للطرف الاسرائيلي يوجد دور في الوضع: في الجيش وفي المخابرات الاسرائيلية يتحدثون (لغير الاقتباس أو النشر، بالطبع) عن أن الجمود السياسي ينتج احباطا يجد تعبيره في أعمال اخلال بالنظام، ويعترفون بقدر اقل في أن السبيل الذي انتهت اليه حملة "عمود السحاب" (في مفاوضات أعطت لحماس انجازات كثيرة) عزز المنظمة الاسلامية، أضعف فتح وأدى الى ضغط شديد من الشارع على رجال قوات الامن الفلسطينيين لعدم التعاون مع اسرائيل و "ليكونوا مثل حماس".
ومع ذلك، فان لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) مسؤولية أكبر في خلق الواقع الجديد: على خلفية ضغط الشارع والجمود السياسي حيال اسرائيل بادر الى خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الامم المتحدة، ودعا صراحة الى أعمال "الاحتجاج الشعبي" التي الحدود بينها وبين "الارهاب الشعبي" رقيقة جدا.
كان بود أبو مازن أن يسيطر على "مستوى اللهيب" (خلافا لياسر عرفات الذي لم يكن حقا معني بذلك مع اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول 2000). بل ان ثمة في الاونة الاخيرة مؤشرات على أن قوات الامن الفلسطينية تحاول السيطرة على موجة العنف، ولكن للواقع توجد آلية خاصة به. كل حدث يصاب فيه فلسطينيون، مثل القتل أمس في الحرم الابراهيمي، يشعل الخواطر – وأحداث "شارة الثمن" من المستوطنين (مثل "اجتياح" رام الله اول أمس والذي كاد لا يلقى اي تغطية اعلامية في اسرائيل) تصب مزيدا من الزيت على النار.
والتتمة تبدو مرتقبة: اللهيب سيخرج عن سيطرة ابو مازن في الاسابيع القادمة، الا اذا كان تطور مفاجيء. ومن يوجدون منذ الان في الوسط، بلا وسيلة تقريبا، هم الجنود وشرطة حرس الحدود: اذا ما امتشقوا السلاح بسرعة عند شعورهم بخطر الحياة، مثل نار الشرطية في الحرم الابراهيمي أمس، فقد يشعلون النار في الميدان. أما اذا امتنعوا عن استخدام السلاح، مثلما في الاحداث المحرجة التي هرب فيها الجنود من أمام المشاغبين في أثناء الايام الاخيرة، فسيسجل مس شديد بالردع الاسرائيلي المتهالك على اي حال في هذه الفترة.
لشدة الحظ، رغم الاحاديث عن الحاجة الى تعليمات جديدة لفتح النار، لا يمكن انتاج أي كتاب تعليمات يقول للجنود كيف يتصرفون عندما يشعرون بالخطر على الحياة، وسيتعين عليهم أن يتخذوا القرارات المصيرية في أجزاء من الثانية ايضا. الاشكالية هي في الواقع على الارض، وليس في التعليمات نفسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق