السبت، 13 أبريل 2013

قراءة علمية لانتخابات جامعة بيرزيت ...لكاتب: خالد معالي

تشكل انتخابات جامعة بيرزيت من الناحية العلمية؛ الأقرب لنبض الشارع الفلسطيني من الجامعات الأخرى لظروف تتعلق بارتفاع منسوب الحرية فيها. وهي من أوائل الجامعات وأقدمها؛ ومن هنا يمكن القول أن ما جرى يوم الأربعاء 10\4\2013 يحمل دلالات ومؤشرات جديدة مختلفة عن انتخابات عام 2012 . ولنرى كيف تتحدث النتائج عن نفسها بعيدا عن التهويل والتضخيم المعتاد؛ بل ضمن منطق الأشياء، والتحليل العلمي.

في البداية أطاحت وهزمت نتائج الانتخابات استطلاعات الرأي المدفوعة الأجر والتي تتكرر دائما في صحف ومواقع صحفية محلية، المستخفة بقرائها، والتي بانت عورتها منذ زمن، والجاهزة النتائج مسبقا، ومن العيب عليها أن تعاود مرة أخرى الاستخفاف بالمواطن العادي وإشباعه بمعلومات خاطئة، وعدم احترام عقول القراء.

أثبتت النتائج أن التعددية السياسية لا مفر منها كحالة طبيعية فلسطينية، وان البعد عن المصالحة، تهدر الطاقات وتذهبها سدى، وان الصحيح والأجدر هو قبول الآخر والتعاون معه، والاتفاق ولو ضمن الحد الأدنى الذي لا بد منه، فالدم واحد، والعدو واحد، والمصير واحد، فعلى ماذا الفرقة والخلاف، وهدر الطاقات مجانا، ليتشفى فينا "نتنياهو"!

تقدمت الكتلة الإسلامية المحسوبة على حركة حماس مقعد واحد مقارنة بالعام الماضي الذي حصلت فيه على 19 مقعد لتحصل على 20 مقعد من أصل 51 مقعدا، لطلبة الجامعة التي يبلغ عدد طلبتها قرابة ثمانية ألاف، وتراجعت كتلة حركة فتح من 26 إلى 23 مقعدا؛ وهذا يشير إلى أن حالة التبدل والتغير في مزاج الناخب موجودة لدرجة واضحة، ومنسوبها مرتفع نوعا ما، تبعا لما يجري على الساحة الفلسطينية من تطورات متسارعة.

يمكن اعتبار انجاز حركة حماس بقصف تل الربيع "تل ابيب" كان عامل مهم لتقدم حركة حماس؛ بالمقابل يمكن اعتبار عدم وجود انجاز سياسي للسلطة سببا لتراجع لحركة فتح، فالطالب في جامعة بيرزيت يتفاعل بقوة، وحساسية عالية، وسرعة مع كل حدث فلسطيني يتعلق بالصراع مع دولة الاحتلال، والانجاز على الأرض هو البوصلة.

سياسيا، يمكن القول أن النتائج تعتبر مؤشرا نوعيا لقبول خيار المقاومة لدى قطاع كبير في الشعب الفلسطيني؛ وهذا يعني أن ثمة وعي وذكاء سياسي عالي لدى الشعب الفلسطيني لا يمكن الاستهانة به، فالإنسان الواثق من خياراته والمختار لها هو الأقدر على الاستمرار في المواجهة معززاً بالوعي والصمود معا.

أبرزت النتائج أن القوتين الرئيسيتين ما زالتا تقودان الساحة الفلسطينية؛ بعكس ما يقوله قيادات اليسار الفلسطيني، وتتذبذب قوتهما وجماهيريتهما من منطقة إلى أخرى، ومن مرحلة سياسية إلى أخرى، وهي جدلية لا تتوقف؛ تتبع قوة ونشاط الحركة هنا وهناك والظروف المحيطة بها، فالضفة لها وضعية وخصوصية الكل يعرفها، ومن هنا تبرز أهمية إعادة قراءة النتائج من قبل القوى بشكل ايجابي وروح التعاون والتصالح، وليس بروح التجني وتصيد الهفوات والأخطاء، وفبركتها في أحيان كثيرة.

تراجع اليسار وخاصة الجبهة الديمقراطية وبقية أحزاب اليسار -عدا الجبهة الشعبية- يقود لتكرار أن اليسار يحتضر، ما لم يتدارك أمره – وما هو بفاعل- وما حصل من تقدم للجبهة الشعبية، هو طارئ في ظل التراجع العام لليسار.

ما بين مد وجزر لهذا الفصيل أو ذاك لا يجوز القول بان احدهما قد حسم أمره، لان التفوق هو بالنقاط عبر جولات متلاحقة، والصحيح هو أن يتكاملا ويتعاونا في بوتقة التحرير؛ وبالتالي فان مهمات التحرير والتغيير متكاملة، وليست متناقضة أو حتى متعارضة، بهدفها وبمساراتها.

أثبتت النتائج أن الشعب الفلسطيني يتقبل نتائج انتخابات ديمقراطية حقيقية، ويتعايش معها ويتابعها أولا بأول؛ كونها الوسيلة الأفضل ضمن ما هو متاح في الوصول إلى الأهداف المرجوة في قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. ويكون تلاقح الأفكار واختلافها بأسلوب علمي يؤدي للتطور والنهوض، هو المطلوب حتى نعطي نموذج طيب وفريد من نوعه للدول المحيطة.

أخيرا، يسجل لجامعة بيرزيت حالة التنافس فيها بشكل سلمي وحضاري، وهي حالة متقدمة من الوعي، وتصب في صالح القضية الفلسطينية؛ بعيدا عن التشنجات والتقوقع ونظرية الكهف، وعدم الانفتاح وقبول الآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق