الثلاثاء، 30 أبريل 2013

الحرب المرتقبة: لحظة اصطدام الخطوط الحمر ....ابراهيم الأمين


هل هي طبول الحرب تقرع بقوّة؟
بات واضحاً ان جبهة طويلة يجري العمل بشكل حثيث على تنظيم صفوفها. من اسرائيل «المستعدة دوماً»، الى الغرب الذي يحلم باستعادة ماضيه الاستعماري، الى حكّام الخليج الذين يخافون على مصير عروشهم ويربطون مستقبلهم بحال منطقتنا، الى النظام الاردني الذي يواجه أصعب ايامه، الى قوى ١٤ آذار في لبنان وسوريا وفلسطين.
الجميع راغب ومتحمس ومتحفز. وزاد من هياجهم فشل كل محاولات اسقاط النظام في سوريا، وفشل اعادة العراق الى الحضن الاميركي بصورة تامة، وفشل محاصرة المقاومة في لبنان بنار الفتنة أو التهديد بالعزل. وما يزيد في عناصر الرغبة، عدم نجاح العالم في ثني ايران عن استكمال برنامجها النووي. لكن يبدو ان هناك عنصراً اضافياً يتعلّق بالمخاوف من تشكّل محور جديد ومتماسك تكون روسيا طرفاً فاعلاً فيه.

في المقابل، نحن أمام مرحلة جديدة من الاستعداد لدى الفريق المناوئ للاميركيين وحلفائهم. في سوريا، امكن للمعنيين، بعد أكثر من سنتين على اندلاع الأزمة، ان يعيدوا التقاط الانفاس والانتقال نحو خطط دفاعية واحتوائية اكثر فعالية، بالاضافة الى الخطط الهجومية التي بدأت تؤتي ثمارها. وثمة مؤشرات على تطورات من النوع الذي يفرض على الفريق الآخر القلق اكثر من السابق. كذلك هناك معطيات عملانية تشير الى ان الازمة السورية التي اربكت هذا المحور، ما عادت تفرض نفسها عنصراً معرقلاً او مشتتاً للجهود كما كان عليه الامر سابقاً، مع ما لهذا الامر من معان على الارض يلامس حدود اعلان ايران انها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي عدوان اسرائيلي على سوريا. وكذلك اعلان حزب الله جهوزية من نوع يشير الى انه قادر على مواجهة الضغوط كما مواجهة احتمال حرب واحدة بجبهات عدة.
في هذا السياق، يركز الغرب وبعض العرب على الجبهة الاردنية كملاذ يعوض «فوضى البوابة التركية»، حيث يجري دمج الجهود العربية ـــ الاميركية ـــ الاسرائيلية بطريقة اكثر عملانية من السابق. وهو امر يستهدف، من جهة، تعويم السيطرة السعودية على قوى المعارضة الاسلامية، وتعزيز الدور الاميركي المباشر بعد تقييم افاد بفشل منسوب الى الاوروبيين والقطريين بشكل خاص والاتراك بحدود معينة.
ويعمل الفريق نفسه، في الوقت ذاته، على تسخين الجبهة العراقية من الداخلوهو امر له تداعيات كبيرة على الخليج العربي عموماً. ذلك ان محاصرة نار البحرين ضمن بقعة ضيقة لا يمكن ان ينطبق على الجبهة العراقية، وهو ما يستدعي من الفريق الغربي ـــ العربي خطوات من نوع مختلف، بعضها في لبنان والأردن وبعضها على صعيد العرب وتركيا واسرائيل. لكن السؤال المركزي: هل يستدعي هذا القدر الهائل من التوتر والحسابات المعقدة اشعال جبهة تجعل المنطقة بأسرها في قلب العاصفة؟
يقول مراقب إننا اليوم امام لحظة تماس بين الخطوط الحمراء الموضوعة من قبل المحورين، وهي خطوط توتر عال جدا، واي احتكاك ولو صغير قد يؤدي الى اشتعال حريق يتجاوز حسابات الاطراف نفسها. والخطوط الحمر تعني، بالنسبة للغرب، ان ينجح النظام في سوريا بالاستقرار وحصر النار المعادية له داخل سوريا، كما تعني امساك ايران وحزب الله بكامل القرار في الملف السوري، وبالتالي انتقال سلطة دمشق على الاسلحة الاستراتيجية الى ايدي ايران وحزب الله، كذلك هناك ما يتصل بالذريعة الاعلامية المتعلقة بالسلاح الكيميائي، سواء لناحية استخدامه او لناحية انتقاله من يد النظام الى ايدي منظمات اخرى، سواء كانت من المعارضة او من جانب ايران وحزب الله.
اما الخطوط الحمر للجهة المقابلة، فتتمثل بالتشديد الروسي ـــ الايراني على منع سقوط بشار الاسد تحت اي ظرف، وبالتالي منع اي تدخل عسكري خارجي ضد الاراضي السورية، ومنع تعاظم الدعم العسكري لقوى المعارضة، بما في ذلك منع هذه القوى من الاستقرار. وأُضيف خط جديد تمثل في تحذير اسرائيل من مغبة الدخول في الازمة من خلال القيام باعتداءات او شن حرب جوية ضد سوريا.
هناك اشياء كثيرة تحصل من خلف الستارة. وهناك اشياء تطل برأسها على الجميعوبعيداً عن المعطيات المخفية حيال ما يجري على جبهات سوريا الجنوبية والشمالية والشرقية، فان السؤال الذي يهمنا مباشرة هو المتعلق باحتمال اشتعال الجبهة من جديد بين المقاومة في لبنان وبين إسرائيل، وهو احتمال حقيقي، وعلى الجميع التعامل معه كمعطى، وليس كتقدير يراد استخدامه في اللعبة السياسية.
تتصرف اسرائيل بحذر شديد، والولايات المتحدة تخشى مغامرة اسرائيلية تقود الى حرب واسعة. لكن لدى اسرائيل والولايات المتحدة، كما لدى اطراف عربية ولبنانية، تقديرات تفيد بأن حزب الله منشغل بالازمة السورية، وانه يعيش قلقا كبيرا يمنعه حتى من المشاغبة على العدو، وانه في حال تورط في حرب فسيجد نفسه وحيداً، ومحاصراً وبلا طرق امداد تعينه عسكرياً ومالياً وبشرياً.
ولأن غلطة الشاطر بألف، ولأن المقاومة لا ترغب فعلاً بحرب جديدة، لكنها لا تقبل بمنطق يقوم على مبدأ سحب الذرائع ويستهدف سحب عناصر القوة من يدها، فان من المفيد لفت انتباه العدو والصديق الى الآتي:
ـــ تملك المقاومة جهوزية عملانية من نوع يفوق تقديرات الجميع، وبرغم حرصها خلال السنوات الست الماضية على استعراض جانب من عضلاتها بغية عدم وقوع احد في الالتباس، فان ما في حوزتها من قدرات عسكرية، خصوصا لناحية الاسلحة الاستراتيجية، يكفيها لخوض اكثر من حرب قاسية ومديدة، وهي أنجزت كل ما تحتاجه اخذة في الاعتبار احتمال ان تكون محاصرة من دون طرق امداد.

ـــ ان تركيبة المقاومة، على صعد مختلفة، تتيح لها الآن ليس مواجهة اي عدوان اسرائيلي فحسب، بل الاستمرار في خططها الخاصة بسوريا، والاستعداد لمواجهة اي محاولة من طرف داخلي للقيام بما يعتقد هذا الطرف انه يعين العدو على المقاومة. وفي هذا السياق، سيكون سلوك المقاومة تجاه اي خطأ داخلي أقسى من سلوكها ضد العدو الاسرائيلي.
ـــ تملك المقاومة هوامش على الصعد كافة، في لبنان وخارجه، ما يتيح لها جعل العدو وحلفائه يعيشون اوقات ندم متواصلة إن هم غامروا باعتداء أو بحرب جديدة في لبنان. وعلى العدو القريب أو البعيد التعمّق في كل ما يمر في خاطره من أفكار واتهامات وحسابات.

ربما يفيد هنا القول، صراحة، ان قوة المقاومة الصاروخية تتيح لها اليوم، وفي اي لحظة تندلع فيها الحرب، ان تطلق على العدو في يوم واحد، اكثر مما أطلقته خلال 33 يوماً من حرب العام 2006. كذلك ربما من المفيد لفت انتباه كثيرين، الى ان في قيادة المقاومة تياراً كبيراً جداً، يعتقد بأنه من الافضل ان يرتكب العدو الخطأ الذي يقود الى سلسلة المفاجآت، وهذا التيار لا يخص الجمهور فقط، كما يعتقد كثيرون، بل له من يرعاه على مستوى القيادات الميدانية والسياسية.
"الأخبار"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق