وقال بن يشاي إن الانتفاضة الأولى مع ما رافقها من استخدام للسلاح والزجاجات الحارقة والحجارة، جاءت بحركة حماس وتوجتها عاملا وطرفا رئيسا في المعادلة الفلسطينية – الإسرائيلية.
أهداف أبو مازن من هذه التهديدات
ويرى بن يشاي أن الأحداث الأخيرة، في الخليل وقدّوم، قد تكون مؤشرا لاندلاع موجة عنف شبيهة في الضفة الغربية، وقد تؤدي كليا بالتهدئة الهشة التي تمّ التوصل إليها بفعل حملة "عامود السحاب". ويدعي بن يشاي أن هذا ما يريده أبو مازن الذي اهتم بافتعال توتر حقيقي ميداني من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية. صحيح أنه يتحدث، ومع رجاله عن "انتفاضة سلمية" و"مقاومة شعبية" غير عنيفة لكن يبدو في الفترة الأخيرة تصعيد في عدد أعمال رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في الضفة الغربية، سعيا لتحقيق عدة أهداف منها: تهديد حكومة إسرائيل حتى تتوقف الأخيرة عن خطواتها التي اتخذتها ردا على التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، تعزيز مكانته في مواجهة حركة حماس، وتحييد أثر الانتصار الذي تنسبه المنظمات الإسلامية لنفسها. وأيضا وكالعادة الحصول على مساعدات مالية من الدول العربية والولايات المتحدة والأوروبيين لملء خزينة السلطة الفلسطينية، وإلا لن يتوفر المال لأجهزة الأمن الفلسطينية.
ويبرز بن يشاي في هذا السياق أيضا هدفا آخر يدعي أن أبا مازن يسعى لتحقيقه فيقول إن هناك هدفا آخر هو طبعا محاولة أبي مازن لتعزيز قوة معسكر الوسط واليسار في المعركة الانتخابية. وبحسب بن يشاي فإن التهديدات التي يطلقها أبو مازن في كل مكان، والتحذير من خطر انتفاضة ثالثة ليست فارغة المضمون، فالرجل الذي يهدد "بمقاومة غير عنيفة" يواجه مشكلة حقيقية ميدانيا. إذ ترصد الجهات المختلفة غليانا متصاعدا في أراضي الضفة الغربية، وتصاعدا في التأييد الشعبي لحركة حماس التي ترفع لواء "الكفاح المسلح" وهو أمر يصح على نحو خاص بعد عملية "عامود السحاب". ويظهر جليا في الضفة الغربية.
ويضيف أن أبا مازن المحبط يحاول ركوب هذا النمر، حتى يرفد تهديداته لإسرائيل والعالم بمصداقية. فقد أوقف مؤخرا عمليات اعتقال ناشطي حماس في الضفة الغربية، ويسمح لهم حاليا بالتظاهر، ويعلن أنه يعتزم المضي قدما في مشروع المصالحة الفلسطينية الداخلية. فالشارع الفلسطيني ينتظر هذه المصالحة، بينما تشكل المصالحة خطرا سياسيا على أبي مازن نفسه. ووفقا لجهات مختصة يبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية عاجز عن السيطرة على ألسنة اللهب، لكن بمقدوره خفضها إذا حقق أهدافه. لكنه قد يفقد السيطرة.
ويرى بن يشاي، نتيجة لما ذكر أعلاه أن سلوك الجيش والحكومة، في الأسابيع القادمة، مهم جدا. ويدعي أن دور أبي مازن في الجمود السياسي لا يقل عن مساهمة نتنياهو وليبرمان. ويجب الاعتراف أيضا أن الطرفين ليسا معنيين حاليا، كلُ لأسبابه الخاصة به، باستئناف عملية الحوار السياسي، ففي ظل الجو السائد حاليا فإن خيبة الأمل من عدم إحراز تقدم في المسيرة السياسية قد تؤدي إشعال الضفة الغربية كليا. ولكن يمكن المساهمة في تخفيف حدة الأوضاع، والسيطرة عليها من خلال خطوات صغيرة على الرض وعبر مساعدات أمريكية – عربية.
سياسة ضبط النفس خاطئة
ويصل بن يشاي إلى القول إن "ضبط النفس" الذي فرضه الجيش الإسرائيلي على قواته في الضفة الغربية مشتق من الاعتقاد السائد بالأساس، في جهاز الأمن، وبتوجيه من وزير الأمن إيهود باراك. لكن يبدو أن هذا "الضبط للنفس بدأ يتحول إلى ضربة مرتدة ضدنا"، فالشبان الفلسطينيون يستلهمون المتعة والسرور من مشاهدة مقاطع الفيديو التي تظهر الجنود يفرون من من راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة، مما يزيد من درجة الغليان.
ويقول بن يشاي، صحيح أن سقوط قتيل فلسطيني أو أكثر قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع، كما يقول أحد قادة "أغودات أيوش"، لكن إرسال قوات صغيرة لقمع أعمال شغب هو بالتأكيد وصفة لإرباك القوة ودفعها نحو استعمال الأعيرة النارية، أو الفرار من المكان بدلا من ذلك. ويؤدي كلا الردين إلى زيادة الغليان وتصعيد الاحتكاك، ويبدو أن الجيش بدأ يكرر هذه المرة من جديد نفس الأخطاء التي ارتكبها في الانتفاضة الأولى. فالعمل وفق قوات صغيرة العدد لن يردع مثيري الشغب لم تردع مثيري الشغب لكنها اضطرت الجنود إلى إطلاق النيران الحية و"صناعة الشهداء" لفتح وحماس. لذلك على الجيش أن يغير نمط سلوكه وأن يخلق لنفسه تفوقا عدديا وكميا في مواجهة أعمال الشغب، وفي الوقت نفسه أن يبادر لعمليات تجنبه الاحتكاك والغليان في الشارع الفلسطيني، والأهم من ذلك منع عمليات "جباية الثمن" التي من شأنها أن تجبي منا جميعا ثمنا باهظا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق