الانفاق كانت تشكل صداعا امنيا دائما للحكومة المصرية يصعب عليها التعايش معه في ظل الضغوط الاسرائيلية والامريكية المكثفة، حتى ان الامن المصري، في زمن الرئيس السابق حسني مبارك لجأ الى زرع جدران حديدية لاغلاقها ومنع اعادة حفرها من جديد.
الفلسطينيون في قطاع غزة لجأوا الى حفر هذه الانفاق لكسر الحصار الخانق الذي تفرضه اسرائيل، واستيراد احتياجاتهم الضرورية من السلع والوقود، حيث فرضت اسرائيل كميات محدودة جدا من المواد الغذائية على ابناء القطاع في حدود 2225 وحدة حرارية بالكاد تبقيهم على قيد الحياة.
لا نجادل بان هذه الانفاق تحولت الى تجارة مربحة لمعظم اصحابها، ومصدر دخل لسلطة حماس التي تحكم القطاع وتفرض ضرائب على السلع المستوردة من خلالها، ولكن في ظل غياب اي مداخيل اخرى، وارتفاع نسبة البطالة في اوساط الشباب الغزي، ظلت هذه الانفاق توفر فرص عمل، وبعض العوائد التي تحرك عجلة اقتصاد صدئة ومتآكلة.
الانفاق ظاهرة شاذة، وغير قانونية، املتها ظروف حصار استثنائية، واغلاق محكم لكل المعابر في معظم الاوقات، وتجارة رابحة لمجموعة من الفلسطينيين والمصريين على جانبي الحدود، واغلاقها في الوقت الراهن، وبمثل هذه الطريقة البشعة، ودون توفير البدائل وازالة الاسباب التي املتها، وحتمت وجودها على مدى السنوات العشر الماضية على الاقل، سيكون قرارا مجحفا، خاصة انه يأتي بعد نجاح الثورة المصرية، ووصول حركة الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر الكنانة.
نحن مع الحفاظ على الامن المصري ليس في منطقة سيناء، وانما في كل بقعة من ارض مصر، واذا كانت الحكومة المصرية لجأت الى خطوة اغلاق الانفاق بعد جريمة الهجوم على رجال الامن المصريين في شهر رمضان الماضي واستشهاد 18 منهم، فان ابناء قطاع غزة يجب ان لا يدفعوا ثمن هذه الجريمة خاصة ان التحقيقات لم تكشف تورط بعضهم فيها.
لا نريد لحكومة الرئيس مرسي الاسلامية ان ترضخ للضغوط الاسرائيلية، وان تنفذ املاءاتها في اغلاق الانفاق، خاصة ان اسرائيل اعربت اكثر من مرة عن رضاها على الجهود الامنية المصرية المبذولة في مصادرة اطنان من الاسلحة والمتفجرات كانت في طريقها الى قطاع غزة.
حكومة الرئيس حسني مبارك، ورغم مواقفها العدائية لقطاع غزة وحركة المقاومة فيها، لم تذهب الى ما ذهبت اليه الحكومة الحالية في استخدام مياه الصرف الصحي لاغلاق الانفاق كليا.
لا مانع من اغلاق الانفاق في حالة السماح لابناء القطاع في استيراد جميع احتياجاتهم عبر معبر رفح، وفوق الارض، اسوة بكل البشر، لكن ان يتم الاغلاق ودون خلق البدائل الطبيعية والمشروعة فان هذا امر يستعصي على الفهم، فهمنا نحن على الاقل.
نستغرب صمت حكومة حماس على مثل هذه الخطوات من الحكومة المصرية، وهي التي كانت تملأ الدنيا صراخا كلما اقترب نظام الرئيس مبارك من الانفاق في محاولة لاغلاقها خاصة ان الضرر من هذه الخطوة، اي الاغلاق، سيصيبها وبعض المحسوبين عليها من رجال اعمال وملاك، اكثر من غيرها بكثير، وممنّ؟ من اقرب حلفائها وداعميها او هكذا نعتقد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق