السبت، 15 ديسمبر 2012

الوثيقة الفاضحة ..... الكاتب هاني العقاد

فيما تسعي القيادة الفلسطينية في واحدة من سياسات هز الخصم لإطلاق مبادرة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل على أسس تفضي إلى صيغة لإنهاء الصراع الطويل ويسعي الفلسطينيون إلى توفير الدعم العربي والدولي لهذه المبادرة التي تقضي ببدء المفاوضات من النقطة التي انتهت منها وان تلتزم إسرائيل بوقف كامل الأنشطة الاستيطانية في حدود العام 1967 وإطلاق كامل الأسري الفلسطينيين قبل وبعد العام 1994 , وسيعرض الفلسطينيين بالطبع مبادرتهم على الأمريكان و أوروبا و الصين وروسيا بحلول يناير 2013 , و بالطبع تؤدي المبادرة في النهاية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967.


وقد تسبق هذه المبادرة أحداث دراماتيكية شعبية على الأرض نتيجة لحالة الإحباط الكبير الذي وصل إليه الشعب الفلسطيني وهو ما يطلقوا علية الآن مصطلح الانتفاضة الثالثة والتي تبدو ملامحها تتضح شيئا فشيئا هذه الأيام.
وقد تكون هذه المبادرة هي المبادرة الأخيرة قبل أن تشتعل المنطقة بهذه الانتفاضة , وتبدو هذه المبادرة من نوعها مبادرة لصناعة انطلاقة نحو الحل النهائي الذي أعاق الوصول إليه التطرف الإسرائيلي الذي أنتج نتنياهو و ليبرمان الذين قادوا اليمين المتطرف لحكومة تعمل على أعادة مسيرة السلام إلى نقطة الصفر و بالتالي ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني وقيادته.



في هذا الوقت تطل علينا وثيقة أمريكية فاضحة خاصة بالرئيس الأمريكي اوباما وزعت الأسبوع الماضي على جميع أجهزة الاستخبارات الأمريكية وقد تكون بالطبع وصلت للعديد من أجهزة المخابرات العربية ومعظم دول الشرق الأوسط, وهذه الوثيقة تعتبر في وجهة نظري من اخطر الوثائق التي تنشرها الإدارة الأمريكية بعد انتخاب اوباما لولاية ثانية لان السلام الشامل أصبح موعده المزاج الأمريكي ورغبة أمريكا في السلام التي كشفتها الوثيقة, حيث تقول أن السلام الكامل يمكن أن يسود المنطقة العربية بحلول هذا التاريخ لان هذه الوثيقة تفيد أن الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 و تبادل أراضي يمكن أن تقوم عام 2030 , أي بعد سبع عشرة عاما من الآن أو أكثر وكأن هذه الوثيقة حددت قدر الفلسطينيين بان معاناتهم ستسمر إلى ما يقرب من عشرين عاما أخرى تمارس فيها العنصرية والتمييز بين الشعوب ويمارس فيها القتل والتدمير والتهجير والتهويد والاستيطان الصهيوني.



استطيع أن اسمي هذه الوثيقة "الوثيقة الفاضحة" لأنها فضحت وكشفت استهتار أمريكا بحق تقرير الشعوب وفضحت استهتار أمريكا بالهيئات الأممية التي أقرت دولة فلسطين على التراب الفلسطيني ,و وثيقة فضحت الإدارة الأمريكية التي تؤيد الاحتلال وتدعم الاستيطان الصهيوني الأسود وتمهد الطريق أمام إسرائيل لتنفذ مخططاتها الاستيطانية الصهيونية العنصرية في فلسطين, ووثيقة فضحت التلاعب بمشاعر البشر وحق تقريرهم مصيرهم بأنفسهم ,وان دلت على شيء فأنها تدل أولا على مدى الانحياز الأمريكي الكامل للعدو الصهيوني ,و ثانيا أن أمريكا غير راغبة في الوقت الحاضر ولا في المستقبل القريب في الضغط على إسرائيل للولوج في مفاوضات تفضي لسلام عادل وشامل ينهى معها حالة عدم الاستقرار إرهاب الدولة الصهيونية الذي يهدد بآثار مخيفة تلقي بظلالها على شعوب المنطقة وبالتالي لا تقبل بالضغط على إسرائيل للقبول بأي مبادرات من صناعة عربية أو فلسطينية , وتدل الوثيقة بالطبع على أن إدارة اوباما الحالية والإدارات الخمسة القادمة بالولايات المتحدة لن تسارع في حل الصراع بسياسة تتحمل مسئولية المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني و لن تبادر هذه الإدارات بتصحيح التاريخ في صفحة جديدة ,و تظهر هذه الوثيقة الفاضحة أن أمريكا وضعت نفسها شريكا للإسرائيليين في الاحتلال و الاستعصاء على حقوق الشعوب , و هذا يعتبر اعتراف أمريكي كامل بعدم جديتهم وعدم رغبتهم الحقيقية في حل الصراع الطول و ترك التاريخ يكتب بعدالة مستقبل الشعب الفلسطيني الأعزل.



الغريب أن هذه الوثيقة نشرت وتناولتها الجرائد والمواقع الإخبارية كخبر تقليدي دون أن ينتبه احد لمغزاها و خلفيتها الفاضحة للسياسة الأمريكية وبالطبع وصلت لكثير من العرب ولم ينطق احد منهم بأي كلمة ...! , والمثير للريبة والقلق أن "الوثيقة الفاضحة" هذه قد تصبح مذكرة تفاهم بين العرب و أمريكا على اختلاف أنظمتهم المسلمة و العلمانية و الثورية , وبناء على هذا التفاهم سينفذوا خططهم التطبيعية السرية والعلنية مع إسرائيل أو قد يكونوا جهزوها و بدءوا فيها تحت ستار الشعارات التحررية والجهادية ,على اعتبار أن الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ستكتمل بحلول العام 2030 , وفي الحقيقة معهم حق و لهم الحق في اعتبار هذا..!, لان الواقع الذي تعيشه الأمة العربية واقع فوضوي خلق بإستراتيجية واسعة و دقيقة التخطيط تخطت الوعي العربي بكثير ومن هنا ينشغل العرب بما هم فيه فترة من الزمان و خلال مرحلة الانشغال هذه بالطبع يكون الموجه و المرشد الأكبر لسياستهم الداخلية و الخارجية هي أجهزة وكالات المخابرات المركزية إلى أن يكتمل مخطط الصهيونية الأمريكية و تتوسع دولة اليهود و تقضي على أي أمل في إقامة وطن فلسطيني قابل للحياة.

________________________________________________

Akkad_price@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق