ومع ذلك تسعى اسرائيل ان تخسر هي من سمعتها وامن سكانها وخزينتها مقابل ان يخسر الطرف الفلسطيني ، فالدعم المالي الامريكي موجود وبوفرة ، وليس غريبا ان تقوم واشنطن بتحصيل تكلفة الحرب على غزة من حسابات العرب واموالهم ولا اعتقد ان احدا يمكن ان يتفاجئ من هذا القول . والمهم عند اسرائيل ان يخسر الفلسطينيون وان يقع بهم الاذى الشديد وان يفكروا مرتين قبل ان يقدموا على مواجهة اسرائيل مرة اخرى .
وباعتراف قادة اسرائيل فانه لا رغبة لديهم بالعودة الى غزة ، وان عودتهم الى هناك تشبه تجرع السم اجباريا ، لكن من ناحية نظرية وعملية هم مستعدون لذلك لتحقيق اهداف اكبر واثقل سياسيا . فالحرب القائمة وباعتراف اعضاء لجنة الخارجية والامن هي حرب تكتيكية هدفها اعادة ترتيب الاتفاقيات السابقة لصالح اسرائيل ، وتحسين شروط وقف اطلاق النار بشكل يضمن لوكلاء الحرب ان ينتصروا في الانتخابات وينالوا رضى الجمهور الاسرائيلي اكثر واكثر .
الحرب القائمة تستهدف حماس والمقاومة بشكل مباشر لكنها تستهدف مصر بشكل اكبر ، فاسرائيل ترى ان الاتفاق مع مصر الجديدة باتفاق جديد هو الاهم على صعيدها الاستراتيجي ، وكذلك فعلت اذ جعلت الرئيس مرسي في امتحان مبكر لقياس مدى تجاوبه مع الاتفاقيات ومدى التزامه بقواعد اللعب المعروفة . وعلى لسان مسؤول اسرائيلي ان طواقم البيت الابيض شرعت في لوم الرئيس اوباما قائلة : وهل هذا هو الرئيس مرسي الذي دعمته واسقطت حسني مبارك من أجله ؟
اسرائيل لا تريد اجتياح قطاع غزة برا ، ولكنها تريد التفاعل مع المشهد العربي وايصال رسائل لحزب الله ولايران في اطار نفس التهدئة وبنفس المواصفات والظروف ، ان الجميع لديه اسلحة ولكن الجميع لا يرغب باستخدامها ، فحزب الله لا يريد حربا جديدة على لبنان وحماس لا تريد ان يسقط حكمها واسرائيل لا تريد ان تتورط بحرب تهين كرامتها وتجرح هيبتها .ما يجعلها حرب تحريكية ، واذ نقول تحريكية لا نقلل من قيمتها فهي حرب بكل معنى الكلمة لكن اهدافها السياسية مختلفة .
البداية كانت من عند نتانياهو في تل ابيب ... مرورا بكل الاطراف والقوى وتركيا والمانيا واوروبا واوباما والسلطة .. ولكن الكلمة النهائية ستكون من عند الرئيس مرسي في القاهرة . فهو الذي يقرر الان كل شئ وبأي شكل ستكون المرحلة القادمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق