الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

هل سيتوسل عرب (النعاج) للأمريكيين للبقاء في الخليج؟

هل سيتوسل عرب (النعاج) للأمريكيين للبقاء في الخليج؟


ايران "الرابح الأكبر" من الاكتفاء الذاتي الأمريكي في مجال الطاقة:



في أخر تقرير صدر عن وكالة الطاقة الدولية بخصوص موضوع آفاق الطاقة العالمية جاء فيه: ستصبح الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2020 أكبر دولة منتجة للنفط في العالم متخطية بذلك السعودية وحتى عام 2030ستحقق اكتفاء ذاتيا في مجال الطاقة، الأمر الذي يحمل تداعيات سلبية لباقي دول العالم، وفي حال استغنت الولايات المتحدة عن نفط الشرق الأوسط ستنخفض أهمية المنطقة بالنسبة لواشنطن ولن تشكل أولوية في السياسة الأمريكية.

هناك مسافة كبيرة تفصل الخليج العربي عن أمريكا وقبل الحرب العالمية الثانية لم يجد الكثير من الأمريكيين سبباً للسفر إلى هذه المنطقة والاحتفاظ بوجود عسكري دائم فيها.

تصاعد الطلب العالمي على النفط بعد الحرب العالمية حيث استهلكت أمريكا بالتدريج احتياطها الداخلي بشكل كبير، وعندما انضمت الشركات النفطية الأمريكية إلى المجتمع الدولي لإيجاد مصادر جديدة للطاقة اكتشف الجيولوجيين أن ثلثي احتياطي النفط العالمي وثلث احتياطي الغاز الطبيعي موجود تحت أراضي دول الخليج وهذا الأمر جعل موضوع تأمين أمن الدول النفطية الخليجية يشكل هاجس رئيسي للقادة العسكريين الأمريكيين.

وفي الوقت الراهن هناك احتمال لتتغير هذه الحالة حيث يتحدث أخر تقرير صدر عن وكالة الطاقة الذرية حول آفاق الطاقة العالمية عن أنه في عام 2020 ستصبح الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة منتجة للنفط في العالم متخطية بذلك السعودية وحتى عام 2030ستحقق اكتفاء ذاتي في مجال الطاقة، لأن استخدام تقنيات حفر جديدة وإيجاد طاقة بديلة وتخفيض الاستهلاك ساهم في تخفيض الحاجة إلى استيراد النفط. ومن الممكن أن تعتمد أمريكا على النفط الكندي أو الفنزويلي أو نفط الدول الأخرى لكن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن تستهلك الدول الأسيوية 90% من النفط المستخرج في منطقة الخليج، الأمر الذي يحمل تداعيات سلبية لباقي دول العالم، وفي حال استغنت الولايات المتحدة عن نفط الشرق الأوسط ستنخفض أهمية المنطقة بالنسبة لواشنطن ولن تشكل أولوية في السياسة الأمريكية.

يعتقد الكثير من المحللين أن؛ البنية العالمية الواحدة للوقود الأحفوري ستورط أمريكا في هذه المنطقة، نظراً إلى أن سعر الغاز الطبيعي حالياً يتحدد بالتناسب بين نفقات الوقود في أوربا وآسيا الشرقية وعلى ما يبدو الأسعار العالمية غير منسجمة جداً.

الإطلاع على تاريخ النفط في العالم قبل بدء الحرب العالمية الثانية يظهر أن قضية الرغبة الأمريكية في استقلال مواردها من الطاقة موضوع ليس جديد لأن آسيا لها احتياجاتها الخاصة.

في المستقبل القريب الواقع ينبئ باحتمال عدم وجود رغبة أو قدرة لدى أي دولة غربية لتصبح شرطي الخليج العربي، في أواخر عام 1700 أخذت بريطانيا على عاتقها هذه المهمة واستمرت فيها حتى الحرب العالمية الثانية لكن بعد الحرب تغيرت ظروفها بشكل سيء وخسرت بسرعة كبيرة كل قواعدها العسكرية في شرق السويس، وعندما تضاءل الدور البريطاني في الشرق الأوسط تعاظم الدور الأمريكي بشكل ملحوظ-وخصوصاً بعد توالي أزمات الطاقة المفتعلة من قبل أعضاء اوبك- ما أوجد تحذيراً لواشنطن حدد لها إلى أي مستوى يجب أن يكون لها ارتباط متزايد بالنفط الخارجي. لذلك اعتاد البنتاغون على قضية ضمان عبور النفط من مضيق هرمز و الحفاظ على التواجد العسكري الأمريكي الدائم في منطقة الخليج العربي وأطرافها كما أصبح موضوع إرسال قوات برية بشكل دوري لحماية الدول الضعيفة المنتجة للنفط أمراً اعتيادياً لدى وزارة الدفاع الأمريكية.

إلا أنه لا شيء يدوم طويلاً واليوم بنوع من استقلال الطاقة وتأمين الاحتياجات الاقتصادية يمكن أن يؤدي إلى إنزواء أمريكا بشكل أكبر كما حدث للعاصمة لندن بعد الحرب، لذلك هناك احتمال واقعي لتسلك واشنطن الطريق نفسه الذي سلكته لندن عام 1960، النهج العسكري الجديد الذي تتبعه حكومة أوباما في منطقة آسيا- أوقيانوسيا ربما يكون أول مؤشر يدل على أن أمريكا فقدت الرغبة في تأمين أمن الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط.

والآن يجدر التساؤل؛ في حال اتخذت أمريكا قرارا بأن لا تكون بعد الآن شرطي منطقة الخليج العربي فمن هم الرابحون والخاسرون؟

ستكون دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للنفط أكبر الخاسرين لأن أغلب حكام هذه الدول يحتفظون بمناصبهم بسبب عائدات النفط وتواجد القوة العسكرية الأمريكية. وبوجود عائدات النفط المرتفعة لا توجد دولة خليجية سوى السعودية لديها قوة كافية –في حال خروج أمريكا من المنطقة- للدفاع عن نفسها مقابل الضغوطات العسكرية للدول الأخرى.

إن الفراغ الذي سينتج في حال خروج أمريكا من الخليج العربي سيجبر دول كالبحرين وقطر للهرولة وراء حماة عسكريين جدد أو ربما يستسلمون لنفوذ القوى العظمى في المنطقة أو للصين.

الخاسر في المرتبة الثانية ستكون اقتصادات دول شرق آسيا وبحسب وكالة الطاقة الدولية ستصبح هذه الدول خلال السنوات القادمة المشتري الرئيسي لنفط الخليج.

ترتبط بشدة الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان بموضوع عبور النفط من مضيق هرمز لكن للحصول على ضمانات لعدم اختلال عبور النفط نتيجة نشوب اضطرابات محلية أو إقليمية لن يقدموا على اتخاذ أي إجراءات خاصة لمنع حدوث مثل هذا الاحتمال، لكن في حال خرجت أمريكا من الخليج ستجبر هذه الدول على لعب دور عسكري أكبر في الشرق الأوسط أو عليها أن تجد مصادر نفطية أخرى.

وهناك احتمال لتكون اسرائيل خاسراً كبيراً في حال حدث هذا الأمر حيث أن واشنطن أنفقت مليارات الدولارات طوال هذه السنوات بهدف حماية أمن اسرائيل لأنه من الصعب على أمريكا فصل قضية تأمين أمن اسرائيل عن قضية تأمين أمن النفط في الشرق الأوسط. كما أن القوات العسكرية والخطط العسكرية الأمريكية التي تساعد في حماية اسرائيل هي نفسها التي تحمي الدول العربية المنتجة للنفط.

لكن إذا تقرر تخفيض الدور الأمريكي في ضمان أمن النفط سيكون من الصعب جداً التغاضي عن الميزانيات المخصصة للدفاع عن إسرائيل وهذا الأمر يمكن أن يجبر تل أبيب أن تعتمد على نفسها بشكل أكبر. في هذه الفترة سيكون هناك رابحين بالطبع وأحد هؤلاء ستكون إيران ولن ترى طهران بعد اليوم أن الوجود العسكري الأمريكي يقف عائقاً أمامها، لذا فإن التعداد السكاني الكبير لإيران ومصادرها الاقتصادية الضخمة يتيحان لها خلال فترة زمنية أن تهيمن على المنطقة، كما أن دافعي الضرائب الأمريكيين سيستفيدون جراء خروج قوات بلادهم من منطقة الخليج. لكن إلى أي مستوى سيصل ربحهم؟

سنوياً سيتم توفير 100 مليار دولار أو أكثر في الميزانية لأن السبب الرئيسي للتواجد والانتشار العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط -بعد مضي قرنين من تاريخ تأسيس الولايات المتحدة حيث لم يكن لهذه القوات أي دور في المنطقة- هو وجود النفط في المنطقة، والآن مع انخفاض تعداد الجيش الأمريكي وإسناد مهمات محدودة له في العالم سيوفر الأمريكيون سنوياً أكثر من 100 مليار دولار في ميزانيتهم.

المصدر: بولتن نيوز



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق