أدى اغتيال الجنرال الإيراني حسن الشاطري (58 عاماً) خلال الشهر الماضي إلى حملة أمنية في إسرائيل، في الوقت الذي تستعد فيه طهران للثأر لمقتله.
يعتقد أن الشاطري، الذي حضرت المؤسسة الأمنية الإيرانية جنازته الرسمية، قد لقي مصرعه خلال غارة جوية إسرائيلية على قافلة عسكرية سورية، وفقاً لمصدر في الاستخبارات الغربية. وكانت القافلة متجهة من دمشق إلى لبنان وتحمل إمدادات ولوازم لحزب الله وحركة حماس الفلسطينية.
تعهد علي شيرازي، ممثل آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، لقوة القدس (وحدة النخبة في الحرس الثوري) بأن بلاده "سوف تنتقم من إسرائيل لمقتل أحد قادة قوة القدس في سوريا".
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن شيرازي قوله إن "أعداءنا يجب أن يعرفوا أننا سوف ننتقم وبسرعة...الإسرائيليون والأعداء لا يستطيعون أن يهددوا الشعب الإيراني بهذه الأفعال الغبية".
احترازات أمنية جدية
ويبدو أن إسرائيل تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، فصدرت الأوامر فوراً باتخاذ احتياطات أمنية إضافية في المؤسسات اليهودية في أنحاء العالم كافة. كما حصل كبار ضباط الجيش الإسرائيلي على قائمة بالبلدان التي يمنع عليهم زيارتها خوفاً من تعرّضهم للخطر أو الاغتيال.
وتم تعيين البعض الآخر حراسًا من قبل الشين بيت، خدمة الأمن الداخلي الإسرائيلي، ووضعت حماية إضافية لصغار ضباط الجيش الذين يسافرون إلى الخارج.
على الرغم من سلسلة العلماء النوويين الإيرانيين الذين لقوا حتفهم في ظروف غامضة، إلا أن طهران لم تنظر إلى وفاتهم كأعمال حرب، مع أنها تشتبه بقوة في أن الموساد، جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، كان وراء هذه الاغتيالات.
لكنّ الهجوم العسكري المباشر أمر مختلف، ففي شباط/فبراير 1992، وبعد هجوم جوي إسرائيلي في جنوب لبنان أدى إلى مقتل عباس الموسوي، أمين عام حزب الله في ذلك الوقت، قام عملاء إيرانيون بتفجير السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس، ما أسفر عن مقتل 29 شخصاً.
في تموز/ يوليو 1994 تم تفجير مركز يهودي في الأرجنتين، مما أسفر عن مقتل 87 شخصاً. وتوجّهت أصابع الاتهام أيضاً إلى عملاء إيرانيين.
تدخل مباشر
هجوم الشهر الماضي على قافلة في سوريا كان بمثابة مفاجأة في أوساط الدفاع، إذ إن إسرائيل كانت حريصة على تجنب التورط بشكل مباشر في الحرب الأهلية في سوريا، وتفضّل أن تقتل أعداءها خلسة بدلاً من الدخول في عمل عسكري مباشر يحمل في طياته خطر الانتقام.
"مرور قافلة أسلحة إلى لبنان ليس سبباً مقنعاً بما فيه الكفاية لإسرائيل لأن تعرّض طياريها للخطر من خلال الهجوم عبر منطقة دفاع جوي شديدة التحصين"، قال خبير مستقل في شؤون الدفاع الإسرائيلي لصحيفة "صنداي تايمز". وأضاف: "إذا كان هذا هو الهدف حقاً، لماذا لم يتم تتبع القافلة إلى لبنان، حيث لا توجد دفاعات جوية، وتدميرها هناك؟".
وقال مصدر في الاستخبارات الغربية على إطلاع على تفاصيل العملية الإسرائيلية إن "الشاطري كان هدفاً رئيساً منذ فترة طويلة".
ومنذ مقتل قائد العمليات العسكرية في حزب الله عماد مغنية في شباط/فبراير 2008 بانفجار سيارة ملغومة (في ما كان يعتقد على نطاق واسع أنها كانت مؤامرة من قبل الموساد)، قال المصدر إن "الشاطري اتخذ تدابير أمنية إضافية، لكن تم رصده في دمشق بعد 24 ساعة من وصوله من طهران".
ويعتقد المصدر أنه لم يكن أمام إسرائيل وقت للتخطيط لعملية "القتل والهرب" الكلاسيكية، فكان الخيار الوحيد هو استخدام القوة الجوية، لأنه - وفقاً للمعلومات التي حصل عليها المخبرون – كان الشاطري في طريقه إلى بيروت، ولم يكن بالإمكان تضييع الوقت.
دور مزدوج
كان الشاطري، الذي يعرف في لبنان باسم حسام خوش نويس، رئيس اللجنة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان. لكن بعد وفاته، تم الكشف عن أنه كان جنرالاً في الحرس الثوري.
"أهمية الشاطري تظهر بوضوح من خلال الشخصيات الكبيرة التي حضرت جنازته"، قال شمعون شابيرا، الرئيس السابق لمكتب إيران في المخابرات العسكرية الإسرائيلية.
ويعتقد أن الشاطري كان مسؤولاً عن إعادة بناء دفاعات حزب الله بعدما دمّرت إسرائيل الكثير من البنى التحتية العسكرية للحزب خلال حرب 2006 مع لبنان. لكن حاجة الإسرائيليين إلى قتله من دون تأخير تعود على الأرجح إلى دوره في نقل السلاح السوري إلى لبنان، وتحديداً حزب الله، لحمايته من الغارات الجوية الإسرائيلية.
"كان الشاطري رجلاً ذكياً، وقد سبب لنا الكثير من المتاعب"، قال مصدر إسرائيلي مطلع، مشيراً إلى أن "موته أدى إلى تأخير تسليم الأسلحة الاستراتيجية إلى حزب الله، لكن أشك في أن يوقفهم لفترة طويلة عن اقتناء السلاح من سوريا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق