الخميس، 18 أبريل 2013

الأردن: لحظة الحسم لاسقاط بشار الأسد اقتربت ....نهاد إسماعيل


تناولت الصحف العالمية في الاسابيع الأخيرة موضوع الدور الأردني في الأزمة السورية بالتفصيل. مجلة الايكونوميست تحدثت الشهر الماضي عن اقلاع الأردن عن الموقف الحيادي. وتحدث صحيفة الغارديان عن تدريبات عسكرية وتحدثت الصحافة الأميركية عن تنسيق استراتيجي.
 
كما تشير التقارير الصادرة من واشنطن ولندن ان ألأردن سيلعب دور فاعل في العمليات العسكرية التي يتم تخطيطها لضرب القدرات العسكرية السورية الهادفة لاضعاف النظام واسقاطه وبنفس الوقت الحيلولة دون استيلاء المتطرفين والجهاديين وعلى الأخص جبهة النصرة على مقدرات الدولة. الهدف الرسمي المعلن حسب البيت الأبيض هو انهاء العنف وتسريع الانتقال السياسي في سوريا.
 
وكانت واشنطن قررت قبل اسبوعين تقديم حزمة جديدة من المساعدات غير الفتاكة إلى المعارضة السورية، يعتقد أن بينها سترات واقية ومناظير ليليّة، بينما قررت بريطانيا تزويد الجيش السوري الحر بالمدرعات والواقيات لكنها تبقى أقل بكثير مما يطالب به الائتلاف السوري كما ان عدد من النواب الأمريكيين دعوا الرئيس باراك أوباما إلى التفكير في "خيارات عسكرية محدودة" لا تتضمن إرسال جنود إلى سوريا.
 
وفي الوقت ذاته يتعرض الأردن لضغوط دولية وعربية ان يخرج من موقفه المبهم والغير واضح ويأخذ موقف حاسم ضد نظام سوريا. وكنت قد تناولت هذا الموضوع في أكثر من مقال للدور الذي يمكن أن تلعبه الأردن في مساعدة الشعب السوري المنكوب. وكما أوضحت موقف العاهل الأردني في مقابلته التلفزيونية الهامة مع الاعلامي الأميركي تشارلز روز بمقال عنوانه: العاهل الأردني: بشار الأسد لم يتعلم من تجربة القذافي وسيقود سوريا للهاوية – بتاريخ 14 أغسطس آب 2012. وكتبت بتاريخ 10 ابريل 2012 أنه يتعين على الأردن الوقوف مع الشعب السوري ضد نظام المجازر
 
ويعلن ذلك رسميا. وقلت ان الاستمرار في الحياد الحذر ليس من مصلحة الأردن.
 
الأردن كأكبر مستقبل للاجئين السوريين تقع على عاتقه اعباء فوق طاقته ويتعين على الدول العربية المقتدرة ان تتحمل مسؤولياتها بتقديم الدعم الكافي. استمرار الوضع الحالي يهدد الاستقرار والأمن ويشكل عبء اقتصادي لا يمكن تحمله.
 
لا يزال الأردن يتعرض للتهديدات السورية المباشرة والمبطنة والمؤسف ان موقف الأردن الحذر سوف لا يحميه من تداعيات الفوضى اذا تحولت سوريا الى دولة فاشلة تحكمها عصابات مسلحة غير منضبطة.
 
بشار الأسد نفسه كان قد هدد عندما بدأت الأزمة في سوريا قبل عامين بأن الفوضى التي «ستدب» في بلده سوف تعم المنطقة كلها، وأن العنف الذي يعصف بهذا البلد سوف ينتقل إلى دول الجوار مثل لبنان والأردن وتركيا.
 
الأرقام التي يتم تداولها الآن تقول ان عدد القتلى ازداد عن مائة الف قتيل والحبل على الجرار.
 
لا يستطيع الأردن الاستمرار في دور المتفرج المحايد بينما يتعرض الشعب السوري لمذابح منهجية من قبل نظام غير اخلاقي لا يأبه للانسان بل يعتمد شعارات الكذب والدجل ليخدع البسطاء والساذجين وما أكثرهم وخير مثال على هؤلاء المجموعة التي زارت دمشق لتقديم الولاء والطاعة لقائد الأمة واهدائه عباءة لا يستحقها.

التهديدات السورية لا تخيف الأردن:
 
العلاقة الأردنية السورية لم تكن ممتازة فالتآمر السوري ضد الأردن موثق ومعروف ويعود لعقود من الزمان. تهديدات سوريا للأردن لم تتوقف وليست جديدة ورغم النفي والتنصل. كلنا نتذكر أن آصف شوكت رئيس الأركان السوري للشؤون الاستخباراتية وجه تهديدا في اكتوبر تشرين اول 2011 بتوجيه ضربة عسكرية للأردن قبل أن
 
قضى في عملية تفجيرية استهدفت مبنى الأمن القومي في دمشق يوم 18 تموز 2012.
 
وفي اواسط مارس آذار 2012 وأمام الموفد الدولي كوفي عنان هدد بشار الأسد الأردن والسعودية.
 
رغم انه لا قيمة استراتيجية لهذه التهديدات الا انها تشير الى عداء وحقد دفين ضد الأردن وضد السعودية وقطر وكل هذا يأتي من نظام عاجز ومتواطيء ازاء احتلال الجولان حيث لم يطلق نظام دمشق البعثي رصاصة واحدة منذ اوائل السبعينات واعتدنا على سماع النغمة المملة التي تأتي بعد كل انتهاك اسرائيلي لسوريا “سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسب” ويعني ذلك اطمئني يا اسرائيل لا نستطيع ان نفعل شيئا.
 
النظام السوري يهدد ويتوعد ويجب أخذ هذه التهديدات على محمل الجد. منذ الثمانينات حاول نظام عصابات دمشق العبث بالأردن كما فعل في لبنان ولكنه فشل وأشرت في مقالات لدور السفير السوري في الأردن المشبوه وأكرر طلبي بطرده واغلاق السفارة السورية التي هي في الواقع وكر التأمر وتسهيل دخول عناصر تخريبية بجوازات سفر مزورة. السفير بهجت سليمان حول السفارة الى مركز للتجسس وغرفة عمليات لأعمال التخريب وزعزعة الاستقرار في الأردن. الأردن لن يكون لقمة سائغة في حلق بشار الأسد والأردن ليس لبنان وسيحبط الأردن أي محاولات او مغامرات عسكرية. الأردن مجتمع متماسك خلف قيادة هاشمية حكيمة وواعية وصلبة وأجهزة أمنية يقظة وجيش محترف قادر على مواجهة وهزيمة جيش مجند اجباريا يتشاطر على المدنيين وعلى اللبنانيين ومخيمات الفلسطينيين ولا يجرؤ على اطلاق رصاصة واحدة تجاه الجولان المحتل. غالبية الشعب الأردني يدين نظام دمشق بدون تحفظ والاستثناء هو حفنة من اليساريين القومجيين والاعتذاريين والمبررين لمجازر النظام. هذه فئة قليلة منافقة فقدت مصداقيتها حيث تطالب بالاصلاح والتغيير في الأردن ولكنها تحرّمه على الشعب
 
السوري. لا يوجد انقسام طائفي وولاءات لدمشق وطهران واذا وجدت فهي محدودة جدا وفي صفوف بعض الاغبياء الذين ابتلعوا اكذوبة الممانعة التي لا تمانع والمقاومة التي لا تقاوم. التهديدات السورية لا تخيف الأردن ويستطيع الأردن رد الصاع بصاعين فالجيش الأردني جيش مهني محترف ومدرب تدريبا عاليا وليس جيشا طائفيا وليس مجندا اجباريا مثل الجيش السوري الذي يستعرض بطولاته وعنترياته فقط ضد الاطفال والنساء والمتظاهرين. وبعكس سوريا، الأردن بلد يحترم المواطن ولا يقتل المتظاهرين ورغم حجمه الصغير وموارده المحدودة الا انه يتمتع بقوة عسكرية فاعلة قادرة على صد اي مغامرة سورية كما حدث في ايلول عام.1970

التخلي عن سياسة الحياد:
 
ولكن على الأردن التخلي عن سياسة الحذر المفرط والحياد السلبي وان يعلن للمللأ وقوفه الى جانب الشعب السوري. فقد طفح الكيل والمراهنة على حصان بشار الأسد الخاسر سيأتي بالمزيد من المآسي للشعب السوري. هذا النظام الاجرامي فقد الشرعية في عيون شعبه وفي عيون العالم ولا يخفى على أحد باستثناء روسيا وايران ان نظام دمشق يلعب دور المخرب والبلطجي في المنطقة. من لا يصدق هذا الكلام عليه ان يسأل اللبنانيين والفلسطينيين. وسقوط النظام بات أمرا مفروغا منه ولم يعد مسألة هل سيسقط بل متى سيسقط؟ سوريا ليست دولة صديقة بل دولة عصابات لا يمكن الائتمان لها او الثقة بها وهذا ينطبق على كل حلفاءها واتباعها وكل من له ارتباطات مع هذا النظام.
 
الحل السياسي وهم وسراب:
 
الحل السياسي من وجهة نظر النظام السوري هو استمرارية النظام وبقائه والتغطية على جرائمه.
 
المروجون للحل السياسي روسيا وايران هم الخاسرون اذا سقط النظام. بقاء النظام يشكل خطرا على أمن واستقرار الأردن.
 
في هذه اللحظات التاريخية الهامة على الأردن ان يقف مع الشعب السوري ضد الدكتاتورية بدون تحفظ وتردد. أمن الأردن ومصلحة الأردن تستدعيا التدخل في الأزمة لاسقاط النظام. البديل سيكون أكثر تكلفة واكثر خطر على الأردن.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق