ولا بد لي من التنويه أنني لا أحبذ كتابة مقال بأكثر من جزء،ولكن لأن الشرح والتفاصيل كثيرة،ولأن العديد من الإخوة القرّاء نصحوني بعدم نشر مقالات طويلة تجنبا للإملال ،فقد قسمت المقال إلى أربعة أجزاء
كتلة فتح البرلمانية تشكل جسما يمكن أن ننظر إليه كممثل واضح الملامح للحركة التي لها من الأجسام والمؤسسات والمتحدثين والقادة والكوادر ما يتعب القلم في إحصائه ،وتعجز الكاميرات عن تصويره إلا بشق الأنفس،وقد كان عزام الأحمد حادّا وغاضبا وصاخبا حين رفض تبرير موافقة فتح على هذه الحكومة (حكومة فياض) باعتبارها «حكومة الرئيس» ،على اعتبار أن أبا مازن هو القائد العام لفتح؛الأحمد قال بأن للحركة مؤسسات وأطر حركية وقيادية هي التي تعبر عن الموقف الرسمي للحركة،وأن موقف الحركة لا يجوز اختزاله بموقف رئيس السلطة،والذي لم يسلم من انتقاداته هو الآخر.
والحال كذلك وفي ظل هذا الموقف الذي ظل سائدا حتى الساعات الأخيرة ،ورغم أن كثيرا من المحللين نظروا إليه كنوع من المناكفة ،وغضبا مفتعلا لأجل مصالح شخصية أكثر منها تنظيمية،وأن المسألة لها علاقة بانعكاسات الصراع وراء الكواليس بين أقطاب فتح بشأن المؤتمر العام السادس…رغم هذه التحليلات والآراء كان يمكننا القول بأن فتح أو جزءًا هاما منها ،له صفة رسمية كونه منتخبا وممثلا في المجلس التشريعي يعارض فياض ويرفض تشكيلة الحكومة الجديدة،وكان يمكن أن نتقبل وصف من شاركوا في هذه الحكومة من كوادر فتح بأنه تصرف شخصي وطمع فردي أو اجتهاد يرى بأن فتح يمثلها شخص واحد فقط هو محمود عباس ولا أحد سواه،نعم كان يمكن أن ننظر إلى «حاتم عبد القادر» و«سعيد أبو علي» وغيرهما من هذا المنظار،وكان يمكننا هضم الوصف «العزّامي» لهم بأنهم يقومون بدور «الكومبارس» ،وذلك حتى سقطت آخر قلاع فتح أمام سلام فياض مساء يوم الخميس 4/6/2009م.
عزام الأحمد ،قبل انهيار القلعة،كان معه ثلاث نقابات قادرة على شل عمل مؤسسات السلطة في الضفة الغربية؛وهي نقابة العاملين في الوظيفة العمومية،واتحاد المعلمين،ونقابة المهن الصحية،ووصل الحال بهذه النقابات الثلاث إلى نعت حكومة فياض الجديدة بـ«المولود المشوّه» ،و تشكل هذه النقابات مخلب القط والسيف الحاد بيد عزام الأحمد ،فمن المعروف أن «بسام زكارنة» رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية،تلك النقابة التي لم يسمع بها ولا به أحد قبل الحكومة العاشرة،هو «زلمة» عزام الأحمد والحارس الأمين على رؤاه ومواقفه،أما اتحاد المعلمين فرئيسه منذ سنوات طويلة لا أعرف عددها بالضبط ولكنها بالتأكيد بدأت بعد «السفر برلك» هو «جميل شحادة» عضو المجلس الثوري لفتح.
وكأن عزام الأحمد يقول لسلام فياض أنه بإمكاني تعطيل الدراسة،خاصة على أبواب امتحانات التوجيهي،وتعطيل كل مؤسسات السلطة مثل الصحة والداخلية والمحاكم وغيرها متى شئت ؛ولن يعدم النقابيون الفتحاويون الوسيلة والمبرر لتنفيذ إضرابات جزئية أو شاملة،وهذا آخر ما كان ينقص سلام فياض في هذا الظرف،عوضا عن أمور أخرى يمكن لعناصر من فتح القيام بها ،مثل تنفيذ اعتصامات قد تتطور إلى أعمال عنف ضد بعض المؤسسات أو الشخصيات!
المعادلة واضحة:فتح يمكنها إثارة القلاقل ،ولمنعها كانت قلاقل قلقيلية؛فقلقيلية كانت العصا السحرية التي أخمدت أي صوت معارض لفياض داخل فتح إلى أجل غير مسمى،بل ظهر الكل الفتحاوي في حالة اصطفاف مذهلة وراء فياض،ويمكننا القول بأن فياض قد انتصر على فتح قبل أن تبدأ المعركة المفترضة،أما على المستوى الفتحاوي الداخلي فقد أصبح القائد العام صاحب الكلمة الأولى والأخيرة على الأقل فيما يتعلق بإدارة السلطة من خلال فياض!
قلاقل قلقيلية التي منعت و«فرملت» أي قلاقل كان يمكن أن تقوم بها أطراف من فتح ،ودفعت «ربيحة ذياب» و«عيسى قراقع» للتخلي عن الاستنكاف والإسراع لأداء القسم،هي قلاقل لها خلفيات وتوابع كثيرة وأسباب متعددة ومتداخلة ،وقد يرى البعض أنه من المبالغة بمكان اختزال الموقف بهذه الطريقة؛وأنا هنا سآتي على ذكر بعض النتائج لهذه الأحداث التي ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد…ولكن أنا مصرّ على اعتبار هذه الأحداث بمثابة وسيلة تدجين لفتح بشكل نهائي ،بحيث تصبح فتح على الصورة التي نراها اليوم!(انتهى الجزء الأول…يتبع)
،،،،،،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور(أبو نصر الدين)
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
الأحد 14 جمادى الآخرة/1430هـ،7/6/2009م
بريد إلكتروني:-
sari_sammour@yahoo.com
s_sammour@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق