نقول: تماماً كما يجري في مسرح الدمى, جرى قبل يومين اطاحة «مؤسس» وقائد ما وصف في بداية الازمة السورية الجيش «السوري الحر», العقيد رياض الاسعد, الذي يعلم كثيرون من داعميه ومحتضنيه ومموليه وملّمعيه, انه مجرد ضابط عادي القدرات والتخصص كان على لائحة التقاعد قبل أشهر من احداث اذار 2011, ثم وجد في الانشقاق فرصة لسرقة الاضواء (كان سبقه المقدم هرموش) وجمع الاموال وداعبته بالطبع أحلام «القيادة» وربما الوصول الى رئاسة الجمهورية, أو أقله رئاسة هيئة الاركان, أو قيادة فرقة وما الى ذلك من رتب عسكرية عليا..
بقي رياض الاسعد شاغل الناس ومالئ الفضائيات والاذاعات يحظى بالمديح, حتى عندما تم استيلاد «مجلس اسطنبول» وتنصيب برهان غليون على رأسه, وبدا الاسعد في اغلب الاحيان متمنّعاً ورفضياً واكثر ثورية(...) من جهابذة وثوار مجلس اسطنبول, وكان على الدوام يقول: ان هؤلاء لا وزن لهم على ارض الواقع, وأن أحداً لا يعترف بهم وغيرها من التصريحات التي تعكس ثقة زائدة بالنفس (بفضل الدعم الذي تقدمه له حكومة اردوغان) فيما على المقلب الاخر, كانت الكتائب والتنسيقيات وباقي التشكيلات والتسميات الاخرى التي تخترعها حكومات اقليمية عربية وغير عربية واخرى غربية، تقول: انها لا تعترف برياض الاسعد المختبئ داخل الحدود التركية, والذي لا دور له سوى اطلاق التصريحات المرتبكة.
الى ان جاءت ساعة الحقيقة, عندما رفعت أنقرة الغطاء عنه وارسلته الى الداخل السوري في رسالة مزدوجة المعاني اولاها: للاستثمار السياسي بأن الشمال السوري بات تحت سيطرة «الثوار» وأن «القيادات» تنتقل الى الداخل, لقيادة المعركة الحاسمة الوشيكة, والثانية وهي الاهم البحث عن «دمية» اخرى يتم عبرها تطوير خطة التدخل العسكري الاطلسي و«العربي ايضا»، في الازمة السورية, وليس اقتراب وصول الباتريوت الا جزءا من هذه الخطة التي قد يبدأ تنفيذها في أية لحظة..
أُطيح رياض الأسعد بعد استنفاد لدوره وثمة بيادق جديدة على لوحة الشطرنج الاقليمي والدولي, تماماً كما حدث مع «مجلس اسطنبول» عندما «نعته» هيلاري كلينتون وارسلته الى الصفوف الخلفية, مجرد ديكور في اللوحة الجديدة التي تحمل يافطة «الائتلاف الوطني» الذي يرأسه «الشيخ» احمد معاذ الخطيب والاخير مجرد قناع للدور الذي سيُناط برياض حجاب او رياض سيف او اسم آخر سيهبط على السوريين من عواصم اقليمية نافذة, ترى في نفسها القدرة او لديها من التفويض «الغربي» ما يسمح لها بفرض قيادات على السوريين (وغير السوريين من ليبيين وتوانسة ومصريين ويمنيين وفلسطينيين وغيرهم من الشعوب المبتلاة بالفُرقة والمسحوقة من آفات الفقر والبطالة والفساد).
تبريرات «استيلاد» القيادة العسكرية الموحدة للمعارضة السورية المسلحة غير مقنعة وخصوصا في الزعم بانها جاءت نتيجة انتخاب (يقول الاسعد انه لم تجر انتخابات بل تعيينات) في ظل وجود مندوبين (اقرأ رعاة وممولون واجهزة استخبارات غربية وعربية تقود وتخطط) ناهيك عن البدعة التي اختلقوها وهي ان هذا تم لاستبعاد التنظيمات المتطرفة مثل جبهة النصرة ولواء التوحيد وهي بدعة غير مقنعة ليس فقط لان هؤلاء كلهم لم يدينوا تفجيرات هاتين الجبهتين فحسب بل وهناك منهم من يدعمها ويمولها ويمدها بالمعلومات والاحداثيات (دون إهمال أن اغلبية القيادة العسكرية الجديدة هم من الاخوان المسلمين والسلفيين).
ما جرى من «تغييرات» في قيادات المتمردين ليست سوى خطوة على طريق حشد الجهود لغزو سوريا والتي قد تترجم في مؤتمر اصدقاء سوريا (..) الذي سيلتئم يوم غد الاربعاء في مدينة مراكش المغربية, لإشهار حكومة مؤقتة لائتلاف الدوحة الذي يرأسه الشيخ الخطيب وبدء «إغراق» سوريا بالاسلحة «النوعية» التي يراد من ورائها كسر التوازن القائم والبدء بضربات جوية اطلسية, بذريعة الاستجابة لطلبات الحكومة المؤقتة ولمنع استخدام السلاح الكيماوي (هل تذكرون استغاثات الثائرين الليبيين مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل؟).
"الرأي" الأردنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق