الأحد، 28 يونيو 2009

بانتظار إقران أقول مشعل بالأفعال...شاكر الجوهري

26-6-2009

يصعب على غير الحاقدين، أن لا يعجبوا ويصفقوا من الأعماق للمواقف والسياسات التي عبر عنها خطاب خالد مشعل، وقد جعل مستمعيه من العرب والمسلمين، وفي المقدمة منهم الفلسطينيون أهل القضية، يستشعرون بواطن العزة والكرامة في وجدانهم، التي لطالما عمل محمود عباس على محوها من الذاكرة الجمعية الفلسطينية، عبر التشكيك بجدوى مقاومة الإحتلال، بل وتجريمها..!

إن هذه المواقف والسياسات يجب أن تفرض وحدة وطنية فلسطينية من طراز جديد، تضم كل المؤمنين بحق شعبهم في المقاومة والحرية والحياة، بمواجهة معسكر الأعداء الذي لا يقتصر فقط على اميركا واسرائيل وحلفاء اميركا واسرائيل من غير العرب والفلسطينيين..! وفي المقدمة من بين أطراف هذه الوحدة، توجد مقاعد تنتظر أن يجلس عليها شرفاء حركة "فتح"، وفي المقدمة منهم فاروق القدومي، أمين سر اللجنة المركزية للحركة.


المواقف والسياسات التي عبّر عنها مشعل لا تمثل فقط مواقف وسياسات حركة "حماس"، بل هي تمثل مواقف وسياسات كل شرفاء الشعب الفلسطيني، وقواه المقاومة.. وهذه المواقف والسياسات هي تحديدا ما يقف وراء الإنقلاب الذي نفذه عباس ضد نتائج العملية الديمقراطية الفلسطينية، ممثلة في نتائج الإنتخابات التشريعية الفلسطينية، كما ضد تاريخ وبرنامج وأهداف وثوابت حركة "فتح".


هذه الحقيقة يتوجب ترجمتها إلى أفعال، وبرامج عمل مشتركة بين كل شرفاء الشعب الفلسطيني.


وإذا كان مشعل يرفض حالة الإنتظار السلبي التي يمارسها عباس والنظام العربي في غالبيته، فإنه لأوجب أن يكف مشعل والقدومي عن ممارسة ذات حالة الإنتظار السلبي لعباس ومن لف لفه، عله ينصلح حاله.


ما ترفضان أن يواصله عباس في التعامل مع العدو الإسرائيلي، عليكما أن ترفضا ممارسته في التعامل مع عملاء الإحتلال الإسرائيلي..!


لقد تأخر الفعل السياسي لقوى المقاومة الفلسطينية أكثر مما يجب، وظل في حالة انتظار مرفوضة، يأتي خطاب مشعل الخميس ليشكل برنامج عمل وتحرك لها، يجب أن يضاف له ضرورة المبادرة إلى عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني مجددا، ليفعّل القرارات الآجلة التي اختمرت في ضمير اعضائه، فيقرر تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد، بواسطة الإنتخاب حيثما أمكن، وبالتوافق حيث لا يمكن، ويخرج الشعب الفلسطيني من حالة التوهان، التي يعاني منها بسبب التردد القاتل.


ضرورة الفرز لا تمليها الظروف فقط على حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، وشرفاء "فتح".. بل تمليها على وجه الخصوص على الجبهة الشعبية، التي لا يجوز أن تظل مواقفها معلقة بدفاتر حسابات ومخصصات وموازنات السلطة الفلسطينية..!
ونخصص الجبهة الشعبية بالإسم، وكذلك حزب الشعب الفلسطيني، ونستثني سواهما من فصائل منظمة التحرير التي لا تزال معلقة بالدفاتر المحاسبية للسلطة، أو ثبت انحرافها على نحو لا يدعو لأي تفاؤل بإمكانية إصلاح اوضاعها، ونخص بالذكر
الجبهة الديمقراطية، وتفرعاتها التي انقلبت على كل المواقف والشعارات، بل والأيديولوجيا التي كانت بررت بها انشقاقها عن الجبهة الشعبية في شباط/فبراير 1969.. وما ينطبق على الجبهة الشعبية، ينطبق بذات القدر، أو أكثر على تفرعاتها ممثلة في ياسر عبد ربه و (فدا).
لقد أثبت الزمن، كما بعض المواقف الصائبة والمرحب بها لحزب الشعب، أن اكذوبة اليسار الجديد لم تكن غير محض مؤامرة مبكرة على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
منظمة التحرير الفلسطينية مختطفة، كما هي حركة "فتح" مختطفة، كما هي الإرادة السياسية للجبهة الشعبية مختطفة. وهذه لحظة تاريخية ثانية مواتية لإتمام الفرز، وبلورته على قاعدة نضالية تتاح خلال ستة أشهر، يتوجب عدم التفريط بها كما تم التفريط بالفرصة الأولى ممثلة في الإصطفاف الخياني المشين الذي جمع سلطة عباس مع قوات العدوان الإسرائيلي على غزة.

إن استمرار رفع شعار الوحدة الوطنية بين المقاومة وأعداء المقاومة من عملاء المحتل الإسرائيلي، أمر غير مفهوم أو مبرر، خاصة بعد أن شرح مشعل حقيقة التناقض في البرامج والمواقف التي تمثلها في الساحة الفلسطينية.
هنالك من يريد مواصلة تقديم التنازلات، والخضوع للشروط والإملاءات الإسرائيلية، ونزع كل أوراق القوة من أيدي أبناء الشعب الفلسطيني، ويرفض الإستفادة، أو حتى التفكير في امكانية الإستفادة من أية فرص تتاح، وهنالك من يصر على أن يحدث التغيير في الموقفين الأميركي والإسرائيلي وليس في الموقف الفلسطيني.


لقد مثل العدوان الإسرائيلي على غزة المسنود من سلطة اوسلو، فرصة تاريخية مناسبة للفرز، تم تفويتها بمبررات من قبيل الحرص على الوحدة الوطنية في مواجهة العدو، وضرورة تهيئة مناخات مواتية من أجل إعادة إعمار القطاع المدمر، عبر عدم تقديم ذرائع للإبقاء على معبر رفح مغلقا في وجه مواد البناء والتعمير، وبأمل حقن الدم الفلسطيني من أن يسفك بالأيدي الفلسطينية.


فما الذي حدث..؟

تم تفويت الفرصة، ولم يتم استعادة الوحدة الوطنية بسبب الإختلاف على البرنامج السياسي لهذه الوحدة، وظلت كل المعابر مغلقة في وجه مواد البناء وإعادة الإعمار، وها هو الدم الفلسطيني يتواصل سفكه بأيدي أجهزة وميليشيات سلطة دايتون.

الفرصة الراهنة يتوجب عدم تفويتها..

وهي فرصة تفوق سابقتها جدوى وأهمية..

فإلى جانب كل الفعال المشينة التي ارتكبتها سلطة عباس ـ دايتون، فإنها قادت الشعب الفلسطيني إلى قناعة أكيدة في أنها هي المسؤولة عن عدم استعادة الوحدة الفلسطينية بسبب تخندقها في الخندق الأميركي ـ الإسرائيلي، ومواصلتها سفك دماء الشعب الفلسطيني، واعتقال واختطاف خيرة أبناء الشعب..

والأهم من كل هذا وذاك، هو:

أولا: عدم حصولها على أي شيئ من اسرائيل والراعي الأميركي للعدو الإسرائيلي.

ثانيا: استشعار الشعب الفلسطيني، والرأي العام العربي والإسلامي، حالة الضعف والعجز الأميركية التي فرضت اللغة الجديدة التي استخدمها اوباما في خطاب القاهرة، للتعبير عن ذات السياسات الإمبريالية القديمة.

لقد وظف مشعل حالة الضعف الأميركية من أجل فرض شروط فلسطينية على الولايات المتحدة الأميركية، معلنا انتهاء زمن إملاء الشروط الأميركية والإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، لكن هذه الخطوة يجب أن تتبعها الخطوة الأهم.. خطوة توحيد كل قوى المقاومة، على قاعدة برنامج سياسي واحد، وقاعدة تنظيمية مشتركة.

لا يكفي الصراخ صبح مساء بأن اللجنة التنفيذية، وكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت فاقدة للشرعية.

إلى جانب الصراخ، يجب العمل على إعادة بناء منظمة التحرير، على قاعدة برنامجها المقاوم، وكل الثوابت الوطنية الفلسطينية.

لقد استمدت منظمة التحرير شرعيتها من تأييد الشعب الفلسطيني، والمؤتمرات والمجالس الوطنية الفلسطينية، ومن ثم حصلت على اعتراف المجتمع الدولي، بما قرره الشعب الفلسطيني، وفعله المقاوم.

يقول مشعل بملء الفم، وهو مصيب، أن التحول الراهن في الموقف الأميركي، وإن كان يقتصر على استخدام اللغة، يعود للفعل المقاوم في فلسطين، ولبنان، والعراق، وأفغانستان.

ونحن نضيف مذكرين، أن اسرائيل واميركا ترفضان توقيع اتفاق تسوية سياسية مع عباس لأنه ضعيف لا يستطيع فرض الإتفاق على قوى المقاومة الفلسطينية، ولذلك تم تكليف الجنرال دايتون بنزع أسلحة المقاومة وتفكيك بنيتها التحتية.

وشعورا، بالإخفاق، جاء التغيير في لغة التعبير التي استخدمها اوباما..!

وهب أن دايتون يسير على طريق النجاح في تطبيق خطته في الضفة الغربية، فإن هناك حقيقتان اخريان لا تستطيع الإدارة الأميركية تجاهلهما، ويجب أن لا تغمض المقاومة الفلسطينية اعينها عنهما:

الحقيقة الأولى: اختلاف الوضع في غزة عنه في الضفة، حيث يد المقاومة هي العليا في القطاع.

الحقيقة الثانية: حجم الخسائر الأميركية في العراق وافغانستان، وحجم الخطر الداهم الذي يتهدد المصالح الأميركية في باكستان، وهو من أهم ما يقف وراء لغة اوباما الجديدة.

هاتان الحقيقتان تفرضان المسارعة إلى البدء في بناء جبهة مقاومة متحدة تضم المقاومات في فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان، ودولتا الممانعة في سوريا وإيران.

جبهة اقليمية متحدة لا يدخلها أي مندس مثل نايف حواتمة، الذي كان أول من طرح هذه الفكرة في ذروة حملته على حركة "حماس" بسبب علاقتها الوطيدة مع ايران.

مهمة هذه الجبهة رص الصفوف المقاومة على قاعدة برامجية واحدة، تخلو من المندسين الذين يبحثون عن المال، ولو عن طريق بيع اسرار هذه الجبهة لكل من يدفع..!!

مثل هذه الجبهة ـ فلسطينيا ـ يعوّل عليها أن تكون مركز استقطاب لكل شرفاء "فتح" الذين قد لا يتمكنوا من الإلتحاق بها بداية لأسباب معيشية نقدرها، ولكنها بالتأكيد هي الخندق الذي ستظل ترنوا إليه أبصار كل شرفاء الشعب الفلسطيني حتى ينضموا إليه، ويلتحقوا به.

أي تأجيل أو تأخير من قبل القدومي للإنضام الفعلي للصف الفلسطيني المقاوم غير مفهوم أو مبرر أو مقبول بعد الآن.

وكل تأجيل من قبل "حماس" للعمل مع شرفاء "فتح" على قاعدة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، هو أيضا غير مفهوم أو مبرر أو مقبول بعد الآن


مرة أخرى نحيي المواقف والسياسات التي عبر عنها خالد مشعل، وننتظر إقران الأقوال بالأفعال.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق