وإقترح الباحث الدكتور عامر السبايلة على الأردنيين مراقبة محطات التحول وخطوات الإنتقال في سوريا جيدا حتى يتمكنون من مواجهة التهديد الجديد معتبرا أن التسوية في سوريا هي المرحلة الأخيرة التي تسبق التسوية الاقليمية التي قد تشمل الأردن أيضاً وأن اتساع رقعة الصراع في المنطقة قد يكون امراً حتمياً قبل الوصول الى مرحلة التسوية النهائية.
وحذر السبايلة في ورقة عمل مهمة يقدمها الخميس في ندوة خاصة تنظمها صحيفة الرأي الأردنية الحكومية من أن وصول المعارضة الإسلامية الى الحكم في دمشق قد يقدم وجبة دعم دسمة للنموذج الاخواني الأردني خصوصاُ اذا ما اقترن هذا مع وصول شخصية اسلامية (خالد مشعل) الى سدة السلطة الفلسطينية.
وتحدث السبايلة في الندوة التي نظمها مركز الدراسات الإستراتيجية في الرأي عن قراءة تشير لإنزلاق الموقف الأردني عبر التقارب مع مدير المخابرات السعودي (يقصد الأمير بندر), والرهان على عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض نحو تحالفات تتعارض مع المصالح الوطنية الاردنية.
اما الخطر الأكبر قد يتمثل بتعارض موقف المؤسسات الوطنية الاردنية مستقبلاً مع الموقف الرسمي.. بداية الانزلاق الرسمي كانت مع التحولات في الداخل الاردني التي تبعت الفيتو الروسي الأول و شكل التغيير الحكومي (استبدال معروف البخيت بعون الخصاونة) وقد يتعرض الأردن لضغوط حقيقية لاحقاً من اجل فرض المنطقة الانسانية العازلة أو تركز قوات دولية واستعدادات عسكرية على الحدود مع سوريا.
ووفقا لرؤية السبايلة حيث حصلت (القدس العربي) على دراسته قبل تقديمها فالخطر الأكبر على الأرجن أمني بإمتياز عبر سهولة إنتقال نماذج التفجيرات في سوريا ملمحا لرفض بلاده للانصياع للرغبات القطرية السعودية في الدخول في مواجهة مفتوحة مع سوريا الأمر الذي لو حصل سيجعل من الساحة الأردنية هدفاً لكثير من القوى التي ما زالت ترغب في حصول هذه المواجهة سواء تماشت هذه الرغبات مع الارادة الأردنية ام لم تتماشى.
ويعتبر الدكتور السبايلة من أبرز الشخصيات التي تتابع في الأردن الملف السوري ويحذر من تعميم نماذج عنيفة من طراز فتح الإسلام وكتائب عبدلله عزام كما حصل في التجربة اللبنانية مشيرا لإن العمق الاستراتيجي الأردني اليوم يستدعي السعي نحو اقامة علاقة استراتيجية اكبر مع الجوار (عراق, لبنان,الكويت, الامارات العربية) مع اللاعبين الجدد "محور البريكس"(الصين, روسيا, ايران جنوب, افريقيا, الهند), فالقدرة على جمع كثير من الأوراق اليوم يعني ضمان الحضور على الطاولة غداً فالأردن يواجه تحديات امنية جديدة ناتجة عن التحولات السياسية القائمة اليوم في الإقليم.
وأشار السبايلة إلى محاولات إستهدفت شخصيات خليجية في تركيا تم التستر عليها محذرا من غرق المنطقة والجوار بالإغتيالات والإنفلات الأمني متصورا بأن الضغط الدولي المتواصل سيدفع نظام بشار الأسد للسعي لتوسيع دائرة الأزمة وبالتالي تصديرها ولذلك تقتضي الحكمة البحث عن النأي عن تأزيم الساحة الداخلية الأردنية, سواء أكان ذلك عبر سياسات حكومية (رفع أسعار) او خلق الاجواء المحتقنة(اعتقالات تعسفية), فالأولوية الاستراتيجية في هذه المرحلة تكمن بالحفاظ على الاستقرار الداخلي و فرض حالة التناغم المجتمعي.
وإعتبر الدكتور السبايلة أن دخول الأردن منطقة الصراع بوضع اقتصادي سيء جداً, و حالة اضطراب عام بعد أمراً سلبيا، اما فشل العملية الانتخابية السياسي فسيكون له تبعات سياسية خطيرة.
وكل المعلومات حسب السبايلة تشير الى ان الطاقة الأمنية السعودية والقطرية بدأت تستنزف نتيجة الجهد الكبير المبذول في تطبيق السياسات الوقائية, حيث يعيش السعوديون و القطريون مخاوف حقيقية من قدرة النظام السوري و أدواته على ضربهم في عقر دارهم. هذا جعل من رغبة التسريع باسقاط النظام السوري هدفاً استراتيجياً مرتبط تماماً بالأمن القومي الخليجي. و لعل هذا ما يفسر الانغماس الخليجي باستصدار قرارات الادانة للنظام السوري و حتى قرار حجب قنواته الفضائية.
ووصف الباحث النظام السوري بأنه لاعب امتهن التعايش مع الأزمات و في جعبته كثير من الأوراق, لذلك فان استراتيجية معاقبة اعداء سوريا على الأرض الأردنية واردة جداً و قد تبدأ من مخيمات اللاجئين و تنتهي في شوارع المدن الأردنية فالسياسة الأردنية اتسمت بالرمادية "دون تحالفات و لا صداقات حقيقة" مع اي من طرفي الأزمة. لهذا, فان عدم اتضاح الموقف الأردني سيؤدي الى استنزاف القدرة الأمنية خصوصاُ ان هذه السياسة تحول الأردن الى خصم للجميع مما يعني ضمناً تهديداً من كل الجهات.
وقال السبايلة ان وجود العناصر المتناحرة في الأردن قد يجعل من الأرض الأردنية مناخاً مناسباً لتصفية الحسابات و التي قد تتعدد صورها لتشمل الاغتيالات والحرائق المفتعلة و تسميم المياه و الأطعمة و حتى الانفجارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق