الأحد، 14 يونيو 2009

مؤتمر «فتح» بين الجربوع وعبد من يعطي ...أحمد عبدالله


هنالك حقيقة أصبحت ساطعة مثل رابعة النهار في الثقافة السياسية والوطنية الفلسطينية ، تتلخص في أن العلاقة ، أو إقران شخص ما بمحمد دحلان ، أو أي من أفراد الشلة التي عملت معه على نشر الفلتان الأمني في قطاع غزة ، وصولاً إلى الإنقسام الجغرافي الفلسطيني ، تمثل شبهة ما بعدها شبهة..!

إنها شبه تبلغ درجة الإتهام بالجاسوسية ، كما يفهم من المحاضرة التي القاها الجنرال كيث دايتون في معهد واشنطن للدراسات السياسية ، والتي كشف فيها تفاصيل المخطط الذي بدأ تنفيذه في قطاع غزة ، ثم انتقل ثقل التنفيذ بعد سيطرة حركة «حماس» على القطاع ، إلى الضفة الغربية.
البرنامج الذي ينفذه دايتون ، كما يقول «بعضمة لسانه» وصل إلى درجة تولي ضابط إسرائيلي قيادة قوات أمن فلسطينية (مشكلة من الفلسطينيين الجدد) ومهاجمة واقتحام منازل المقاومين الفلسطينيين بها في الخليل..!؟
من لا يصدق عليه قراءة نص الندوة التي تحدث فيها دايتون ، والمنشورة في العديد من المواقع ، من بينها «الحقائق»..!
هذا على وجه العموم ، أما فيما خص المدعو عدلي صادق الجربوع ، و«الجربوع» هو إسم عائلته الكريمة ، فإن الأمر يتجاوز الخيانة الوطنية إلى ما يفوقها خسة ونذالة..!

فهذا «الجربوع» تربطه علاقات أخرى (بفتح الهمزة) مع دحلان ، يتمثل بعضها فيما يلي :
أولاً : الفساد المالي ، وهو ما يقوله حتى محمود عبّاس ، رئيس سلطة الفساد وأشياء أخر..!
لقد عين عباس «الجربوع» سفيراً في بوخارست ، بناء على توصية من دحلان ، ولي النعم ، فكان أن اكتشف أن «الجربوع» يعمل لحساب دحلان ، وليس لحساب الرئيس ، فقرر طرده قبل أن يطول به المقام.
لقد تم ضبط تقارير بخط يد «الجربوع» موجهة إلى دحلان ، بدلاً من توجيهها إلى مرجعيته المفترضة في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير ، أو حتى وزارة الشؤون الخارجية ، التي يتولاها المناضل المخضرم رياض المالكي..!
ثانياً : أحد هذه التقارير ، يكشف النقاب عن مشروع فساد مالي كبير ، وأغلب الظن أنه هو الذي قصف عمر سفارة الجربوع في بوخارست»..!
يقول «الجربوع» في تقريره إن هناك مبلغا تتجاوز قيمته الثلاثة ملايين دينار قام أحمد قريع بتحويله من حساب بنكي لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى حساب شخصي بإسمه لدى البنك العربي في عمّان.
عبّاس اشتم من هذا التقرير الذي تم ضبطه ، أن «الجربوع» إنما يهدف من هذه الوشاية إلى أحد أمرين :

1- إسقاط قريع في حبائل دحلان ، تماماً كما تم إسقاط شخصيات قيادية أخرى في حبائله عبر أشرطة فيديو سجلت لهم في أوضاع مشرفة ، فتحولوا بفضل هذه الأشرطة إلى مجرد صبيان لدى دحلان ، ينفذون أوامره وتعليماته ، مهما ارتفعت رتبهم ووظائفهم ، أو حتى كروشهم ، وزاد عدد خلوياتهم التي ضبطت بالآلاف..!
2- الضغط على قريع من خلال دحلان ، وبالوسائل التي لا يفتقر إليها ، من أجل الإستيلاء على هذا المبلغ ، عل وعسى أن يكون لـ «الجربوع» نسبة «كوميشن» منه..!
ثالثاً : قبل ذلك ، وفي عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات ، تم ضبط ارتكاب «الجربوع» في جريمة سرقة عدد من سيارات السلطة الفلسطينية ، تجاوز عددها الخمس سيارات ، كان يخفيها داخل كراج المنزل الفخم الذي اشتراه من حر ماله ، ومن توفيره من مخصصاته الحركية..!
لقد تم كشف كل هذه السيارات من قبل جيرانه الذين يتضورون جوعاً ، لأنهم لم يمدوا أيديهم إلى المال الحرام ، فيما كان «الجربوع» يواصل الكتابة إلى الرئيس عرفات يستعطفه أن يوافق على صرف سيارة إضافية إليه ، بمبرر عدم امتلاكه سيارة..!
رابعاً : الفساد السياسي ، حيث تحول «الجربوع» إلى بوق ينفث السموم في كل الإتجاهات ، يركز نفثها باتجاه كل وطني شريف ، من خلال مقالات لم يقتصر نشرها على صحف ومواقع سلطة الفساد ، إذ تعدى الأمر ذلك إلى صحيفة فلسطينية مهاجرة ، تصدر من لندن ، تدثر برداء الوطنية ، وتزايد على الجميع ، فيما كانت ولا تزال تفرد مساحات من صفحاتها لكتاب من معارضي الرئيس العراقي الراحل الشهيد الكبير صدام حسين ، كما تفرد الآن مساحات من صفحاتها لنشر ما يسيء لفاروق القدومي ، أحد العناوين الأبرز لرفض ومقاومة المخططات الإمبريالية والصهيونية في الساحة الفلسطينية.
وبطبيعة الحال ، فإن «الجربوع» صاحب باع طويل في هذا الصدد.
ولكن ما الذي يجمع الوطني والقومي الكبير ، رئيس تحرير الصحيفة اللندنية مع «الجربوع»..؟
الإجابة تكمن في دولارات دحلان التي يغدق منها على فخامة رئيس التحرير الأكرم ، والذي يتردد عليه كلما زار دحلان لندن..!
تصوروا أن الصحيفة المناضلة ، والتي تنطق بإسم كل مناضلي فلسطين ، لم تنشر حتى الآن خبراً واحداً يمس دحلان من قريب أو بعيد ، في حين أنها تفتح صفحاتها للإساءة للقدومي..!!
ومع ذلك ، فإن كل ما يهمنا هنا هو الربط بين نشر مقالات مسمومة ضد قادة فلسطينيين تاريخيين ، وعلاقة فخامة رئيس التحرير بدحلان.. لا أكثر ولا أقل..!!!
خامساً : الخيانة الوطنية المباشرة ، وهذه سبق أن حقق الأمن المركزي الفلسطيني بها مع «الجربوع» في بيروت ، بعد عودته سالماً غانماً من السجن الإسرائيلي أوائل الثمانينيات..!
هل سبق أن دخل «الجربوع» سجناً إسرائيلياً..؟!
نعم حدث ذلك..!
كيف ولماذا..؟
حدث ذلك ، حين عرف عن طريق الصدفة أن دورية فدائية بقيادة المرحوم أبو علي مهدي بسيسو تعتزم التوجه بحراً ، من جنوب لبنان إلى غزة ، فكان أن طلب من أحد أفراد الدورية أن يذهب معهم ، لأنه مشتاق لحبيبة له في غزة..!
الرواية البديلة بهدف الغطاء على المهمة الأصلية.
قمة الوطنية والله..!
وقد وافق قائد الدورية ، صاحب الحس الأمني الكبير على طلب «الجربوع» ، كي يجعله معهم «في الفلقة» ، فلا يشي بهم للإسرائيليين.
لكن الحظ العاثر ، جعل زورق الدورية يكشف من قبل زوارق البحرية الإسرائيلية ، ويقع المناضلون في الأسر ، ويشي «الجربوع» بهم ، وبحقيقة مهمتهم متنصلاً منها ، فيقرر ضباط التحقيق الإسرائيليين الإفراج عن «الجربوع» ، والقذف به إلى لبنان ، والإبقاء على المناضلين في سجونهم ، حتى تمت صفقة تبادل أسرى سنة 1985.
سادساً : غير أن الفساد الأعظم من كل هذا وذاك ، الذي ارتكبه «الجربوع» يتمثل في مقال أخير له ، وقع في يدنا مؤخراً ، ومنشور بتاريخ الثالث من حزيران/يونيو الجاري ، ينصب مضمونه على تسخيف وتعهير ثقافة الناس.
بدلاً من أن يكتب «الجربوع» ، ولو من باب التنكر ، والتضليل ، عن النكسة ، والعبر التي يجب الخلوص لها منها ، في ذكراها الثانية والأربعين ، وجدناه يكتب محاولاً توظيف حتى الفيلسوف والشاعر الألماني فريدريك نيتشه ، ضد كل ما هو وطني ومخلص في الساحة الفلسطينية..!
تصوروا أن نيشته الذي شبع موتاً ، واندثرت بقايا عظامه ، ولم تعد تصلح حتى لأن تبقى أو تكون مكاحل ، قد أفتى قبل موته بضرورة عقد المؤتمر العام السادس لحركة «فتح» في بيت لحم.. خص نص..!
كيف فعل نيشته ذلك..؟
يفتينا «الجربوع» قائلاً إن الفيلسوف الألماني فعل ذلك عبر مقولة مشهورة له يقول فيها «أن تطلق الأسماء معنى ذلك أن تكون سيداً»..!
والمغالطة لا تكمن فقط في استحالة أن يكون نيتشه قال قوله هذا فيما يخص مؤتمر حركة «فتح» ، التي لم يسمع بها ، لا هو ، ولا أجيال عديدة سبقته ، وأعقبته ، ذلك أن «الجربوع» يعمل ـ كعادته ـ على محاولة استغفال من تبقى يقرأ تقيؤاته..
هل يرقى تحديد بيت لحم من قبل محمود عبّاس لعقد المؤتمر إلى كونه هو من أطلق الإسم على المدينة..؟!
بعد هذه الفرية الكبرى ، التي يعجز عقل عن استيعابها ، يحق لـ «الجربوع» أن يزعم أن الذين يعارضون عقد المؤتمر العام السادس يمثلون فقط «شخص واحد ، أو اثنين أو عشرة يؤثرون على مواقف خمسين فتحاوياً أو مئة» ، وأن يتجاهل أن جميع أمناء أقاليم الحركة في قطاع غزة ، وجميع أمناء سر أقاليم الحركة في الضفة الغربية ، باستثناء ثلاثة منهم ، داعيك عن تنظيمات الحركة في الخارج ، التي جهرت ببيانات رسمية ترفض عقد مؤتمر حركتهم في الداخل ، وتصر على عقده في الخارج.
مواقف كل هؤلاء هي التي قلبت المعادلة داخل اللجنة المركزية ، وجعلت اللجنة في غالبيتها تتحول إلى دعم مطلب أمين سرها فاروق القدومي برفض عقد المؤتمر في الخارج ، فضلاً عن عدم جواز عقده دون مشاركة ممثلي القطاع فيه.
الجميع يحسب كل الحساب للقاعدة التنظيمية باستثناء «الجربوع» وسيده دحلان ، لسبب غاية في البساطة يتلخص في عدم وجود حصة لهم في هذه القاعدة ، وكون قاعدتهم تتمثل فقط في ضباط ارتباطهم الإسرائيليين ، وأن لا أمل لهم بالفوز بأي موقع ، مهما «فتوا» من دولارات وايروهات ، ما لم يعقد المؤتمر تحت سمع وبصر وإشراف الأجهزة الأمنية للعدو الإسرائيلي..!
يومئذ ، تصبح دولارات دحلان وايروهاته شهوداً عليه ، تماماً كما تشهد السيئات على أصاحبها يوم الحشر العظيم..!
أما المدعو د. عبد المعطي المبروك ، صاحب مقال «أبو اللطف فاتح الأندلس وموحد القطرين» ، وهو إسم مستعار أحسن صاحبه اختياره ، طالما أنه يمثل واقع حاله ، كونه عبد لمن يدفع له و«يبخششه» ويعطيه ، فهو أسخف من أن يناقش (بضم الياء).
يكفيه فقط إيراد بعض فقراته ، وترك مهمة التقيؤ على كاتبه للقراء الكرام.
يصف فض فوه ، بعد أن فض كل ما فيه، محمود عبّاس بأنه يخوض معركة التحرير..!
ويتساءل (بدون فض في هذه المرة لعدم بقاء ما يمكن فضه) «أليس غريباً أن يتفق ويتناغم عضو لجنة مركزية لفتح كأبو (كأبي يا دكتور) لطف مع مواقف حركة حماس ، بما فيها الهجوم والإساءة للأخ محمد دحلان..؟».
ولا نريد أن نتساءل بدورنا «أليس غريباً أن يتفق ويتناغم محمد دحلان وصبيه الدكتور مع مواقف إسرائيل ضد حركة حماس..؟» ، لأنه ليس في هذا أي غرابة ، بل هذا هو أصل الأشياء يا طور..!!
كاتب اردني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق