الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

الغزّيون أثبتوا أنه لا أهمية للطول أو الحجم... سهيل كيوان

ما يروح فكركم لبعيد من عنوان المقالة بلاش سفالة اقراوها كاملة


'فرحة الفقراء'، بسيطة، صغيرة، وعموما ليست مُكلفة، ولكنها تنسي الفقير همومه للحظات، أو ساعات، أو أيامٍ قليلة، يشم ويذوق خلالها رائحة السعادة والنصر، هي فرحة قد تبدو هزيلة لدى الكثيرين، وخصوصًا الأثرياء، ولكن ما العمل وكل شيء نسبي في هذا الكون! حتى الحزن والفرح والنصر.


هكذا كانت فرحة أهل غزة، ومعهم أبناء شعبهم وأمتهم وأنصار الحرية في العالم، فرحة كبيرة للفقراء والمساكين المحاصرين، الذين يعانون من البطالة والازدحام والبؤس والقتل شبه اليومي منذ سبعة عقود تخللتها استراحات بسيطة، هؤلاء الذين بالكاد يجدون ما يسدّون به رمقهم، فرحوا فرحًا عظيمًا وهذا حقهم، فقد نجحوا بصفع وجه تلك الثريّة البَطِرة المغرورة الصلفة، التي قد تدفع في مقاهيها ثمن كعكة وفنجان قهوة رديء ضعف ما يكسبه كادح غزّي مغتسل بعرقه ودمه منذ قبيل بزوغ الفجر إلى ما بعد المغيب.

المدهش في هذه الحرب هو ذلك الوزير المولدافي الأصل ما غيره، المدعو ليبرمان، بضربة واحدة تحوّل من بطل افتراضي وعد بتأديب العرب حسب دعايته الإنتخابية الشهيرة، التي أكد فيها بغضب، أنه هو الوحيد الذي ايفهم لغة العرب'، لغة القوّة بالطبع، تحول هذا االبطلب إلى مادة دسمة للسخرية، بعد تصريحاته في مؤتمر المصفوعين الثلاثة، حين راح وأمام دهشة بني إسرائيل يمتدح أرض الكنانة ورئيسها المتورط في التعديل الدستوري على ما وصفه بدوره االمسؤول في تحقيق التهدئة، إنه يشبه شخصًا معتدًا جدًا بعضلاته، شديد الغرور، يتحدى هذا وذاك، فجأة تعرض للكمة قوية في جبهته أفقدته شهيته للقتال، بل وراح يهذي بكلام لطيف عن الحب والسلام ونبذ العنف، ما كان ليقوله قبل اللكمة، إنه ليبرمان المليونير الذي هدّد مصر الفقيرة في حقبة الملياردير حسني مبارك بضرب السدّ العالي بقنبلة نووية، صاحب لهجة التهديد والوعيد، راح يتحدث بلهجة ابن آوى عندما يقع في مأزق.

حتى أولى القبلتين وثالث الحرمين لم تنجُ من فرحة الفقراء، فقد كتب بعضهم على لسان الأدرعي (على وزن الأصمعي)، وهو الناطق العسكري الإسرائيلي تصريحًا يقول فيه األا تخجل حماس والجهاد من إيذاء أولى القبلتين وثالث الحرمين...ألا تخافون الله'!

من يدخل تل أبيب ليس بآمن، ولا حتى من يدخل إيلات، وإذا كان ذو اللفة السوداء قد أطلق مقولته الشهيرة التي ذهبت مثلا 'حيفا وما بعد حيفا'، فقد قال ذو القبعة البيضاء'تل أبيب وما بعد تل أبيب'.

وإذا كانت المقاومة بعد ألف وثمانمئة غارة على قطاع غزة قد واصلت التفّ على الوجوه الصلفة المتكبرة...فكيف سيكون الحال إذا وقعت الواقعة مع إيران!الربيع وما أدراك ما الربيع، إذا كان هناك من ينكره، فهناك من أقرّ به وعلى الملأ، ألا وهو الملك عبد الله بن الحسين، الذي اتصل هاتفيا بنتنياهو أثناء عمود السحاب، وأطنب عليه بعدم الدخول برًا إلى غزة، كي لا يسكب مزيدًا من البنزين الذي طارت أسعاره على نيران ربيع العرب..

أحد الناجين من موقعة العمود، والذي أصبح محبوب الجماهير اليهودية خصوصا في (مستوطنات القسّام)، أي المستوطنات التي أدمنت صواريخ القسّام، واستعاد شيئًا من خسارته المعنوية إثر مقامرته الخاسرة عام ألفين وستة، كان صاحب فكرة تمويل القبة الحديدية، وهو عمير بيريس ذو الشاربين العروبيين، والذي كان حزب الله قد هزّأه ومسح به أرض جنوب لبنان، فقد تفوّق وهو المدني على الجنرالات في بعد النظر، ورأى فيه سكان (مستوطنات القسّام) بطلا ، واستقبلوه في الغرف العازلة بالترحاب، ويبدو أن أصله المغربي بالذات وشبهه الشكلي بالعرب، كان قد جعله مادة دسمة للسخرية، خصوصًا بعد موقعة (الناظور المغلق) الشهيرة، فقد استعاد شيئا من هيبته أمام الإسرائيليين بعد تفوّقه على جنرالات لم يعيروا القبة الحديدية اهتمامًا، إلا بعد أن أنقذت كثيرًا من أرواح الإسرائيليين،

الحلقة الأضعف في هذه الجولة لم تكن مفاجئة، السيد أبو مازن الذي أصر على وضع كل بيضه في سلة من لا يشفعون ولا يرحمون ، وهو الحجر الذي أهمله بناؤو المستوطنات، الذين ردوا على كل رجاءاته بسادية مريضة، الآن سُمعتْ أصواتٌ تعترف له بحسن النية وتقولبلقد قتلنا المخلص الأمين'، وهُرعت إلى الإعلام طواقم إسعاف في محاولة إحياء مستعجلة للرجل، راحوا يطيّبون خاطره كما لو كانوا يواسونه...لا تزعل يا أبو مازن ولا تؤاخذهم فإنهم لا يفقهون، أنت الشريك في صنع السلام، حتى نتنياهو أصيب بنوبة ضمير وقال إنه مستعد للعودة للتفاوض وليس له أي شرط سوى مواصلة الاستيطان وتهويد القدس وبدون زعل، لأن ما أوله شرط آخره سلامة، إنه الرجل الذي قالوا له قبل شهر فقط، 'لا يوجد مكان لدولتين بين النهر والبحرب..يعني ضُب بضاعتك واسكت أحسن لك، وهو الذي قالوا له، سوف نؤدبك بل نضربك (ددي واوا) إذا ما تجرأت وذهبت إلى الأمم المتحدة ولكنه ذهب، وفي آخر الأخبار قالوا بأنهم لم يضربوه على فعلته هذه، هو الذي (تفلّت)عليه قبضايات إسرائيل من كل حدب وصوب وهددوه بتقويض سلطته فوق رأسه كلما فتح فمه بتصريح يختلف ولو بشكل بسيط مع الدستور الداخلي لحزب الليلكود ردّوا عليه بألف وحدة استيطانية، وحرموه من المصروف الشهري...الآن يعودون إلى ابو مازن ولسان حالهم يقول..زعلك رضا يا عباس، اللهم ابعد عنك وعنا امخربيب الجهاد وحماس.وكانت هيلاري كلينتون قد زارته في رام الله وبدلا من تطييب خاطره ومواساته ومحاولة تضميد جراحه، فقد وبّخته لتوجهه إلى الأمم المتحدة كما لو كان ولدًا عاقًا أساء التربية.هكذا عمليا وفي منطق كلينتون الديمقراطية ونتنياهو السّادي، لم يبق أمام أبو مازن سوى الانضمام إلى الجناح المعتدل في حزب الليكود ومحاولة تغيير السياسة من الداخل.

وفي الوقت الذي قاتل فيه أهالي غزة أعتى جيوش العالم وأطلقوا وسوف يطلقون صواريخ (رخيصة وكويسة وبنت حلال) ردا على الطيران الحربي الإسرائيلي، فإن طائرات العرب الباهظة الثمن كانت وما زالت تقصف العرب في سورية بلا هوادة، بينما أضافت السعودية لأسطولها الجوي صفقة هائلة جديدة وبهذا قال الشاعر كم قسّام يُعد بألف سلاح جو وكم سلاح جو يمر بلا عدد

مسك الختام لهذه الجولة ولفرحة الغزيين، هي إطاحتهم بإيهود باراك، لقد فهم باراك أن انسحابه من الحياة السياسية الآن أفضل له لأن المستقبل غير واعد، وأخيرًا وفي مناسبة سعيدة كهذه، كان لا بد أن يطفو على السطح السؤال القديم منذ فجر البشرية اهل للحجم والطول أهميةب!لقد أثبت الغزيون المحشورون في شريط ضيق لا يتجاوز عرضه الخمسة عشر كيلو مترًا على طول واحد وأربعين كيلو مترًا، أنه لا أهمية للطول أو الحجم، فالصاروخ البدائي الصغيربقسّام'، قد يكون له مفعول التوما هوك والكروز والحسين وشهاب ويريحو..المهم من الذي يقف وراءه!وكيف ومتى يقذفه....!





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق