وحتى قبل أن يتم الكشف عن تفاصيل هذه الخطة، فإنه يمكن القول أنه يستهدف للتصعيد، حيث إن يعلون معروف بمواقفه بالغة التطرف من حركة حماس، منذ أن كان رئيساً لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي.
في واقع الأمر هناك عدة مؤشرات تدلل بما لا يقبل الشك، على أن الحكومة الجديدة ستتبع نهجاً تصعيدياً في مواجهة حركة حماس وقطاع غزة، وهذا النهج لا يعكسه فقط التوجهات المتطرفة للأحزاب التي تشكل الحكومة، بل أيضا طبيعة التركيبة الشخصية لهذه الحكومة، حيث إنها تضم الساسة الأكثر تطرفاً الذين عرفتهم الخارطة السياسية الإسرائيلية في يوم من الأيام.
وتتلخص هذه المؤشرات في قرار نتنياهو استبدال الجنرال عوفر ديكل، المسؤول عن ملف الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس جلعاد شاليط، وتأكيد مستشاري نتنياهو على أنه سيعتمد نهجاً مغايراً في التعاطي مع ملف شاليط، بحيث أن كل ما تم التوصل إليه من تفاهمات مبدأية مع حماس سيوضع على الطاولة من جديد، وهذا مؤشر على إمكانية عدم قبول الحكومة الحالية المواقف التي قدمتها الحكومة السابقة بشأن إنهاء هذا الملف.
وليس من المستبعد أن يقصد مقربو نتنياهو من تغيير النهج، العمل على محاولة تحرير شاليط بالقوة في حال توفرت معلومات استخبارية، مع أن هذا احتمال يستبعده الأغلبية الساحقة من المراقبين في "إسرائيل".
وهنا يتوجب التذكير بأن أحد أهم بنود الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود برئاسة نتنياهو وحزب "اسرائيل بيتنا"، برئاسة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، البند الذي ينص بشكل واضح على أن إسقاط حكم حركة حماس هو هدف إستراتيجي للحكومة القادمة.
بغض النظر عن واقعية وجدية بلورة هذا الهدف، إلا أنه يدلل على البوصلة التي ستتخذها الحكومة الجديدة في تعاملها مع حماس.
في نفس الوقت، فإن وزراء الحكومة الجديدة، أطلقوا الكثير من التهديدات والدعوات العلنية لتصفية قيادة الحركة وتشديد الحصار على القطاع، في حال تم استئناف اطلاق الصواريخ ومن أجل الضغط لإطلاق سراح شاليط. ومن المؤشرات ذات الدلالة على نوايا الحكومة الجديدة، التدريبات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي حالياً استخلاصاً للعبر من الحرب السابقة.
في ذات الوقت، فإنه من الواضح تماماً أن نتنياهو يرى أن لديه هامش مناورة كبير، في مواجهة حركة حماس بفضل موقف السلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية من الحركة.
فعلى الرغم من مواقف نتنياهو المتطرفة على الصعيد السياسي، إلا أن السلطة تواصل التنسيق مع "إسرائيل" وتطارد المقاومة والمقاومين، وتضفي تشدداً على مواقفها من الحوار، ناهيك عن حرص عباس على تهنئة نتنياهو بالعيد اليهودي.
في نفس الوقت فإن تفجير النظام المصري الأزمة الأخيرة مع حزب الله، وشراسة الحملة الموجهة ضد الحزب؛ أقنعت نتنياهو بأنه على الرغم من تطرف حكومته، إلا أنه سيجد في بعض الدول العربية حليفا له.
لكن في المقابل لا يمكن إغفال عوامل أخرى، تصب في الاتجاه المعاكس، وقد تدفع نتنياهو ليكون أكثر حذراً في تعاطيه العسكري مع حركة حماس، وهي:
1 - وجود رغبة جماهيرية إسرائيلية عارمة بإنهاء ملف شاليط، فضلا عن أن وجود أحزاب فاعلة داخل الحكومة تضغط بانهاء ملفه مثل حركة شاس وحزب العمل، الى جانب إدراك بأنه لا يوجد حل عسكري لمشكلة شاليط.
2 - هامش المناورة المتاح أمام "إسرائيل" في العمل العسكري، في ظل الواضع الدولي الحالي محدود جداً، مع العلم أن أولمرت عندما شن حربه الأخيرة على القطاع، اختار توقيتها بدقة، فتمت في الفترة الرمادية الفاصلة بين عهدي بوش وأوباما. مع العلم أن حكومة نتنياهو تواجه مشكلة شرعية دولية، بسبب طابعها الحزبي ومواقفها السياسية.
3 - هناك جدول أولويات خاص بنتنياهو، حيث يتصدر البرنامج النووي الإيراني قائمة التهديدات التي تواجه "اسرائيل" في نظر رئيس الوزراء الجديد، وبالتالي فهذه الحكومة ستعطي لهذا الملف وزناً كبيراً، وإن كان هذا لا يعني أن تؤثر تنفيذ مخططات "إسرائيل" ضد ايران على مخططاتها ضد غزة أن وجدت، لكن بلا شك أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة في حال حققت انجاز على جبهة ايران، فهذا قد يؤثر على تقليص شهيتها لعمل عسكري في غزة.
4 - تدرك حكومة نتنياهو أن شن حرب على غزة كما فعلت حكومة اولمرت، لن يكون مجدياً إلا في حال اعادة احتلال القطاع.
وعلى الرغم من أن هناك عددا من وزراء الحكومة يؤيدون هذا الاقتراح، لكن الاغلبية الساحقة ترفضه وتتحفظ عليه، على اعتبار أنها وصفة لتوريط "إسرائيل" في المستنقع الغزي. وبالتالي فإنه من غير المستبعد أن تقوم "إسرائيل" بالعودة لعمليات التصفية ضد القيادات والنشطاء، في حال كان هناك مبرر علني لذلك. ومن غير المستبعد أن تحاول "اسرائيل" تصفية بعض قيادات الحركة في الخارج، بمعزل عن التطورات على الساحة الفلسطينية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق