ويجمع الكل على أن الدور السعودي في المنطقة شهد مع بداية ما يسمى «الربيع العربي» سلسلة من التراجعات أدت الى إضعافه في معظم القضايا الساخنة. كما بدا واضحاً أن النظام السعودي يمر بحالة من «انعدام الوزن السياسي»، التي عللها البعض على أنها نتيجة طبيعية لتجاذب مراكز القوى في الداخل السعودي، وخصوصاً في المرحلة التي شهدت عودة رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأمير بندر بن سلطان. ضمن محطات هذه المرحلة بدا واضحاً أن الموقف السعودي المرتبك بدأ يميل باتجاه الموقف القطري الذي يصنفه الكثيرون اليوم ضمن إطار الرعونة السياسية.
اليوم، تقف السعودية أمام منعطف حقيقي قد يحدد شكل الواقع السعودي المقبل. بعض الإشارات تؤكد أن السعودية بدأت فعلياً بالتقاط هذه الرسائل، حيث جاءت بوادر تعبيراتها عبر المسارعة إلى احتواء المشهد اللبناني، وعدم السقوط في فخ فراغ السلطة. تشير بعض الأطراف المقربة من السعوديين إلى دور سعودي حقيقي هدف الى عدم إعطاء فرصة توسع الأزمة السورية إقليمياً على الساحة اللبنانية عبر عملية ملء فراغ سريع للسلطة في لبنان.
هذه القراءة تشير الى رغبة سعودية حقيقية في إعادة التموضع السياسي والعودة إلى لعب دور فعال على الأرض، استشعاراً بخطورة المرحلة المقبلة، وخطورة الثمن الذي قد تدفعه السعودية جراء حالة الارتهان والبرود السياسي.
واذا اتفقنا على أن التأثير السعودي في الواقع اللبناني الجديد هو نتيجة لرغبة حقيقية في الخروج من حالة البرود السلبي الى مرحلة «إعادة التموضع»، فإن هذه الحال لا يمكن أن تتوقف ضمن المناخ اللبناني فقط. فالواقع العراقي وحجم المساهمة السعودية في إعادة الهدوء الى الداخل العراقي يبقيان هما المعيار الحقيقي لتحديد حجم الالتفاف السعودي. أما جدية التغيير في الموقف السعودي فمن السهل الحكم عليها لاحقاً عبر التبعات التي ستظهر ضمن مناخات الأزمة السورية وانعكاساتها على سياسات المحور السعودي الجديد «المفترض»، والذي قد يشمل أيضاً الإمارات والأردن والكويت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق