هدف حزب الله من امتلاك هذه القدرات، إضافة الى الخطط الموضوعة لمواجهة الاجتياح البري، واضح جداً: «منع إسرائيل من التفكير بشن حرب على لبنان». أما إذا اندلعت الحرب، فلديه القدرة على نزع رغبة إسرائيل من مواصلتها، ربطاً بالأضرار القادرة على إلحاقها بالجبهة الداخلية الإسرائيلية.
مع ذلك، يضيف التقرير إن حزب الله يدرك أن تحقيق هذه المعادلة، وبشكل كامل وتام، يتطلب منه تأمين مزيد من المكونات الاستراتيجية، إضافة الى ما لديه من قدرات، ومن بينها مخزون كبير من أسلحة الدفاع الجوي، وقدرات إضافية متطورة مضادة للسفن الحربية، الأمر الذي يفسّر تكثيف جهوده أخيراً للتزود بصواريخ دفاع جوي متطورة من سوريا، كما يفسّر تغاضيه عن استهداف بطارية صواريخ الاس 17 بالقرب من دمشق قبل فترة. وإلى ذلك، هناك تساؤل حول رغبة الحزب بامتلاك أسلحة كيميائية، رغم أن سلاحاً كهذا سيورطه من ناحية سياسية، سواء في الداخل اللبناني، أو في المنطقة وفي العالم.
ويضيف التقرير: إن للمعادلة أيضاً وجهاً آخر. إذ يدرك حزب الله أن إسرائيل تريد في أي حرب مقبلة أن تغيّر ما جرى كيّه في الوعي عام 2006، وأن تنهي المواجهة العسكرية بطريقة يتضح فيها للجميع من انتصر ومن هزم. من هنا تأتي التصريحات والمواقف الإسرائيلية العلنية، لإفهام (الطرف الآخر) بأن الجيش الإسرائيلي كله يتدرب كي يكون مستعداً وجاهزاً لخوض حرب كهذه. ومن هنا، بحسب التقرير، يأتي حرص حزب الله على التهدئة في الحدود، كما يفسر تغاضيه عن استهداف قدراته العسكرية، مثل صواريخ أرض جو (في سوريا)، وأيضاً التغاضي عن اغتيال قائده العسكري، عماد مغنية، وتوجيه جهود الرد على اغتياله باتجاه الخارج، مع «بصمات منخفضة»، خشية الانجرار الى حرب مع إسرائيل. إلا أن التقرير لا يسند «لجم» حزب الله، الى الردع الإسرائيلي وحسب، بل يرى أن العامل الأساسي في لجمه يعود الى الوضع في سوريا. ويشير التقرير الى أن خشية حزب الله على النظام السوري، وهو الجهة الأساسية التي تزوده بالسلاح، يدفع الحزب إلى تغيير أسلوبه وتصرفاته وتفكيره، باتجاه مساعدة (الرئيس السوري بشار) الأسد، الى درجة الانجرار في أتون الحرب السورية. مع ذلك، يشكك التقرير بقدرة المساعدة التي يتلقاها الأسد من حزب الله، وبأن تكون كافية لإنقاذه ونظامه، ويرجح أن اليوم الذي يلي سقوط النظام، سيشهد انضمام الأسد وداعميه في سوريا الى حزب الله، وإنشاء دولة مشتركة تمتد الى لبنان وتشمل الساحل السوري، وتكون برعاية إيرانية شيعية علوية. وبحسب التقرير، فإن هذا السيناريو يقلق جداً الأقليات الأخرى في لبنان، وهو عامل إقلاق أيضاً لحزب الله، الذي يقدم نفسه على أنه كيان لبناني سياسي يدافع عن هذا البلد.
من ضمن السيناريوات الممكنة، بحسب التقرير، دولة واحدة في نظام سنّي، ديني أو علماني؛ تفكك وتشعب سوريا الى دول أو دويلات، علوية على الساحل، درزية في الجبل، وسنية في باقي المناطق؛ ويمكن الافتراض بقيام نظام حديدي جديد؛ كما يمكن الافتراض بأن الحرب الأهلية ستتواصل ما بعد الأسد، مع عنف بمستويات مختلفة؛ لكن الأهم من كل ذلك أن أي سيناريو يمكن تخيّله، بالإمكان أن يتحقق في سوريا. أما من ناحية إسرائيل فلا يمكنها أن تقدّر مسبقاً من سيتزعم هذه الأنظمة وهذه الدويلات، وأي منها سيكون صديقاً أو عدواً.
قسم من الإرهاب في هذه المنطقة يتحرك قادماً من قطاع غزة (فلسطيني)، وقسم آخر من سيناء نفسها (البدو)، وفي الآونة الأخيرة، وصلت الى شبه الجزيرة أعداد من «اللاجئين» الإسلاميين، من خريجي الحرب في العراق وأفغانستان، ويمتلكون خبرة قتالية غنية. ويحذر التقرير من تلاقي هذه العناصر والوسائل القتالية غير المحدودة الموجودة في سيناء، الأمر الذي يعني أن الحدود لن تبقى هادئة. مع ذلك، يؤكد التقرير أن الجهد الأساسي المبذول إسرائيلياً لا يتعلق فقط بمنع الإرهاب من سيناء، بل في الطرق والأساليب التي تمنع الإرهاب، وفي الوقت نفسه عدم الإضرار بالسلام مع مصر. من هنا، يرى التقرير أن الدور الأساسي يبقى للاستخبارات والمعلومات الاستخبارية و«التشويش» على الأعمال العدائية، كما أن التعاون مع مصر هام جداً، هذا إن أرادت ذلك، مع الكثير من الأمل والحظ. ولجهة قطاع غزة، ينوّه التقرير بالإنجاز الإسرائيلي الذي تحقق في أعقاب عملية «عمود السحاب» في العام الماضي، وتحديداً الاتفاق المبرم مع مصر والولايات المتحدة لمنع تهريب السلاح الى القطاع. ويرى أن الاتفاق كان ناجعاً، وأكثر بكثير مما جرى تقديره في إسرائيل، إذ إن المصريين يريدون بالفعل منع تحول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الى مواجهة إسرائيلية مصرية.
وبحسب التقرير، فإن الحوافز المصرية فاجأت حركة «حماس»، وبعدما انفصلت بشكل تام عن إيران، عادت إليها أخيراً، وها هي تطلب المساعدة من طهران، سواء بالمال أو السلاح. لكن، متى تندلع المواجهة مع غزة؟ يرى التقرير أن ذلك لن يقع في المدى المنظور، بل في أعقاب إنهاء حماس ملء مخازنها من الوسائل القتالية، التي جرى إفراغها في عملية عمود السحاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق