الخميس، 15 نوفمبر 2012

تطورات الاحداث في الاردن :حكومة النسور تستنجد بالإسلاميين لتهدئة الأردنيين

-حكومة النسور تستنجد بالإسلاميين لتهدئة الأردنيين

ـ اجماع على تشكيل حكومة انقاذ وطني تنجز اصلاحات تعمدت بالدم

تفاقمت الحالة الأمنية، واحتمالات ازدياد مآلاتها خطورة في الأردن، بعد أن سفكت الدماء بدءا من الليلة قبل الماضية، حيث قتل الناشط الشاب قيس العمري (22 عاما)، اثناء احتجاجات مسلحة ضد رفع الحكومة للأسعار.

ويرفض ذوي العمري استلام جثته قبل معرفة إسم العسكري الذي أطلق النار عليه وقتله، وهي عادة عشائرية قي الأردن يتم اللجوء إليها في معرض التهديد بالتصعيد.

وكان الشاب العمري قتل اثناء هجوم شنه مسلحون على مركز أمني في اربد، أصيب فيه اربعة مواطنين من المهاجمين المفترضين، فيما أصيب 12 من رجال الأمن.

ومن بين المصابين كذلك الشاب رزق العمري، واصابته خطيرة، وهو يرقد في قسم العناية المركزة في أحد مشافي الشمال.

وبلغى الأمر حد خروج المئات من أبناء البادية الجنوبية في منطقة القويرة ولواء الشوبك ووادي موسى في مسيرات حاشدة، مطالبين الحكومة بمحاربة الفساد وإعادة الأموال المنهوبة بدل سياسة الإفقار، فيما هتف البعض بهتافات تجاوزت كل الخطوط الحمر، بعد أن كانت هذه المناطق مغلقة على الموالين للنظام.

وفيما تتواصل عمليات الكر والفر بين مجاميع الشباب الثائرين ورجال الأمن العام والدرك، والهجمات على المراكز الحكومية بما في ذلك المحاكم ومقرات المحافظات والشرطة والأمن العام، إلى جانب البنوك وتحطيم الممتلكات العامة والخاصة، في تعبير غير منضبط عن الرفض والإحتجاج، صدر عن مجلس الأعيان بيان أعلن تأييد المجلس الذي يعينه الملك، بتنسيب من الحكومة، لقرار الحكومة رفع الأسعار..!

وعلل المجلس رفع الأسعار بأنها توقف تداعيات أزمة اقتصادية صعبة حسب ما جاء في البيان، الذي قال "إن خطورة المرحلة تتطلب من الجميع وقفةً مع الذات تفوت الفرصة على المتآمرين على الوطن، وعلى أولئك الذين لا يريدون للأردن الخير والاستقرار ويشككون بمنجزاته".

وإذ أكد المجلس "أن حرية التعبير وحق الاحتجاج أمورٌ كفلها الدستور، وحدد مسارها بأسلوب ديمقراطي سلمي، وبطريقة حضارية"، رفض "إطلاق الشتائم وتجاوز الخطوط الحمراء على رمزية الدولة ومصلحة الشعب والوطن والأمن والإستقرار، والمس بهيبة الدولة".. وذلك في إشارة إلى هتافات تجاوزت كل الخطوط الحمر، وطالت رأس الدولة.

وأهاب المجلس بالحكومة كذلك "أن تمضي بسرعة وجدية في الإجراءات الحازمة لوقف الهدر في الإنفاق وإشاعة النزاهة العامة، وتعزيز الثقة والتركيز بجدية متناهية على ملاحقة الفاسدين حيث لا أحد فوق المساءلة والمحاسبة".

وكان تقاعس الحكومة عن إتخاذ مثل هذه الخطوات قبل تقريرها رفع أسعار المشتقات النفطية لعب الدور الأساس في إثارة الشارع على النحو الخطير الذي شهده العالم عبر شاشات الفضائيات، وتجاوز ما حدث خلال هبة نيسان/ابريل 1989.



شعب الأردن ولع نار



وبلغ الأمر في العقبة، ميناء الأردن الوحيد، أن يهتف المتظاهرون بالتزامن مع هجمات بعضها مسلح على المراكز الأمنية في مختلف المحافظات "شعب الأردن ولع نار... يللي بترفع الأسعار".. وذلك إلى جانب شعارات أخرى من طراز "حرية حرية... مش مكارم ملكية"، "يا حرية وينك وينك... المخابرات بيني وبينك"، "يا نسور قل لسيدك... إحنا أحرار مش عبيدك".

وسمعت هتافات في محافظات متعددة مثل "ابن الاردن ما ينهان..ما بنخاف من الزعران.. بدنا نعيش بكرامه".. "لا للقبضة الأمنية"، "يا أردنا احنا جنودك.. احنا نارك واحنا برودك".. "وين الأمن والأمان شعب الأردن كله جوعان".. "ما في سكوت ما في سكوت لو حطونا بالتابوت".

الذين شاركوا في الهجمات، وأطلقوا هذه الشعارات كانوا من ابناء الشعب غير المؤطرين في أحزاب وقى سياسية، أو حراكات شعبية. ولوحظ أن الشعارات التي تصدر عن الحراكات الشعبية أكثر حدة من هتافات الحزبيين، وأن الهتافات التي تصدر عن غير المؤطرين أكثر حدة من شعارات الحراكيين.

وفي ضوء هذه الحقيقة، وبعد أن حذر الدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء عبر شاشة التلفزيون الرسمي الحركة الإسلامية ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها جبهة العمل الإسلامي من تحريض الناس على قرار رفع الأسعار، لم تجد حكومته من تطالبه بالعمل على ضبط الشارع غير الحركة الإسلامية ذاتها..!

الحكومة تستنجد بالإسلاميين



فقد طلب الدكتور عوض خليفات نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية الخميس أن يلتقي بوفد من الحركة الإسلامية، تمثل بـ الشيخ حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، وزكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، الذي بذلت الأجهزة الأننية على مدى سنوات جهودا استثنائية بهدف ابعاده عن أي مركز قيادي في الحركة الإسلامية، والمهندس علي أبو السكر رئيس مجلس الشورى لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذي سبق سجنه في قضية التعزية بأبي مصعب الزرقاوي سنة 2006، حيث طلب منهم الوزير إسهام الحركة الإسلامية في تهدئة الاوضاع.. معيدا إلى الأذهان التصريحات التي صدرت عن الملك حسين (رحمه الله) اثناء هبة نيسان/ابريل 1989، وانتفاضة الخبز سنة 1997 في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي، وأشاد فيها بعدم مشاركة الحركة الإسلامية في الإضطرابات في حينه.

خليفات عبر خلال اللقاء عن قلق الحكومة من رِدة الفعل الشعبية على قرار الحكومة، وطالب وفد الحركة الإسلامية بالإسهام في تهدئة الأوضاع، والحيلولة دون إلحاق الضرر بالمنشآت العامة والخاصة.

وأكد وفد الحركة الإسلامية بدوره أن الحكومة ارتكبت خطأ فادحاً بإقدامها على رفع الأسعار في بداية فصل الشتاء، وفي غياب التوافق الوطني، وفي ظل حالة احتقان شعبي بسبب إدارة الحكومة ظهرها للإصلاح، ولنصح الناصحين، الذين حذروا من اللجوء إلى رفع الأسعار، بينما أفلت المفسدون من العقاب، كما أكدوا أن التعبير السلمي بكل أشكاله حق مشروع كفله الدستور والقانون، وواجب تفرضه المصلحة الوطنية، وأن الحركة الإسلامية جزء من الشعب الأردني تتأثر بما يتأثر به، وتتحرك بحركته، وهي تؤكد على سلمية الحراك ورشد الخطاب، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.

وطالب الوفد الحكومة بالتراجع عن قرارها برفع الأسعار، وأن تتعامل بصورة حضارية مع المواطنين المحتجين على رفع الأسعار، والإفراج عن الموقوفين، ومحاسبة كل من يعتدي على حق المواطنين في التعبير.



النسور يشرح للأوروبيين



وفيما كان خليفات منشغلا باستقبال قادة الحركة الإسلامية، كان النسور يجتمع مع سفراء دول الإتحاد الأوروبي، يستعرض لهم الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها موازنة الدولة الأردنية.
وقال النسور خلال اللقاء الذي حضره وزير الخارجية الأردنية ناصر جودة، "إنه صارح الرأي العام الأردني بحقيقة هذه الأوضاع والإجراءات التي تم الإعلان عنها مساء أمس برفع أسعار المشتقات النفطية بهدف تخفيض عجز الموازنة ووضع الاقتصاد الأردني على الطريق الصحيح".

وأشار وفق بيان صحفي إلى أن ما فاقم من وضع الموازنة التي تعاني أصلا من عجز كبير وصل إلى حوالي 6 مليارات دينار منها ملياران ونصف المليار بسبب اعتماد توليد الكهرباء على السولار والزيت الثقيل نتيجة انقطاع الغاز المصري إضافة إلى دعم المشتقات النفطية.( الدينار الاردني يعادل 4ر1دولار امريكي ) ولفت إلى أن حزمة الإجراءات الاجتماعية ستحمي ذوي الدخل المحدود والمتدني أو ما نسبته نحو70%من المجتمع من آثار ارتفاع الأسعار. وأكد النسور أن الحكومة قامت بالعديد من الإجراءات لضبط الإنفاق الحكومي وترشيد الاستهلاك في العديد من المجالات ابتداء من حجم الحكومة التي تضم عشرين وزيرا فقط ودون تحميل الموازنة أعباء تقاعدية إضافية ودمج المؤسسات المستقلة وإلغاء عدد منها.

وشدد النسور، خلال اللقاء على العلاقات التاريخية التي تربط الأردن بدول الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات، معربا عن تقديره للدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي للأردن في الميادين الاقتصادية والسياسية والإجتماعية.
ولوحظ أن النسور تعهد أمام سفراء الإتحاد الأوروبي بأن تلتزم حكومته بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في الثالث والعشرين من يناير المقبل بكل شفافية ونزاهة.. لافتا إلى أن الحكومة لن يكون لها أي دور في هذه الانتخابات باستثناء تقديم الدعم الذي تحتاجه الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات صاحبة الولاية في إجرائها والإشراف عليها.



حكومة انقاذ تفتح بوابات الإصلاح
ولكن ما الذي تريده القوى الأردنية المنظمة..؟

المجلس الأعلى للإصلاح، المشكل من قيادتي جماعة الإخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي طالب الملك بالغاء رفع الأسعار وتشكيل حكومة انقاذ وطني "يتصدَّر أولوياتها حوار وطني جاد يُفضي إلى توافق وطني على إصلاح شامل وحقيقي".

ودعا المجلس المواطنين إلى مواصلة فعالياتهم، بما في ذلك المسيرات والإعتصامات، حتى تتم الاستجابة لمطالبهم "العادلة" بإلغاء القرار الذي "تسبب في إنتاج هذه الأزمة".

وحمل الجهات الرسمية "بكل مستوياتها" مسؤولية محاولة منع أو سلب المواطنين حريتهم في التعبير عن توجهاتهم ومواقفهم.

كما رفض المجلس محاولة رئيس الوزراء "الهروب من مواجهة الأزمة والقفز عن الحقائق بادعاء أن الحركة الإسلامية هي التي تجيش المواطنين وتدفعهم للخروج إلى الشارع"، مشيراً إلى أن "الشعب الأردني بكل مكوناته هو الذي يواجه السياسات الرسمية الفاشلة".

أما مجلس نقباء النقابات المهنية، التي يقود معظمها اسلاميين، فقد وجه رسالة للملك طالبه فيها بإلغاء قرار رفع الاسعار من باب النصيحة، حسب نص الرسالة.

وتابعت الرسالة "ندرك عميقاً خطورة ما يجري في وطننا الحبيب، وحيث أن النصيحة واجبة لولي الأمر، فإننا نأمل من جلالتكم وبعد أن وصلت الأمور إلى حدود لا يحمد عقباها باستخدام صلاحياتكم بإلغاء قرار رفع الأسعار فوراً، وإقالة الحكومة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، حتى لا يدفع الوطن ثمناً باهظاً، حيث اننا نؤمن أن ثمن الوطن اكبر بكثير من ثمن جرة الغاز".. التي رفع سعرها بموجب قرارات حكومة النسور بنسبة 55 بالمئة.

وطالب مجلس النقباء الملك في بيان صدر عنه بالغاء قرار رفع الاسعار واعتباره كانه لم يكن. وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

ودعا في ذات الوقت إلى تنظيم مسيرة مركزية يوم الإثنين المقبل، تخرج من مجمعات النقابات المهنية في المحافظات.

وأكد المجلس أنه في حال لم يلغ قرار رفع الأسعار فإن النقابات ستلجأ لاجراءات تصعيدية وانها منحازه إلى الشارع الاردني.

الكل مجمع إذا على تشكيل حكومة انقاذ وطني تتشكل من مختلف القوى الإصلاحية، وهذه الحكومة مطلوب منها كما يبدو اعادة فتح الدستور وقانون الإنتخابات من أجل أن يتم فرض اصلاحات جذرية حقيقية تنتج في نهاية المطاف حكومة الأغلبية البرلمانية التي ينتجها مجلس نواب غير مزور.
لسان حال الإصلاحيين الأردنيين في هذه اللحظة يلهج بشكر غلطة النسور التي فتحت الباب على مصاريعه أمام الإصلاح المطلوب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق