بدا الوضع الميداني الباكستاني أكثر تدهوراً لجهة اندلاع الصراع المسلح بين القوات الباكستانية والجماعات الإسلامية المسلحة وعلى خلفية ذلك برزت بعض وجهات نظر الخبراء الأمريكيين التي تصدت لمقاربة مستقبل الوضع الباكستاني وجاءت أبرز المقاربات بواسطة ديفيد كيلسولين كبير مستشاري شؤون مكافحة التمرد السابق لكل من الإدارة الأمريكية وقائد القيادة الوسطى الأمريكية وتقول المقاربة بأن الدولة الباكستانية ستنهار خلال ثلاثة أو أربعة أشهر بما يمكن أن يؤدي إلى نشوء نموذج صومالي جديد في شبه القارة الهندية ولن يمنع ذلك سوى قيام إدارة أوباما بتطبيق خطة تدخلية فاعلة تقوم على الخطط المدروسة بعناية ودقة.
* ماذا تقول المعلومات؟
عقدت مؤسسة جيمس تاون الأمريكية ذات الطابع البحثي الاستخباري مؤتمراً موسعاً تحت عنوان «تخوم باكستان المضطربة: مستقبل منطقة القبائل ومحافظة الحدود الشمالية – الغربية».شارك في المؤتمر لفيف من خبراء مراكز الدراسات وكبار المسؤولين الأمريكيين المعنيين بشؤون الصراع في شبه القارة الهندية ويمكن تلخيص النتائج التي توصل إليها المؤتمر في النقاط الآتية:
• تواجه باكستان حالة انقسام اجتماعي خطير بين سكان المدن الكبيرة الذين يدعمون استمرار النظام الديمقراطي الحالي ويطالبون بالمزيد الديمقراطية وبين سكان الريف الذين يدعمون قيام دولة إسلامية خالصة.
• تعاني القيادة الباكستانية من التفكك بما ترتب عليه إضعاف تماسك الدولة ويمكن ملاحظة ذلك على النحو الآتي:
- جهاز المخابرات الباكستانية أصبح يعمل بمعزل عن الحكومة وعن الجيش.
- الجيش الباكستاني أصبح يعمل بمعزل عن الحكومة وجهاز المخابرات.
- الحكومة أصبحت غير قادرة على السيطرة لا على الجيش ولا على جهاز المخابرات.
• تعاني النخبة الباكستانية من تعدد المذهبيات المتعاكسة ويتضح ذلك على النحو الآتي:
- تعتمد الحكومة الباكستانية مذهبية التحالف مع أمريكا والغرب كوسيلة لحفظ الاستقرار الداخلي وموازنة الخطر الهندي.
- تعتمد المخابرات الباكستانية مذهبية التعاون مع الحركات المسلحة الأصولية الإسلامية من أجل ردع الهند.
- يعتمد الجيش الباكستاني مذهبية تطوير القدرات النووية من أجل ردع الخطر الهندي.
• لعبت التوجهات العسكرية – الأمنية – السياسية التي نفذتها إدارة بوش دوراً كبيراً في تعبئة احتقانات العنف السياسي – الديني داخل باكستان.
• استمرار إدارة أوباما في دعم تنفيذ عمليات القصف الجوي ضد بعض المناطق الباكستانية سيترتب عليه ليس تزايد العداء ضد واشنطن وإنما تزايد العداء للحكومة الباكستانية إضافة إلى تزايد تأييد السكان المحليين للحركات الأصولية الإسلامية الباكستانية التي أصبحت تقوم حالياً بدور الحامي للسكان الريفيين من خطر القوات الأمريكية وقوات الحكومة الباكستانية.
استنتاجات مؤتمر مؤسسة جيمس تاون حول مستقبل الوضع الباكستاني لا يمكن الاستهانة بها لأنها ضمت كل أطراف النخبة الأمريكية التي ظلت معنية بعملية صنع القرار وإعداد الدراسات السياسية والاستراتيجية المتعلقة ليس بالساحة الباكستانية والأفغانية فحسب وإنما بكامل منطقة شبه القارة الهندية.
* ما الذي يجري حالياً في المسرح الباكستاني؟
تقول المعلومات والتقارير أن تحالفاً تقوده حركة طالبان الباكستانية التي يتزعمها الزعيم الباشتوني بيت الله محسود قد نجح خلال الفترة الماضية بالقيام بضم الأغلبية العظمى من الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة وأكدت المعلومات أن هذا التحالف قد استطاع إكمال الترتيبات الآتية:
• الانتشار في كافة المحافظات الباكستانية.
• بناء شبكة من الخلايا السرية.
• تزويد كل محافظة باحتياجاتها من السلاح والعتاد.
• بناء خطوط الإمداد والاتصال السرية بين المحافظات.
• بناء أجهزة دعائية قوية لجهة التأثير على الرأي العام في المحافظات الباكستانية.
• الاختراق والتغلغل في أجهزة المخابرات والجيش الباكستاني.
على خلفية هذه الاستعدادات بدأ هذا التحالف التقدم باتجاه الاستيلاء على السلطة في المحافظات واحدة تلو الأخرى وطرد قوات الجيش والأمن الباكستاني وإعلان قيام الإمارة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية.تحاول القوات الباكستانية حالياً منع المسلحين الأصوليين من السيطرة على المحافظات الواقعة في وسط باكستان أما المحافظات الشمالية فقد أصبحت واقعة في قبضة هذه الحركات بشكل أصبح معه من الصعب إن لم يكن من المستحيل على القوات الباكستانية والقوات الأمريكية وقوات الناتو السيطرة عليها واستعادتها تحت مظلة السلطة الباكستانية.
أكد خبراء مؤتمر مؤسسة جيمس تاون على ضرورة قيام إدارة أوباما بتطبيق الخطة الآتية لإنقاذ باكستان من الوقوع في قبضة الحركات الأصولية الإسلامية:
• وقف الغارات الجوية الأمريكية ضد المناطق الباكستانية.
• تقديم الدعم للحكومة الباكستانية.
• تقديم الدعم الكبير لقوات الشرطة الباكستانية.
• تقديم الحوافز الكافية لإعادة التماسك لقوام الدولة الباكستانية بحيث يتم الجمع بين قائد المخابرات وقائد الجيش وقيادة الحكومة من أجل توحيد قنوات عملية صنع واتخاذ القرار السياسي الباكستاني.
• تقليل الضغط العسكري في المسرح الأفغاني مع زيادة الضغط العسكري في المسرح الباكستاني ستدفع الحركات الأصولية الإسلامية الباكستانية إلى الانسحاب باتجاه الأراضي الأفغانية وهو أمر سيساعد في إفراغ المسرح الباكستاني من الكثير من المسلحين الأصوليين.عموماً، من الصعب القول أن إدارة أوباما ستلتزم حرفياً بتوصيات مؤتمر مؤسسة جيمس تاون لأن الذي يحدد الاستراتيجية العسكرية – الأمنية في المسرحين الباكستاني والأفغاني هو قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال ديفيد بتراوس الذي كان قائداً للقوات الأمريكية في العراق وعلى الأغلب أن يتمادى بتراوس في محاولة تطبيق نفس سيناريو العنف العراقي الذي تورطت فيه القوات الأمريكية في العراق خلال عامي 2006 و2007..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق