنك سبق أن اتفقت مع الأخ أبو علاء على زيادة عدد الأعضاء عن الـ 650 عضواً..؟
سارع عبّاس إلى نفي ذلك ، ووصف قريع بأنه «كذاب».
وقع المحظور ، وانقلب محمود عبّاس رئيس السلطة الفلسطينية على اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس لحركة «فتح» ، فقرر حلها..!
وقررت اللجنة بدورها تحدي قرار الرئيس لعدم الإختصاص..! كما قررت مواصلة عملها حتى انعقاد المؤتمر العام السادس ، محملة عبّاس ضمناً المسؤولية عن تعطيل عملها ، ما يضع الموقف الفلسطيني أمام أحد خيارين : انقلاب عسكري ينفذه عبّاس ضد حركة «فتح» ، أو إعلان الأجهزة الأمنية ولاءها لحزب الثورة الحاكم ، والتخلي عن الرئيس ، بغض النظر عن الموقف المتوقع من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي..!
الأمور لم تجر بهذه الميكانيزمية ، والمباشرة ، وإنما اكتنفها الكثير من التكتيكات والمناورات ، أدت في نهاية المطاف إلى توحد اللجنة التحضيرية في غالبيتها الساحقة ، بمواجهة الرئيس الذي قاطع جل جلساتها طوال أربع سنوات ، كان يمطرها خلالها بقوائم متعددة ومتتالية من الأسماء التي يريد فرضها على عضوية المؤتمر ، حتى تجاوز عدد الأسماء المعتمدة قبل أيام قليلة الألفي عضو ، ما اضطر اللجنة التحضيرية إلى اختصار العدد إلى 1700 عضو ، فيما كان عبّاس يواصل إمطار اللجنة بالمزيد من القوائم.
وحين رفضت القائمة الأخيرة التي بعث بها بواسطة حكم بلعاوي ، وعلا الصراخ بين بلعاوي ونصر يوسف جراء ذلك ، وما رافق الصراخ من ضرب بلعاوي بعصا يوسف ، ارتأى عبّاس أنه قد حان الأوان للإنقضاض على اللجنة التحضيرية ، كما تؤكد المصادر ، لأنها رفضت الإنصياع لقرار الرئيس خفض عدد أعضاء المؤتمر من 1700 عضو ، وهو العدد الذي تضخم بفضل قوائمه ، إلى فقط 650 عضواً..!
مثل هذه المقدمات كان متصوراً أن تقود إلى نتيجة من طراز انفجار اجتماعات اللجنة التحضيرية ، التي بدأت دورتها الأخيرة السبت.
لكن ما حدث كان أكثر خطورة ، إذ انقلب الرئيس على اللجنة ، التي توحدت على تحدي قرار الرئيس..!
بلعاوي أول خطوات المناورة :
تقول التفاصيل أن حكم بلعاوي ، وفي إطار التكتيكات المتقابلة ، والمنخرط فيها الرئيس ، فور أن عاد من عمّان إلى رام الله ، وبعد أن وافقت اللجنة التحضيرية بالإجماع (باستثناء إبراهيم أبو النجا) ، على طلب الرئيس خفض أعداد أعضاء المؤتمر إلى 650 عضواً ، بادر إلى إصدار بيان ينفي فيه اتخاذ قرار خفض العضوية ، رغم توقيعه عليه..!
بيان بلعاوي الذي صدر بالإتفاق مع الرئيس ، وبطلب منه ، ومن وراء ظهر اللجنة التحضيرية ، أثار استياء معظم أعضاء اللجنة وخاصة رئيسها محمد راتب غنيم ، وعضوها أحمد قريع ، عضوا اللجنة المركزية ، وذلك لأسباب أهمها :
أولاً : أن بلعاوي أصدر بيانه المخالف للحقيقة من وراء ظهر اللجنة.
ثانياً : أن الرئيس الذي طلب خفض عدد أعضاء المؤتمر ، أراد من خلال بيان بلعاوي تحميل اللجنة مسؤولية القرار الخاطئ الذي اتخذه ، وأدى إلى انتفاضة في صفوف التنظيم ، والتنصل من مسؤوليته عن ذلك القرار ، والظهور في مظهر الحريص على تمثيل الجميع في المؤتمر ، خلافاً للحقيقة ، وذلك في إطار التحضير لخطوة انشقاقية داخل تنظيم «فتح».
ثالثاً : تغيب بلعاوي عن دورة الإنعقاد الحالية للجنة التحضيرية بطلب من الرئيس ، ما فهم منه أن الرئيس يدبر شيئاً من تحت الطاولة ، وأيضاً من وراء ظهر اللجنة.
لذا ، فإن محمد راتب غنيم (أبو ماهر) استهل الجلسة الصباحية ليوم السبت بتوجيه نقد حاد لبلعاوي ، الذي كان متغيباً ، وشاركه في ذلك أحمد قريع.
ما دام بلعاوي ، نفى باسم الرئيس ، وبالإتفاق مع الرئيس تقرير خفض عدد أعضاء المؤتمر إلى 650 عضواً ، فقد تراجع أعضاء اللجنة عن قرارهم ، الذي وافقوا عليه ، ابتداءً نزولاً عند رغبة الرئيس..!
القرار الذي أغضب عباس:
وفي جلسة صباح الأحد ، وبعد توافق غالبية اللجنة على العودة عن فكرة المؤتمر المصغر ، التزاماً بالنظام الداخلي ، الذي تتعارض نصوصه معه رغبة الرئيس ، وتجاوباً مع موقف التنظيم ، وعموم أبناء الحركة ، الذين عبروا عن سخطهم جراء ذلك القرار ، اقترح فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية رفع عدد أعضاء المؤتمر إلى ألف وأربعمائة عضو. وتشرح المصادر أن القدومي اقترح هذا الرقم ، بهدف عدم استفزاز الرئيس في هذه المرحلة الحاسمة من التحضير لعقد المؤتمر.
غير أن المفاجأة كانت حين اقترح أعضاء آخرين في اللجنة رفع العدد إلى أكثر من ذلك ، حتى قر القرار على أن يكون العدد 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج.
وبادر أبو ماهر إلى صياغة بيان يعلن فيه القرار المتخذ بالنص التالي :
«أكملت اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام السادس للحركة أعمالها المتعلقة ببند عضوية المؤتمر العام ، وقررت أن يكون عدد المؤتمر العام 1550 عضواً ، بحيث يتم تمثيل المواقع الحركية كافة وفقاً للنظام الأساسي.
كما قررت اللجنة التحضيرية عقد المؤتمر العام السادس في إحدى الدول العربية الشقيقة. هذا وستواصل اللجنة التحضيرية أعمالها إلى حين انعقاد المؤتمر وفقاً للأصول والنظام وفي أقرب وقت ممكن».
وأصبح مطلوباً إبلاغ عبّاس بقرار اللجنة ، بعد أن قرأ جميع أعضاء اللجنة الفاتحة بنية الإلتزام بالقرار الجماعي الذي اتخذوه.
القدومي طلب من أبو ماهر الإتصال بالرئيس وإبلاغه بالقرار ، فرفض. ورفض الأمر أيضاً أبو علاء. وعندها تطوع عزام الأحمد للقيام بهذه المهمة قائلاً إنه يريد أن يعلق الجرس..!
الأحمد يعلق الجرس
قال عزام للرئيس : أخ أبو مازن توصلنا في اللجنة إلى أن عقد المؤتمر فقط بـ 650 عضواً «ما بظبط». قررنا أن يكون عدد أعضاء المؤتمر 1550 عضواً ، وأن يعقد المؤتمر في الخارج ، مع إمكانية زيادة العدد بحدود تتراوح بين 100 ـ 200 عضو.
رد عبّاس منفعلاً رافضاً فكرة زيادة عدد أعضاء المؤتمر. وقال بصوت مرتفع «أنا رئيس الحركة وأنا الذي يقرر».
أجابه عزام ، لكنك سبق أن اتفقت مع الأخ أبو علاء على زيادة عدد الأعضاء عن الـ 650 عضواً..؟
سارع عبّاس إلى نفي ذلك ، ووصف قريع بأنه «كذاب».
وأضاف الرئيس : أريد منكم أن تبعثوا لي الأسماء فوراً. كان مفترضاً أن ترسلوا لي الأسماء في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر السبت لإعتمدها ، لكنكم لم ترسلوها.
عند هذا الحد ، رفض غنيم وقريع إرسال الأسماء للرئيس لأن هذه مهمة اللجنة التحضيرية ، وليست مهمة الرئيس..! وقالا على الرئيس أن يحدد مكان وزمان عقد المؤتمر أولاً..!
رد عبّاس قائلاً إنه يريد عقد المؤتمر في الداخل ، وأنه سيلتقي غداً (الإثنين) جميع رؤساء وأعضاء لجان الأقاليم في الضفة الغربية من أجل مناقشة موضوع عقد المؤتمر.
غير أن مصادر «الحقائق» تؤكد أن أكثر من نصف المدعوين من رؤساء وأعضاء الأقاليم قرروا مقاطعة اللقاء مع الرئيس..!
كما أن قرار الرئيس أثار حنق التنظيم في قطاع غزة الذي تم استثناءه.
وبدورها أكدت اللجنة على قرارها متابعة عملها حتى عقد المؤتمر ، رافضة قرار حلها الذي تبلغته عبر وسائل الإعلام ، ومن خلال تصريح لحكم بلعاوي ، خاصة وأنها شكلت بقرار من اللجنة المركزية في اجتماعها الكامل الذي عقد في عمّان برئاسة القدومي ، وذلك في تموز/يوليو 2005. وبالتالي ، فإن اللجنة المركزية هي صاحبة الإختصاص بحل اللجنة أو إبقائها.
ما الذي غير موقف غنيم وقريع تحديداً ، بعد أن ظلا يوافقا عبّاس على كل مقترحاته..؟
أسباب توحد اللجنة
لذلك جملة أسباب تلخصها المصادر فيما يلي :
أولاً : شعورهما بريبة كبيرة مما يخطط عبّاس للإقدام عليه من وراء ظهر اللجنة المركزية للحركة ، ومن وراء ظهر اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام.. خاصة وأنه بادر إلى تهنئة بنيامين نتنياهو بعيد الفصح اليهودي ، وأن القاهرة دعت رئيس وزراء إسرائيل لزيارتها الإثنين ، في ذات الوقت الذي يلتقي فيه عبّاس من يحضر من رؤساء وأعضاء الأقاليم.
ثانياً : رفض أعضاء اللجنة التحضيرية تحمل المسؤولية أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي عما يخطط له عبّاس من وراء ظهورهم.
ثالثاً : شعور أعضاء اللجنة أن عبّاس يعتزم أن يأخذ معه إلى واشنطن في زيارته المقررة في 29 الجاري ورقتين خطرتين هما :
1- حكومة جديدة برئاسة سلام فيّاض.
2- شطب حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال من أدبيات حركة «فتح».
ومن شأن ذلك أن يسهل على الرئيس الأميركي باراك أوباما الإعلان عن تصوره لحل القضية الفلسطينية من القاهرة ، في الرابع من حزيران/يونيو المقبل ، أي بعد ستة أيام من التقائه عبّاس ، دون وجود أية ضمانات تؤكد صدقية والتزام الرئيس الأميركي الجديد ، بما امتنع عن الإلتزام به جميع الرؤساء الأميركيين الذي سبقوه ، على ضآلة تلك الإلتزامات.
ثالثاً : سوء المعاملة التي خص بها عبّاس غنيم وقريع خلال الفترة الأخيرة ، حيث كان يتعامل معهما «بوجه ناشف» ، وبلغ الأمر به حد وصف قريع بالكذاب..!
النتائج المتوقعة لاجتماع الإثنين
هل يستطيع عبّاس أن يحصل على ورقة شطب حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الإحتلال من اجتماع الإثنين..؟!
تجيب المصادر إنها تثق بوطنية «رؤساء وأعضاء الأٌقاليم وممثلي اللجان الشعبية في المخيمات ، والأسرى والأسيرات ، والفنانين الفلسطينيين ، وأبطال الانتفاضة الأولى ، والاقتصاديين ، والمنظمات الشعبية ، والمجلس التشريعي ، والأكاديميين الفتحاويين والعسكريين ، والمفوضيات ، وممثلين عن هيئات الحركة في المجتمع المدني ، والمكتب المركزي الحركي للوزارات ، والمؤسسات التابعة للرئاسة ، وجميع الأطياف الحركية» التي سيلتقيها عبّاس ، ليشرح لها «كافة الأوضاع الوطنية بشكل مستفيض ، وكذلك سيؤكد قراره بعقد المؤتمر العام السادس في أقرب فرصة ممكنة ، ويوضح أمام الجميع بشكل تام جميع الأمور المتعلقة بالمؤتمر ، علماً أن سيادته قد قرر إنهاء عمل اللجنة التحضيرية» ، وذلك وفقاً لنص تصريح بلعاوي..!
المصادر تضيف مبدية أن عبّاس الذي يعمل على زعزعة وتفكيك حركة «حماس» ، وكل قوى المقاومة في الشعب الفلسطيني ، يعمل أيضاً على تفكيك الأذرع المقاومة لحركة «فتح».
عدم مسؤولية «حماس»
وتكشف المصادر في هذا السياق أن الدكتور نبيل شعث أبلغ اللجنة التحضيرية ، بحضور قريع رئيس وفد «فتح» المحاور مع «حماس» أن حركة المقاومة الإسلامية جادة في سعيها من أجل المصالحة والإتفاق ، وأنها ليست هي المسؤولة عن تعثر الإتفاق والمصالحة.
ويضيف شعث ، بحسب المصادر ، أن «حماس» وافقت على كل الشروط التي طرحها وفد «فتح» ، باستثناء الإعتراف بإسرائيل. وعليه ، فإن الطرف الآخر ، وفق شعث ، عضو وفد الحوار مع «حماس» ، هو المسؤول عن عرقلة المصالحة الوطنية الفلسطينية ، وهو الذي يعمل على تجويع شعبنا في غزة ، والحيلولة دون إعادة إعمار القطاع بعد العدوان الإسرائيلي الواسع الذي تعرض له خلال شهري كانون أول/ديسمبر وكانون ثاني/يناير الماضيين.
الأمور الفتحاوية تسير من سيئ إلى أسوأ ، كما تنبئ التطورات. وترى المصادر أنه إن لم يرتدع عبّاس ، ويرتجع عن نهجه السياسي ، فإن انشقاقاً كبيراً قادم في الطريق داخل حركة «فتح» ، من شأنه أن يخير الفتحاويين بين أن يتحولوا في الداخل إلى حزب السلطة ، بعد أن فشلت الحركة ، كما هو شأن جميع الأحزاب العربية التي تولت السلطة في بلدانها ، بإقامة سلطة الحزب ، أو أن ينتفض الجسد الفتحاوي ليرفض وينفض من بين صفوفه من يتمرد على الحركة ونظامها الأساسي ، وأطرها القيادية ، فضلاً عن الثوابت الوطنية للشعب والقضية الفلسطينية.
ويبدو أن الوقت لم يعد مبكراً لبحث وتقصي التطورات المتوقعة على هذا الصعيد خلال مقبل الأيام..!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق