إيران: زمن الضربات العسكرية والتلويح بخيار الحرب ضد إيران ، ولّى على ما يبدو ، والحوار الأمريكي - الإيراني هو الوعاء الاستراتيجي الذي سيجري في إطاره تذويب المعارضة الإيرانية الحادة للعملية السلمية ، وستكون هناك رزمة حوافز لإيران تدفعها للتفكير بتليين موقفها الرافض للعملية السياسية ، وتقليص دعمها لما يسمى قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة ، وإن لم تنجح الحوافر في دفع إيران لتغيير سلوكها ، إلا أنها قد تفلح في دفع آخرين لفعل ذلك فتقبى إيران معزولة في نهاية المطاف ، ومجبرة على تغيير سياساتها.
رد الفعل الإيراني المحتمل: لا يمكن قراءة موقف الرئيس الإيراني أحمد نجاد في مقابلته مع تلفزيون ABC الأمريكي والذي قال فيه أن بلاده تقبل بما يقبل به الفلسطينيون ولا تعارض خيار "دولتين لشعبين" ، لا يمكن قراءة هذا الموقف بمعزل عن الغزل الأمريكي- الإْيراني ، بل يمكن القول أن الرئيس نجاد كان يقصد "لفت انتباه" الأمريكيين إلى "الساحة" التي يمكن لإيران أن تدفع منها لحساب أمريكا وإسرائيل ، مقابل ما ستحصل عليه من اعتراف بدورها الإقليمي ورفع الحصار المضروب عليها ، والقبول بخيارها النووي (السلمي) ، هي إذن رسالة تطمين وكتاب نوايا لما يمكن أن يكون عليه الموقف الإيراني مستقبلا.
سوريا: الولايات المتحدة لا تريد استثناء سوريا من "مسارات التفاوض والسلام" وهي تدخلها في حسابات "الرزمة المتكاملة" التي تتحدث عنها ، وأوروبا تدعم هذا التوجه ، ونتنياهو وفقا لمصادره ، يفضل تقديم المسار السوري على المسار الفلسطيني ، وهو ما يثير تحفظ وقلق عواصم الاعتدال العربي التي تريد التحرك على مسارات متوازية ، وإن تعذر ذلك فتقديم المسار الفلسطيني على ما عداه من مسارات ، الحوار الأمريكي - السوري متواصل عبر قناة فيلتمان - شابيرو ، وهو مرشح للارتقاء في شكله ومضمونه ومستوى المتحاورين بعد الانتخابات اللبنانية وفي ضوء نتائجها ومجرياتها وفي ضوء مراقبة الأداء السوري في ملفي العراق ولبنان على وجه الخصوص.
رد الفعل السوري المحتمل: سوريا في العلن تؤيد الدخول في مفاوضات مباشرة (بشروط) أو غير مباشرة مع إسرائيل ، حتى بوجود حكومة يمينية بزعامة نتنياهو ، سوريا مهتمة أساسا باستعادة علاقاتها مع الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية.. سوريا التي تحافظ على علاقة استراتيجية مع إيران ، تتجه لاتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن طهران وأكثر تقرّبا من الغرب ، ثم أن المصادر السورية المطلعة تقرأ التقارب الشديد بين أنقرة ودمشق ، بوصفه "عنصر التوازن" الذي يقابل ويعادل التحالف بين دمشق وطهران ، سوريا لا تريد أن تكون "محشورة" في محور واحد مع إيران وحماس وحزب الله ، ولكنها لا تريد أن تقطع مع هذا المحور ، وتسعى في الوقت ذاته لعلاقات متطورة مع الغرب والاعتدال العربي.
حماس وحزب الله: لا تزال الولايات المتحدة - وإسرائيل - بالطبع على مواقفها المعروفة من هاتين المنظمتين لكن لغة القطع والقطيعة ، لم تعد مستخدمة ، وهناك محاولات جس نبض تجري عبر وسطاء ، وضغوط لدمج هذه القوى في العملية السياسية ، ومن بوابتي الحوار مع سوريا وإيران ، وعبر وسطاء عرب مؤثرين ، والمتوقع أن تتأثر مواقف هذه التنظيمات بما ستؤول إليه الحوارات الأمريكية مع كل من دمشق وطهران.
في فلسطين ، ينظر للحوار الوطني وجهود المصالحة ومبادرات التهدئة ورفع الحصار وفتح المعابر وتبادل الأسرى ، بوصفها عناوين اختبار لحماس ، حيث يتوقف مصير هذه الملفات ومصير العلاقة مع حماس (علاقة الغرب والمعتدلين العرب - وربما إسرائيل) على الكيفية التي ستتصرف بها حماس حيال هذه الملفات المتداخلة والشائكة.
وفي لبنان ، ينظر للانتخابات المقبلة ونتائجها وكيفية سلوك حزب الله في ضوئها بوصفها "معايير" للحكم على سلوك حزب الله وادائه في المرحلة المقبلة.
رد حماس المتوقع: حماس تصر على عدم تخليها عن مواقفها المبدئية و"ثوابتها" بيد أنها ، وهي تستشعر رياح التغير في المشهدين الدولي والإقليمي ، لا تكف عن إطلاق الرسائل وبث التعهدات المطمئنة ، ومنها على سبيل المثال: مقابلة خالد مشعل مع النيويورك تايمز: حماس تقبل بدولة فلسطينية (فقط) على الأراضي المحتلة عام 67 ، حماس لن تكون إلا جزءا من الحل ، حماس مستعدة لتهدئة بعيده المدى (بالمناسبة حماس تمنع إطلاق الصواريخ وتعتقل مطلقيها) ، حماس تحترم الاتفاقيات المبرمة ، وجميع هذه العناوين ، هي صياغات مختلف لإجابات تسعى للتكيف - المتدرج - مع شروط الرباعية الدولية الثلاثة من جهة ، وتحفظ ماء وجه حماس وبتقي وحدة تياراتها وأجنحتها المختلفة من جهة ثانية.
رد حزب الله المتوقع: شأنه شأن حماس ، لن يتخلى الحزب عما يسميه "ثوابت ومبادئ" ، بيد أنه سيظهر التزاما أعلى "بلبنانيته" على حساب "عروبته وإسلاميته" ، وسيولي الحزب اهتماما أكبر بالشأن الداخلي ، خصوصا إذا ما فازت المعارضة بغالبية مقاعد مجلس النواب وشكلت الحكومة المقبلة ، عندها سيسعى الحزب إلى التصرف بمسؤولية أعلى. وللبحث صلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق