الأحد، 14 يونيو 2009

قلقيلية أخمدت قلاقل «فتح»-2- ....

قلقيلية أخمدت قلاقل «فتح»
((الهلع جعل فتح تقبل بما هو معروض عليها))
(4-2)
كتبه:سري سمور
البعبع الحمساوي…وهلع فتح
إن توقيت ومكان وتفاصيل الحدثين في مدينة قلقيلية الصغيرة الملاصقة لفلسطين المحتلة عام 48 ،والمحاصرة بالجدار العنصري ،والمستباحة بشكل دائم من قوات الاحتلال،وأيضا المدينة التي خرج منها استشهاديون أبطال أذاقوا العدو كؤوس الموت الزؤام منهم «صالح نزال صوي» منفذ عملية ديزنكوف قبل حوالي 15 عاما،و«سعيد الحوتري» منفذ عملية الدولفيناريوم عام 2001 ،والتي صادفت ذكراها قبل أيام،ويا لها من مصادفة،ولأن حماس هي البعبع ؛كان لا بد من إحداث هلع داخل فتح يوحّدها ضد هذا البعبع الذي انشغلت عنه قليلا ،فكان لا بد من إعادة حالة الهلع إلى سابق عهدها بل رفع حالة الخوف لدرجة لم يسبق لها مثيل.
كما نعلم أن أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية اعتقلت الكثيرين،ومنهم من كان له نشاط في الجناح العسكري لحركة حماس(كتائب القسام) ،رغم أن هؤلاء عادة ما يتولى الاحتلال أمر اعتقالهم أو اغتيالهم كما حدث مع الشهيد «عبد المجيد دودين» قبل أحداث قلقيلية بأيام،فحملات الاحتلال يومية،ولكن لم تطورت الأمور إلى هذا الحد؟ولماذا في هذا التوقيت وفي هذا المكان ؟وهل الأمر أمني محض لا علاقة له بالسياسة؟
أسئلة قد تكون الإجابة عليها بأسئلة تخويفية،وبخطاب ترهيبي ألخصه بالنقاط التالية:-
1)بهذا يقولون لفتح:انظروا ها هي حماس قد استغلت معارضتكم لتنفذ مخططا «انقلابيا»،والحل بأن نكون يدا واحدة في مواجهة هذا المخطط.
2) الأحداث في الذكرى السنوية الثانية للاشتباكات التي اندلعت في قطاع غزة وانتهت بانهيار الأجهزة الأمنية هناك،وكأن الرسالة إيحاء أو صريحة من وراء الكواليس:انتبهوا فحماس في ذكرى «انقلابها الأول» في غزة تسعى لتنفيذ «الانقلاب الثاني» في الضفة الغربية ،فلننس الخلافات لأن هناك ما يتهدد مصيرنا جميعا.
3) الاحتلال بتأخيره دخول التعزيزات لقلقيلية بعث برسالته هو الآخر:ماذا لو منعتكم من الدخول؟وماذا لو كان هناك عشرات المسلحين من حماس؟وماذا لو اشتعلت مواجهات متزامنة في كل المدن،ومنعتكم من التحرك؟
4) لا يخلو الأمر من التذكير بطبيعة قلقيلية من قبل من هو معني ببث الهلع والخوف؛فهي المدينة التي فازت حماس بانتخاباتها البلدية فوزا ساحقا،وهي المدينة التي إضافة لوجود تأييد شعبي لحماس فيها،فإن فيها وجودا قويا لحزب التحرير الذي لا يتوانى عن مهاجمة السلطة ببياناته وخطابات نشطائه بلهجة شديدة وحادة،أي أن المدينة بيئة خصبة لمعارضة السلطة،وعليه يجب أن «تكونوا واعين وموحدين» لمواجهة التحديات.
هل نجحوا؟نعم كما يبدو،فحركة فتح لم يخرج منها أي صوت لا يعزف نفس اللحن،وذاب أي اختلاف مفترض بين فياض وبين فتح بكافة أطرها والمتحدثين باسمها ،وتوّج الأمر بإنهاء الاعتكاف أو الاستنكاف الذي انتهجته كتلة فتح البرلمانية،وأصبحت فتح كالخاتم بأصبع فياض،نظرا لوجود خطر يتهدد وجودها ،ويبشرها بمصير مرعب ،ولا يُستبعد أن الحدث تم في قلقيلية على جرعتين لإثبات نظرية «المخطط الانقلابي» وهو أمر يجعل كل فتح في حالة توجس وهلع يجعلها تقبل أي حصة في كعكة فياض…لأن الخطر كبير،كما أوحي لها!
وهل كانت فتح بعيدة عن فياض؟
لماذا أثير الجدل حول «حرمان» فتح من السلطة في ظل سلام فياض؟ففياض جاء بتكليف من قائد فتح،وبضغوط غربية أيام عرفات،ثم ما أوجه الحرمان التي دار لغط الكثيرين حولها ،إذا كانت الصورة كالتالي:-
- 90% من موظفي السلطة هم من فتح والتابعين لها.
- السواد الأعظم ممن يحملون درجة مدير (A) فأعلى من فتح،وجميع وكلاء الوزارات من فتح!
- جميع قادة أجهزة الأمن من فتح ،وكذلك الضباط ومسئولي المناطق،وبخصوص العناصر ،من يشتبه بتعاطفه مع تنظيم غير فتح يفصل فورا!
-جميع المحافظين ونواب المحافظين،ونواب نواب هؤلاء من فتح،ومعظم السفراء من فتح،خاصة في السفارات الهامة!
- التلفزيون والفضائية،رغم أن مسئولها الحالي ليس من فتح،إلا أنها تطرح وجهة نظر فتح فقط،وهي حكر عليها!
- التنظيم الوحيد الذي له حرية الحركة وإقامة الاحتفالات والفعاليات ،وبتمويل من السلطة هو فتح!
- أكثر الأموال والمساعدات التي تصل إلى فياض تجد طريقها إلى فتح،بمعنى أن فياض هو مدير مالي لفتح،وإن كان يتصرف بناء على خطط معينة،ولكن ما يهم فتح هو المال وهي تأخذه من فياض!
- جميع المؤسسات المحسوبة على حماس التي لم تغلق بشكل كامل جرى تسليمها لفتح،أو من تحدده فتح من الشخصيات،لدرجة أن بعض دور تحفيظ القرآن الكريم وضعوا عليها من هو غير متخصص…ولكنه من فتح!
فما الذي حُرمت منه فتح؟ولماذا كثرت التصريحات،وكتبت عشرات المقالات التي تقول بأن فتح أخرجت رغما عنها من غزة،وهي الآن تخرج من سلطة الضفة الغربية برضاها،أو بضغوط من هنا وهناك؟ولا ننسى أن فتح تشترط في حوارها مع حماس أن يكون فياض ممسكا بالملف المالي ،وأطراف من فتح ربما منهم أبو مازن نفسه يرون أن أي حكومة قادمة يجب أن يرأسها فياض،فلم وعلام بكاء فتح،ولطم الخدود،وشق الجيوب،على مجد تقول بأنه ضاع منها؟الجواب هو أن فتح لا تتصور نفسها أبدا خارج السيطرة على كل مقاليد السلطة من رأس الهرم حتى قاعدته،ولكن الزمان غير الزمان،وحتى الأمريكيون الذين تحرص فتح على إرضائهم،أو بتعبير أكثر دبلوماسية عدم إثارة غضبهم،حتى هؤلاء يرون أنه يجب أن ينتهي الاحتكار الفتحاوي للسلطة،طبعا لاعتبارات خاصة بهم،بل ربما يرون أن هذا لمصلحة فتح!
فتح أرادت أن يكون منها رئيس الوزراء ،وأن يكون سلام فياض وزيرا للمالية على مضض ،شريطة أن يصرف من المال المقدم من المانحين كما تريد فتح،لا كما يريد البنك الدولي،ولكثرة أقطاب فتح ،فإن فياض سيعجز عن إرضاء الجميع،فإذا أرضى الأقاليم،قد يغضب بعض أعضاء المجلس الثوري،وإذا رضي هؤلاء سيغضب عضو قوي في اللجنة المركزية وهكذا،لذا سيطر فياض على موقع رئاسة الوزراء،وأصر على الاحتفاظ بوزارة المالية،هذه المرة وفي المرة السابقة،واختار من فتح من يضمن أنه لن يلجأ إلى الشغب أو إثارة أي آلام في رأسه،فهو يدير المال كما يشاء،وفتح راضية عموما لأن هذا المال يصلها ولو كانت خزائنه بيد غيرها،ومن يمكن أن يثيروا القلاقل فقد داواهم بإعادة الفوبيا الحمساوية لهم!
وكان على فتح أن ترضى بمعادلة بدأت تدركها وهي أن آخر رئيس وزراء منها هو «أحمد قريع» اللهم إلا إذا حدثت تغيرات دراماتيكية في مرحلة لاحقة،وكان على فتح أن تستغني عن قيام كوادرها وقادة مناطقها ونوابها في المجلس التشريعي بإعداد قوائم للتوظيفات والترقيات والمساعدات المالية،فذاك عهد قد ولّى…ولأن فتح لم تستسغ مرحلة ما بعد القوائم والكشوفات التي يعدها كوادرها،وتململت وحتى شتمت وهددت،كان لا بد من استخدام الوسيلة التي تأتي بنجاح باهر وهي التخويف من حماس وخطورة سيطرتها على الضفة الغربية،في حال لم تقبل فتح بتغيير المعادلات القديمة ،تلك المعادلات التي قامت على أن تنفرد وحدها بكل شيء ،وأن تعتبر ما يأخذه الآخرون منّةً منها وفضلاً يجب أن تشكر عليه!(انتهى الجزء الثاني…يتبع)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور(أبو نصر الدين)
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
الإثنين 15 جمادى الآخرة/1430هـ،8/6/2009م
بريد إلكتروني:-
sari_sammour@yahoo.com
s_sammour@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق