الخميس، 15 نوفمبر 2012

كيف ستردّ «القسّام» على اغتيال قائدها؟

عقب عملية الاغتيال، تأنّت كتائب عز الدين القسام، في ردّها على اغتيال قائدها العسكري، لكن مع منتصف الليل، حسمت خيارها وقرّرت أن تصعّد، فأسقطت صواريخها في تل أبيب، وفق ما أعلنت، ما يفتح الأبواب أمام تصعيد العمليات الحربية، لأن ذلك سيستدرج ردّاً اسرائيلياً



أحمد الضبة

غزة
اغتالت دولة الاحتلال، عصر أمس، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أحمد الجعبري. وبهذا الاغتيال تكون قد بدأت فعلياً بتنفيذ تهديداتها التي أطلقتها خلال الأيام الماضية بشنّ حملة اغتيالات في صفوف قادة فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وبدء عملية عسكرية زعمت أنها تهدف الى وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه أهداف إسرائيلية. لكن السؤال، الذي تبادر الى الأذهان عقب العملية هو كيف سيكون ردّ كتائب القسام على اغتيال زعيمها؟



عقب الاغتيال، أصدرت كتائب القسام بياناً مقتضباً قالت فيه إن الردّ على جريمة الاغتيال سيكون موجعاً وغير مسبوق. وبعدها أطلقت عشرات الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، طالت تحديداً مدينة بئر السبع والنقب الغربي، وفق ما أعلنت في بيان، وبئر السبع والنقب الغربي هما مناطق عادة ما تستهدفها صواريخ القسام. لكن مع منتصف الليل، أصابت صواريخها المحلية الصنع تل أبيب وأسدود. على الأقل هذا ما أعلنته، ونفته دولة الاحتلال.

وخلال الأيام القليلة الماضية التي شهدت تصعيداً بين فصائل المقاومة وبين جيش الاحتلال الاسرائيلي، لم تطلق الكتائب رصاصة واحدة باتجاه قوات الاحتلال، وكل ما قامت به كان أخذ موقف المراقب الحذر، بينما كانت القيادة السياسية لحركة «حماس» تسعى الى التوصل لتهدئة في القطاع.

مع ذلك، كانت الضربة الاسرائيلية موجهة مباشرة الى قلبها، ومستهدفةً قائدها العسكري، إضافة الى عدد من مواقعها وكوادرها في غزة، لذلك باتت الأضواء مسلطة عليها، وجرى حشرها في موقع الردّ الحاسم الذي لا مفرّ منه. لكن من الواضح أن تأنّي «القسام» في ضرب تل أبيب، كان لأنّها أردات أن تدرس الموقف بحكمة حتى تخرج من المواجهة بأقل الخسائر الممكنة، ولا سيما أنه معروف عن الكتائب حنكتها العسكرية وهي معتادة خوض معارك طويلة الأمد مع اسرائيل، ولهذا لم يأت الرد مباشر، بل جاء ريثما يتم ترتيب صفوف الكتائب ووضع الخطط اللازمة لإدارة المعركة بنجاح.

إضافة الى ذلك، هي لا تريد أن تردّ في الوقت الذي تظهر فيه إسرائيل شراسة كبيرة تجاه كل من يحاول الردّ السريع على اغتيال الجعبري، لأن ذلك قد يزيد الطين بلة ويعود بخسارة أكبر على مقاتلي القسام، إذا ما حاولوا قصف المدن الاسرائيلية القريبة من غزة.

ورغم تصعيد الضربات العسكرية، فان بعض المراقبين شكّك في أن تخاطر كتائب القسام بحرب موسعة، لذلك قد ترجع خطوة الى الوراء في ردّها التصعيدي، لأنها ستخسر كثيراً مما أنجزته خلال الأربع سنوات الأخيرة، التي تلت حرب الرصاص المصهور المنتهية في كانون الثاني 2009.

فالقسام هي من يحكم غزّة فعلياً، والإقدام بتهور على خوض معركة مفتوحة مع إسرائيل يفقدها العديد من إنجازاتها، وقد يؤدي في النهاية الى فقدانها الحكم في غزة إذا ما أصرّت دولة الاحتلال على كبح جماع المقاومة وفصائلها.

ويقول المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، لـ«الأخبار» إن «رد كتائب القسام سيزيد الأمور سوءاً»، موضحاً أنّ «كتائب القسام ستفكر ملياً قبل أخذ قرار بالرد». ويضيف أن «الكرة الآن في ملعب «حماس»، لأنه بالرغم من تصريحات قادة جيش الاحتلال الاسرائيلي بأن اغتيال الجعبري ما هو إلا بداية عملية واسعة في غزّة، إلا أن إسرائيل، على ما يبدو، قد اكتفت بما قامت به اليوم (أمس)؛ فإذا ما قررت الكتائب الردّ، فإن الفعل وردّ الفعل سيستمران، وقد يؤدي الاشتباك الى حرب واسعة على غرار عملية الرصاص المصهور».

من جهة ثانية، يؤكّد أبو سعدة أن «كتائب القسام قادرة على إلحاق ضرر كبير بإسرائيل إذا ما قصفت المدن الاسرائيلية، لكونها تمتلك ترسانة صاروخية كبيرة تقدر بمئات صواريخ «غراد» الروسية الصنع، والتي يمكنها أن تضرب مدن مزدحمة لأول مرة، مثل تل أبيب». ويشير الى أن «حماس الآن هي من يدفع ثمن أعمال الفصائل الاخرى. فهي ملتزمة بالتهدئة المصرية منذ أن تم إبرامها في 2009، ولكنها الآن تتحمل ما قامت به باقي فصائل المقاومة، لكونها المسؤول الأول عن قطاع غزة».

ويوضح أن «حماس» «خلال الايام القليلة الماضية كانت تسعى للتوصل لتهدئة مع اسرائيل، بالاضافة الى محاولاتها لإقناع باقي الفصائل بوقف إطلاق النار، إلا أن تلك الفصائل لم تأبه بتلك المحاولات الى أن جاء الرد الاسرائيلي». ويقول إن «الردّ الاسرائيلي لم يكن فقط مجرد رسالة هدفها الأساسي أمن إسرائيل، بل إنه كان يحمل في طياته أهدافاً سياسية أخرى»، مشيراً في الوقت نفسه الى أن مثل هذا الهجوم يعتبر ورقة رابحة لبنيامين نتنياهو في حملته الانتخابية المقبلة في اسرائيل.

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى ابراهيم، أن الجناح العسكري لـ«حماس» والقيادة السياسية يدرسان الموقف عن كثب، وهما على ما يبدو متفقان على ضرورة الرد على اسرائيل، ولكن ما يُدرس الآن هو طبيعة الردّ وحجمه.

وبحسب إبراهيم، فإن الجناح العسكري والمكتب السياسي لحركة المقاومة يتفقان على أن يكون الرد غير كبير كي لا ينجر قطاع غزة نحو مزيد من العنف بفعل ردود الفعل القوية التي ستقوم بها اسرائيل. ويستبعد إمكانية وجود خلاف أو تباين بين القيادتين العسكرية والسياسية للحركة، وخصوصاً أن الجعبري كان قائداً عسكرياً لكونه أيضاً عضواً في المكتب السياسي لـ«حماس».



الاخبار اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق