الاثنين، 26 نوفمبر 2012

عمرو موسى.. أمير الفلول

عن شبكة فلسطين للحوار  و اخوان اون لاين
عمرو موسى.. أمير الفلول




- وثائق أمن الدولة أثبتت أنه كان سفير المخلوع للقضاء على الثورة
- ابن النظام السابق وكان يؤيد قضاء مبارك فترته أثناء الثورة
- في وزارته مارست الخارجية أكبر تطبيع مع الكيان الصهيوني
- ساهم في سقوط العراق وحصار غزة وتصاعد الأزمة اللبنانية
- دعم الأنظمة الدكتاتورية وأعطاهم خطًّا أحمر لقمع شعوبهم

تحقيق: الزهراء عامر



من أجل الحلم بكرسي الرئاسة خرجت الثعابين مرةً أخرى من جحورها، وحاولت تغيير جلودها حسب طبيعة المرحلة الجديدة، وبدأت التنصل من تهم الفساد والتاريخ الأسود التي يلاحقها، لتسحر أعين الناس وتلبس عليهم الحقائق وكأنهم كانوا أبطال الثورة الحقيقيين الذين وقفوا مع الثوار وقدموا أرواحهم فداءً للوطن ضد أستاذهم ومعلمهم الفساد والتطبيع "مبارك".

من بين هؤلاء عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية والمرشح للرئاسة الجمهورية "الرجل الذي لا ينساه التاريخ أو رجل المرحلة القادمة".. هكذا لقبه البعض بعدما قرر ترشيح نفسه في المارثون الانتخابي لانتخابات الرئاسية؛ نظرًا لموهبته في صكِّ التصريحات الرنانة والنارية لخداع المواطنين.

والتاريخ فعلاً لن ينسى أنه أحد فلول النظام السابق وأبناء مبارك و"لحم أكتافه من خيره" كما يقولون الذي عينه وزيرًا للخارجية ثم أمينًا لجامعة الدول العربية، لثقتهم به ومعرفتهم بحقيقته.

يتعامل موسى مع الشعب المصري وكأنه يمتلك ذاكرة السمك حيث تناسى تصريحاته المؤيدة والداعمة للمخلوع وولده قبل وبعد الثورة ومنها "إن مواصفات الرئيس تنطبق على جمال مبارك"، وقال في تصريحاتٍ أخرى بشأن احتمالية منافسته لمبارك الأب "العين ما تعلاش على الحاجب"، وفي آخر تصريحاتٍ له قبل الثورة بنحو شهر ونصف قال "إن الطريق إلى الرئاسة مسدود".

وفي أثناء الثورة وبتاريخ 9 فبراير أكد موسى لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية ضرورة بقاء المخلوع حسني مبارك في منصبه حتى تنتهي فترة ولايته الرئاسية، مضيفًا أن التوافق في الرأي بشأن هذه النقطة يتزايد بسبب اعتبارات دستورية محددة وقال: "إن جهودي الآن تتركز على المساعدة على معالجة الموقف الراهن".

وبسؤاله في برنامج (خط أحمر) على قناة "دريم" عن ترشيح مبارك لفترةٍ جديدةٍ في عام 2011م قال نصًّا: "إذا ترشَّح الرئيس مبارك فأنا سأصوت له؛ لأني أعرفه جيدًا وأعرف طريقة إدارة للأمور"، وأكد في البرنامج نفسه عندما سُئل عن علاقته بالحزب الوطني أجاب "أنا رجل من المسئولين بالحزب الوطني وملتزم به".

بعد نجاح الثورة حمل مرشح الفلول للرئاسة لجريدة (الشروق) بتاريخ 11 مايو 2011 نظام الرئيس السابق حسني مبارك مسئول عن العنف الطائفي في البلاد، مؤكدًا أن كل الأحداث السلبية هي نتيجة لسوء الإدارة من المجتمع في ظل الإدارة السابقة للبلاد.

وفي 8 يونيو 2011م انقلب على نفسه وقال في مؤتمرٍ صحفي طبقًا لجريدة "المصريون" عن أنه لم يكن بينه وبين الرئيس السابق محمد حسني مبارك تفاهم، بل تصادم، وهو ما دفع مبارك إلى إقصائه من منصبه كوزيرٍ للخارجية؛ وذلك لرفض عمرو موسى الالتفاف على دوره كوزير الخارجية، وعزز من إقبال مبارك على إقصاء موسى شعوره بتنامي شعبيته وتزايد حب الناس له.

أثناء توليه وزارة الخارجيه وبحسب شهادة ديفيد سلطان، السفير الصهيوني السابق في مصر، في كتابه " بين القاهرة وأورشليم"، مارست الخارجية المصرية أكبر تطبيعٍ مع العدو الصهيوني، وهو المعادي بطبعه للمقاومة، والذي لا يؤيدها إلا عبر الشاشات والفضائيات المتأمركة، وعلى سبيل المثال لا الحصر قامت برعاية وعقد المؤتمر العالمي في شرم الشيخ عام 1996م لدعم الكيان بعد سلسلة العمليات الاستشهادية التي قامت بها حماس والجهاد الإسلامي، وحضر المؤتمر 30 دولة منها 18 دولة عربية، وخرج قرارها بدعم الصهاينة ومقاومة الإرهاب "الإرهاب المقصود هنا هو المقاومة الفلسطينية".


طائرة السواحل الأمريكية



وأثبت تحقيق نشر تورط عمرو موسى وأحمد شفيق في قضية الطائرة التي سقطت قبالة السواحل الأمريكية عام 1999م، وهذا الأمر أكده وليد البطوطي ابن شقيق جميل البطوطي مساعد الطيار في الطائرة الذي استبعد إعادة التحقيق في قضيتها لأسباب سياسية ولتواطؤ مسئولين كبار في الدولة لا يزالون موجودين الآن بالسلطة، مضيفًا أن عمرو موسى وأحمد شفيق ومسئولين آخرين يعلمون أسرارًا خطيرةً عن حادث الطائرة لكنهم يلتزمون الصمت.

وكشف أن المحامين الأمريكان ساوموا أسر الضحايا المصريين وهددوهم واستخدموا معهم عدة وسائل لإجبارهم على التنازل عن القضية بما يؤكد أنهم مسئولون عن الحادث، وقال إن تعليمات صدرت لأسر الضحايا بعدم نشر نعي للضحايا في الجرائد، وهو ما يؤكد الإهمال الكبير والتواطؤ الذي حدث من النظام السابق في الحادث.


الجامعة العربية في عهده

تولَّى عمرو موسى منصب الأمين العام للجامعة العربية سنة 2001م حتى 2011م، ولم يُقدِّم شيئًا يُذكر غير التصديق على القتل ونهب الأراضي العربية بتخاذلها، وتعتبر هذه الفترة أسوأ فترة مرَّت بها الجامعة، فضلاً عن كونها لم تقم الجامعة في عهد موسى بأي جهدٍ حقيقي من أجل العراق أو فلسطين، ويعتبر حصار عزة واحتلال العراق جهدًا يُحسب له.

وكان هذا تزامنًا مع بدأ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي اندلعت في 28 سبتمبر 2000م، ومن وقتها لم تُحرِّك الجامعة العربية ساكنًا منذ تولي أمانتها، وكأن الأمر مقصود مرورًا بالانتفاضة الفلسطينية ومقتل الشيخ ياسين والرنتيسي.

والمرحلة الثانية: هي ضرب العراق والاحتلال الأمريكي لها التي توج العمل الدبلوماسي باستشهاد الملايين من العراقيين أطفالاً وشيوخًا ورجالاً ونساءً وتدمير البنية التحتية للعراق، وقام بعقد لقاءات دافئة مع الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر على رمال البحر الميت في الأردن وعلى نفس المنصة أعلن تأييده للعدوان، فضلاً عن علاقاته الدائمة والمستمرة مع الحكومات التي عينها الاحتلال وإلقائه مؤخرًا خطابًا في البرلمان الكردي الانفصالي، وإلى جواره عملاء أمريكا البرزاني والطالباني خير مثال على دوره المشبوه لخدمة أمريكا في المنطقة حتى سقطت العراق.


المرحلة الثالثة: الحرب الصهيونية على لبنان في 2006م وموقفه من حزب الله، ودوره في الأزمة التي اشتعلت وقسمت لبنان بعد استشهاد رفيق الحريري عام 2005م، إلى حد تخصيص سعد الحريري طائرة خاصة له ليتحرك بها على نفقته، ولكي تأتي قراراته ضد المقاومة ولصالح الفريق الأمريكي.

أما المرحلة الرابعة : العدوان على غزة في 2008 فلم تحرك الجامعة ساكنا تجاه المجازر والحرب الإبادية للشعب الأعزل واكتفت بموقف المتفرج في قطاع غزة التي بلغ عدد الشهداء أكثر من (1300) شهيد وتجاوز عدد الجرحى (5900) جريح، نصفهم من الأطفال والنساء، ولم تتمخض الجامعة سوي بقرار مجلس الأمن الدولي رقم (1860) الهزيل والضعيف وغير المطبق، وخرج موسي يقرأ البيان حينها وكأنه قد حرر فلسطين من قبضة المحتل الغاصب.

ثورات الربيع العربي


انحاز موقف الجامعة العربية تجاه ثورات الربيع العربية إلى رؤية الأنظمة العربية وتفسيرها لما يحدث بداخلها من فوران شعبي ومطالبات بالإصلاح، ففي تونس ومع تسارع وتيرة الأحداث بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه في 17 ديسمبر 2010م، أعلنت الجامعة العربية أن ما يحدث هناك شأن داخلي، وإن كانت أعربت عن أملها في أن تتجاوز تونس الأحداث بسلام.

ولم يخرج موقف الجامعة العربية عن هذا الإطار إزاء الثورة المصرية، بل كان الموقف أكثر حرجًا لا سيما أن الأمين العام للجامعة وقتذاك "عمرو موسى" مصري وثار جدل حول إمكانية أن يلعب دورًا فيما بعد نظام مبارك، خاصةً أن موسى كان قد أكد في الأيام الأخيرة من فترة أمانته للجامعة أنه لن يقبل التجديد لفترة أخرى.


ولم يسمع أحد له صوتًا كمصري وليس كمسئول، ولم ينتقد قمع الشرطة وقتلهم للمدنين العزل؛ ولكنه ذهب للميدان يطالب المتظاهرين بمغادرته بناءً على تعليمات من جهاز أمن الدولة، والذي أكدته وثيقة سربت من داخل الجهاز.

موقف الجامعة من الثورتين التونسية والمصرية هو أقرب إلى "الحياد السلبي" الذي يأخذ في اعتباره العلاقة مع الأنظمة أكثر من الشعوب، وتم تغطية بشيء من الدبلوماسية حين تزعم أن ما يجري هنا أو هناك هو "شأن داخلي".

بعد أن أصدرت الجامعة العربية العميلة الغطاء المطلوب للتدخل العسكري في ليبيا، رجع السيد عمرو وانتقد القصف، زاعمًا أنه ليس هذا ما اتفقنا عليه، ويختلف عن الهدف من فرض الحظر الجوي، وما نريده هو حماية المدنيين وليس قصف مدنيين إضافيين، وموقفه لم يختلف بالنسبة.


مواقف ملتبسة من اليمن



أما موقف الجامعة العربية من الأوضاع في اليمن فقد كان ملتبسًا؛ إذ فضّلت الجامعة أن تلقى بالملف برمته منذ البداية في يد دول مجلس التعاون الخليجي التي تقدمت بأكثر من مبادرة لتوفيق الأوضاع بين الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والمعارضة، وفي كل مرة كانت توافق فيها المعارضة على المبادرة كان "صالح" يرفض التوقيع في اللحظات الأخيرة! ومع ذلك لم تحمِّل دول مجلس التعاون الخليجي النظام اليمني المسئولية وكأنَّ شيئًا لم يحدث؛ الأمر الذي فاقم الأوضاع لدرجة خطيرة أنذرت بحرب أهلية لولا حكمة الثوار الذين يعتصمون إلى الآن بسلمية الثورة بالرغم من تكرار اعتداء مؤيدي صالح عليهم بين الحين والآخر، وآخرها الاعتداء الذي أسفر عن استشهاد 26 في ساحة التغيير بصنعاء في يوم واحد فقط.



من خلال هذا العرض الموجز لمواقف الجامعة العربية تجاه الثورات العربية تحت قيادة عمرو موسى، نلاحظ أن هذه المواقف انحازت- في أغلبها- إلى رؤية الأنظمة العربية وتفسيرها لما يحدث بداخلها من فوران شعبي ومطالبات بالإصلاح.





قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: "إن على عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والمتشوق لرئاسة مصر، أن يشغل نفسه ولو قليلاً بما يمارسه الطغاة العرب من قتل وترويع ضد شعوبهم المتطلعة للحريات والديمقراطية، ويعلن بوضوح إدانته لهذا القمع الوحشي، لا سيما في ليبيا والبحرين واليمن، ولا يسكت ويغمض عينيه عن هذه الممارسات، مثلما سكت عن قمع الديكتاتور المصري المخلوع لشعبه طيلة 30 عامًا، وخلال ثورة الـ25 من يناير التي استطاعت إزاحته".


وذكرت الشبكة أنه "منذ أن أطاحت الثورة المصرية بالديكتاتور حسني مبارك، بدأ موسى في الظهور والتطلع لمنصب الرئيس في مصر، ولم يعير أي التفاتة لدماء القتلى والشهداء العرب على يد الحكام الطغاة، ولا سيما الديكتاتور الليبي واليمني والبحريني، الذين لم يتورعوا عن اللجوء لأساليب إجرامية ضد المتظاهرين سلميًّا، والمطالبين بالديمقراطية في هذه الدول".

وأضافت: أنه لم يستقيل عمرو موسى من منصبه يوم 12 فبراير؛ احتجاجًا على جرائم الديكتاتور مبارك ضد الشعب المصري، ولا رفضًا لممارسات الطغاة العرب ضد الشعوب العربية، بل تمهيدًا للوثوب على مقعد الرئاسة في مصر".

واستطردت: "كنا لنصدقه ونصدق حديثه عن الديمقراطية لو استقال قبل سقوط الديكتاتور، أو نطق حرفًا ضد الممارسات القمعية للرؤساء العرب ضد شعوبهم، لكنه انتظر حتى يسقط الديكتاتور، ويسقط مخطط التوريث الذي أعلن تأييده في أكتوبر 2009م، بقبوله لتولي ابن الديكتاتور المصري المخلوع جمال مبارك، فهو رجلاً لم نسمع منه كلمة مؤيدة للديمقراطية أو تنديدًا بالقمع، ولن نرضى أن يحكم ليس فقط مصر، ولكن حتى قرية صغيرة في ريف مصر، فمصر الديمقراطية لا تريد من اعتادوا على إمساك العصا من المنتصف".

أما مواقفه من التطبيع في مصر وصلت إلى حدِّ إنشاء الجمعية المصرية للسلام والتطبيع برئاسة الراحل لطفي الخولي ود. عبد المنعم سعيد، وعقده عشرات الاتفاقات واللقاءات مع القيادات الصهيونية.


الالتزام بقواعد اللعبة

وبعد كل هذا التاريخ لم يكن مستغربًا على الصحف الصهيونية أن تبدي ارتياحها لقرار ترشيح عمرو موسى بسبب مواقفه المخزية والسلبية؛ حيث أبدى عددٌ من المسئولين الصهاينة بتاريخ 21 فبراير 2011م ارتياحهم لإعلان أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى نيته التنافس على رئاسة مصر، معتبرين أن موسى كرئيسٍ لمصر لن يدفع نحو "كسر قواعد اللعبة" التي حافظ عليها الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وقال نائب رئيس الوزراء الصهيوني سيلفان شالوم: إن تجربة عمرو موسى كأمين عام الجامعة العربية أثبتت أنه "لا يشذ عن طابع النظام العربي المسئول"، الذي يأخذ بعين الاعتبار "القواعد التي تحكم العالم والعلاقات الدولية".

ومن ناحيتها أبدت وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة "ليفني"، والتي تتزعم المعارضة الصهيونية ارتياحها لإعلان موسى نيته التنافس على رئاسة مصر، معتبرة أنه "تصرف بمسئولية عالية خلال مواقف واختبارات صعبة".

وفي مقابلةٍ مع إحدى المحطات الإذاعية العبرية، قالت ليفني: "موسى لم يخرج عن طوره ولم يتدخل بشكلٍ جدي عندما قمنا بفرض الحصار على قطاع غزة ولم يوظف موقعه لاتخاذ قرار ضدنا عندما شنَّت الحكومة الصهيونية حملة الرصاص المصبوب على قطاع غزة، أواخر عام 2008م، علاوةً على أنه وقف بشكلٍ واضحٍ إلى جانب محور الاعتدال في لبنان في مواجهة معسكر حزب الله".

واعتبرت ليفني أنه يتوجب على الكيان الصهيوني التعاون مع الإدارة الأمريكية من خلف الكواليس من أجل العمل على انتخاب رئيس جديد في مصر يلتزم باتفاقية كامب ديفيد"، وأن يواصل الموقف الشجاع الذي اتخذه الرئيس مبارك بالتعاون مع الكيان والغرب في شنِّ حرب لا هوادة فيها ضد قوى التطرف والإرهاب في العالم العربي"، على حدِّ تعبيرها.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق