استقرار الأردن مهم للمنطقة رغم التهديدات السورية
نهاد اسماعيل
هل سيتحرك الأردن اذا ما ارتكب نظام دمشق أي حماقة:
التطورات المتسارعة على الأرض السورية تشير الى تهاوي نظام بشار الأسد وما هي الا مسألة وقت قبل سقوط حكم دموي تعسفي أخضع الشعب السوري لأكثر من اربعين عام من الظلم والبطش والمجازر. سنشهد قريبا الفصل الأخير لحكم فرد أقصى خصومه السياسيين وتميز بوحشيته وعنفوانه ضد شعبه.
التهديدات السورية للأردن:
ومن جهة أخرى اشارت مصادر عراقية مقربة من نوري المالكي لصحيفة السياسة الكويتية أن نظام الاسد يعد العدة لتوجيه ضربات عسكرية صاروخية الى مواقع عسكرية اردنية مهمة، كما ان السلطات في الاردن تتخوف من احتمال توجيه ضربات كيمياوية ضد مدينة درعا على الحدود الاردنية والتي انطلقت منها الشرارة الاولى للثورة السورية.
ويريد النظام السوري من تهديد أمن الاردن حسب المصدر الديبلوماسي العراقي الضغط على الحكومة الاردنية للقيام بعملين رئيسيين: الاول يتمثل بإقناع الدول الغربية ودول الخليج العربي بالحل السياسي مع النظام السوري وتأخير معركة دمشق، والثاني يتعلق باستئناف وتعزيز التعاون الامني والاستخباراتي بين الاردن وسورية لمحاربة التنظيمات المسلحة السلفية والتي تقود الحملة العسكرية الاوسع ضد قوات نظام الاسد، "وفقاً لقناعة هذا النظام".
ماذا قال العاهل الأردني بالضبط؟
في محاولة يائسة أخيرة هناك توقعات ان يلجأ النظام المعتوه لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه او ضد الدول المجاورة. الأردن كدولة مجاورة ومتداخلة جغرافيا واقتصاديا مع سوريا ستتأثر بتبعيات سقوط النظام السوري. في هذا السياق قال العاهل الأردني في مقابلة شاملة مع جريدتي "الرأي" و"الجوردان تايمز" 5 ديسمبر أن الأردن لن يكون طرفا في أي تدخل عسكري ضد سوريا. وأن "الموقف الأردني من الأوضاع في سوريا مبني على عدد من العناصر تتمثل في العمل بكل الطاقات لوقف إراقة الدم السوري والتحرك على الصعيدين الدولي والعربي من أجل الوصول إلى حل يعيد الأمن والاستقرار إلى سوريا ويضمن وحدة أراضيها وشعبها وينهي العنف الدائر، ويضمن عملية انتقال سياسي يطمئن لها الجميع ويكونون شركاء فيها".
ولكن في الوقت ذاته أكد الملك بشدة ان أمن الأردن يعتبر أولوية أولى وحياة المواطن الأردني وأمنه هو الواجب الأول ولهذا تستعد الأردن للسيناريو الأسوأ خصوصا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التحركشات السورية على الحدود الأردنية، والتي كان أخرها اصابة جندي أردني ضمن الحدود الأردنية مع سوريا أثناء تبادل للنار بين الجيش النظامي السوري وافراد من الجيش السوري الحر المعارض. وبالتالي كلما زادت الأوضاع في سوريا سوءا كلما زادت المخاوف الأردنية، ومن هذا المنطلق فإن الأردن لم يتوقف عن الاعداد والتخطيط من أجل أمن مواطنيه، وهنا قال العاهل الأردني سنقوم بواجبنا اذا تعرضنا لخطر محدق. وفي اعتقادي هنا بيت القصيد، بأنه اذا تعرض أمن الأردن لأي مخاطر من جرّاء تزايد سوء الأوضاع عندها سيتحرك الأردن لحماية أمنه.
ففي مقال في الشرق الأوسط يوم الخميس 6 ديسمبر قال الكاتب الأردني صالح القلاب "أن هناك استعدادات عسكرية حدودية جدية كان الأردن قد بدأها، منذ أكثر من أربعة أشهر مضت عندما أثير موضوع احتمال استخدام بشار الأسد لأسلحة الدمار الشامل من كيماوية وغازية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ومع عدد من الدول العربية المعنية، والمعروف في هذا المجال أن خبراء أميركيين قيل إن عددهم وصل إلى نحو مائة وخمسين خبيرا قد وصلوا إلى عمان قبل بضعة أسابيع لتدريب مجموعات قادرة على التعاطي مع الأوضاع في حال لجوء النظام السوري إلى مثل هذا الخيار المرعب والخطير." هذا تحذير واضح لبشار الأسد. في اعتقادي أن الكاتب القلاب يعرف ما يقول ويتحمل مسؤولية ما يكتب كونه مقرب من دوائر القرار.
لا يستطيع احد ان يتوقع من الأردن يبقى بموقف المتفرج على الاحداث في بلد مجاور يحكمه قيادة غبية قادرة على ارتكاب حماقات قد تدمر المنطقة. الغازات السامة في الهواء لا تعترف بحدود بل تنتشر وتفتك بالبشر دون تمييز. لا يستطيع الأردن تجاهل هذا السيناريو المرعب. وكما قال العاهل الأردني أمن الأردني هي أولوية قصوى.
العلاقة مع الخليج والسلطة الفلسطينية:
اشارت تقارير صحفية أن الأردن تعرض لضغوطات من دول خليجية لدفعه الى السماح بتسليح المعارضة السورية عبر الحدود الأردنية السورية، وهناك من ربط تأخير المساعدات الخليجية المالية لدعم الخزينة الأردنية بموضوع الحذر الأردني من التورط في المستنقع السوري. هنا أوضح الملك مؤكدا أن العلاقة مع الاشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ستبقى على الدوام علاقة تاريخية واستراتيجية وتكاملية، و يحرص الأردن كل الحرص على الاستمرار في تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة. ويقدر الأردن قيادة وشعبا المواقف المشرفة لدول الخليج العربي خصوصا دعمهم الموصول له تحت مختلف الظروف.
زيارة تاريخية لرام الله:
في خضم كل التعقيدات في الملف السوري والاصلاح في الداخل لم يتجاهل الأردن دعم القضية الفلسطينية، ومحاولة إبراز عدالتها في المحافل الدولية، حيث قام العاهل الأردني بزيارة رام الله كأول زعيم عربي، والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهذه اول زيارة لزعيم عربي للضفة الغربية منذ تحقيق الانجاز الديبلوماسي الكبير في الأمم المتحدة.
وقد ثمن الفلسطينيون هذه الزيارة للعاهل الأردني وقال نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية في تصريح لوكالات الانباء "نرحب وشعبنا الفلسطيني بهذه الزيارة التاريخية التي تاتي بعد ان نالت فلسطين عضويتها بصفة مراقب غير عضو في الامم المتحدة".
ومع أنه العاهل الأردني زار رام الله في تشرين الثاني 2011، إلا أن زيارته الأخيرة إلى دولة فلسطين في هذا الوقت، تحمل عدة رسائل داخلية وخارجية، منها التأكيد على أن الأردن يدعم الدولة الفلسطينية، وأن فلسطين للفلسطينيين والأردن للأردنيين، وأن من يفكر بأن الأردن هو وطن بديل وهذا موجّه لإسرائيل أو من يدعم هذا الطرح فهو واهم، لأن الأردن يتعامل مع فلسطين كدولة. وهنا لا بد من الإشارة أيضا إلى أن قانون فك الإرتباط الذي اتخذه الملك حسين بن طلال رحمه الله كانا صائبا، وأنه لولا هذا القرار لما خطت فلسطين هذه الخطوة، هنا لا بد من دسترة أو قوننة قانون فك الإرتباط، لأن فلسطين الآن دولة مراقب غير عضو في المنظمة الدولية.
لقد لعب الأردن دورا كبيرا ومساندا للفلسطينيين في معركتهم الأخيرة في الأمم المتحدة، وهذا ما أكده الملك عبد الله الثاني على أن الأردن يحرص، كما هو الحال دائما، على توظيف هذا الإنجاز الفلسطيني في دبلوماسيته الساعية لتركيز الاهتمام الدولي والإقليمي على القضية الفلسطينية وعدالتها.
وفي اعتقادي أن هناك اعتراف دولي متزايد بأن الأردن يلعب دور اقليمي ومحوري وكعنصر استقرار وعقلانية أيضا في منطقة غير مستقرة تعصف بها ثورات سيطر عليها الإسلاميون بدون وجه حق. ثورات كان وقودها الشباب العربي ثم خطف الإسلاميون النصر وأصبحوا يحكمون في بلاد لم تعرف طعم الإستقرار ولن تعرفه وخير دليل على ذلك ما يحث في مصر وتونس و ليبيا. وهل يعقل أن يقوم الرئيس المصري بما يتخذه من قرارات غير توافقية خصوصا في هذه الفترة من تاريخ مصر، وأن يسيطر الإسلاميون على كتابة الدستور والذي يجب ان يكون بالتوافق، وفي نفس الوقت يطلب محمد مرسي من المعارضه الإحتكام إلى صناديق الاقتراع.
نهاد اسماعيل - لندن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق