الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

فيما السباق مستمر بين تهدئة مرتقبة وتصعيد للحرب، خرجت الأصوات في إسرائيل محذرة من التداعيات الاقتصادية السلبية في حال اطالة أمد العمليات العسكرية، وخصوصاً على الشركات في جنوب إسرائيل. وحذرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، من مغامرة الدخول البري إلى غزة، نظراً إلى تداعياتها الاقتصادية المتوقعة، على اعتبار أن الخطوة لن تؤدي فقط إلى زيادة تكاليف الأضرار المادية وفقدان الإنتاج نتيجة وجود الأسر الإسرائيلية في الملاجئ، بل ستؤدي أيضاً إلى التأثير على انتاجية العمل بسبب استدعاء الاحتياط. ووفقاً للصحيفة، فإن 5 أيام من الحرب كانت كفيلة بتكبيد إسرائيل خسائر بملايين الشواكل.

اليوم السادس لحرب إسرائيل على غزة، هو يوم الانهماك في البحث عن مخرج لأزمة الحرب. فقد عبّر إعلام اسرائيل، وخبراؤه ومحللوه، عن خشية من الآتي، وإمكان أن تضطر تل أبيب، فعلياً، إلى المجازفة والدخول في حرب برية، لا تريدها




يحيى دبوق

رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن الدافع الاسرائيلي وراء عملية «عمود السحاب»، هو تحقيق انجاز ميداني، بتوجيه ضربة جوية ساحقة، تؤدي الى تدخل المصريين، وفرض وقف لإطلاق النار خلافاً لقواعد اللعبة السابقة، الا ان كل ذلك، «لم يغير شيئاً في الجوهر، فبعد خمسة أيام من الصدام المُسلّح، تواجه حكومة إسرائيل المعضلة نفسها التي عذبت الحكومة السابقة، اذ ان حماس لم تستسلم، ونظامها لم ينهَر، و(رئيس حكومة حماس اسماعيل) هنية لم يخرج من المخبأ رافعاً يديه ومستسلماً».



وكتب معلق الشؤون السياسية في الصحيفة، ناحوم برنياع، أن ظروف العملية العسكرية الحالية، ساءت قياساً بعملية «الرصاص المصبوب» عام 2008، فـ«اذا كانت اسرائيل في حينها قادرة على تجنيد مصر لفرض هدنة على حماس بشروطها، الا انها اليوم عاجزة عن ذلك، بل إن الحكومة المصرية معنية بهدنة تبدو حماس بموجبها منتصرة».

وكشف برنياع عن أن رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أدرك قبل أيام وجود هذه المعضلة، ويحاول تلافيها من طريق التهديد بعملية برية داخل القطاع، آملاً أن يؤدي ذلك الى الضغط على حماس ومصر. وأضاف برنياع أن استدعاء الاحتياط، كان يهدف الى إفهام الجانب الثاني، بصدقية التهديدات، لكن «لا يكفي تجنيد القوات، بل يجب الإقناع بأن للعملية البرية هدفاً يسوّغ الكلفة المتوقع لإسرائيل ان تدفعها»، مشيراً الى ان «اسرائيل تجد نفسها، بعد ايام على بدء القتال، في الوضع نفسه الذي وجدت فيه نفسها عام 2006 حيال لبنان، و2008 حيال غزة: كيف نخرج من هذه المسألة مع شعور بالنصر، وماذا سيقولون في غزة والعالم العربي، والأهم، ماذا سيقول الناخبون الاسرائيليون بعد شهرين من الآن؟».

صحيفة «هآرتس» ركزت على «التهويل بالدخول البري الى القطاع»، مشيرة الى انه «في موازاة الضغوط على حركة حماس في القاهرة، ودفعها إلى الموافقة على هدنة سريعاً، يهبط في اسرائيل قطار من الدبلوماسيين الغربيين، وهمّهم الوحيد هو وقف العملية البريّة الاسرائيلية داخل غزة».

أما معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة، عاموس هرئيل، فقال: «صحيح ان استعدادات الجيش تتكثف في الأيام الماضية تمهيداً للمرحلة البرية من العملية العسكرية الجارية، لكن يجب ان يؤخذ بالحسبان إمكان ان يكون بناء القوة وعرضها، حثّ حركة حماس على قبول الهدنة، من غير حاجة إلى استخدام سلاح المشاة في نهاية الأمر».

ونقل هرئيل تساؤلات الخبراء والقادة الميدانيين العسكريين، عن المنطق الكامن وراء العملية البرية الواسعة النطاق في الوقت الحالي، مشيراً الى ان «التهديد بشنّ عملية برية وصولاً الى فرض تسوية على حماس، تكون جيدة بالنسبة إلى اسرائيل، هو أمر منطقي وضروري، الا ان الخشية تبقى واردة: فالخطر كامن في الانسياق وراء الخطابة والكلمات الرنانة، والتدهور نحو خلل استراتيجي شديد جداً»، من خلال الدخول الفعلي الى القطاع.

وتساءلت «هآرتس» عن هدف العملية البرية الاسرائيلية «اذا كان هناك أمل فعلي، بإمكان صوغ مخرج سياسي سريع»، مشددة على أنّ «من الأجدى لإسرائيل أن تسارع إلى الخروج من المواجهة، وتكتفي بما جبته حتى الآن».

من جهتها، أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم»، إلى أن «القيادات التي تدير الحرب السياسية حالياً، إن في إسرائيل أو في قطاع غزة، أو حتى في مصر، تشهد توتراً عصبياً آخذاً بالازدياد، يتحدد من خلاله، وفي نهاية المطاف، المنتصر فيه».

وكتب ايال زيسر في الصحيفة، أن اسرائيل قد حققت كل ما هي قادرة على تحقيقه من خلال الهجوم الجوي قبل أيام، والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً: هل ننهي العملية العسكرية ونكتفي بما حققناه، ام نعمد الى الخيار البري ونواصل القتال؟ وأشار زيسر إلى أن «الهجوم البري على قطاع غزة، لا يبرره سوى هدف واحد، هو إسقاط حكم حماس، إلا أن لهذه الخطوة ثمناً كبيراً جداً، وستنعكس سلباً على علاقات اسرائيل بالعالم العربي، فضلاً عن أن إسرائيل ستعود الى ما تريده في القطاع، وهو المسؤولية عن السكان الفلسطينيين في غزة».

بدورها، قالت صحيفة «معاريف» إن «الجمهور الإسرائيلي يتخيل أن العملية العسكرية الجارية حالياً، من شأنها ان تنهي وجود الفلسطينيين في قطاع غزة، لكن الواقع يشير الى عكس ذلك؛ فغزة ستبقى وستستمر في إزعاجنا. بل وستبقى كالحدبة ملتصقة بظهر اسرائيل»،

وبحسب الصحيفة، فإن عملية «عمود السحاب»، مثلها مثل ما سبقها، لن تنتهي في ساحات القتال، بل على طاولة المفاوضات، الامر الذي يعني ان على اسرائيل ان تسارع الى ايجاد صيغة وقف اطلاق نار معقولة ويمكن تنفيذها، لأن بين الأمنيات والواقع، فروقاً كثيرة جداً. (صيغة) أقوى من تصريحات صدرت عن وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، بأن «اسرائيل لن تنهي العملية العسكرية إلا بعد ان تستجدي حماس ذلك».

وبرز مقدار كبير من اليأس، حيال العملية، من قبل نجل رئيس الحكومة السابق، ارييل شارون، جلعاد، الذي كتب في صحيفة «جيروزاليم بوست» داعياً الى مزيد من العنف والغارات الجوية على القطاع. ورأى أن «من يظن ان حماس ستتوسل اسرائيل كي توقف اطلاق النار، وان العملية العسكرية الجارية ستؤدي الى الهدوء والامن للاسرائيليين... فعليه ان يعيد حساباته من جديد». وبحسب شارون فإن «القضاء على عدد من الارهابيين، وتدمير مخازن وسائل قتالية، لا ينهي الأزمة، لأن السؤال يجب ان ينصبّ على الآتي». وشدد شارون على أن «اللعبة الإسرائيلية» الحالية، لا ترمي إلى تحقيق نصر حاسم، بل إلى «صراخ كالذي يطلقه طرزان ليعلم من في الأدغال أنه هو المنتصر لا المهزوم».



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق