دشّن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد الماضي تدريبا عسكريا مفاجئا وصف بالواسع في المنطقة الشمالية وهضبة الجولان المحتلة، حيث استدعى بشكل مفاجئ ودون إنذار مسبق كتيبة كاملة من قوات الاحتياط تضم 2000 جندي في خطوة لم ينفذ مثلها من حيث الحجم منذ سنوات طويلة، وفقا لما اورده موقع "يديعوت أحرونوت" الذي نشر نبأ التدريب اليوم "الثلاثاء" بعد أن سمحت الرقابة العسكرية بذلك.
وأضاف الموقع أن الجيش الإسرائيلي قرر تنفيذ التدريب المفاجئ والواسع والذي سيستمر حتى نهاية الأسبوع الجاري على خلفية تطورات الحرب الأهلية الدائرة في سوريا والتهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل انطلاقا من سوريا ولبنان.
ونقل الموقع عن ضابط رفيع المستوى في القيادة العسكرية الشمالية قوله إن التدريب يطبق قواعد المعركة في حال وقع تصعيد في المنطقة الشمالية وذلك استنادا لخطط عسكرية عملية جديدة حيث بدأ التدريب بالزج بقوات على مستوى لواء ومن ثم استدعاء مفاجئ للالوية وكتائب اخرى وذلك لفحص مدى مرونة القوات العسكرية التي شاركت بنيرانها الحية بالتدريب.
وفي محاولة للتخفيف من أبعاد التدريبات العسكرية نفى الجيش الإسرائيلي وجود أي علاقة بين التدريب المفاجئ والتطورات الأمنية في المنطقة الشمالية وسوريا، مؤكدا ان موعد التدريب قد حدد في وقت سابق.
هل هي طبول الحرب تقرع بقوّة؟ بات واضحاً ان جبهة طويلة يجري العمل بشكل حثيث على تنظيم صفوفها. من اسرائيل «المستعدة دوماً»، الى الغرب الذي يحلم باستعادة ماضيه الاستعماري، الى حكّام الخليج الذين يخافون على مصير عروشهم ويربطون مستقبلهم بحال منطقتنا، الى النظام الاردني الذي يواجه أصعب ايامه، الى قوى ١٤ آذار في لبنان وسوريا وفلسطين. الجميع راغب ومتحمس ومتحفز. وزاد من هياجهم فشل كل محاولات اسقاط النظام في سوريا، وفشل اعادة العراق الى الحضن الاميركي بصورة تامة، وفشل محاصرة المقاومة في لبنان بنار الفتنة أو التهديد بالعزل. وما يزيد في عناصر الرغبة، عدم نجاح العالم في ثني ايران عن استكمال برنامجها النووي. لكن يبدو ان هناك عنصراً اضافياً يتعلّق بالمخاوف من تشكّل محور جديد ومتماسك تكون روسيا طرفاً فاعلاً فيه. في المقابل، نحن أمام مرحلة جديدة من الاستعداد لدى الفريق المناوئ للاميركيين وحلفائهم. في سوريا، امكن للمعنيين، بعد أكثر من سنتين على اندلاع الأزمة، ان يعيدوا التقاط الانفاس والانتقال نحو خطط دفاعية واحتوائية اكثر فعالية، بالاضافة الى الخطط الهجومية التي بدأت تؤتي ثمارها. وثمة مؤشرات على تطورات من النوع الذي يفرض على الفريق الآخر القلق اكثر من السابق. كذلك هناك معطيات عملانية تشير الى ان الازمة السورية التي اربكت هذا المحور، ما عادت تفرض نفسها عنصراً معرقلاً او مشتتاً للجهود كما كان عليه الامر سابقاً، مع ما لهذا الامر من معان على الارض يلامس حدود اعلان ايران انها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي عدوان اسرائيلي على سوريا. وكذلك اعلان حزب الله جهوزية من نوع يشير الى انه قادر على مواجهة الضغوط كما مواجهة احتمال حرب واحدة بجبهات عدة. في هذا السياق، يركز الغرب وبعض العرب على الجبهة الاردنية كملاذ يعوض «فوضى البوابة التركية»، حيث يجري دمج الجهود العربية ـــ الاميركية ـــ الاسرائيلية بطريقة اكثر عملانية من السابق. وهو امر يستهدف، من جهة، تعويم السيطرة السعودية على قوى المعارضة الاسلامية، وتعزيز الدور الاميركي المباشر بعد تقييم افاد بفشل منسوب الى الاوروبيين والقطريين بشكل خاص والاتراك بحدود معينة. ويعمل الفريق نفسه، في الوقت ذاته، على تسخين الجبهة العراقية من الداخل. وهو امر له تداعيات كبيرة على الخليج العربي عموماً. ذلك ان محاصرة نار البحرين ضمن بقعة ضيقة لا يمكن ان ينطبق على الجبهة العراقية، وهو ما يستدعي من الفريق الغربي ـــ العربي خطوات من نوع مختلف، بعضها في لبنان والأردن وبعضها على صعيد العرب وتركيا واسرائيل. لكن السؤال المركزي: هل يستدعي هذا القدر الهائل من التوتر والحسابات المعقدة اشعال جبهة تجعل المنطقة بأسرها في قلب العاصفة؟ يقول مراقب إننا اليوم امام لحظة تماس بين الخطوط الحمراء الموضوعة من قبل المحورين، وهي خطوط توتر عال جدا، واي احتكاك ولو صغير قد يؤدي الى اشتعال حريق يتجاوز حسابات الاطراف نفسها. والخطوط الحمر تعني، بالنسبة للغرب، ان ينجح النظام في سوريا بالاستقرار وحصر النار المعادية له داخل سوريا، كما تعني امساك ايران وحزب الله بكامل القرار في الملف السوري، وبالتالي انتقال سلطة دمشق على الاسلحة الاستراتيجية الى ايدي ايران وحزب الله، كذلك هناك ما يتصل بالذريعة الاعلامية المتعلقة بالسلاح الكيميائي، سواء لناحية استخدامه او لناحية انتقاله من يد النظام الى ايدي منظمات اخرى، سواء كانت من المعارضة او من جانب ايران وحزب الله. اما الخطوط الحمر للجهة المقابلة، فتتمثل بالتشديد الروسي ـــ الايراني على منع سقوط بشار الاسد تحت اي ظرف، وبالتالي منع اي تدخل عسكري خارجي ضد الاراضي السورية، ومنع تعاظم الدعم العسكري لقوى المعارضة، بما في ذلك منع هذه القوى من الاستقرار. وأُضيف خط جديد تمثل في تحذير اسرائيل من مغبة الدخول في الازمة من خلال القيام باعتداءات او شن حرب جوية ضد سوريا. هناك اشياء كثيرة تحصل من خلف الستارة. وهناك اشياء تطل برأسها على الجميع. وبعيداً عن المعطيات المخفية حيال ما يجري على جبهات سوريا الجنوبية والشمالية والشرقية، فان السؤال الذي يهمنا مباشرة هو المتعلق باحتمال اشتعال الجبهة من جديد بين المقاومة في لبنان وبين إسرائيل، وهو احتمال حقيقي، وعلى الجميع التعامل معه كمعطى، وليس كتقدير يراد استخدامه في اللعبة السياسية. تتصرف اسرائيل بحذر شديد، والولايات المتحدة تخشى مغامرة اسرائيلية تقود الى حرب واسعة. لكن لدى اسرائيل والولايات المتحدة، كما لدى اطراف عربية ولبنانية، تقديرات تفيد بأن حزب الله منشغل بالازمة السورية، وانه يعيش قلقا كبيرا يمنعه حتى من المشاغبة على العدو، وانه في حال تورط في حرب فسيجد نفسه وحيداً، ومحاصراً وبلا طرق امداد تعينه عسكرياً ومالياً وبشرياً. ولأن غلطة الشاطر بألف، ولأن المقاومة لا ترغب فعلاً بحرب جديدة، لكنها لا تقبل بمنطق يقوم على مبدأ سحب الذرائع ويستهدف سحب عناصر القوة من يدها، فان من المفيد لفت انتباه العدو والصديق الى الآتي: ـــ تملك المقاومة جهوزية عملانية من نوع يفوق تقديرات الجميع، وبرغم حرصها خلال السنوات الست الماضية على استعراض جانب من عضلاتها بغية عدم وقوع احد في الالتباس، فان ما في حوزتها من قدرات عسكرية، خصوصا لناحية الاسلحة الاستراتيجية، يكفيها لخوض اكثر من حرب قاسية ومديدة، وهي أنجزت كل ما تحتاجه اخذة في الاعتبار احتمال ان تكون محاصرة من دون طرق امداد. ـــ ان تركيبة المقاومة، على صعد مختلفة، تتيح لها الآن ليس مواجهة اي عدوان اسرائيلي فحسب، بل الاستمرار في خططها الخاصة بسوريا، والاستعداد لمواجهة اي محاولة من طرف داخلي للقيام بما يعتقد هذا الطرف انه يعين العدو على المقاومة. وفي هذا السياق، سيكون سلوك المقاومة تجاه اي خطأ داخلي أقسى من سلوكها ضد العدو الاسرائيلي. ـــ تملك المقاومة هوامش على الصعد كافة، في لبنان وخارجه، ما يتيح لها جعل العدو وحلفائه يعيشون اوقات ندم متواصلة إن هم غامروا باعتداء أو بحرب جديدة في لبنان. وعلى العدو القريب أو البعيد التعمّق في كل ما يمر في خاطره من أفكار واتهامات وحسابات. ربما يفيد هنا القول، صراحة، ان قوة المقاومة الصاروخية تتيح لها اليوم، وفي اي لحظة تندلع فيها الحرب، ان تطلق على العدو في يوم واحد، اكثر مما أطلقته خلال 33 يوماً من حرب العام 2006. كذلك ربما من المفيد لفت انتباه كثيرين، الى ان في قيادة المقاومة تياراً كبيراً جداً، يعتقد بأنه من الافضل ان يرتكب العدو الخطأ الذي يقود الى سلسلة المفاجآت، وهذا التيار لا يخص الجمهور فقط، كما يعتقد كثيرون، بل له من يرعاه على مستوى القيادات الميدانية والسياسية.
رئيس جهاز الموساد السابق : لاخوف من حلول نظام إسلامي في دمشق، لأن حلفاءنا في السعودية ودول الخليج سيكفلون بإيصال الإسلاميين المعتدلين إلى السلطة
عد مضي أكثر من عشر ساعات على محاولة اغتيال رئيس حكومة السلطة، الدكتور وائل الحلقي، لا تزال الأنباء متضاربة بشأن ملابسات عملية الاغتيال التي نجا منها بأعجوبة وراح ضحيتها أحد مرافقيه وعشرة أبرياء من عابري السبيل فضلا عن 25 جريحا. ففيما اكتفت وكالة "سانا" الرسمية بالقول إنه "تفجير إرهابي استهدف موكب رئيس مجلس الوزراء"، قالت أنباء أخرى إنها عبوة زرعت على جانب الطريق في منطقة يتوجب على الموكب تخفيف سرعته بسبب وجود تقاطع طرق، قالت معلومات أخرى إنها عملية"انتحارية"!؟
وكان موكب الحلقي تعرض صباح اليوم لعملية تفجير كبيرة قرب حديقة "ابن رشد" في مزة فيلات غربية بدمشق بينما كان في طريقه إلى عمله في رئاسة الوزراء بضاحية كفرسوسة . وقد أدى الانفجار، فضلا عن الشهداء والجرحى، إلى تدمير واسع في الممتلكات والسيارات العابرة ، بما في ذلك باص لإحدى الشركات الخاصة. وظهر لحلقي بعد ذلك في اجتماع لمجلس الوزراء مخصص لقضايا اقتصادية( اضغط هنا لتصفح مزيد من الصور الخاصة بعملية التفجير).
على صعيد آخر، دعا رئيس جهاز "الموساد" السابق، مئير داغان، الحكومة الإسرائيلية للقيام بكل ما باستطاعتها لاسقاط النظام في دمشق، معتبرا أنّ إخراج بشار الأسد من السلطة "سيخدم اسرائيل من الناحية الاستراتيجية".وأشار داغان الى أن اسقاط الأسد "سيحقق مزايا كثيرة لها على هذا المستوى، بما في ذلك قطع العلاقة بين ايران وحزب الله، واضعاف موقع ايران الاقليمي واضعاف قدرة حزب الله على التأثير على مجريات الاحداث في المنطقة". وقال داغان ان على اسرائيل "ان لا تخشى من حلول نظام اسلامي معاد لها مكان النظام الحالي، لأن السعودية ودول الخليج ستعمل من اجل ان يحل في السلطة في سوريا حكام معتدلون"، في إشارة منه إلى جماعة "الأخوان المسلمين".
يشار إلى أن مسلحي جماعة الأخوان المسلمين، الذين سيطروا على معظم المنطقة المتاخمة لخط وقف إطلاق النار في الجولان، ينسقون بشكل يومي مع الاستخبارات الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي في الجزء المحتل من الجولان، بما في ذلك نقل جرحاهم للاستشفاء في المشافي العسكرية الإسرائيلية. وقد تجنبوا إطلاق طلقة واحدة باتجاه الدوريات الإسرائيلية التي تمر على بعد منهم لا يتجاوز 20 مترا ، وهم الذين طالما اتهموا النظام بأنه أبقى الجبهة ساكنة مدة اربعين عاما!
احتلال إسرائيلي لشريط إضافي بعمق 10 كم يسلم لاحقا للأخوان المسلمين، وتوغل حتى "دير العشائر" لقطع الاتصال مع حزب الله وضرب الجيش السوري في حوران
تشير التقديرات والمعلومات المتوفرة إلى أن واشنطن وتل أبيب بصدد التحضير لعدوان على الأراضي السورية جوا وبرا ، بالتنسيق مع الملك الأردني الذي تسري في شرايينه دماء العمالة أبا عن جد. وقال مصدر بريطاني لـ"لـموقع سوري" اليوم الإثنين في لندن إن التطورات الميدانية خلال الأيام الأخيرة في جنوب سوريا (حوران) والمناطق المحررة من الجولان السوري "لايمكن عزلها بحال من الأحوال عما يجري التحضير له، أو النظر إليه بوصفه مجرد عمليات عسكرية تكتيكية تندرج في إطار الحرب الجارية بين النظام ومعارضيه". وكان المصدر يشير بذلك إلى الهجمات العنيفة التي شنتها عصابات "الجيش الحر" المدعومة من المخابرات الأردنية والأميركية والإسرائيلية (عبر الطائرات بدون طيار)، والتي أدت إلى تدمير هوائيات محطة الاستطلاع الجوي (إنذار مبكر وتنصت) في قرية "النعيمة"(شرق مدينة درعا) وبطاريات الدفاع الجوي العائدة للواء 38 في المنطقة نفسها ، واستهداف "محطة الاستطلاع والتنصت" في "تل الحارة"، التي تعتبر "خط الدفاع الإلكتروني الأول" عن سوريا في مواجهة إسرائيل، وتدمير عدد من الجسور الاستراتيجية في محافظة درعا أبرزها جسر صيدا (شرقي درعا) الذي لا بد منه لنقل القوات السورية في حال حصول أي اختراق من الجبهة الأردنية.
وطبقا للمصدر البريطاني، فإن المعنيين في واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب لن يدعوا "الملف الكيميائي" يفلت من أيديهم هذه المرة من أجل استغلاله لتوجيه ضرية إلى المراكز العصبية الأساسية للنظام السوري. لكن المصدر استدرك بالقول" ليس الأمر مطروحا على غرار ما حصل في العراق، ولكنه مزيج من الخيارين العراقي والليبي يجمع ما بين القصف الجوي والتدخل البري المحدود على الجبهتين مع إسرائيل والأردن". وأكد المصدر في هذا السياق أن وزير الدفاع الأميركي أعطى خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب ضوءا أخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بتنفيذ "نصف اجتياح" للمنطقة المحررة من الجولان ، وبعمق يتراوح ما بين 5 إلى 10 كم على امتداد جبهة الجولان التي تبلغ قرابة 80 كم بذريعة " إقامة منطقة عازلة تحول دون اقتراب الإسلاميين المتطرفين من حدود إسرائيل والمستعمرات الست عشرة في الجولان المحتل، على أن يجري تسليم المنطقة بعد ذلك لمسلحي جماعة الأخوان المسلمين السورية في الجيش الحر". وأضاف المصدر القول" إن الأميركيين والإسرائيليين بحثوا جديا إمكانية أن يتجاوز الاختراق الإسرائيلي من الجهة الشمالية مسافة 25 كم على امتداد السفوح الشرقية لجبل الشيخ وصولا إلى منطقة دير العشائر غربي دمشق، بحيث تتمكن إسرائيل من قطع شرايين التواصل بين الجيش السوري وحزب الله التي يستخدمها هذا الأخير لنقل السلاح والعتاد، وبحيث يصبح متعذرا عليهما القتال في جبهة واحدة".
أما على الجبهة الأردنية، والكلام لم يزل للمصدر، فقد بحث الأمر خلال الزيارة الأخيرة للملك الأردني إلى واشنطن ، حيث نوقشت تفاصيل سيناريو يقوم على "تنفيذ ضربات صاروخية أميركية للوحدات العسكرية السورية في منطقة حوران والسويداء جنوب سوريا بهدف تشتيتها وقطع التواصل فيما بينها وفصلها عن دمشق وقطع طرق الإمداد عنها من العاصمة ، وتمكين آلاف المسلحين الذين جرى تدريبهم في الأردن مؤخرا ، فضلا عن الموجودين الآن على الأرض، من الاندفاع نحو دمشق، على أن يقوم الأردن بتزويدها بالسلاح والذخيرة بذريعة مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة". وأوضح المصدر بالقول" إن هذا الجزء الأميركي من السيناريو يتضمن قصفا أميركيا مركزا لمقرات القيادة والسيطرة السورية ومخازن السلاح والعتاد ، في وقت تنفذ فيه وحدات أميركية ـ أردنية إنزالات في نقاط معينة يعتقد أنها مراكز تخزين الأسلحة الكيميائية والرؤوس الصاروخية التي تحمل هذه الأسلحة، لاسيما شمال شرقي دمشق". ومن المعلوم أن القوات الأميركية والأردنية ( ومعها الإسرائيلية ضمنا ودون إعلان عن ذلك) تدربت في الأردن خلال الأشهر الأخيرة على تنفيذ إنزالات من هذا النوع على الأراضي السورية بذريعة منع الأسلحة الكيميائية من الوقوع في أيدي إرهابيين!
الكاتب روبرت فيسك يقول في مقالة في صحيفة "الإندبندنت" "إن الأسد يجنّد المتطوعين في وحدات قتالية لتكون "جيشاً جديداً" يكون بديلاً عن نظام التجنيد المعمول به وسيحقق مكسباً واضحاً لصالح النظام".
تحت عنوان "الأسد يرسل ميليشياته التي تثير الرعب في القلوب إلى جبهة القتال" كتب روبرت فيسك في صحيفة "الإندبندنت" يقول "إن "الحكومة السورية أمرت بتجنيد آلاف من المتطوعين الموالين للرئيس الأسد في وحدات نظامية ومسلحة، تحت قيادة الجيش السوري، للقتال معه في الصفوف الأمامية، ضد المتمردين والسيطرة على القرى والبلدات "المحررة".
وبحسب ما ينقل عن المعارضة فإن "قرار النظام تجنيد المتطوعين سوف يضفي مشروعية قانونية على نشاطات "الشبيحة" الموالية لـ"حزب البعث" والمعروفة بقسوتها، والمتهمة بممارسة تعذيب المدنيين والمسلحين على السواء وقتلهم في المناطق المحاذية لمدينة حمص".
ويضيف فيسك أن "ضباط الجيش السوري الذين أشرفوا على تدريب هذه الوحدات القتالية يقولون إنها ستخضع للنظام العسكري الصارم ولن تستخدم سوى لدعم الجيش النظامي في معركته ضد المتمردين" ناقلاً عن مصدر عسكري في اللاذقية قوله "نحاول إيقاف الميليشيات غير المنضبطة في كل مكان، وسنحاول منع النهب والقتل في كل أنحاء سورية من قبل جميع الأطراف".
ويعتبر فيسك أن "إنشاء هذه الوحدات القتالية الجديدة، يعني أن الجيش النظامي بعد النجاحات العسكرية التي حققها في الفترة الأخيرة بات في حاجة إلى الأفراد أو أن هذه الوحدات تحتاج إلى الخضوع للجيش بعد السمعة السيئة التي لحقت بها، والإدانات الدولية التي اجتذبتها لتجنب مزيد من إراقة الدماء" على حد قوله.
ويخلص الكاتب البريطاني إلى أن "الجيش الجديد سيحقق مكسباً واضحاً لفائدة النظام" معتبراً أنه سيكون "بديلاً عن نظام التجنيد المعمول به، والذي فشل في خلال أوقات الحرب في عدة مناطق بالشرق الأوسط من أفغانستان إلى العراق".
هاغل في اسرائيل: حلف دفاعي اقليمي في الشرق الاوسط مشابه للحلف الاطلسي (جيم واتسون ـ أ ف ب)
أصبح الحديث عن أن الحراك السياسي الأميركي على خط تل أبيب رام الله وانقرة، وبعض الدول العربية، يتجاوز في خلفياته وأهدافه، دفع عملية التسوية على المسار الفلسطيني، و«اعادة الوئام» بين حليفين عزيزين على الإدارة الاميركية، الى بلورة حلف ضد إيران وسوريا
علي حيدر
لم تكن كثافة التحركات الأميركية في المنطقة في الاشهر الاخيرة سوى خطة تهدف الى «بلورة حلف غير رسمي بين أربع دول في المنطقة اضافة الى اسرائيل»، في مواجهة ايران وسوريا، حسبما يرى معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت احرونوت»، اليكس فيشمان.
وفي رأي فيشمان أن هذا الحلف يحمل اسماً مشفراً، في وزارة الخارجية الاميركية، بعنوان دول «4 +1»، لافتاً الى أن وراء هذا العنوان تختفي ثلاث دول عربية وكيان سياسي ليس بدولة، هي السعودية والأردن والامارات العربية المتحدة والسلطة الفلسطينية، إضافة الى تركيا. أما الترجمة العملية لهذا الحلف، فتتمثل، من ضمن أمور أخرى، في إطار عمل أمني بلا معاهدات او توقيعات او تصريحات معلنة، على ان يجري كل ذلك سراً، والسبب ان لهذه الرزمة «رِجلاً أخرى» تتمثل في إسرائيل، يسود بينها تعاون وثيق في مواجهة الجمهورية الاسلامية والنظام السوري. رغم ذلك، لاحظ فيشمان أن الطموح الأميركي في هذا المجال، متواضع، لكونه لا يتحدث عن حلف دفاعي اقليمي في الشرق الأوسط مشابه للحلف الاطلسي، وبناءً عليه، فإن الهدف، في المرحلة الأولى على الأقل، هو انشاء تعاون بين هذه الدول في مجال تبادل المعلومات الأمنية والتقديرات واللقاءات. وفي ما يتعلق بالمسار السعودي الاسرائيلي، يؤكد فيشمان أن الإدارة الأميركية تواجه صعوبات على هذا المسار، لكن يلفت في الوقت نفسه الى وجود مؤشرات على «أشياء عميقة تجري وراء الستار» بين الدولتين، وقد تنتقل الى العلن. وضمن هذا السياق تأتي، كما يقول فيشمان، المصافحة الحارة في شباط الماضي بين ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز، ووزير الدفاع ايهود باراك، خلال مؤتمر وزراء الدفاع في برلين. ولحساسية التعاون السعودي الاسرائيلي، يرى فيشمان أن الادارة الاميركية تدرك أن امكانية الحوار بين الطرفين «تسحر» رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخاصة أنّ أي اطار عمل مع مجموعة عربية، ترتكز على السعودية، ينطوي على أهمية أمنية لاسرائيل. في ما يتعلق بالأردن، يذكر فيشمان أن التعاون معها، والعلاقات المتبادلة مع الامارات العربية سيمنحان اسرائيل أيضاً العمق الاستراتيجي الذي لا تملكه، ويمكِّنانها من المخاطرة الأمنية. ويأمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إقناع نتنياهو بالمخاطرة على المسار الاسرائيلي الفلسطيني، كما يلفت معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت احرونوت» الى أن الأردنيين غيّروا في الشهور الأخيرة سياستهم تجاه سوريا، وتمثل ذلك في تدريب المتمردين على اراضيهم وتعزيز علاقاتهم بهم في مثلث الحدود الاسرائيلي الاردني السوري، وعلى طول الحدود بين الاردن وسوريا. هذا الى جانب العمل على اقامة مخيمات للاجئين داخل الأراضي السورية تحت مسؤولية المعارضة المسلحة، لكن من أجل بناء «شريط أمني» يسيطر عليه المعارضون في هذا المثلث الحدودي، يؤكد فيشمان أن من المنطقي جداً أن تحتاج الأردن الى موافقة اسرائيل الصامتة، كما أن تل أبيب معنية بأن تعلم من هم اللاجئون والمتمردون الذين سيستقرون قرب حدودها. هذا الى جانب ان المثلث الحدودي، السوري الأردني الاسرائيلي، تحول الى الطريق المركزي لانتقال المتمردين الى سوريا، بعدما كانوا يدخلون على نحو أساسي من تركيا، وفي ضوء ذلك هناك حاجة الى تنسيق أمني سياسي بين اسرائيل والاردن، وهو ما يفسر ايضاً الزيارات التي قام بها نتنياهو أخيراً للملك عبد الله في عمان. وخلص فيشمان الى ان الحدود بين سوريا والأردن باتت تنطوي على احتمال عال جداً لنشوب مواجهة عسكرية، الأمر الذي دفع الأميركيين في الفترة الأخيرة الى ارسال قوة تنتمي الى الفرقة المؤللة الرقم 1. في موازاة ذلك، يتحدث فيشمان عن مخاوف لدى الأردن من ان يستخدم الإيرانيون العراق «للتآمر» على السلطة في الأردن، هذا الى جانب القلق الاسرائيلي من الاقتراب الايراني من حدود الأردن الشرقية، فيما تعاني أيضاً (تل أبيب) مشاكل جسيمة مع الشيعة في لبنان. لكن الجديد في هذا المسار، كما شخصته الإدارة الأميركية، ان التقدم وعدم التقدم في المحادثات مع الفلسطينيين لم يعودا يؤثران تأثيراً كبيراً حاداً، كما كانت الحال في الماضي، في العلاقات بين الاردن واسرائيل، وهو ما يسمح بنظر الأميركيين بتعاون عسكري أردني اسرائيلي أقوى. أما بخصوص المشاكل المرتبطة بتركيا، فترى الإدارة الأميركية أن حلها أسهل، على خلفية العلاقات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية بين اسرائيل وتركيا، كما كانت في الماضي القريب جداً. هذا الى جانب أن المصلحة الاقتصادية للدولتين دفعتهما للحفاظ على العلاقات الاقتصادية بينهما وتطويرها، كما أن التهديدات المشتركة المتعلقة بسوريا وإيران، تؤدي الى تبادل للآراء بين الطرفين من غير وسيط. وشدد على عدم أهمية ما يقوله رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، أو وزير خارجيته في العلن. ويرى فيشمان أن التقارب بين البلدين ينسحب أيضاً باتجاه الجهات الاستخبارية التي سبق ان عملت في تقارب شديد في الماضي غير البعيد، مشيراً إلى أن ما نشرته صحيفة «صاندي تايمز» عن عزم اسرائيل على الطلب من الاتراك السماح لسلاح جوها بالتحليق في الاجواء التركية، وفي المقابل تحصل تركيا من اسرائيل على وسائل قتالية حديثة، ليس سوى عنصر واضح في الاتفاقات الأمنية المختلفة. ما موقع مصر من هذا الحلف؟ يرى فيشمان، انه بالرغم من ان النواة الصلبة لهذا الحلف غير المكتوب مؤلفة من دول الـ «أربع + واحدة + اسرائيل»، إلا ان من الممكن بحسب الخطة الأميركية، ضم مصر اليها، لكن يضيف أيضاً، أن الأميركيين ينظرون الى مصر – حتى الان – على أنها نصف دولة. وفي مجال التعاون الامني يتجاهلون ببساطة الرئيس محمد مرسي والاخوان المسلمين، اذ يوجد للجيش بحسب الدستور المصري استقلال في مجال الاتفاقات الامنية الاقليمية. ويحاول الأميركيون أن يُجنّدوا ايضاً البحرين وقطر للاطار الامني المتكوّن لمواجهة التهديد الايراني في الأساس. في سياق متصل، دخل الاميركيون ملعب «اربع + واحد»، بعدما رسموا بحذر خارطة مصالح كل واحدة من هذه الدول واهتماماتها، تبين خلالها ان لها الكثير من الاهتمامات المشتركة، منها منع «تهريب الوسائل القتالية من ايران الى سوريا، ومن سوريا الى الاردن، ومن ليبيا الى مصر وسيناء، ومن السودان الى سيناء (فغزة) ومن ايران الى اليمن، والى سيناء وغزة». ويؤكد فيشمان أن ايران تمثل مصدر اهتمام مشترك بين جميع هذه الدول، الى جانب تعاظم قدرات الجهاد العالمي والقاعدة في سيناء واليمن والعراق والصومال والسودان وسوريا، وانتشار السلاح غير التقليدي، فضلاً عن استقرار النظام في الاردن. ويضيف الاميركيون أن مزايا هذا الحلف الامني غير الرسمي، أنها ستشمل تبادل المعلومات والحصول على انذار مبكر في الوقت الملائم، على ان يجري في المرحلة التالية التعاون من أجل احباط الارهاب. وفي هذا المجال بلغ الامر بوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان تحدث ايضا عن «غرف حرب مشتركة لممثلي هذه الدول». في كل الاحوال، فإن فكرة انشاء حلف دفاعي اقليمي ليست غريبة على اسرائيل، إذ حاول وزير الدفاع، ان يروج لها، امام الادارة الاميركية وامام نتنياهو. على أن تتضمن تعاوناً في مجال واحد فقط «الانذار المبكر واعتراض الصواريخ الباليستية».
لا تزال واشنطن في مرحلة درس الاحتمالات، من تأكيد استخدام دمشق للسلاح الكيميائي إلى أشكال الردّ المطلوب، في وقت حذرت فيه طهران من تهديد المنطقة في حال «فوز المعارضة» السورية، معتبرة أن أي هجوم على سوريا سيرتد حكماً على تل أبيب
إعلان
صعّدت طهران من لهجتها في ظلّ التهديد الإسرائيلي ــ الغربي لسوريا في ما يخصّ مسألة «استخدام الأسلحة الكيميائية»، في وقت غرّدت فيه برلين خارج سرب حلفائها الطبيعيين، معتبرةً أنها لا تملك أيّ أدلة على استخدام «الكيميائي» ولم يطلعها أحد على معطياته. واشنطن لا تزال تلوّح بتحرك ضد دمشق «في حال» تأكد المعلومات بشأن الموضوع، في ظلّ تضارب في استنتاجات أجهزتها الاستخبارية. وحذّر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من أن انتصار المعارضة في سوريا سيجلب موجة من عدم الاستقرار تمثّل «تهديداً للمنطقة برمتها». حديث نجاد جاء خلال خلال استقباله المستشار الخاص للشؤون الخارجية للرئيس المصري محمد مرسي، عصام الحداد. واجتمع كل من الحداد ورئيس ديوان رئيس الجمهورية المصرية محمد رفاعة الطهطاوي مع مسؤولين إيرانيين، وأفاد بيان أصدرته وزارة الخارجية الإيرانية أنّ الجانبين اتفقا على «ضرورة وضع خطة عمل للتحرك بشأن خطة الرئيس المصري بخصوص الأزمة السورية من خلال حلّ سياسي مقبول يمكن أن يساعد في إنهاء العنف». واجتمع المسؤولان المصريان الزائران مع الرئيس الإيراني ومع مستشار الأمن القومي سعيد جليلي، ووزير الخارجية علي أكبر صالحي، وعلي أكبر ولايتي مستشار السياسة الخارجية للمرشد علي خامنئي. وأعلن وزیر الخارجیة علي أکبر صالحي استعداد إیران لاستضافة الجولة المقبلة من اجتماع وزراء خارجیة إیران وترکیا ومصر والسعودیة لحلّ الأزمة السوریة. في موازاة ذلك، كشف رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى، علاء الدين بروجردي، عن وجود مقاتلات حربية إسرائيلية في قواعد عسكرية أردنية وتركية استعداداً لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، وبهدف الضغط على الحكومة السورية. بروجردي أكد أنّ طرح مسألة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ليس إلا أخباراً يراد منها الضغط على النظام، وحذّر من أنّ الكلام عن ضربة عسكرية توجّه لسوريا ليس من مصلحة أميركا، وخصوصاً أنّ هذا الأمر سينعكس مباشرة على إسرائيل. في السياق، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب في جلسة مغلقة، إنه «في حال تأكدت المعلومات عن استعمال السلاح الكيميائي في سوريا فإننا قد نفرض منطقة حظر جوي أو سنبدأ بتسليح المعارضة». ولفت النائب براد شيرمان، الذي نقل تصريحات كيري، إلى أنّ الخيارات المتاحة التي نوقشت في الجلسة تراوح بين «دعم دبلوماسي للمعارضة، إلى مساعدة اللاجئين، إلى المساعدات المالية، إلى الأسلحة لبعض الفئات، وانتهاءً بفرض منطقة حظر طيران. كل هذه القضايا مطروحة على الطاولة». من جهته، قال السيناتور جون ماكاين، أمس، إنّه ينبغي أن تعدّ مجموعة من الدول قوات لغزو سوريا لتأمين أيّ أسلحة كيميائية قد تكون هناك. وأضاف أنّ القوات الأميركية يجب ألا تدخل سوريا، لكن ينبغي أن تكون قوة دولية «مستعدة من الناحية العملية» للذهاب إلى هناك ومنع الاسلاميين المتشددين من وضع أيديهم على الأسلحة الكيميائية. وتابع قائلاً: «ثمة عدد من المستودعات لهذه الأسلحة. لا يمكن أن تسقط في أيدي الجهاديين». وأسفر موقف البيت الأبيض، الذي يصرّ على ضرورة وجود أدلة قاطعة للمزاعم الإسرائيلية الغربية باستخدام القوات الحكومية السورية غاز السارين ضد معارضيها، عن انقسام داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية حول من الذي استخدم السلاح الكيميائي. وقالت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» إنه بينما تدرس الحكومة الأميركية كيفية الرد على استخدام الأسلحة الكيمياية في ضوء التقويم الاستخباري الأوّلي الذي يستند إلى معلومات استخبارية أجنبية حليفة، فقد تباينت ردود فعل أجهزة الاستخبارات التي تعمل بإشراف مجلس الاستخبارات القومي، نظراً إلى احتمالات أن يكون هذا الأمر نتج من تصرف غير مقصود أو على أيدي صفوف المعارضة أو غيرها من الأطراف التي تعمل خارج سيطرة الحكومة السورية. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري أميركي، لم تفصح عن هويته، قوله إن «إطلاق الغازات السامة ربما نتج من قيام الجنود الموالين للنظام بنقل كميات من مخزونات الأسلحة الكيميائية إلى مناطق أخرى، أو قد يرجع الأمر إلى إمداد العلماء الخائنين للنظام المعارضين ببعض هذه الأسلحة». وأوضح أنّه «لا يوجد دليل دامغ على استخدام السلاح الكيميائي ضد المعارضة» السورية، فيما قال خبراء ودبلوماسيون أجانب إنّ «الحكومة الأميركية وحلفاءها ربما لن يصلوا إلى استنتاج واضح حول هذه القضية». وقال غاري سامور الذي كان من أكبر المسؤولين في البيت الأبيض حتى شهر شباط الماضي، حول أسلحة الدمار الشامل، إن «الإجابة عن الأسئلة التي تدور حول ظروف وأدلة إطلاق هذه الأسلحة تحتاج إلى معلومات استخبارية دقيقة قد لا توجد في الوقت الراهن، لذلك ستحوم دوماً سحب من الشكوك حول هذه القضية». إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلي، أنّ بلاده لا تملك حتى الآن «أدلة أو معلومات خاصة بها» عن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا. وقال، عقب لقائه نظيره الغاني في أكرا أول من أمس، «نطلب من أولئك الذين يتحدثون عن امتلاكهم معطيات حول هذه المسألة إطلاع شركائهم عليها». وأكد أن استخدام السلاح الكيميائي يعتبر بالنسبة إلى الحكومة الألمانية «خطاً أحمر». في المقابل، أكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أنّ فرض منطقة حظر جوي لا يمكن أن يتمّ إلا عبر قرار لمجلس الأمن. وقال في مقابلة تلفزيونية، إنّ إثارة ملف استخدم السلاح الكيميائي هو أحد الضغوط التي تمارس من أجل استحصال تنازلات سياسية. وأضاف أن «الغرب يستطيع التآمر بغض النظر عن الحصول على تغطية من مجلس الأمن وسبق أن قام بذلك، ولكن لايمكنه من باب الشرعية الدولية استحصال أو استصدار قرار من مجلس الأمن يسمح له بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا أو أي جزء منها». وأكد أن فرض منطقة حظر جوي لا يمكن أن يتم إلا عبر قرار لمجلس الأمن وهذا من رابع المستحيلات. في غضون ذلك، أكد الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف، لدى مغادرته بيروت أمس، أنّ اتفاق جنيف هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع في سوريا. ورأى أنّ «قيمة هذه الوثيقة التي نبني عليها تحركنا تكمن في أنها تؤسس لحوار وطني بين السوريين، لكي يقرروا مصير بلادهم ومستقبلها بأنفسهم». وأشار بوغدانوف إلى أنّه التقى، يوم السبت، وفد «هيئة التنسيق» السورية المعارضة برئاسة حسن عبدالعظيم. وصرّح بأنّه «نعتبر أن هيئة التنسيق منظمة رائدة في صفوف المعارضة، وقد طرحت برنامجاً بنّاءً يتطابق في الكثير (منه) مع رؤيتنا للخروج من الأزمة ويتماشى مع إعلان جنيف». (الأخبار، أ ف ب، رويترز)
اعتُقلت شابة فلسطينية للاشتباه فيها مع فتاة أُخرى بـ «التخطيط لاغتيال قادة إسلاميين في مخيم عين الحلوة بتوجيهات من الاستخبارات الأُردنية». وذُكر أنها «اعترفت بوجود ٧ عبوات ناسفة معدّة للتفجير جرى ضبطها في منزلها»، لكن لم يلبث أن أخلي سبيلها. وسط نفي تورّطها وتأكيده، يُجمع قادة المخيّم على مساعٍ خارجية للتعكير الأمني
رضوان مرتضى
إعلان
يشهد مخيّم عين الحلوة هدوءاً حذراً، لكنّ صفوه تُعكّره خضّات أمنية متكرّرة. وبعيداً عن الاشتباكات المسلّحة التي قادها القيادي الإسلامي الصاعد في المخيّم بلال بدر (٢٩ عاماً)، شُغل أبناء المخيّم بخبر اعتقال الشابة م. ر. منذ عدة أيام. فقد تناقلت مصادر إسلامية متشددة أن مجموعة بدر تمكنت من توقيف الفتاة المذكورة التي تبيّن أنّها «ترأس شبكة دعارة في المخيم إلى جانب فتاة أخرى تُدعى د. ش. وأخريات ينشطن أيضاً في ترويج المخدرات... وفي أعمال التجسس». وذكرت المصادر نفسها أن التحقيق معها كشف أنها «مُكلّفة من الاستخبارات الأردنية تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة وناشطين إسلاميين»، مشيرة إلى أنّ «الفتاة اعترفت بأنّها تُنسّق مع فصيل ينتمي إلى حركة فتح كلّفها تنفيذ هذا المخطّط». وخلال حديثها مع «الأخبار»، ذكرت المصادر الإسلامية المتشددة نفسها أن «استجواب الفتاة أظهر أنّها مُرسلة من القيادي في حركة فتح طلال البلاونة، المعروف بـ «طلال الأُردني»، مشيرة إلى أن الأخير «عميل للاستخبارات الأردنية ويتبع لـ(محمد) دحلان». وقد تحدّثت المصادر عن علاقة مباشرة للقيادي الفتحاوي «اللينو» بطلال المذكور، مؤكدة أنه «عُثر في منزل مسؤولة الشبكة د. ش. على سبع عبوات ناسفة معدّة للتفجير». وفي الإطار نفسه، ذكرت المصادر أن شاباً تابعاً للقيادي نفسه رمى قنبلة يدوية فجراً انفجرت بالقرب من منزل ذوي القيادي الإسلامي الشيخ أسامة الشهابي، كاشفة أن المذكور يُدعى «ت. خ. وينتمي إلى فصيل من فتح يريد أن يعكّر أمن المخيم». المعلومات المذكورة أعلاه تجزم بها الأوساط المقرّبة من القيادي الإسلامي المتشدد بلال بدر، لكن مصادر عصبة الأنصار والأجهزة الامنية اللبنانية تنفيها نفياً قاطعاً، إذ تتحدّث الأخيرة عن «علاقة عاطفية تربط بين الفتاة المذكورة وشاب في حركة فتح تقدّم بطلب الزواج منها». وتذكر أنّ «الشاب كان يتردد إلى حيث تُقيم الفتاة، علماً أنّ منزلها قريب من مكان سكن بدر»، مشيرة إلى أن «العلاقة أثارت ارتياب بدر، الذي سارع إلى إبلاغ والدها شكوكه في وجود تنسيق أمني لاستهدافه». وكشفت المصادر أن «بدر أجبر والدها على استدعائها للاستماع إليها»، نافية كلّ ما أُشيع عن «فساد أخلاقي» اتُّهمت به الفتاة، مستندة إلى أنه أُطلق سراح الفتاة في اليوم التالي. أما ما تردد عن سيناريو متورّط فيه أحد القادة في حركة فتح المعروف بـ«طلال الأردني»، فردّته المصادر إلى أن كون «الشاب المرتبط بعلاقة مع الفتاة المذكورة هو أحد العناصر الموجودين لدى القيادي الفتحاوي، عزّز فرضية المؤامرة». وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن قوّة مسلّحة تابعة لـ«عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» تحرّكت في اليوم نفسها باتجاه منزل بدر لتسلّم الفتاة الموقوفة قبل أن يُصار إلى إطلاق سراحها. موقف القادة الإسلاميين جاء مُنسجماً مع المعلومات الأمنية التي نفت «البُعد الأمني» للعملية، مؤكدة «الخلفية النسائية». وأشارت المعلومات إلى أنّ «عصبة الأنصار استجوبت الفتاة المتّهمة ثم أخلت سبيلها، بعدما تبيّن كذب ما أُشيع عنها». أما حول طلال بلاونة المعروف بـ «طلال الأردني»، فذكرت أنه قائد كتيبة في حركة فتح ويتبع لقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، علماً أنّه «سيّئ السمعة» بحسب ما يُتداول، لجهة شُبهات أمنية تحوم حوله. على عكس القيادي محمد العرموشي، الذي يُعدّ الأقوى بين قادة كتائب «حركة فتح» الأربع الناشطة في المخيم، علماً أن قطاعه ملاصق لـ «حي الطوارئ» الذي يقطنه غالبية الإسلاميين. وفي اتصال مع قائد الكفاح المسلح الفلسطيني سابقاً العميد محمود عبد الحميد عيسى الملقب بـ«اللينو»، نفى كل ما يُساق ضدّه، مؤكداً «رواية العلاقة العاطفية بين الشاب والفتاة المتّهمة». تجدر الإشارة إلى أن الإسلامي الأصولي بلال بدر، الذي كان قد أصيب في الاشتباكات الأخيرة التي شهدها مخيّم «عين الحلوة»، يرى أن القادة الإسلاميين المعروفين في المخيّم أفل نجمهم. ويتردد أنه ينطلق من اتّهامهم بالتعامل مع كل من الأجهزة الأمنية اللبنانية و«حزب الله» ليُبرز نفسه وينتزع القيادة من عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة لمصلحة المجموعات الإسلامية الأصولية. وفي هذا السياق، تتحدّث مصادر الأجهزة الأمنية اللبنانية عن وجود تواصل وتنسيق وثيق بين بدر والعناصر الإسلاميين الذين يدورون في فلكه، والشيخ أحمد الأسير، مشيرة إلى أنّ هؤلاء كانوا يُعدّون لاعتداء على حواجز الجيش المحيطة بالمخيّم، بعدما وجّهت قيادة الجيش قراراً حاسماً بمنع الأسير من التظاهر، إلّا أن تدخل «الحركة الاسلامية المجاهدة» و«عصبة الأنصار» وتهديدهما بقلب الطاولة في المخيم ردعا «المتطرفين».
المسلحون يسيطرون على كتيبة الدفاع الجوي في "النعيمة"، ونشطاء من السويداء يلتقون ضباطا من وكالة المخابرات المركزية الأميركية في تركيا بالتنسيق مع جنبلاط
سجلت العمليات العسكرية تطورات دراماتيكية نهار اليوم على الجبهتين الجنوبية والشمالية من شأنها أن تعمّق الانطباع بأن ثمة طبخة أميركية ـ إسرائيلية ـ أردنية يجري طبخها للجنوب السوري على نحو متسارع، وبأن القوى الجوية و وسائط الدفاع الجوي ـ استطرادا لذلك ـ لا تزالان الهدف الرئيسي للمسلحين و"غرفة العمليات الاستخبارية الخارجية" التي تديرهم ، سواء من محطة وكالة المخابرات المركزية في الأردن أو من تركيا، وهو ما تؤكده أيضا المعلومات الجديدة التي حصلت عليها مراسلة .... في تركيا "باهار قره فلاح" لجهة الاجتماع السري الذي عقد قبل نحو ثلاثة أسابيع في استانبول ، بالتنسيق مع وليد جنبلاط، بين مندوبين من محافظة "السويداء" السورية و ضباط من وكالة المخابرات المركزية الأميركية و وزارة الخارجية الأميركية للبحث في إدخال السلاح النوعي الثقيل من الأردن إلى السويداء.
على الصعيد العسكري، وفيما يتعلق بالجبهة الشمالية، أفادت المعلومات بأن مطار "منّغ" العسكري للحوامات، الواقع شمال حلب وقريبا من الحدود التركية، والمحاصر منذ عدة أشهر، على وشك السقوط في أيدي المسلحين خلال يومين. وقالت مصادر ميدانية لـ"..." إن المطار يتعرض منذ أمس إلى هجوم هو الأعنف من نوعه، حيث تتساقط عليه من مختلف الجهات قذائف مدفعية ثقيلة وهاون وقذائف دبابات من الدبابات التي سبق أن سيطر عليها مسلحو"النصرة" في ريف حلب. وجاء في المعلومات أن هناك إصابات كثيرة داخل المطار في صفوف العسكريين والطيارين و وحدة حماية المطار، فضلا عن تدمير عدد من أبنيته ومهابطه. وقال المصدر" إن لم تحصل معجزة، فإن المطار سيكون في أيدي المسلحين بين ساعة وأخرى، وربما يوم غد ، بعد صمود أسطوري وصل حد أن جميع العسكريين المرابطين فيه يأكلون العشب منذ أسابيع بسبب الحصار وفشل السلطة في تزويدهم بالمواد الغذائية والذخيرة".
أما على الجبهة الجنوبية، واستطرادا لما كانت نشرته"...." صباح اليوم، أكدت معلومات ميدانية سقوط عمليات "اللواء 38 " / دفاع جوي والكتيبة الخاصة بها ( فولغا / سام 2) ، الواقعة شرقي قرية"النعيمة" في أيدي مسلحي" كتيبة فلوجة حوران"( من "جبهة النصرة") وكتيبة"المعتز بالله". كما وأفيد بأن هوائيا واحدا على الأقل من محطة الاستطلاع الجوي المجاورة لها ( شمال "النعيمة") قد دمر بالفعل. وقالت المصادر إن الجيش شن غارة جوية على كتيبة الدفاع الجوي بعد سقوطها في أيدي المسلحين ، بينما تتعرض قرية"النعيمة" لهجوم مدفعي عنيف جدا وغير مسبوق في ضراوته من قبل وحدات الجيش من أجل إرغام حوالي ألفي مسلح يحتلون مساكن القرية على مغادرتها، علما بأن معظم سكان القرية البالغ حوالي خمسة آلاف نسمة كانوا لجأوا سابقا إلى الأردن، بينما بقي في القرية حوالي ربعهم.
بالتزامن مع ذلك، شن مسلحو"جبهة النصرة" و"الجيش الحر"( اللذين يعملان معا منذ بضعة أشهر) هجوما عنيفا على محطة الاستطلاع الجوي في "تل الحارة" الواقعة على بعد 50 كم إلى الشمال الغربي من المنطقة المذكورة. ولم ترد أية معلومات عن نتائج الهجوم. وتعتبر محطة "تل الحارة" محطة الاستطلاع الجوي الأكثر أهمية في المنطقة الجنوبية، وذات أهمية استراتيجية بالغة، ويعلق عليها العدو الإسرائيلي أهمية كبيرة في حالات السلم والحرب كونها تقع على أعلى جبل في المنطقة الجنوبية (1100 متر فوق سطح البحر)، ولكونها تمسح منطقة فلسطين المحتلة بأكملها. وكان خبراء روس أدخلوا عليها تحسينات تقنية العام الماضي وفق مصادر إعلامية إسرائيلية.
الهجوم الضاري الذي تتعرض له منشآت القوى الجوية في المنطقة الجنوبية، لاسيما منها الدفاع الجوي والاستطلاع الجوي، والتكالب الأميركي ـ الإسرائيلي ـ الأردني على هذه المنشآت من خلال عصابات الإجرام التي يديرها التحالف الثلاثي المذكور في منطقة حوران السورية، تؤكد أن هناك طبخة يجري إعدادها منذ زيارة الجاسوس الأميركي ـ الإسرائيلي ، ملك الأردن عبد الله الثاني، إلى الولايات المتحدة مؤخرا.
على هذا الصعيد، واستطرادا للتقرير المذكور، كشفت مصادر تركية لمراسلة "الحقيقة" في تركيا "باهار قره فلاح" أن اجتماعا لنشطاء من مدينة السويداء السورية عقد قبل ثلاثة أسابيع في استانبول ومسؤولين أميركيين من وزارة الخارجية و وكالة المخابرات المركزية الأميركية. وقال مصدر تركي متابع إن النشطاء ، الذين جرت تزكيتهم إلى اللقاء من قبل وليد جنبلاط، تلقوا عروضا من الطرف الأمريكي لإدخال سلاح نوعي إلى مدينة السويداء عبر الأردن وبالتنسيق مع الجهات الأردنية. وأوضح بالقول" إن النشطاء، الذي سافروا إلى تركيا عبر بيروت حيث التقوا جنبلاط، استمعوا إلى شرح من الطرف الأميركي أبلغهم فيه على نحو صريح بأن الإدارة الأميركية غير معنية بالجبهة الشمالية التي تتولاها تركيا، وإنما بالجبهة الجنوبية. ولهذا، ولعلمها بأن هذه الأخيرة أصبحت تحت سيطرة الإسلاميين المتطرفين، تعتقد أن من المفيد إقامة نوع من توازن الرعب مع محافظة درعا، وهذا غير ممكن إلا بإدخال السلاح الثقيل والنوعي إلى محافظتهم، وهو ما يمكن أن تزودهم به الإدارة الأميركية عن طريق الأردن". إلا أن أغلبية الحضور، ودائما حسب المصدر، رفضوا العرض بعد أن اشتموا فيه رائحة"مؤامرة". ووصل الأمر حد أن بعضهم غادر اللقاء وعاد إلى سوريا وأبلغ الجهات الأمنية السورية ، ولكن بعد أن أبلغ الطرف الأميركي ما حرفيته بأن "جنبلاط يكذب عليكم ويخدعم إن كان ادعى بأن له نفوذا عندنا(في السويداء)". وقد علم جنبلاط بحقيقة ما جرى في اللقاء، الأمر الذي أفقده صوابه ودعاه إلى إصدار "الفتوى" الشهيرة في السابع من الشهر الجاري عبر قناة"إل بي سي"، والتي هدر فيها دم كل "درزي" يتعاون مع النظام!
المصدر التركي كشف أن اللقاء المذكور توزع على لقائين ، أحدهما عام حضره النشطاء معا، والآخر خاص جرى فيه الإنفراد بكل من النشطاء على حدة. وفي النهاية حصل كل من بقي منهم على جهاز لابتوب و كاميرا و جهاز اتصال موبايل يعمل عبر الأقمار الصناعية!
قالت القناة العبرية الثانية، إن الطائرة بلا طيار، التي أسقطتها طائرات حربية إسرائيلية، فوق سواحل حيفا أمس، كانت تحاول تصوير حقول الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى بعض الثكنات العسكرية في مدينة حيفا.
ونقلت القناة عن مسؤول عسكري قوله ”إن حزب الله اللبناني، أراد من تحليق الطائرة على السواحل، إظهار مدى قدرته على التحليق وتصوير أهداف مختلفة، وخاصةً حقول ومنصات الغاز الطبيعي، وبعض منصات الصواريخ في مدينة حيفا“.
وأشارت القناة، إلى أن سلاح البحرية، لا يزال يواصل التمشيط في سواحل حيفا، حيث سقطت الطائرة، على بعد عشرة كيلو مترات الى الغرب من حيفا، للبحث عن حطامها ونقلها للجهات المختصة لتجميعها.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال ”يؤاف مردخاي“ للقناة الثانية بأن الجيش ”على علم بأن حزب الله كان سينفذ مثل هذا الفعل“، لافتاً إلى أن نشر ردارات وبطاريات باتريوت في حيفا، يزيد من الضغط على حزب الله، بسبب الأحداث في لبنان وسوريا، مضيفا “ان حزب الله سيحاول تنفيذ مزيد من هذه المحاولات“.
وصلنا إلى ”عش الدبابير“ كما أسماه شارون رئيس الوزارء الإسرائيلي في حينه. إنه المكان الذي كان مأوى لمطاردي الضفة الغربية ومنه انطلقت ثلث العمليات العسكرية ضد الاحتلال. هناك كان في استقبالنا ابو الأمين أحد مقاتلي المعركة. يبدو المخيم في اعماره الجديد أليفا بشوارعه الواسعة التي تشبه شوارع المدينة، ”هذا ما يريده الأمريكان، مكان يسهل السيطرة عليه، كنا في السجن وقتها وإلا كنا سنرفض هذا الشكل وسنصر على ان يعود المخيم كما كان بالضبط“، قال أبو الأمين لنا ونحن نصعد درج بيته غير المرصف. وفي البيت الجالس على سفح الجبل كان لقاؤنا بمقاتل آخر وهو جمال حويل.
لم يكن اللقاء سهلا فلقد تأجل ثلاث مرات بسبب التوترات الأمنية بين المقاتلين في المخيم والاجهزة الامنية، كان الحديث يشبه قصة بندقية ماذا فعلت في معركة مخيم جنين؟! وماذا يفعل بها اليوم بعد بدء مشروع القضاء على ”عسكرة الانتفاضة“ الذي دشنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟!.
في انتظار المعركة… من الخطة (u) إلى الخطة (o)
”كنا نعرف أن هذه المرة مختلفة عن الثلاث مرات التي سبقت لاجتياح المخيم، كان الاحتلال يستخدم الخطة u وهي تعني محاصرة المخيم من كل الجهات ثم الانسحاب من جهة واحدة، أما الخطة o فتعني أنه سيتم الإطباق علينا كليا“، يقول جمال حويل. ويضيف: ”في اجتياح آذار 2002 طلبوا الانسحاب بواسطة صائب عريقات دون أن نطلق عليهم النار لكن هذه المرة كميات الحشود كانت تقول غير ذلك“.
أدركت المقاومة مبكراً أن مواجهة كسر العظم قد حانت، ورغم أن الإمكانيات لم تكن متكافئة بطبيعة الحال إلا أن الإرادة لم تكن معلقة بموازين القوى. شكلت المقاومة غرفة عمليات مكونة من سبعة أفراد، اثنين عن كتائب شهداء الأقصى واثنين عن كتائب القسام واثين عن سرايا القدس، وواحد عن القوة التنفيذية وهو ابو جندل الذي أجمعت المقاومة على اختياره قائداً لغرفة العمليات، بحكم خبرته القتالية التي اكتسبها من تدريبات الحرس الجمهوري العراقي وتجربة بيروت. سبق أن دخل ابو جندل المخيم كرجل أمن إلا أن الأطفال استقبلوه بالحجارة وحين دخله مقاوما نَصَّبَهُ المخيم كقائد له. وفيما يشبه خطبة الوداع قال ابو جندل مخاطبا قوته التنفيذية :“من أراد الشهادة والمشاركة في معركة مثل معركة بيروت فليتبعني إلى مخيم جنين“ لامس النداء الأخير 40 رجلا من 200 سيخوض بهم أبوجندل حرب الزقاق.
ابو جندل
فرزت المقاومة لجانا عدة بغية التحضر للمعركة: اللجنة العسكرية واللجنة الإعلامية ولجنة التموين واللجنة الصحية لمتابعة الإصابات ولجنة التعبئة والتحريض والتي كانت تعمل على رفع المعنويات من خلال التكبير والاناشيد الثورية عبر مكبرات الصوت في المساجد والمحمولة على السيارات فيما تم تقسيم المخيم إلى أحد عشر محوراً للاشتباك.
توزع المقاومون على مجموعات كل مجموعة مكونة من( 10-15 ) مقاوماً وانتشروا في أرجاء المخيم يعدونه كمكان يليق بأسطورة قادمة. وبالتعاون مع اهالي المخيم وضعوا سواتر ترابية في الشوارع الرئيسية، وفتحوا ثغرات في بعض الجدران لمرور المقاومين بالإضافة لفتح نوافذ للقنص والمراقبة فيما كانت تنهمر التبرعات على المقاومين من كل مكان حتى أن الأطفال تبرعوا بمصروفهم، ويتذكر المقاومون كيف أن راعي كنيسة قرية الزبابدة جاءهم بمبلغ كبير من المال وأصر أن يسلمه لهم بنفسه.
لقد كانت غرفة العمليات مكان التقاء قيادة الشعب الفلسطيني: ابو عمار ومروان البرغوثي وخالد مشعل ورمضان شلح وأحمد سعدات من خلال موجة مفتوحة من الاتصالات مع القادة الميدانيين الذين كانوا يفتحون هواتفهم النقالة على مكبر الصوت حتى يسمع الحاضرون موقف القيادة.
لسعة النحلة
في الأول من نيسان اجتاحت قوات الاحتلال جنين وطوقت مخيمها، فيما أبقت منفذا واحدا يتيح الهرب لمن أراد، رأى بعض المقاومين أنه من الأفضل الخروج فخرجوا فيما أشار رمضان شلح على القائد محمود طوالبة الخروج فأجابه: أنا أعرف الكر ولا أعرف الفر.
في اليوم الثاني ضربت ”إسرائيل“ محول الكهرباء وخطوط المياه وخطوط الصرف الصحي تمهيدا للهجوم. فجر اليوم الثالث بدأت مواجهة كسر العظم، أغلقت كل المنافذ وبدأ تقدم جيش الاحتلال، فيما نفذت رصاصة قاتلة في جسد الميجر موشيه غيرتس تعود لسلاح الناتو الذي حمله الشهيد زياد العامر فيما نجح أيضا باصابة اربعة جنود اخرين، قبل أن تخترقه رصاصة القناصة الإسرائيليين فترديه أرضا ليجهز عليه جنود المشاة فكان خبر استشهاده محفزا لعودة بعض المقاومين الذين خرجوا.
رقد جثمانه في المستشفى القريب من المخيم، وكان الفتى محمد حواشين 12 عاما في طريقه إليه عندما سأل والده: -يابا كيف الواحد بستشهد؟ بشعر بوجع كثير؟ -لا يابا، مثل لسعة النحلة. حدّث والده عن امنيته عندما سيكبر: - يابا بدي اعبي شنطة المدرسة قنابل واستشهد. نزل الفتى من بيته يقلب حلمه الجديد فلسعته نحله.
أيام الكمائن
وصلنا إلى بيت جمال حويل ، يعمل حويل حاليا كنائب في التشريعي سمحنا لأنفسنا أن نسأله سؤالا مزعجا في البداية.. ألا تعتقد أنه تم احتواء مقاتل قديم من خلال منصب نائب في التشريعي؟. أجاب حويل: يصح ذلك لو كنت وزيراً، ولكنني نائب تشريعي والناس اختارتني لأمثلها وهذا لم يرض الكثيرين، واستطرد يقول: هناك من يريد ان يمنحنا اشياء حتى يكون لدينا ما نخسره، لا يهمني ان يكون الطريق من جنين إلى رام الله معبدا بقدر ما يهمني أن لا أجد فيه مستوطنا. وتحدث حويل بانفعال عن مشاكل المخيم ”ما يجري اليوم معاقبة للمخيم على خياره، انظروا لمشاريع ”اليو اس ايد“ كلها تجري في القرى والحكومة تقول لا علاقة لنا بالمخيم، ووكالة الغوث تقلص خدماتها المخيم تجري معاقبته“.
أطلعنا حويل على خرائط المعركة كيف تم تقسيم المحاور وأين نصبت الكمائن ولاحقا كيف حدثت، كان المقاتلون يتزودون بالسلاح من عصابات ذات علاقة بجيش الاحتلال، والسلاح المهرب من الأردن والتبرعات التي جاءت من شيوخ كبار في السن مثل بندقية إم1 ورشاش 250 ورشاش300 كما أن المقاومين استفادوا من الأسلحة الموجودة في مقرات الأجهزة الأمنية بعدما تم قصفها من الاسرائيليين.
استخدم الكلاشينكوف للهجوم وبنادق إم16 للانسحاب والتغطية، لكن فيما بعد زال الفارق بين البندقتين بسبب قرب مسافة الاشتباك التي لم تترك قيمة لمسألة دقة ال إم16 التي تتفوق بها على الكلاشينكوف فيما زادت قيمة الكلاشينكوف نتيجة قرب المسافة.
في اليوم الخامس للمعركة كانت قوات الاحتلال قد وصلت إلى المنطقة القريبة من بيت محمود طوالبة فيما كان أبو جندل وطوالبة ومن معهم يترصدون خطواتهم حتى أصبحوا على مرمى النيران الذي أسقط إثنا عشر جنديا إسرائيليا، كان الكمين بمثابة رسالة واضحة من المخيم إلى جيش الاحتلال، أن الزقاق الضيقة تخلع أعضاء من يمر منها.
سرعان ما استنتج الاسرائيليون أن المواجهات ليست بالسهولة التي يتوقعون فطالب موشيه يعالون –في اليوم السابع- باستبدال قوات الاحتياط بقوات ”جولاني“ و“جعفاتي“ وتم استبدال قائد العملية ”إيال شلاين“ ليحل مكانه ”ديدي يديدياه“ واستدعي اكثر من عشرين الف جندي احتياط ليكونوا على أهبة الاستعداد، لكن ذلك لم يمنع من سقوط قتلى آخرين في ذات اليوم على اسفلت شارع السولمي إثر كمين آخر نصبته المقاومة.
تصاعدت وتيرة إطلاق النيران من الطيران الإسرائيلي والقناصة وكانت الجرافات العسكرية تستكمل عملهما في هذا اليوم –السابع- اخترقت رصاصة القناصة فخذ الشيخ رياض بدير القادم من طولكرم، حالت دون قدرته على التحرك، حاول المقاومون حمله ليعودوا به إلى الخلف لكن الحركة البطيئة لم تكن تسعفهم.
في وقت أصبح كل شيء تحت مرمى النيران اقترح المقاومون على الشيخ أن يسلم نفسه بهوية مزيفة فرفض، قائلا انه جاء من أجل الشهادة… وجد لاحقا يجلس القرفصاء وهو يقرأ القرآن بعدما سقط عليه البيت بفعل الجرافات العسكرية.
الشهيد رياض بدير
كان الشاب الهادئ نضال النوباني والبعيد عن الأضواء، يجلس في صبر وترقب تحت درج إحدى البنايات المتهدمة جزئيا رافضا الانسحاب، استمر على جلسته لبضع ايام يأكل ما يبقيه على قيد الحياة ويشرب ما بقي من ماء مخضر في ”برميل“ أزرق مهمل، حتى جاء اليوم التاسع…مرت مجموعة من الجنود الاسرائيليين أمامه ففتح عليهم ”مخزنين“ من النار واتبعهم باربع عبوات، فهرب من تبقى على قيد الحياة منهم وهم يصرخون“ ايما ابا“ (أي أمي أبي بالعبرية) حتى أن خوفهم قادهم إلى أماكن اختباء المقاومين فأجهزوا عليهم.
سقط في هذا الكمين 13 جندياً واستشهد نضال وهو عائد بأوسمة الجنود الذين أجهز عليهم، كانت المجموعات تحتاج لخبر كهذا حتى تحلق المعنويات مجددا وتواصل القتال، في هذا اليوم تحديدا كانت تظن كل مجموعة أنها الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة فلقد انقطعت الاتصالات فيما بينها وهدمت حارة الحواشين بالكامل.
بقيت منطقة الحاج علي الصفوري محصنة من تقدم الجنود فلقد كان مقاتلا شرسا كما يصفه من رافقوه، التقى به جمال حويل في بيت ابو انور النورسي وقت المساء. يقول حويل: ”نمنا وقتها على ظهورنا ورفعنا اقدامنا باتجاه الشباك فطلب مني الحاج علي فتح برادي البيت مازحا فقد كان خلف الشباك هدم ودمار ومخلفات منازل“.
حرب الحفاظ على البيت
كرر بيرس وقتها مقولة بن غوريون: ”وجود إسرائيل أهم من صورتها“. فكان على المكان أن تُعاد صياغته بقوة النار ”الحفاظ على البيت“ وهو الاسم الذي اختاره جيش الاحتلال الإسرائيلي للعملية، وكان ذلك يتطلب سقوط بيوت اخرى.
تقدمت الجرافات (d9n و d9l ) كانت الأوامر واضحة نريد المخيم كملعب كرة قدم كما صرح أحد سائقي الجرافات لاحقا. سويت البيوت في الأرض ولم يبقى حجرا فوق آخر، أصبح المقاومون والجرافات وجها لوجه وبخاصة عندما تجمعوا في بيت ”جليل الدمج“ الذي كان يحتوي على مخبز يقوم على خدمة المقاومة دون مقابل.
أشرف شارون رئيس الحكومة وقتها على العملية من حرش السعادة فيما تابعها وزير الحرب بن اليعيزر من مروحية في السماء وكان رئيس هيئة الاركان موفاز يجلس في منطقة الجابريات المحاذية للمخيم برفقة موشي يعلون.
اليوم الأخير ”وضع السلاح“
حين أشرقت شمس يوم الخميس 11-4 كانت آمال خبر التبادل الذي عرضه حزب الله قد تبددت فيما كان بعض المطاردين الخطرين قد سلم نفسه. وفي بقعة المواجهة الأخيرة لم يتبق الا خمسة مطاردين من اصل سبع وعشرين مقاتلاً لم يضعوا السلاح، كانت القناعة قد استقرت أن المطاردين ستتم تصفيتهم فيما يعتقل الاخرون وهو ما أكده صائب عريقات للمقاتلين فاستقر القرار بالإجماع على انهاء المعركة باستثناء الشبل عصام ابو سباع والحاج علي الصفوري الذين رفضوا ذلك حتى وافقوا بآخر الأمر نزولا عند رغبة الجماعة.
يحدثنا حويل عن لحظات التفاوض لوضع السلاح: ”لقد أبلغنا عريقات انه على تواصل مع المبعوث الامريكي انتوني زيني وأنه تم اعدام الشيخ ابراهيم جبر وابنه مصعب وتبين عدم صحة هذا الخبر فيما بعد“. ويكمل حويل“ لقد ماطلنا المفاوضات من الساعة العاشرة حتى الصباح فيما رفضنا خلع الملابس، استمرت مفاوضة الملابس ساعة كاملة حتى اتفقنا على رفع ”البلوزة“ وحدها“.
بعد ذلك اقتاد الإسرائيليون حويل والحاج الصفوري إلى المسجد وانهالوا عليهم بالضرب فيما غربت شمس يوم الخميس على المخيم بغياب 54 شهيداً وسقوط 29 جندياً إسرائيلياً وانهيار 1560 بيت. وولادة حكاية.
جمال حويل
بنادق المخيم والأجهزة الأمنية ”الجبس الوقائي“
خرج حويل بعد قضائه 11 سنة كان هناك الكثير من الأشياء قد تغيرت، شعار“القضاء على عسكرة الانتفاضة“ وضع موضع التنفيذ فيما أصبحت جنين الأسطورة جنين العادية التي تخرج فيها الفتاة في الليل لا تخشى شيئا بحسب وصف الجنرال دايتون لها في سياق مديحه للفلسطيني الجديد.
تحدثنا مع جمال حويل عن سلاح المقاومة، ما الذي جرى ويجري له؟! قال لنا بشيء من الأسى: ”اعتقد الشباب (كتائب شهداء الاقصى) ان أبو مازن حين صرح بالقضاء على عسكرة الانتفاضة كان هذا لا يعدو كونه تكتيكا مراوغا، مثلما كان ابو عمار يدين العمليات الاستشهادية ويدعمها سراً ولكنهم صدموا حينما اكتشفوا جدية المشروع ثم جرت محاولة استيعابهم في الأجهزة الأمينة فيما بعد.
فيما روى لنا ابو الأمين بانفعال قصة بارودة نضال النوباني صاحب كمين 13 كيف أنه تم اعطاء الأوامر باحضارها من بيت أهله، وحين احتج أحد أفراد الأمن على ذلك، أجابه ضابط الأمن الوقائي بقوله: ”احضروا البندقية ”سنبروزها“ بالجبس ونعيدها لهم يعلقونها في صالون البيت“. جبسنة البنادق المقاتلة طالت أغلب ما بقي من سلاح كما يروي ابو الأمين ويكمل ”لقد استغلت الأجهزة الأمنية حوادث الانفلات الأمني لتصفي سلاح المقاومة، فبعد إطلاق النار على قدورة موسى نتيجة خلافات داخلية جرى على إثرها اعتقال 14 شخصا من المخيم في سجن اريحا ولاقوا أشد التعذيب ولم يسلم أحد منهم قطعة سلاح واحدة“. يضيف الأمين: ”لم ينجح الإسرائيليون في انتزاعها منا فكيف ستنجح الاجهزة الأمنية في ذلك؟“.
الأسطورة العادية
انتهت المقابلة ونحن نفكر..ما بين النهر والبحر كانت ضفة ملتهبة بالأفعال وفوارة بالأحلام مليئة بالرجال …ما الذي حدث للنهر والبحر ولما بينهما؟.
هذه الملحمة التي قرر فيها المقاومون ألا يستسلموا سميت مجزرة، يصح ان يقدم ذلك للعالم، ولكن الفلسطيني كان يخاطب نفسه بذلك أيضا، لطالما كان الإصرار على لعب دور الضحية يفقدها القدرة على خلق روح مقاتلة من جديد وأفقدها هنا القدرة على الاستفادة من ”الاسطورة العادية“ التي شيدتها زقاق المخيم. حتى أن فلم محمد بكري بكى فيه كل الضيوف باستثناء الطفلة التي بحكم سنها أمكن لها أن ترى الأسطورة والدمار معا.
سيحضر المخيم كأسطورة عادية فهو نموذج محلق متجاوز لليومي والمبتذل، يضع حدا للبطولات السهلة وهو عادي ليس معجزة لا يمكن تكرارها ولم يخطها رجال خياليون، لقد قاتل بعضهم حتى آخر نفس وبعضهم سلم نفسه خلال المعركة لكنهم بالطبع لم يكونوا عاديين، ما بين الأسطورة والعادية نسج المخيم المواجهة بكل ما تحوي من بطولة وضعف لتكون ”الأسطورة العادية“.
ودعنا أبو الأمين إلى آخر المخيم وهو يقول: ”بدكم تكتبوا هاد الحكي بالاعلام، اه اكتبوا… احنا معناش مشكلة مع السما (في إشارة لما وصفهم به الناطق باسم الأجهزة الأمنية)… عنا مشكلة مع الاحتلال“.
تشاك هيغل وزير الدفاع الامريكي الذي يطوف بالعواصم الخليجية لبيع طائرات وصواريخ حديثة لمواجهة اي تهديد ايراني، حسب قوله، اعلن امس ‘ان المخابرات الامريكية لديها قدر من الثقة المتفاوتة بأن النظام السوري استخدم اسلحة كيماوية على نطاق محدود وغاز السيرين بشكل خاص’. بعد هذا التصريح لمستر هيغل بدقائق معدودة سارعت وزارة الخارجية البريطانية الى التأكيد على ان لديها معلومات تظهر ان اسلحة كيماوية استخدمت في سورية، ودعت الرئيس السوري بشار الاسد للتعاون مع الجهات الدولية لإثبات انه لم يأمر باستخدامها. لا نعتقد ان صدور هذين الموقفين، وفي تنسيق محكم، هو من قبيل الصدفة، فهاتان الدولتان كانتا العمود الفقري في الحروب الثلاث الاخيرة التي شنها الغرب، وحلف الناتو على وجه التحديد، لتغيير الانظمة في افغانستان والعراق وليبيا. الرئيس باراك اوباما قال اكثر من مرة ان استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية هو ‘خطّ احمر’، وان الرد الامريكي عليه سيكون مجلجلا. الان جاء التأكيد على اختراق هذا الخط من مصدرين استخباريين، اولهما امريكي، والثاني بريطاني. مسؤول امريكي يقول ان كل الخيارات مطروحة وآخر، يؤكد ان ادارته تتشاور مع حلفائها اذا تجاوزت سورية الخط الاحمر، فيرد نواب امريكيون بان الخط الاحمر تم تجاوزه بالفعل. انها خطة جرى اعدادها بعناية لتهيئة الرأي العام الامريكي للحرب. اسطوانة اسلحة الدمار الشامل التي استخدمت في العراق تدار حاليا وبشكل مكثف، وغدا ستبدأ اجهزة الاعلام العربية والعالمية في اعلان حالة الطوارئ وتنظيم مقابلات مع الخبراء الذين سيملأون الشاشات بأجهزة الحواسيب، التي تؤكد استخدام الاسلحة الكيماوية وضحاياها، والمطالبة بصيغة مباشرة او غير مباشرة بالتدخل عسكريا، وفي اسرع وقت ممكن. نحن اليوم نقف على ابواب حرب اقليمية، وربما عالمية، وننتظر ساعة الصفر على وجه التحديد، ولا نستغرب ان موعد اشعال هذه الحرب قد جرى الاتفاق عليه في غرف العمليات العسكرية الامريكية والبريطانية قبل اشهر، وما تبقى هو موعد التنفيذ.
‘ ‘ ‘ واشنطن شهدت في الايام القليلة الماضية حجيجا لزعماء عرب الى البيت الابيض، بدأ بالشيخ محمد بن زايد ولي عهد إمارة ابوظبي، ثم الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، وامس الشيخ حمد بن خليفة امير قطر، واليوم العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، وقبل منتصف الشهر المقبل السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا الذي سيكون ‘حسن الختام’. هذا الحجيج ليس للسياحة، ولا لبحث خطة السلام العربية لحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي، انه ‘مجلس حرب’ ومن اجل توزيع الادوار والمهام، والاطلاع على الخطط الحربية والسياسية، وتقاسم تكلفة الحرب ماليا. غير مسموح ان تطول الأزمة السورية اكثر مما طالت، لان غياب الحسم يثير قلق حلفاء واشنطن ومخاوفهم، ويعزز وجود الجماعات الجهادية الاسلامية على الارض، ويزيد من حالة اليأس والاحباط في صفوف فصائل المعارضة المسلحة ‘المعتدلة’، ويضاعف من الخوف الاسرائيلي من احتمالات وصول الاسلحة الكيماوية الى ايدي جماعات متطرفة، ولهذا لا بدّ من التحرك بسرعة. لا نعرف كيف ستكون طبيعة التحرك العسكري لإطاحة النظام السوري، لأن هذه من الاسرار العسكرية، والحرب مفاجآت، ولكننا نعرف جيدا ان تقارير المخابرات الغربية عندما تتعلق بالأسباب والذرائع لغزو بلد عربي او اسلامي دائما كاذبة ومزورة، ومن المؤلم اننا نكتشف كذبها بعد دمار البلد المستهدف، واسألوا الاشقاء العراقيين. فهل من قبيل الصدفة ان نقرأ تقارير استخبارية في صحيفة فرنسية معروفة عن سماح الاردن بمرور طائرات عسكرية اسرائيلية في اجوائه، في حال صدور قرار بضرب الاسلحة الكيماوية السورية؟
‘ ‘ ‘ نضع ايدينا على قلوبنا، ليس خوفا على سقوط النظام، فلم نكن يوما في خندقه، وانما خوفا على سورية الوطن، وخوفا من تفتيت منطقتنا على اسس طائفية وعرقية، واغراقنا في حروب اهلية طائفية دموية تتواضع امامها الحرب الحالية في العراق. تصريحات وزير الاعلام السوري التي اطلقها من موسكو، وربما بإيحاء من قيادتها، وقال فيها ان نظامه لن يستخدم الاسلحة الكيماوية مطلقا سواء ضد شعبه او ضد اسرائيل، جاءت كمحاولة استباقية لإجهاض نوايا واشنطن ولندن بإثارة مسألة استخدام الاسلحة الكيماوية، واستخدامها كغطاء لأي ضربة ضد سورية، ولكنها تأخرت كثيرا في نظر هؤلاء، ولهذا قد لا تعطي ثمارها. المطلوب من الرئيس الاسد هو ما كان مطلوبا من الرئيس الراحل صدام حسين، وبعد ذلك العقيد الليبي معمر القذافي، اي ان يقدم جميع اسلحته الكيماوية والبيولوجية الى التحالف الامريكي ـ البريطاني، ثم بعد ذلك الرحيل، او مواجهة الموت مثل الاثنين، اذا ما رفض، بمحاكمة او بغير محاكمة. هل سيرضخ الاسد لهذه المطالب؟ نشك في ذلك، ولهذا علينا ان نستعد لحرب جديدة قد تكون مختلفة عن الحروب الثلاث السابقة، وقد لا تكون، من حيث الاسلوب والنتائج، لكنها حرب سنكون نحن كعرب ومسلمين ضحاياها.
اهتمت الصحافة الغربية ومراكز الدراسات خلال الأيام الأخيرة بصفقة الأسلحة الأميركية المُرتقبة إلى إسرائيل ودول خليجية، في ظل مناخات التصريحات الإسرائيلية حول توجيه ضربة استباقية إلى إيران
محمد إبراهيم
برلين | فيما بدأ وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، زيارة للمنطقة، شملت الدولة العبرية، وخصصت لعقد صفقة تسلّح ضخمة، يرى خبراء أن الغرض من بيع أسلحة للسعودية والامارات واسرائيل هو مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية عندما يحين الوقت، وخاصة أن حصة إسرائيل من الصفقة تتضمن طائرات للمسافات البعيدة من نوع V22 وطائرات تزويد بالوقود KC135 وصواريخ ضد الرادارات. أسلحة لم تسلمها واشنطن لأي دولة أخرى حتى الآن. موعد الضربة لا يزال موضع تكهنات. رئيس معهد الشرق الأوسط في موسكو، يفغيني ساتانوفسكي، يشير إلى أن واشنطن حصلت على وعد من تل أبيب خلال زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لإسرائيل بعدم توجيه ضربة إلى إيران خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وتنتهي مفاعيل هذا الوعد في ختام شهر حزيران، وهذا يعني أن صيف المنطقة سيكون ساخناً جداً. وهذا ما يؤيده أيضاً العديد من الصحف الألمانية والنمسوية التي تتنافس في عرض الخطط العسكرية المزعومة ووضع مواعيد لتنفيذها تركّز بمجملها على الصيف المقبل، مُسهبة في استطلاع آراء الخبراء في مدة العملية وتكاليفها المادية والبشرية وإمكان تدخل جهات أخرى مساندة لإيران فيها كحزب الله وحركة حماس. من جهته، يعتبر مدير مركز برلين للدراسات الأمنية عبر الأطلسي (BITS)، أوتفريد ناساوار، أن خططاً أميركية وإسرائيلية لتوجيه ضربة لإيران معدة بالفعل، ولو لم تكن موجودة لكان الأمر مستهجناً، فالولايات المتحدة وإسرائيل تعدّان دائماً خططاً استباقية لعمليات عسكرية محتملة. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الخطط وضعت لكي تطبق، وفي المسألة الإيرانية تحديداً، تستفيد إسرائيل بنحو أكبر على صعيد السياسة الدولية إذا تحدثت عن خطط عسكرية وهددت بتنفيذها، أكثر من استفادتها من القيام بضربة عسكرية لإيران. فالتهديد الدائم والتلويح بالخيار العسكري يستدعي مسارعة الدول الغربية لاسترضاء إسرائيل وغض الطرف عن السياسات الإسرائيلية في الداخل. في المقابل، تدفع هذه التهديدات مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) إلى تشديد الضغط على إيران لإثبات جدوى العقوبات في فرض حل سياسي للبرنامج النووي الإيراني. ويضيف ناساوار أن سياسة نتنياهو تشبه إلى حد كبير سياسة جورج بوش الابن، في الاعتماد على تضخيم حجم الخطر الخارجي الذي يهدد البلاد لصرف النظر عن المشاكل الداخلية وتوظيف الخوف للحصول على تأييد داخلي. ونتنياهو يدرك جيداً أن أي هجوم سيكون له تبعات وسيعرض حكومته للمساءلة وسيكون عليها تحمل نتائج هذه التبعات، لذا فهو مستفيد من الوضع الحالي كما هو. وبين التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران والتصريحات الأميركية حول حق إسرائيل باتخاذ قرارات منفردة وفقاً لمصلحتها الوطنية، سواء على لسان الرئيس الاميركي أو وزير دفاعه، يبدو الموقف الأوروبي وتحديداً الألماني أكثر اتّزاناً، فبعدما وجه وزير الدفاع الألماني السابق، كارل تيودور تسو غوتنبرغ، الذي يعمل حالياً في مركز للدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأميركية، كتاباً مفتوحاً الى المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، ينصحها فيه بالاستعداد سياسياً ونفسياً لتصعيد عسكري محتمل في الأزمة بين إيران وإسرائيل، دعا الحكومة الألمانية إلى إعلان وقوفها إلى جانب إسرائيل ودراسة كيفية مساعدة تل ابيب إذا وجهت ضربة جوية الى إيران. المستشارة الألمانية، من ناحيتها، رفضت النصيحة، معتبرة أن أي موقف مساند لإسرائيل في هذا الشأن سيكون بمثابة تشجيع على التحرك عسكرياً، وألمانيا لا تريد توجيه إشارات خاطئة لأحد. ورداً على سؤال بهذا الشأن لـ«الأخبار» اعتبر ناساوار، أن الحكومات الغربية تدرك أن إسرائيل قادرة لوجستياً على توجيه ضربة جوية، لكن تل ابيب لن تتحرك بمفردها، بل هي بحاجة لغطاء وموافقة أميركيتين رغم كل ما يعلن هنا وهناك، وإن شاركت أميركا او اعطت الضوء الأخضر لهجوم على إيران فالنتيجة ستكون بالطبع تدمير البرنامج النووي الإيراني وإعادته سنوات إلى الوراء. لكن هجوماً من هذا النوع سيدفع إيران إلى التفكير جدياً بامتلاك سلاح نووي، إذا كان هذا التفكير ليس موجوداً لديها حتى الآن، لأن طهران ستعتبر أن السلاح النووي هو الكفيل بإحداث توازن رعب كما هو الحال مع كوريا الشمالية، وبذلك تكون أميركا وإسرائيل في سعيهما إلى منع إيران من امتلاك سلاح نووي قد دفعاها دفعاً إلى ذلك، حسب الخبير الألماني. في المقابل (مهر، فارس)، رد وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي، على التهديدات الاسرائيلية، قائلاً إنه «اذا ما اقدم الكيان الصهيوني على مهاجمة ايران فسيكون أول أخطائه وآخرها»، مؤكداً ان رد طهران لا يتيح لإسرائيل فرصة الرد. وأعلن وحیدي أن خبراء وزارة الدفاع نجحوا في تصمیم وتصنیع مقاتلتین جدیدتین. وفي السياق، أكد نائب قائد القوة البحرية للحرس الثوري الايراني الأميرال علي رضا تنكسيري، أن «قدراتنا بلغت اليوم حداً جعلت العدو يخرج من أوهام القيام بأي مغامرة في الخليج الفارسي».
فجأة، في الأسابيع الثلاثة الأولى من نيسان الحالي، شُغلت الصحف والفضائيات بأخبار وتحليلات حول التورّط الأردني؛ الكثير من التقارير والتسريبات والتعليقات التي نسجت قصة تفرض نفسها، ربما لأنها جديدة، مفاجئة، وغامضة
لا ينظر قيادي سوري باطمئنان الى الاختراقات والتهديدات الكبرى ضد سوريا الآتية من طرف تركيا أولاً، وثانياً من طرف لبنان، في حين أن التركيز الإعلامي على الدور الأردني في سوريا هو «أكبر مما ينبغي»، ويحجب رؤية مصادر الخطر الأكثر إيذاءً وفاعلية. كما أن بعض التقارير «ليس لها وزن»، مثل تقرير «لو فيغارو» عن موافقة الأردن على فتح أجوائه للطيران الإسرائيلي؛ فالأخير لا يحتاج، من الناحية العسكرية، إلى الأجواء الأردنية، ما يجعل نشر مثل هذا التقرير، مقصوداً لذاته، بهدف «كسر الحاجز النفسي» لدى الأردنيين، ودفعهم للتغاضي عن التعاون الفعلي مع الأميركيين، أو حتى «إضعاف النظام الأردني أكثر فأكثر، وعزله شعبياً، ودفعه نحو المزيد من التورّط».
مع ذلك، ألححنا على معرفة كامل الحقائق على الجبهة الأردنية. ما الذي يحدث؟ «الآن، لا يكاد يحدث شيء». منذ النصف الثاني من آذار لاحظ السوريون تراجعاً نوعياً في تدفّق المسلحين والسلاح من جهة الأردن. هل كان للاتصالات الأمنية والعسكرية بين البلدين الدور الحاسم في هذه التهدئة، أم أن السبب يعود إلى الضغوط الداخلية على قلب مؤسسة الحكم من الحركة الوطنية والشعبية، التي كان ردّ فعلها على انكشاف عمليات التدخل الأردني في سوريا، حاداً وواسعاً؟ أم أن هناك خطوة أميركية نحو الخلف؟ أم أن إنجازات الجيش السوري في ريف دمشق، قد عطّلت خطة موضوعة لاستخدام درعا «منطقة آمنة» أو حتى ممراً إلى المشاركة في معركة الجماعات المسلحة في دمشق، والتي تحولت هزيمة مبكرة؟ أم كل ذلك معاً؟ هناك جدل حول حجم التدخل العسكري في سوريا، يجد صداه المباشر على الجبهة الأردنية، المدّخرة، أميركياً، «للحظة الأخيرة»، لحظة سقوط النظام لمنع انتقال السلطة إلى السلفيين الجهاديين وتأمين الأسلحة الكيميائية أو لحظة «تكوّن قرار أميركي استراتيجي بالتدخل في سوريا». ويقع حضور العسكريين الأميركيين المئتين إلى الأردن ــ وهم عبارة عن مجموعة «استخبارات واتصالات» تحت «بند الاستعداد للتطورات الدراماتيكية». هؤلاء العسكريون الذين اتخذوا لأنفسهم مواقع في ريف محافظة إربد، المحاذية للحدود السورية، ليسوا في وضع قتالي، أو التحضير لوضع قتالي، وإنما تنصبّ حركتهم على «استطلاع منطقة العمليات». هنا، قد نجد إجابة ميدانية على سؤال إغلاق الحدود الأردنية أمام السلاح والمسلحين، «حتى بالتهريب»؛ فانتشار العسكريين الأميركيين، لا يسمح، أمنياً، بـ «تحركات غير مضمونة للسلفيين الجهاديين». وهو عذر تتفهمه السعودية، بحيث تكفّ عن الضغط لاستقبال المسلحين في الأردن وتسهيل حركتهم نحو سوريا. بدء الخروقات بدأت الخروقات على الجبهة الأردنية ــ السورية، منذ ربيع العام 2012، تحت الضغوط السعودية المكثّفة، وتضمنت خمسة مستويات، هي: أولاً، السماح لشبكات التهريب التقليدية بين البلدين بتغيير بضائعها المهربة من الاستهلاكيات والأجهزة الخ إلى أسلحة (مصدرها سعودي) وتشتمل على بنادق كلاشنكوف ورشاشات دوشكا وقاذفات «أر بي جي» وقنابل يدوية ومسدسات وذخائر، ولاحقاً مدافع متوسطة مضادة للطائرات العمودية ومضادة للدروع. ثانياً، تسهيل تهريب مقاتلين عرب آتين من السعودية إلى الأراضي السورية. ثالثاً، «غض الطرف»، بلا تنسيق، عن تسلل سلفيين جهاديين أردنيين عبر النقاط الحدودية «غير الآمنة». وهو ما كان يؤدي إلى اشتباكات معها من قبل عناصر عسكرية أردنية «غير مطلعة» على قرار غض الطرف الذي كان يُبلّغ في أضيق الحدود. رابعاً، غض الطرف عن أو حتى التواطؤ الضمني مع معسكرات تدريب سرية ومحدودة السعة، أسسها الإخوان المسلمون، وعملت على تدريب وتهريب عناصر سورية وعربية. خامساً، تدريب نحو خمسمئة عسكري سوري قبل فض الدورة، وإنهاء العملية في صيف العام الماضي. لماذا لم يعلن السوريون عن هذه الخروقات؟ «أولاً، لأنها كانت تجري سراً، بل ببالغ السرية. وعلى الرغم من أنها كانت مكشوفة للجيش السوري الذي اصطدم، عدة مرات، مع مهربي سلاح أو مسلحين متسللين، فإن طابع السري بالذات، نُظر إليه كحل يستجيب للضغوط السعودية مع الحفاظ على موقف سياسي متزن من الصراع في سوريا». وكان أمام دمشق، خياران: هل تضحي ــ بالتصعيد ــ بالموقف السياسي الأردني الإيجابي، رسمياً وشعبياً، أم تبتلع هذه الخروقات التي ــ وإنْ كانت مؤذية ــ فهي محدودة التأثير؛ فالسرية البالغة كانت تحد من الحجم والفاعلية. ورأت دمشق أن الإبقاء على السر ليس أفضل من الناحية السياسية فقط، وإنما، أيضاً، من الناحية العملية. مطلع العام 2013، كان قد تم البدء بتدريب عناصر من الجيش السوري الفارين إلى الأردن. كانت الدورة مخصصة لخمسة آلاف عنصر، لم يكن ممكناً أن يلتحق إلا أقل من ثلاثة آلاف، بسبب أن الكثيرين من العسكريين الفارين إلى الأراضي الأردنية، كانوا إداريين وليسوا مقاتلين. انضم إلى الدورة مقاتلون إسلاميون من الجنسيات الليبية والتونسية والمصرية والسودانية، قدموا بترتيبات سعودية. كانت عملية التدريب ــ التي تمت على أيدي عسكريين أميركيين ــ مكثّفة، وتهتم ببناء كتائب قوات خاصة مدربة على قتال الشوارع والتفجير والتفخيخ ومقاومة الدروع الخ. بالإضافة إلى التجنيد وقيادة العمليات. وفي النهاية، انجلت الدورة عن 1560 مقاتلاً تم تجهيزهم بالسلاح وأجهزة الاتصالات، وإرسالهم إلى سوريا كمجموعات بالتنسيق مع مجموعات مسلحة محلية في منطقة درعا. هؤلاء زاروا الأردن سابقاً والتقوا مع مسؤولين أردنيين وسعوديين وأميركيين، وجرى شراؤهم وتجنيدهم للعمل مع القوة المدرّبة المتدخلة من الأردن، وتحت قيادتها. نجحت هذه القوة في أواخر شباط/ أوائل آذار من العام الحالي، في إعادة تنظيم مجموعات مسلحة محلية، وضمها إلى صفوفها في إطار عملية قتالية واسعة، تمكنت من السيطرة على مخافر للشرطة ومقار حكومية وحزبية، لكن انجازها الأهم كان بالسيطرة على مقر قيادة لواء الدفاع الجوي (مقر القيادة وليس اللواء) والحصول على غنائم من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وفي النهاية، توصلت العملية العسكرية، المدعومة بتغطية معلوماتية من الأراضي الأردنية، إلى فرض سيطرتها على «درعا ــ البلد»، وعدة قرى مجاورة، وتحويل الطريق الدولي إلى دمشق إلى طريق «غير آمن»، لكن من دون السيطرة عليه. توقفت العملية في منتصف آذار، محتفظة بما أنجزته، بعدما اتضح، أولاً، أن السيطرة على محافظة درعا ليست ممكنة، وثانياً، أن معركة الاستيلاء على دمشق، أصبحت غير واقعية، جراء بدء الضربات الاستباقية التي قام بها الجيش العربي السوري في ريف دمشق، ولا تزال مستمرة. ما الهدف من عملية درعا؟ هناك تصوران (1) إمكانية سقوط المحافظة حتى الحدود الأردنية، ما قد يسمح بالبدء بإنشاء «منطقة آمنة»، (2) التواصل مع الجماعات المسلحة المنتظَر منها خوض معركة دمشق. لكن، وبالإضافة إلى العوائق العسكرية التي حالت دون تحقيق الأهداف الاستراتيجية للعملية، فإن « شيئاً ما» حدث، وجمّد الموقف. وفي تقدير القيادة السورية، أن التدخل عبر الأردن، سيظل محكوماً بالمراوحة بين الضغوط الأميركية والسعودية، والضغوط الشعبية الأردنية المعاكسة، وبينهما قرار سياسي يأمل عدم التورّط أكثر، ويخشى الانزلاق.
استأنف وزير الدفاع الأميركي جولته الشرق أوسطية حيث كانت أبو ظبي محطته الأخيرة، ليضع فيها اللمسات الأخيرة على صفقة سلاح للإمارات بخمسة مليارات دولار، فيما تبقى العين على إيران
محمد الخولي
القاهرة - وسط تكتم شديد حول مضمونها، انتهت زيارة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل للقاهرة أول من أمس، بعدما التقى رئيس الجمهورية محمد مرسي، ووزير الدفاع المصري الفريق عبدالفتاح السيسي، وقادة الجيش. وأتت هذه الزيارة عشية قيام المسؤول الأميركي مع القادة الإماراتيين في أبو ظبي بوضع اللمسات الأخيرة على صفقة تسلح كبيرة يرى فيها البلدان رسالة قوية ضد إيران. وكعادة مثل تلك اللقاءات، لم يخرج عن الجانب المصري سوى تصريحات مقتضبة يتحدث معظمها عن موضوعات عامة لم تتطرق إلى تفاصيل ما جرى.
فالبيان الرسمي الصادر عن مؤسسة الرئاسة أشار إلى أن اللقاء تناول «العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين وسبل تطويرها، وخصوصاً في مجال التعاون العسكري، وبما يحقق مصالحهما المشتركة على أساس من الاحترام المتبادل». ولفت البيان إلى أن اللقاء ناقش عدداً من الملفات في منطقة الشرق الأوسط، من بينها «الأزمة السورية»، وأن الرئيس مرسي «حذر من خطورة استمرار الحرب الأهلية الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين، ما ينذر بتفكك الدولة». وشدد على أهمية «السعي الجدي لإيقاف نزيف الدم السوري، ومنع التقسيم الطائفي والحفاظ على وحدة الأراضي السورية». وقال البيان الرئاسي إن اللقاء تطرق أيضاً إلى الموقف الراهن من جهود استئناف التسوية السلمية في الشرق الأوسط والدور المصري والأميركي فيها، وأهمية احترام الأطراف المعنية لالتزاماتها الدولية، بما يهيّئ الظروف الملائمة للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. أما عن البيان الصادر عن وزارة الدفاع المصرية، الذي تناول اللقاء الذي جمع بين هاغل ووزير الدفاع المصري وقادة الجيش، فجاء أكثر غموضاً واقتضاباً، وجاء فيه أن السيسي هنّأ نظيره الأميركي «على توليه المنصب وثقة الحكومة والكونغرس الأميركي فيه»، مشدداً على عمق العلاقات العسكرية وتبادل الخبرات بين البلدين. ونقل البيان عن هاغل «تقديره واعتزازه بالقوات المسلحة المصرية ودورها التاريخي والمتجرد في حماية الشعب المصري»، وأن وزير الدفاع الأميركي أعرب عن سعادته بالمستوى الاحترافي للقوات المسلحة المصرية. وأشار البيان إلى تأكيد هاغل «تدعيم وتعزيز أوجه التعاون بين القوات المسلحة المصرية والأميركية من أجل تحقيق الأمن والسلام في الشرق الأوسط». وأمام مجموعة من الصحافيين، حسبما ذكرت وكالة رويترز، قال هاغل أول من أمس «أردت أن أتوقف في مصر.. لأعيد تأكيد الالتزام الأميركي بدعم الديموقراطية الناشئة في مصر وتشجيع الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية التي تحدث هنا». وأضاف أن «هذا بلد كبير وبلد مهم. إنهم يبدأون السير في المسار الصحيح.. الكرامة الانسانية والحرية والأعراف الديموقراطية والحوكمة». وذهب المحلل العسكري لصحيفة «التحرير» المصرية طارق الحريري إلى القول إنه لا يستبعد أن تكون الزيارة لها علاقة مباشرة بطبيعة المعونات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأميركية لمصر. ولفت إلى أن اللقاء جاء للاطمئنان على الوضع الأمني في شبه جزيرة سيناء وخطورة ذلك على الحليف الأقرب لأميركا في المنطقة إسرائيل، مستبعداً أن تكون هناك علاقة مباشرة بين زيارة الرئيس مرسي الأخيرة لروسيا، ولقاء هاغل في القاهرة، بل هي «زيارة شملت مجموعة من الدول بينها إسرائيل والأردن والإمارات ومصر ومرتّب لها قبل زيارة مرسي لروسيا»، معرباً في الوقت نفسه عن القلق الأميركي من أن تحصل مصر على أسلحة من روسيا، رغم أن هذا الموضوع لم يطرح رسمياً ولا حتى عن طريق تسريبات إعلامية. وانتقد الحريري إخفاء المعلومات والتفاصيل عن تلك الزيارات المهمة، مطالباً بأن تكون هناك شفافية من قبل أجهزة الدولة ما دام الأمر لا يتعلق بالأمن القومي ولا يمثل تهديداً، وخاصة أن المسؤولين الغربيين عادة ما يذكرون تفاصيل ما يدور في تلك الاجتماعات. وتقدم الولايات المتحدة مساعدات، معظمها عسكري، لمصر سنوياً بقيمه 1.5 مليار دولار منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 1979. وتسلمت مصر في كانون الثاني الماضي أربع مقاتلات «أف 16» من أصل 20 تعهدت الولايات المتحدة الأميركية بتسليمها الى القاهرة في وقت لاحق العام الجاري، بينما يعارض بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي تسليم مصر تلك المقاتلات. في وقت لاحق (أ ف ب، رويترز)، التقى هاغل أمس ولي عهد الامارات نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، في أبو ظبي، حيث وضع مع المسؤولين الإماراتيين اللمسات الأخيرة على صفقة تسلح ضخمة تبيع واشنطن بموجبها الامارات 26 مقاتلة من طراز «أف 16» وصواريخ أرض_جو، بقيمة خمسة مليارات دولار. وقال مسؤول أميركي رافق هاغل في زيارته، إن هذه الصفقة التي تشمل أيضاً تدريب طيارين إماراتيين وتأمين قطع غيار للطائرات «تؤكد أن الولايات المتحدة ليست ذاهبة الى أي مكان، وهي ملتزمة تماماً بأمن سائر حلفائنا الإقليميين».
تستعد الجبهة الداخلية في الجيش الاسرائيلي لاجراء تدريب الطوارئ العام السنوي في اسرائيل نهاية الشهر القادم، وسيحاكي هذا التدريب سقوط مئات الصواريخ يوميا على المدن الاسرائيلية من الجبهة الشمالية.
وبحسب ما نشر موقع صحيفة "معاريف" العبرية، اليوم الجمعة، فان هذا التدريب سيجري يوم 26 أيار القادم لمدة 4 ايام، وسيحاكي هذا التدريب الذي تقوم به الجبهة الداخلية في الجيش سنويا سقوط مئات الصواريخ على المدن الاسرائيلية، يتم اطلاقها من قبل منظمات "ارهابية" في سوريا وكذلك من لبنان.
وأشار الموقع ان الاوساط الامنية الاسرائيلية تأخذ في عين الاعتبار صعود منظمات "ارهابية" نتيجة لسقوط نظام الاسد، وهذا ما قد يؤثر على الاوضاع الامنية على الجبهة الشمالية خاصة في حال سيطرت هذه المنظمات على اسلحة سورية متطورة.
من جهتها ذكرت اذاعة جيش الاحتلال ان اجتماعات امنية متواصلة واتصالات مكثفة تشارك فيها جهات دولية واستخبارية عالمية واقليمية تمت خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية في ظل التطورات المتسارعة في الملف السوري والايراني واحتمالات تصعيد كبير في المنطقة.
ونقلت الاذاعة عن مصاادر امنية قولها ان نذر الحرب تلوح في افق المنطقة وان تل ابيب تتاهب على كافة الجبهات لاحتمالات اندلاعها في اي لحظة.