الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

قرارات مرسى وإسرائيل ... د. حسن الحيوان

علمنا من الإعلام عن اجتماعات بين ليفنى الإسرائيلية مع مرشح رئاسى لترتيب مشاغبات داخلية لإلهاء مرسى عن عدوان إسرائيل الأخير على غزة, أمر بالغ الخطورة لكنه عادى جدًا بالنسبة لى, قبل الثورة كان هدف العدوان هو تدمير المقاومة الإسلامية ولم يتحقق الهدف أما الآن فالهدف هو "إعاقة ثورة مصر" والسبب هو قيمة مصر الحضارية الإسلامية.


-مصر هى الوحيدة المذكورة بالقرآن وفى ذلك دلالة عميقة لها تأثيرها على الأوضاع الإقليمية خصوصًا والعالمية عمومًا وإسرائيل تدرك ذلك تمامًا.

-اختارت إسرائيل توقيت الهجوم على غزة بالتزامن مع أخطر المحطات فى مسار ثورة مصر وهى"الدستور" تحديدًا قرب حسم الخلاف بالتأسيسية كذلك حكم القضاء المتوقع فى 2 ديسمبر بإلغاء التأسيسية, وذلك لإحداث فوضى عامة لإجهاض الديمقراطية حيث يعلم أعداء الثورة داخليًا (وإسرائيل خارجيًا) أنهم يفتقرون إلى الشعبية، وبالتالى لا يريدون تأسيس نظام حكم عن طريق مؤسسات تأتى بالانتخابات التى سيفشلون فيها, فماذا حدث؟؟


-استطاعت المقاومة إذلال إسرائيل, وصلت صواريخها (المُصنعة محليًا) لعمق تل أبيب قتلت وأسرت ثم أرعبت أكثر من مليون إسرائيلى, إسرائيل كانت مُصرة على الاجتياح البرى، لكنها تراجعت وطلبت من مصر التوسط للاتفاق على التهدئة مع المقاومة، انتظر مرسى إنجاز الاتفاق الذى خرجت منه المقاومة منتصرة وبعد تحقيق تقدم استراتيجى بشأن التوازن بين "مصر الثورة" وإسرائيل, تحول مرسى للأوضاع الداخلية بالإعلان الدستورى لتحصين المؤسسات المنتخبة (التأسيسية والشورى) ليتم إنجاز الدستور (رغمًا عن أنف الثورة المضادة وإسرائيل)، فضلاً عن القرارات الأخرى التى كانت منتظرة شعبيًا "يعنى المقاومة أصبحت أقوى فى مواجهة إسرائيل وكذلك مصر(بعد القرارات) فى مواجهة الثورة المضادة", لذلك "الترابط وثيق"وبديهى فى المصالح بين إسرائيل والثورة المضادة للأسباب الآتية..

- تدرك إسرائيل أن قوة مصر فى تحرر شعبها الذى سيختار نظامًا للحكم يستند إلى الشعبية الداخلية (بدلاً من الهيمنة الخارجية) التى تدعم المرجعية الإسلامية التى تؤسس للوطنية المصرية والقومية العربية فى إطار الجامع الحضارى الإسلامى وهى دوائر الانتماء التى تحدد المنهج والموقف للشعوب العربية والإسلامية بشأن قضية المسجد الأقصى والقدس وغزة, أما بالنسبة لرموز الثورة المضادة فهم يفتقرون للشعبية ويرفضون المرجعية الإسلامية، وبالتالى ليس أمامهم إلا الاستناد للهيمنة الخارجية (أمريكا) ليس بنية خدمة إسرائيل ولكن لمواجهة وصول الإسلاميين للحكم, أى أنهم لا يفقهون ما يفعلون, كرههم للإسلاميين أكثر من حبهم لمصر.

-ولذلك ستكون غزة هى "المحك" بشأن قضية فلسطين لأنها "المحك" هى وسيناء بخصوص علاقة مصر بإسرائيل وسيستمر هذا الوضع حتى يتم إنجاز الدستور والبرلمان عندها ستنضبط البوصلة المصرية وتباعًا العربية والإسلامية فى التعامل بالندية مع إسرائيل بأبسط مبادئ حقوق الإنسان.

-اختارت إسرائيل توقيتها لكن ليس لها فرض توقيتات التحولات المصرية فى مواجهتها, فالتدرج سنة كونية ومدرسة نبوية, خلق المولى سبحانه الكون فى ستة أيام وتم تحريم الخمر على أربع مراحل والربا على ثلاث, تركيا لم تطرد السفير الإسرائيلى (بسبب اعتدائها على الأسطول التركى) إلا بعد عام ونصف لأن مواجهة إسرائيل تمثل أخطر الملفات لأنها مواجهة شاملة للقوى الإمبريالية العالمية العلمانية التى زرعت إسرائيل (صناعيًا) فى قلب منطقة العروبة والإسلام لإعاقة مسيرة شعوبنا طلبًا للحرية والنهضة.

- لو تركنا إسرائيل وشأنها فلن تتركنا ولن تلتزم إلا بما يخدم مصالحها التوسعية (وفقا للقرآن الكريم والتاريخ) لأن قوتها فى ضعفنا وبعدنا عن دوائر الانتماء المذكورة, الموقف الرسمى المصرى من أحداث غزة جيد جدًا، ولا يتبقى إلا دور الفرد والمجتمع للتوحد فى هذه المرحلة الخطيرة "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا" لمواجهة مَن يعادى"مصر الثورة", وأهل غزة هم "حائط الصد الأخير", لو تم تدمير مقاومة غزة ستمضى إسرائيل نحو إعادة احتلال سيناء, لا يوجد ما يمنع ذلك إلا صمود غزة وتماسك مصر, فلا أقل من استشعار المسئولية الوطنية من خلال "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، والتى تعنى ليس فقط أنك لست مكلفًا إلا بما فى وسعك بل أيضًا مكلفًا بكل ما فى وسعك, فمن منا لا يستطيع دعم أهل غزة معنويًا بالدعاء وماديًا بالتبرع (وفقا لفتوى دار الإفتاء) واقتصاديًا وسياسيًا بمقاطعة منتجات الدول الداعمة لإسرائيل خصوصًا فى ذبحها لأطفال غزة, لابد لهذه الدول أن تقيم ألف حساب لشعوبنا بعد ثوراتنا وإلا فلا, أما الخلاف البديهى على قرارات الرئيس نتناوله الأسبوع القادم إن شاء الله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق