الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

الجزيرة تفكك خطاب خصوم مرسي وحفارات روسية للتنقيب عن الحوار في سوريا! ...أحمد عمر



الفرعون الجديد، نصف اله، المتأله، اكبر دكتاتور في العصر، الطاغية، 'صلاحيات لم يسبق لرئيس دولة أن استحوذها'، نيرون .. كل هذه أوصاف أطلقها قضاة ومحامون وإعلاميون، على رئيس منتخب، بنسبة الفوز الواضحة، والتي أوصلته إلى كرسي الرئاسة بعد سبعة آلاف عام من عبادة المومياءات والموتى، وهي نسبة اكبر من نسبة جورج بوش ضد آل غور، ونسبة تعادل نسبة هولاند.. كل هذه الأوصاف اتهم بها مرسي الذي يعادل راتبه نصف راتب دودي وزميله زوزي واربعين تحت الصفر من سلطة بشار الأسد. أطرف اتهام لمرسي جاء من صحفي 'ثوري' على البي بي سي جاء فيه: مرسي لم يشارك في الثورة، ده كان في السجن أيام الثورة!.


ليس لمرسي ضحايا، ولم يحرق شيئا، وإنما أحرقت مكاتب حزبه، والضحية الأولى للإعلان كانت من الحزب الذي أتى منه، وقد ترقبت المؤتمر الصحفي لنادي قضاة مصر، الذي بشرنا بحل، توقعت أن يقدم دودي فيه استقالته، حتى يتيح لمرسي التراجع عن الإعلان، أو لأنه كبير في السن والقدر ويداه ترتجفان ونظره ضعيف وهو معين من مبارك.. لكنه أخذته العزة 'بالاثم' فهدد برفع دعاوى، وقضايا ضد الرئيس مرسي.. كان متظاهرون موالون قد دلعوه باسم دودي، الذي كلما رأيته على الشاشة تذكرت وحش الشاشة فريد شوقي، وأغنية 'كامل الأوصاف فتني'.. كان أنصار مرسي قد أرسلوا له رسالة ميدانية تقول: مش كنت تروح الفاتيكان أحسن يا دودي .. الأغلب أن دودي، حتى لو لم يتم التراجع عن الإعلان الدستوري (اصغر قانون طوارئ معروف في عالم السياسة) سينتهي من مرشح سابق لسفارة الفاتيكان إلى عامل عادي في قشارة الباذنجان. 'هيه الفاتيكان كلمة قبيحة يا مرسي'.

القضاء الذي بات 'مقدسا'، وهو من وضع بشر ومومياءات نظرها ضعيف وأيديها ترتجف في غرف مغلقة، يذكر بواقعة رفع المصاحف في معركة صفين، وقول حق يراد به كرسي مصر، مع أن القضاء 'المقدس' هو الذي سكت على تزوير الانتخابات أيام مبارك، ومعاهدة كامب ديفيد، وتمديد ولاية مبارك، واعتقال عشرات الآلاف من المصريين أخوانا غير متقابلين.. وسفك دماء القوانين والدستور.. القضاء بكلكله وجثته القديمة التي لا تزال تنبض بالحياة بات أقدس من الانتخابات والدولة ومشاعر نصف المجتمع على الأقل، لا هي 'مو رمانة بس قلوب مليانة'. تهمة 'أخونة الدولة 'هو التكفير الثوري الجديد، وما يجري هو 'تفليل' الثورة والدولة.

العربية انضمت إلى الفلول وخصوم الحرية والعدالة - أقصد الحزب يعني وليس المعنى- الذين يرفضون التطبيع مع الإخوان، ويتعاملون معهم كأنهم وافدون، أو لاجئون، في الوقت الذي قبل بهم العالم (ياسر الزعاترة) ويشتغلون على النخر في الدستور و الكرسي والرقص حوله في لعبة الكراسي الموسيقية من جديد. أما الخواجة نوبل البرادعي فأسرع إلى الاستغاثة بالخارج 'ببيانات' من اجل إعلان دستوري مؤقت، لحين الانتهاء من الدستور الذي يكاد يتمزق من شدة الجذب بين من يدعون بنوته، بعد 50 ألف ساعة عمل على حضانته في الجمعية التأسيسية.



الفضائيات الزورية



الفضائيات العربية والعالمية والمصرية استضافت شخصيات من الفريقين المختصمين، إلا الفضائيات الزورية الشامتة بانتصار حماس، وكانت الرسمية، قد استضافت بسام أبو عبد الله فور انتهاء مؤتمر مشعل وشلح وإعلان الهدنة، لاتهامهم بالخيانة وبيع فلسطين والتقاعس عن تحريرها. وقد بثت - وهي الوحيدة التي فعلت ذلك حسب متابعاتي - خطابا لأحمد شفيق يبشر مرسي بالسقوط السريع، ولا اعتقد أن أحدا من الفريقين يعتبر شفيق ثائرا، أو ديمقراطيا، أو مولودا في مذود في ميدان التحرير. وقد ساقته الأقدار ليكون خصما لمرسي، والأصوات التي حصّلها لم تكن 'حبا بمعاوية وإنما كرها بمرسي'. وها هو يهدد ضد مرسي من المنفى 'الاختيالي'، و يغني أغنية حصانة القضاء مع انه لا يجرؤ على دخول مصر خوفا منه. ليس هذا فحسب وإنما اعترفت الفضائية المذكورة بثورة مصر!. اعترفت 'بثورة يناير' وتخلت عن اسم الثورة البعثي الساخر المستدعى من أدبيات الإعلام الأمريكي والذي هو 'فوضى خلاقة'' أو مؤامرة كونية!

 الجزيرة حاولت أن تحمي ظهر مصر، من غير مخالفة لقواعد المرور والسير الفضائي، بتفكيك خطاب الثائرين وطمأنة الناس على البورصة و استضافة ضيوف مختارين بعناية، وتغطية الندوات التنويرية والمعرفية والرصينة التي تكشف غوغائية الثورة المضادة. ضيوف الفريق الخصم للرئيس (و ليس للإعلان الدستوري) عنيدون، صاخبون، رافضون للحوار، حججهم 'ثورية' خلابة، جميلة، وضيوف الموالين لمرسي ناعمة، حكيمة، حليمة، عاقلة، فالزمن زمن كاره للطغاة (مثلا بشير عبد الفتاح، الوزير محسوب، سيف الدين عبد الفتاح..) أمّا ممثلي حزب الحرية والعدالة المستضافين فقد آثروا الهدوء والعفو، والملاطفة والقول: سلاما. قد يكون الإعلان الدستوري دواء مرا، وأخذ عن طريق العضل خطأ، وعسى أن يكون مفيدا لصحة مصر السياسية، والأغلب انه سيروض الإخوان ويعلم الجميع ممارسة السياسة في بلد حرم منه على أصوله. وربما ليس أمام الإخوان سوى التخلي عن الشريعة الإسلامية، أو الصيغة الحدية والحرفية والخلافية منها، أو القبول بتغريب الإسلام، للاحتفاظ بالسلطة العمومية.

عزف منفرد على الريموت كونترول :

ـ لا زالت الحوارات الوطنية السورية الرسمية تجري في ما وراء أعالي البحار (طهران، موسكو..) ولا تزال سورية دولة 'خارجية' في حواراتها أيضا. لم يفرج عن الحوار الرهينة بعد، والاستبشار برؤية معارض عرّف نفسه بأنه رئيس الحزب الكردي السوري المعارض، على فضائية 'سما' ذهب مع الريح. وسما هو الاسم الجديد لفضائية دنيا أو اسمها بعد التطوير والتحديث والتسميد، ثم تبين أنّ الرجل معارض لاردوغان وحمد وفيصل حسب مصطلحاته السياسية، وهذا ما جعله ضيفا سعيدا في الفضائية المحروسة، ولهذا مدّ يده بعد انتهاء الحوار إلى المذيعة مصافحا!

ـ استضافت اورينت ' الأب' باولو داليلو الذي قد يسمّى يوما باولو السوري، أو ربما الحاج محمد باولو السوري، أو عبد الرحمن داليلو. فأمتع مستمعيه بساعة من الشعر والفلسفة والوقوف مع الحق والنصح الرشيد.

ـ استضافت الفضائية الزورية الرسمية العلامة العلماني، الذي ليس نظير أو ثان، بين الخصوم والخلان، السيد نبيل فياض. المذيعة ذات الوجه الحزين، ذكرته بقول مأثور له، وهو: حثالة اسمها العرب! فأكد على قولها، مشيدا بالوطن السوري ذو الجمجمة العنصرية الذي تبعثر إلى أربع دول. ظننت أن المذيعة ستجعل لرأيه هامشا أو تخففه، كأن تقسم العرب إلى نوعين. لكن بدا واضحا أنها تشاركه في رأيه، في فضائية تبث من قلب العروبة النابض.

ـ من دفتر الألم: الساكت عن الحق شيطان اخرس، فقط، وهو شيطان أفضل وأكرم، من شيطان ساكت عن الباطل. أو متكلم معه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق