وفي حين تمحورت مواقف ثالوث الحرب المؤلف من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع، إيهود باراك، وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، حول التأكيد على إنجاز أهداف الحرب، وإظهار التشدّد في تطبيق التهدئة والتحذير من عواقب انتهاكها من الجانب الفلسطينيي، تحدثت تقارير إعلامية عن أنّ سبب وقف العدوان يكمن في تلويح مصر بإلغاء اتفاقيات كامب ديفيد، في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ تهديداتها بشن عملية برّية ضدّ القطاع.
ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى أن نتنياهو تلقى رسالة بهذا المضمون من رئيس «الموساد»، تامير باردو، الذي مثل الجانب الإسرائيلي في مفاوضات وقف النار في القاهرة. كما أشارت الصحيفة إلى أن المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أكد هذا المعنى، فيما ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن رئيس الشاباك، ران كوهين، رفع توصية للقيادة السياسية قال فيها إن أية عملية برية في قطاع غزة ستهدد اتفاقية السلام مع كل من مصر والأردن وقد تؤدي إلى صدام إقليمي واسع.
ونفى ليبرمان أن يكون المصريون قد هدّدوا بإلغاء الاتفاقيات، معتبراً هذا الأمر «غير دقيق على أقل تقدير»، إلا أنّه عزا وقف الحرب إلى التجاوب مع الموقف الغربي، قائلا إنه «لا يمكن تجاهل طلب الرئيس الأميركي ورؤساء دول الاتحاد الأوروبي الذين شكلوا ائتلافاً دولياً وقف إلى جانب إسرائيل».
من جهته، سعى نتنياهو إلى احتواء الامتعاض الشعبي حيال وقف الحرب، والذي تجلى بحملة نقد شديدة اللهجة على حسابه في «فايسبوك»، كما في بعض التظاهرات التي شهدتها مدن الجنوب، اعتراضاً على «الاستسلام أمام الإرهاب». وخلال زيارة إلى مقر قيادة الشرطة، قال نتنياهو «اعرف أنه يوجد مواطنون يتوقعون ردّاً أكثر حدّة، ونحن نقدر ذلك. نحن نختار أن نقرّر متى نعمل وضد من وكيف، والآن نحن نعطي فرصة لوقف النار. هذه هي الخطوة السليمة في هذا الوقت لدولة إسرائيل، ولكننا جاهزون أيضا لإمكان ألا يتم يحترم وقف النار».
بدوره، أقرّ باراك بأن «معظم الجمهور الإسرائيلي كان مع استمرار العملية داخل غزة، لكن لا ينبغي السماع له في هذه المواضيع، وعلى القيادة أن تتخذ القرارات ولديها الأدوات لرؤية كل الصورة ولديها المسؤولية والجدية اللازمتان»، معتبراً أنّ «الوقت لم يحن للدخول إلى غزة، ويحتمل أن نصل إلى ذلك في المستقبل».
ومع صمت المدافع، ارتفع صوت المسؤولين الإسرائيليين في انتقاد النتائج التي رست عليها. ورأى رئيس حزب «كديما»، شاؤون موفاز، أن «أهداف العملية لم تتحقق، وأن اندلاع جولة قادمة من المواجهات هو مجرد مسألة وقت، فقد عززت «حماس» قوتها، ولم يتم تحقيق أية قوة ردع».
كما هاجم رئيس حزب «يوجد مستقبل»، يائير لبيد، وقف العملية العسكرية، معتبراً أن «الحكومة وعدت بالقضاء على حركة «حماس» وعدم التفاوض معها، وما فعلته هو التفاوض معها ولم تقم بالقضاء عليها»، فيما أعلن حزب البيت اليهودي أنه «ما كان على الحكومة أن توقف النيران وأن تحني رأسها».
إلى ذلك، بدأ جيش الاحتلال بتسريح عشرات آلاف جنود الاحتياط، الذين كان استدعاهم خلال العدوان على غزة، وسط موجة انتقادات لقرار الاستدعاء من دون أن تكون هناك نية لاستخدام الجنود في عملية برية. وشارك وزراء المجلس الوزاري التساعي بهذه الانتقادات، فقال بعضهم لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «تجنيد الاحتياط كان خطأ، كذلك كان التهديد بالدخول البري إلى غزة، في وقت لم تكن القيادة السياسية معنية بهذا الأمر». وأضاف وزير منهم إن «هذا التهديد أدى إلى ضغط دولي على إسرائيل وإلى زيادة صواريخ «حماس» في محاولة لجرّ إسرائيل إلى الدخول البري».
من جهته، دعا الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، إلى الاستفادة من نتائج الحرب في ضوء «وجود لاعبون جدد، بعضهم يفاجئ للأفضل وبعضهم للأسوأ». وإذ اتهم إيران بإرسال «الصواريخ إلى حركة «حماس» وحزب الله، وقد ملأت الشرق الأوسط بالصواريخ»، تطرق إلى الدور الذي لعبه الرئيس المصري، محمد مرسي، في التوصل إلى وقف إطلاق النار معتبرا أنه «أثبت قدراته السياسية والقيادية». وأشار إلى «اهمية محور الولايات المتحدة ــ مصر ــ دول الخليج» مرجح أن «يقف هذا المحور مقابل المحور الإيراني الذي تدور «حماس» في فلكه».
وفي السياق، رأى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور، أن الحرب على غزّة أثبتت خطأ فرضيتين بالنسبة لإسرائيل: الأولى أن إسرائيل لن تحظى بتأييد واشنطن، والثاني أنها لن تحظى بتعاون مصري. وأكد أن التعاون مع الولايات المتحدة كان جيداً جداً، وأن مصر لم تشكك في حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها على حد زعمه.
من جهة ثانية، أكّد المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور، لـ«الأناضول التركية»، أن مفاوضات وقف إطلاق النار، بين إسرائيل والفصائل الفسلطينية، والتي أجريت في مصر، كانت شاقة بالنسبة لهم. وأضاف أن «قلة خبرة إدارة الرئيس المصري ودخولها فيها لأول مرة، هي التي أدت إلى إطالة أمد المفاوضات». وأوضح أن «حماس» كانت مستعدة منذ البداية على الاتفاق مع إسرائيل، لكن حركة الجهاد الإسلامي، التي زعم أنها تُدار من قبل إيران، هي التي اعترضت، الأمر الذي جعلها مفاوضات شاقة ومضنية. وأشار الى دور تركي هام في وقف إطلاق النار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق