الثلاثاء، 30 يونيو 2009

إيران تخيف العرب بقوتها.. وضعفها....سامي كليب

ماذا لو صعد مواطنون عرب في دولة عربية وراحوا يهتفون من على السطوح «الله أكبر»؟ ماذا لو نزل الطلاب إلى الشوارع وتحدوا الرئيس أو الملك أو الأمير وطالبوا بسقوط أو موت «الدكتاتور»؟ ما الذي سيمنع ذلك بعد اليوم؟ لا شك أن النظام الإيراني ممثلاً بعلي خامنئي وأحمدي نجاد، قد أصيب بهزة كبيرة، وأنه سيكون من الصعب جداً، لا بل من المستحيل استعادة ما كان عليه من قدرة على الصمود داخلياً وخارجياً. ولكن إيران خرجت أقوى مما كانت عليه، أثبت هذا الشعب الحيوي أنه هو القدرة النووية الحقيقية بين شعوب المنطقة كافة، وأن قوته تكمن بذاته وليس ببرنامجه النووي. هذا هو «التمدد الشيعي» الذي يخيف الدول العربية المجاورة أو البعيدة، وليس أي تمدد آخر. وما حصل في شوارع طهران والمدن الإيرانية الأخرى، زرع بذوراً كثيرة في عقول المشاهدين العرب، وزرع أيضاً حيلاً كثيرة لتفادي المنع والقمع، أوليست وسائل الإنترنت و«يوتيوب» وصور الهواتف النقالة، كافية لنقل الواقع الى الــعالم بسرعة هائلة وسهولة كبيرة؟.
كانت إيران عبر تاريخها متأثرة قليلا ومؤثرة كثيراً بمحيطها العربي والإسلامي، وكان شاه إيران لا يتردد في القول لمسؤول عربي كبير كوزير النفط السعودي السابق احمد زكي اليماني «إني استطيع أن اجتاح دول الخليج جميعا بربع ساعة». ولكنها عرفت طيلة تاريخها الحديث أيضاً ان تمارس الدبلوماسية بإتقان كبير، أكان مع جوارها العربي او العالم. تعرف متى تتقدم وكيف تتراجع. والمثال النووي كاف للدلالة على ذلك. ربما هذا الاستعلاء يعود خصوصاً إلى عهد كان فيه الشاه أقرب المقربين إلى الولايات المتحدة. ويكفي ان نقرأ كتاب مذكرات وزير البلاط الايراني الراحل أسعد علم، لنفهم كيف كان الاميركيون والبريطانيون يعاملون إيران بحيث تقترح عليها لندن احتلال الجزر الإماراتية في مقابل ضمان بعض المصالح، أو يستقبل الرئيس الأميــركي ريتــشارد نيكسون شاه إيران لمدة سـاعة وربع الســاعة في خلال جنازة ايزنهاور «بينـما يستـقبل كل رؤساء العالم الآخرين لمدة خمس او 10 دقائق، وبيـنما الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة بقي المسكين ينتظر في الخارج»، وفق علم. كانت إيران آنذاك «شرطي الخليج»، فجاءت الثورة الاسلامية لتنذر بأهم من مجرد «شرطي»، فكلف الغرب بعض العرب وفي مقدمهم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بتقويض الثورة قبل نضجها. خرجت ايران أقوى، وتم تدمير النظام العراقي على أيدي من دعموه، وعادت ايران تقلق دول الخليج، وتحتل مكان العرب في دعم المقاومة ضد «عدوهم؟» التاريخي اسرائيل.
رفع عدد لا بأس به من قادة العرب الصوت عالياً، منذرين بـ«الخطر الايراني» او «التمدد الشيعي» او «الهجوم الفارسي» او «الاجتياح الصفوي»، ولكنهم ربما فوجئوا بأن الشعب الايراني ليس كشعوبهم، فهو تحرك لإسقاط الشاه وسقط، وتحرك لتنصيب آية الله الخميني، ونصبه، وها هو اليوم يتحرك لتغيير طبيعة النظام، وسيغيرها. لن يعود النظام الإيراني بعد التظاهرات الشعبية العارمة، كما كان قبلها، ولكنه قد يصبح أكثر تشدداً فلا يفيد القادة العرب بشيء، او يصبح أكثر ميلا للانفتاح على الغرب وأميركا، ولن يفيد العرب بالكثير، ففي الحالتين ستبقى ايران الدولة الأكثر قدرة على التأثير في المنطقة. طالما بقي العرب من دون استراتيجية حقيقية تميل صوب تعاون حقيقي مع ايران بدلا من التخويف منها، او بدلا من ان ينصبوا انفسهم بيادق للتخويف من الخطر الايراني لمصلحة اسرائيل او أميركا، فإن الخطر الوحيد الذي قد يواجهه بعضهم، هو ان يخرج الشعب يوما على السطوح، ليقلد الشعب الايراني، ويهتف عاليا: «الله أكبر».

السفير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق