الجمعة، 21 ديسمبر 2012

أحقاد جورج صبرة وعصابة أوسلو الإسرائيلية .... زهير اندوراس

أطلق المعارض السوريّ، جورج صبرا، هذا الأسبوع تصريحًا من العيار الثقيل، يجب التمّعن فيه، وفهمه لأنّه يحمل في طيّاته الكثير من الحقد الدفين والكراهيّة والعداء، وتداعياته خطيرة للغاية، على سوريّة وعلى اللاجئين الفلسطينيين في هذا القطر العربيّ، ويؤكد بالدليل القاطع على نوايا من نصّبوا أنفسهم ممثلين للشعب العربيّ السوريّ، وهم يقضون أوقاتهم في التنقل من عاصمة إلى أخرى، عربيّة أوْ غربيّة، وينزلون في فنادق الخمس نجوم. التصريح الفاجر كان في مقابلة مع فضائية العربيّة، التابعة لآل سعود، الحلفاء المطيعين لرأس حربة الإمبرياليّة العالميّة، أمريكا، التي تكره كلّ ناطق بالضاد وكلّ من يقول لا إله الله محمد رسول الله، قال صبرا بنبرةٍ حادّةٍ: مخيم اليرموك هو أرض سوريّة، ولن يمنعنا أحد من دخول المخيم، لأنّ هذا يهيئ لحسم معركة دمشق! لا نعرف من أين حصل هذا الـ"جنرال" على هذه المعلومات الإستراتيجيّة، ولكنّ الأزمة السوريّة، كما قال أحد الفلاسفة لم تُغيّر الناس، بل أسقطت الأقنعة عن الكثيرين من الأعراب وجورج صبرا في هذا السياق، هو القاعدة، وليس الاستثناء. أمّا التصريح الثاني، الذي قضّ مضاجع صنّاع القرار في موسكو، وأدّى إلى ارتعاد فرائضهم، فكان من قبل المعارض هيثم المالح، عضو ما يُطلق عليه (الائتلاف الوطنيّ السوريّ) المعارض حيث قال إنّ كل روسيًا في سوريّة هو هدف مشروع للثورة السورية. وأضاف المالح في مقابلة مع قناة (روسيا اليوم) يوم الثلاثاء تعليقًا على اختطاف مواطنين روسيين: إنّ روسيا تُحارب الشعب السوريّ وتمُدّ العصابة الحاكمة بكافة أنواع الأسلحة وتستعمل حق النقض من اجل أنْ يستمر النظام في قتل الشعب السوري. وتابع المالح: بفضل الفيتو الروسيّ في مجلس الأمن الدوليّ قُتل أكثر من 50 ألف شهيد في سورية، لافتًا إلى أنّه ينظر إلى كلّ مدنيّ روسيّ في سورية كهدف مشروع للثورة السورية.




***



ولكنّ الحملة على الفلسطينيين في بلاد الشام لم تقتصر على المعارضة السوريّة، فمن رام الله المحتلة أطّل علينا، عضو عصابة أوسلو، المدعو ياسر عبد ربه، وناشد المجتمع الدوليّ بالتدّخل لمعاقبة النظام السوريّ الخطر على جيرانه، بحسب المتزعم الفلسطينيّ، وهو من أزلام واشنطن المخلصين حتى الثمالة، ويبدو أنّ الولايات المتحدّة الأمريكيّة استجابت لطلب عبد ربه، الذي كان ينعته الرئيس الفلسطينيّ الراحل، الشهيد ياسر عرفات باسم: ياسر عبد ياسر، وباتت تشفق على الفلسطينيين، وتحمّل السلطات السوريّة المسؤولية عن حمايتهم، وهي نفس أمريكا، التي تُزوّد إسرائيل بالأسلحة المحرّمة دوليًا لارتكاب المجازر الفظيعة ضدّ المدنيين العزّل من أبناء الشعب الفلسطينيّ واللبنانيّ. ولكي يعرف الناس تاريخ عبد ربه، فهو الأول من قيادة منظمة التحرير الذي ربط هذه المنظمة بالإدارة الأمريكيّة قبل كارثة أوسلو بوقت طويل حيث (وللأسف) أخذه الراحل إدوارد سعيد إلى المطهر الأمريكيّ. ولم يكن عبد ربه وحيدًا في استجداء العدوان على سوريّة، بل أنّ إعلام سلطة أوسلو-ستان بأسره قد تمّ تجنيده ضد سوريّة، وبدرجات أخطر من الجزيرة والعربية و بي.بي. سي، لأنه يأتي باسم الفلسطينيين، لقد مهّدت سلطة أوسلو-ستان لكافة أنواع الخونة أنْ يتحدثوا باسم فلسطين، فكيف لا يستجدون تخريب سوريّة؟



***



من نوافل القول والجزم أيضًا إنّ المعارضة السوريّة، وتحديدًا صبرا والمالح، مرتبطة ارتباطًا عضويًا كاملاً بالإدارة الأمريكيّة، التي تقوم بتزويد المسلحين الإرهابيين بالأسلحة والعتاد بهدف إسقاط الدولة السوريّة، التي كانت وما زالت وستبقى شوكةً في حلق الإمبرياليّة والصهيونيّة والرجعيّة العربيّة، كما أنّها ترقص على موسيقى النشاز التي تُلحنها واشنطن، وتعزفها القارّة العجوز، وتُغنيها دولة الاحتلال، ونفس الأمر ينسحب على السيّد عبد ربه في رام الله المحتلّة، فهؤلاء الأشخاص انخرطوا في المشاريع الأمريكيّة من الفوضى الخلاقّة، إلى الشرق الأوسط الكبير، مرورًا بالشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف في ما يهدف إلى إخراج مفهوم المقاومة والممانعة من مُعجم أمّة الناطقين بالضاد، والبقاء رهائن للرأسمال الأمريكيّ، الذي يُخطط ويُخرج إلى حيّز التنفيذ الاستباحة الكاملة للوطن العربيّ، وتحويله إلى تابعٍ أكثر ممّا هو تابع في هذه الفترة، تخيّلوا يا سادتي، وفكّروا يا سيدّاتي: ماذا سيحّل بالمعارضة السوريّة في حال رفع أمريكا يدها عنهم؟ نقول هذا لأنّه كما أنّ للإرهاب لا دين، فللرأسماليّة لا اعتراف بالدين، سوى دين الدولار، ولا نستبعد البتة تخلّي أمريكا عن هذه المعارضة، كما فعلت في مناطق أخرى في العالم خدمةً لمصالحها التكتيكيّة والإستراتيجيّة.



***



والشيء بالشيء يذكر: سوريّة، وعلى الرغم من الترهيب تارةً والترغيب تارةً، رفضت الانصياع لأمريكا، وبقيت تُغرّد خارج السرب، خلافًا لجميع الدول العربيّة، التي لبست قبعها ولحقت ربعها، ومن هنا كان المخطط للقضاء على الدولة السوريّة، وليس كما يُحاولون التصوير بأنّ الهدف هو إسقاط الرئيس الأسد وإطلاق الحريّات للشعب السوريّ، ومَنْ يُشكك في أقوالنا فلينظر ماذا فعل الأمريكيون في بلاد الرافدين، وليبيا، واليمن ومصر والحبل على الجرار، ذلك أنّه في صلب العقيدة الأمريكيّة العامل الأهّم هو الحفاظ على أمن دولة الاحتلال، الحبيبة الربيبة، إسرائيل، وعدم السماح بأيّ شكلٍ من الأشكال، للدول العربيّة، إذا جاز التعبير، كسر التفوق العسكريّ لدولة الاحتلال، لتبقى فزّاعة تُخيف العرب من محيطهم إلى خليجهم.



***



اللافت أوْ بالأحرى عدم اللافت، أنّه على الرغم من الخلافات المتجذرة بين حركتي حماس وفتح، نرى أنّهما باتتا على اتفاق في مسألة مخيم اليرموك، حماس، التي طعنت سوريّة بالظهر، سوريّة التي استقبلتها واحتضنتها وقادتها بعد طردهم من الأردن عام 1999، لم تتورّع عن رفع علم الانتداب الفرنسيّ في ذكرى انطلاقتها الـ25 قبل أسبوعين في غزّة، في الحقيقة لم أُفاجأ عندما شاهدت رئيس الدائرة السياسيّة في الحركة، خالد مشعل، وهو يرفع علم الانتداب، مع بقية قادة حماس، وفي هذا السياق يحّق لنا أنْ نسأل مشعل، الذي يتخذ من عاصمة إمارة الخيانة، الدوحة، مقرًا له: كيف تُريد تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وأنت تمسك علم الانتداب؟ هل نسيت أنّ الانتداب البريطاني هو الذي منح الصهاينة فلسطين؟ مُضافًا إلى ذلك: هل رفع العلم والانحياز إلى الـ"ثورة السوريّة" هو الثمن الذي ألزمك أمير قطر بدفعه لقاء الاستضافة والدعم الماليّ؟ والسؤال الأهّم من هذا وذاك، يا مشعل، هل رفع العلم كان بمثابة الإشارة لأنصار حماس بالانخراط في ما يُسمى بالجيش الحر لتسهيل الانقضاض على مخيم اليرموك، وزج الفلسطينيين، الذين التزموا الحياد في المشكلة السوريّة؟ وذلك بهدف تأجيج وتأليب الرأي العام العربيّ والدوليّ، المؤلب والمؤجج أصلاً ضدّ النظام السوريّ واتهامه بقصف المخيم بالطائرات، لإيجاد سبب يقبله العقل العربيّ بضرورة التدّخل الغربيّ للدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين؟ وأكثر من ذلك، كما قال المفكّر العربيّ الفلسطينيّ، د. عادل سمارة، وهو من المفكّرين القلائل الذين ما زالوا يؤيدون سوريّة لفهمه العميق إلى أين ستؤول سوريّة في حال سقوط الدولة والنظام، كتب د. سمارة، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعيّ، يوم الثلاثاء (18.12.12): "هل سمعتم أنّه تمّت المصالحة الفلسطينيّة في موقعين، الموقع الأوّل في مخيم اليرموك لتوريط الفلسطينيين هناك في الأزمة السوريّة. ومن أجل ماذا؟ لإرغام القيادة السوريّة على ضرب هؤلاء فيكون المخيم المكان الذي يُبرر التدّخل الغربيّ، هكذا كان ولا يزال إعلام أوسلو-ستان يولول ويرّوج. أليس هذه جريمة نكراء ومآلها تجميع الفلسطينيين في الأردن ودعم الوطن البديل، والموقع الثاني في القبول بأوسلو".



***



وكلمة حق يُراد فيها حق: قائد الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين-القيادة العامّة، أحمد جبريل، يتعرّض في هذه الأيام لحملة سافرةٍ من قبل متزعمين عرب وفلسطينيين لاستماتة مقاتليه في الدفاع عن مخيم اليرموك في سوريّة، وعدم السماح للإرهابيين باقتحامه، الجبهة تستحق التقدير لتحملها عبء الدفاع عن المخيم، وهي تتعرض لحملة افتراء إعلامية مضللة، يمكن كشف خلفياتها بمجرد طرح الأسئلة التالية: هل خرج أعضاء القيادة العامّة، وقاتلوا خارج المخيم؟ هل الدفاع عن المخيم بات مدانًا وليس مسموحًا به؟ هل الدفاع عن اليرموك هو تحالف مع النظام السوريّ؟ والسؤال المفصليّ: هل المطلوب من الفلسطينيّ أن يُسهّل عملية تحويل المخيم إلى أرض معركة، بحيث يكون هو وقودها؟. من المهم التذكير لأصحاب الذاكرة الانتقائيّة والقصيرة أنّ المزايدة على جبريل، حامل البندقيّة منذ أنْ كان شابًا يافعًا وحتى اليوم، هي خيانة، هذا الرجل الذي استشهد نجله الكبير جهاد(بسيارة مفخخة على أيدي الموساد)، لقّن إسرائيل دروسًا في المقاومة، ومرغ أنفها في التراب الموحل عندما أجبرها عام 1985 على توقيع اتفاق تبادل الأسرى، ناهيك عن الطائرات الشراعيّة التي أطلقها وأربكت منظومة الدفاعات الأرضيّة والجويّة لجيش الاحتلال.



***



وفي زمننا الرديء، نجد الكثير من أصحاب الأقنعة المزيّفة، أوْ ما يُسّمون أنفسهم بأصحاب المبادئ، رجاءً، ابتعدوا عنهم، حتى لا تكونوا ضحيةً لإنسانٍ مزدوج الشخصية...



وما زالت الأقنعة تتساقط، يا ترى كم قناع سوف نكتشفه قبل فوات الأوان؟



ــــــــــــــــــــــــــــ



ـ كاتب وصحفي فلسطيني من أسرة "القدس العربي" / فلسطين 1948



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق